سكريبت وصية جدي (كامل) بقلم عادل الصعيدي
القصة كاملة
كان جدي سايبلي وصية قبل ما يموت، عبارة عن ظرف مقفول في مكان جوه مكتبته السرية اللي أنا بس عارف بوجودها، وكان مبلغني إنه لما يتوفى هلاقي الرسالة في كتاب معين، وبعد ما اتوفى نزلت المكتبة عشان أشوف الوصية.. ولما فتحت الكتاب لقيت جواه ظرف "جواب" قعدت وفتحته وكان مكتوب فيه الآتي:
ـ حفيدي الغالي سليمان؛ أنت الوحيد في كل أحفادي اللي قريب من قلبي، وأنا فضلتك عليهم كلهم، لأنك تملك النقاء والروح الطيبة، وده اللي أنا مقدرتش أملكه. لكن في نفس الوقت أنت شبهي واسمك على اسمي، أنا يمكن فشلت في حل اللغز، لكن الأمل فيك أنت والحل يبقى على ايديك.. وأنا صغير علمني واحد من أهل العلم رموز الحياة ومفاتيح العِلم، حاولت باللي اتعلمت أوصل مدينتهم لكني فشلت، لأني مكنش عندي النقاء اللازم اللي يسمحلي بدخول المدينة.
أنا عارف إنك لما هتقرأ اللي أنا كاتبه ده مش هتفهم حاجة.. لكن أنا سايبلك في الكتاب اللي في إيدك ده كل حاجة هتحتاجها في رحلتك.. أتمنى إنك تستمتع وتخوض المغامرة، وساعتها هتوصل لكل اللي مقدرتش أنا أوصله أو حتى غيري يوصله.. لأنك المختار، وده اللي بيقوله القدر.. اللي هيقدر يدخل المدينة شاب فقد عينه الشمال وهو طفل.. وده أنت يا إسماعيل.
الكلام في الرسالة خلص، لكن المفاجآت لسه مكملة،
كان في جوه الظرف تذاكر طيران، وورقة تانية مكتوب فيها:
ـ كل حاجة هتحتاجها موجودة في المكتبات اضغط على الحيطة مكان ما أخدت الكتاب.
من غير ما استنى لحظة واحدة، دوست وضغطت مكان ما قال.. الحيطة كان فيها مكان من الحجر كأنه زرار ولما دوست عليه ظهرلي تجويف وكان فيه ورقة، ولما أخدتها لقيتها شيك بنكي باسمي بقيمة مليون دولار. ساعتها حسيت إني بحلم، وكمان الموضوع بيزيد تعقيده، فضلت أدور أكتر عن حاجة تانية يمكن أفهم اللي مفروض أعمله تاني لكني موصلتش لحاجة.
فرجعت كل حاجة مكانها وقفلت المكتبة وأخدت الكتاب والظرف والشيك وطلعت على أوضتي عشان أبدأ أفكر أكتر وأشوف حل اللغز الغريب ده.
بدأت أفنط وأفرز الحاجات اللي لقيتها في المكتبة قدامي عشان أرتب أفكاري، ولاحظت في آخر الكتاب خريطة مكتوب عليها (خريطة العالم الجديد) كانت ملهاش ملامح واضحة وكان رسمها قديم جدًا، الخريطة كان مكتوب عليها من فوق (الإدريسي القرشي) و تاريخ (١١٥٤م) ، الموضوع اتقعد معايا أكتر وتوهت أكتر. أنا فعلاً مش فاهم أي حاجة، فاتصلت بعبد الله ومحمود ورامز صحابي عشان يجوا يفكروا معايا ويحلوا معايا اللغز العجيب ده.
دول أعز أصحابي وأقرب الناس ليا وعشرة عمري ومستودع أسراري، وبعد ساعة من اتصالي بيهم اتجمعنا وحكيتلهم اللي حصل ووريتهم كل الحاجة اللي لقيتها فبدأ عبدالله يقول:
ـ أعتقد إن دي أول خريطة واضحة اترسمت للعالم، وأول خريطة رسمية معترف بيها، حتى أنا كنت قريت إن الاوروبيين في النهضة الحديثة استخدموا الخريطة دي لتحديد بعض معالم أوروبا الأساسية، ولأن كمان اللي رسمها الإدريسي اللي اتولد ومات في اسبانيا وتحديدا في مدينة (سبته) رغم كونه عربي لكنه برضه كان أوروبي ورسمها في صقلية بأمر من ملكها (لروجر الثاني)، الخريطة دي مرسومة بالمقلوب يعني الجنوب فوق والشمال تحت.
قولتله:
ـ طيب أنت فاهم حاجة أصلًا؟
فقال:
ـ مش عارف يا سليمان بس حاسس كده إن الخريطة دي هي دليل لرحلة معينة جدك عايزك تعملها وسابلك ليها تذاكر طيران وفلوس، وأنت قدامك اختيارين: يا تجرب وتستكشف وانت وحظك، يا تكبر دماغك وتاخد الفلوس وخلاص.
بعد ما خلصنا قعدتنا ما مشيوا وأنا دخلت نمت، وحلمت إني واقف على شلال كبير وفي تجويف من ورا الماية النازلة منه، وخرج من التجويف ده جدي وهو بيبتسم وبيقولي:
ـ كده برضه؟ هو أنت مش عايز تشوفني يا سليمان؟
ده أنا قولت هتفهم وهتيجي تشوف جدك اللي وحشك.
بصيت باستغراب وقولتله:
ـ وحشتني جدًا.
وجريت عليه وحضنته فاختفى من بين ايديا.
وبعدها أسمع صوته جاي من ورايا، فأبص ألاقيه واقف فوق الشلال وبيقولي:
ـ كل حاجة كاملة معاك، فاضل بس إنك تتحرك. واختفى.. وقومت من النوم مفزوع ودي أول مرة أخاف منه، ولقيت الكتاب جمبي ومفتوح على الخريطة، وأنا كنت أصلًاشايله جوه درج مكتبي.
في الوقت ده الفجر كان بيأذن.. قومت اتوضيت وصليت وفضلت أقرأ شوية عن تاريخ وحضارات أمريكا الجنوبية القديمة اللي سيطرت عليها "الإنكا" ده اسم الإمبراطورية اللي سيطرت ع معظم امريكا الجنوبية في تشيلي والارجنتين وبوليفيا والاكوادور وبيرو وكولومبيا.. فضلت أقرأ كتير لحد ما النوم غلبني وصحيت الساعة ١٠ الصبح، ولقيت كذا مكالمة من عبدالله ولما كلمته رد قال:
ـ فكرت؟ بصراحة انا عارف إن الموضوع غريب جداً، لكن أنا عايزك توافق ونجرب المغامرة دي.
فحكيتله على الحلم الغريب اللي أنا شوفته، والكتاب اللي لقيته جمبي برغم إني شايله في درج المكتب بايدي.. فقالي:
ـ أنا اتكلمت مع محمود ورامز في الموضوع وهما حابيين كمان التجربة، وكلنا مستعدين نكون جمبك ومعاك، جدك عايزك توصل لحاجة معينة، كأنه قدرك ولازم تمشي في طريقه وتعرفه.
ـ خلاص، خلينا نتجمع بليل عندي في البيت ونتكلم.
وفات اليوم بغرابة شديدة جداً، وأنا كل مكان بروحه بلاقي فيه حاجة عايزاني أمشي الطريق ده.. في الشغل لقيت زميلة ليا بتقولي وبدون مناسبة:
ـ عارف يا سليمان، أنا قريت إمبارح رواية عن حضارات شعوب الأنكا لازم تقراها.
مكنش عندي رد غير حاضر هبقى اقراها، ولقيت رسالة من شركة سياحة على موبايلي مضمونها خصومات على الرحلات السياحية لتركيا وتايلاند وأمريكا الجنوبية. رجعت البيت تعبان، وكعادتي بحب أتفرج على قناة أبو ظبي الجغرافية، وكان فيه برنامج بيتكلم عن حضارات الأمريكتين.
كانت حاجة غريبة جدًا وعجيبة، في حاجة أنا مسيرلها ومسلوب مني حق اختيارها.. ودخلت عشان أنام شوية قبل ما صحابي يجوا.. وحسيت بحركة معايا في الأوضة، قومت اتنفضت من على السرير لما سمعت صوت غروشة وخربشة في الدولاب، فافتكرته فار لأني لقيت شباك الأوضة مفتوح، ولما فتحت الدولاب مكنش فيه أي حاجة غير تمثال صغير من دهب.. وكان شكل التمثال غريب جداً وأول مرة أشوف تمثال شكله كده! ملحقتش أسأل نفسي أي سؤال لأني سمعت صوت بيضحك من ورايا.. وقتها جسمي اتشل ومقدرتش ألتفت وأبص ورايا، لكني سمعت الصوت بيقول:
ـ يا سليمان الجميع في انتظارك.
صوته كان بشع ومخيف.. وبعدها سمعت صوت خطوات رجليه وهي بتخرج من الباب.. كان صوت تصادم خشب مع السيراميك بتاع الارضية.. كإن رجل اللي ماشي على الأرض من خشب مش زي رجلينا.
التليفون رن وأنا لسه جسمي مشلول ومش عارف أتحرك أروح للتليفون عشان أرد، بعد ٦ رنات كاملة قدرت أتحرك وأوصل للموبايل.. رديت على عبد الله وقالي:
ـ أنت فين يا ابني.. إحنا تحت بيتك، احدف المفتاح بتاع باب العمارة.
حدفتلهم المفتاح وبصيت على التمثال لقيته اختفى.. ولما طلعوا، فقولتلهم أنا موافق على الرحلة دي، التذاكر مكتوب عليها تاريخ فجر الجمعة، رحلة بيونس آيرس، يعني هنتوجه للأرجنتين وإحنا وحظنا بقى..
حضرنا كل حاجة وصرفت الشيك، وحجزنا في فندق يعتبر سعره مناسب، واستعدينا لرحلتنا الأولى للمجهول، أو يمكن للموت، أو لحياة تانية أفضل.. وفي وقت السفر وركبنا طيارتنا المتجهة للأرجنتين.. وكانت رحلة طبيعية ووصلنا الحمد لله، ولما خرجنا من باب المطار وإحنا كل اللي في دماغنا نوصل الفندق الأول وبعدين نشوف إيه طرف الخيط الأول اللي هنمشي عليه، فخرجنا من المطار ركبنا تاكسي، ووأنا بوريله العنوان على الموبايل، لقيت سواق التاكسي نفس الشخص اللي في مجسم التمثال اللي ظهر واختفى في أوضتي.. نفس الملامح والشكل والنظرة وكل حاجة بالمللي.. أنا حسيت إني مصدوم ومش عارف أنطق.. وطول الطريق أنا ببصله في المراية لأني كنت قاعد ورا وهو عنيه منزلتش من عليا.. وتقريبًا ما اتكلمش ولا كلمة، ولما وصلنا للفندق ونزلنا من التاكسي، إداني جواب ومشي من غير ما يسأل عن الأجرة!
عنيا فضلت مراقباه لحد ما اختفى عن نظري، ومحمود قالي:
ـ يلا يا ابني.. هو أنت هتفضل واقف كده؟
مكنش حد فيهم يعرف موضوع التمثال لأني مكنتش حكيته لحد.. طلعنا اوضتنا وظبطنا ورصينا حاجتنا وبدأنا نقعد نريح من تعب الرحلة وكنا المغرب، يعني كانت الساعة ٦ تقريبًا، ولقيت رامز بيقو :
ـ إحنا هنعمل إيه بعد كده.. وهنتعامل إزاي، هنا بيتكلموا إسباني.
رد عبد الله وقال:
ـ لا عادي، كلنا بنتكلم إنجليزي كويس وطبيعي يكون في ناس بيتكلموا إنجليزي.. وبعدين الأبلكيشنز موجودة، نترجم أي جملة بتتقال بسهولة.
الباب خبطت وسمعنا صوت بيقول روم سيرفز.. فتحت عشان ألاقي سواق التاكسي في وشي بس بهدوم عامل الخدمات في الفندق ومعاه تربيزة عليها كل ما لذ وطاب من الأكل.. وساب الترابيزة وهو بيبتسملي ومشي، وأنا عنيا برضه متابعاه لحد ما اختفى عن نظري.
دخلت بالترابيزة وافتكرت الجواب اللي كان سابهولي لما نزلنا من التاكسي.. فتحته ولقيته مكتوب بالعربي وبلغة تانية عجيبة جدًا وغريبة، الكلام وش وضهر، في وش الورقة مكتوب الكلام بالعربي وفي آخر الصفحة مكتوب إن ترجمة الكلام بلغة الإنكا واسمها "كوتشوا" اللي في ضهر الورقة.
لما قرينا الجواب وقبل أي حاجة عبد الله قالي:
ـ في حاجة غريبة.. لغة الأنكا كانت مجرد لغة كلامية فقط ومكنتش مكتوبة، مجرد لهجة مكتسبة، إزاي مكتوبة؟
فقولتله:
ـ كلامك صح.. بس مش أغرب من الرسالة اللي بالعربي.
وكان مضمونها الآتي:
ـىمن إله الشمس في الشرق إلى أبناءه خلف البحر. لقد امتلكنا القوة وأسرار كثيرة من الحياة، وأرسلنا من يعلمها وينشرها في جميع أنحاء وأرجاء الدنيا.. فلتعلموا أن كنوزنا ما هي إلا إرثاً لأبناء إله الشمس الأوحد ونحن في خدمته.
يا سليمان عليك المواصلة مع أصحابك لإستكمال البحث عن إرث أجدادك، ولتعلم أنك ستواجه الكثير من المتاعب ولكننا بجانبك، لا تخف وكن شجاعاً.
اذهب إلى كوسكو.
الليلة دي كانت مختلفة ومش عادية خالص. بعد ما خلصنا أكلنا، كل واحد فينا راح يشيك على حاجته، وأنا سحبت اللابتوب وفتحته وقولت ابحث عن مدينة "كوسكو"، اللي كانت مكتوبة في آخر جواب سواق التاكسي الغريب ده، واللي واضح إنه مش مجرد سواق ولا عامل روم سيرفز، ده شكله شيطان.
ولقيت إن كوسكو كانت العاصمة القديمة لإمبراطورية الإنكا، ومكانها في جنوب شرق بيرو، وقالوا إنها كانت مركز روحي وثقافي ضخم.. بس اللي شدني أكتر إن فيه كلام عن أبواب الشمس.. بوابات حجرية ضخمة محفورة بنقوش ماحدش قدر يفسرها لحد دلوقتي، والناس هناك بيقولوا إنها بتوصلك لعوالم تانية.
رامز قطع تفكيري فجأة وقال:
ـ النت فصل عندي، عندك شغال؟
بصيتله وقولت:
ـ لا، فصل برضه.. مع إنه كان تمام من شوية.
سمعنا أنا ورامز لأننا كنا في أوضة واحدة صوت خبطة خفيفة على الشباك، والغريب إننا كنا في دور عالي جدًا.. فتحت الستارة بسرعة ملقتش حد، بس لقيت ريشة سودا طويلة جداً شكلها مرعب، ومش شبه ريش الطيور اللي نعرفها. الريشة كانت لازقة على الإزاز من برة، ومع الريشة دي كان فيه أثر كأن حد رسم دايرة صغيرة بصباعه.
في الوقت ده سمعنا صوت صرخة جاية من أوضة محمود وعبد الله، جريْنا ناحيتها بسرعة، ولما دخلنا لقينا محمود واقف بيتنفض، عينيه مفزوعة ووشه شاحب، وعبد الله واقف مصدوم وكان شكله كان بياخد دش وخرج جري من الحمام.. ولما سألنا محمود بيصرخ ليه قال:
ـ في وش ظهرلي في المراية.. وش مليان جروح، وفي ونار خارجة من عينه الشمال
سكون غريب خيم على الأوضة.. كلنا كنا حاسين إن في حاجة بتراقبنا، وحسينا إن في حاجة خنقانا والنفس بقى مكتوم في الأوضة.. حاولت أغير الحالة دي عشان الخوف ينتهي وقولت:
ـ يا جدعان لازم نتحرك. نحجز رحلة لبيرو ونوصل كوسكو.. بلاش نضيع وقت، خلينا نستمتع أكتر.. تعالوا يلا ننزل نلف شوية ونحجز بعد يومين، وخلالهم نكون اتفسحنا هنا شوية..
عبد الله قال:
ـ أنا معاك.. كمان لازم نروح مكان معين.
بصيناله وقلنا:
ـ مكان إيه؟
فقال:
ـ لقيت على ضهر واحدة من ورق التذاكر علامة تشبه تمثال صغير شوفته قبل كده في متحف هنا قريب مرة على النت.. وبيقولوا إن التمثال ده كان بيظهر لأشخاص مختارين بس قبل ما يوصلوا لكوسكو.. وبيكون المفتاح الأول لدخول المدينة الملعونة.
سألته: مدينة إيه؟
فقال:
ـ اللي مكتوبة في برديات قديمة، مدينة مش موجودة على الخريطة، بس بتظهر للي دمهم فيه أثر من جذور الحضارات القديمة، المدينة اللي اتبنت عشان تخبي سر الحياة واللي جدك كان بيدوّر عليها يا سليمان.. وأنت هنا عشان تلاقيها.
اليوم عدى على كده وتاني يوم الصبح روحنا المتحف، وهناك لقينا التمثال.. بس اللي حصل بعد كده مستحيل ننساه.
أنا كنت واقف قدامه ببصله في صمت لأنه كان نفس التمثال اللي شوفته في الأوضة عندي في مصر.. حسيت بدوخة شديدة، وفجأة لقيتني مش في المتحف، لقيتني في صحرا والدنيا ليل، وفي نجمة واحدة بتنور السما كلها.
بس ورايا كان في ناس، ناس أشكالهم مش بشرية خالص.. كانوا واقفين وبيمدوا إيديهم ناحيتي، وكلهم بيقولوا بصوت واحد:
ـ يا سليمان.. الطريق بدأ.
ساعتها فوقت مفزوع ولقيتني مرمي على أرض المتحف، والناس حواليّا بتزعق وصحابي بيحاولوا يفوقوني.. فبصيتلهم وقولت:
ـ أنا شوفتهم وسمعتهم.. أنا بقيت منهم دلوقتي.
رامز قال وهو مخضوص:
ـ هما مين؟
ـ مش عارف.. يمكن حاجة مرتبطة بين الفراعنة والناس في البلاد دي.. ده التفسير اللي جه في بالي.. وخصوصًا في موضوع إله الشمس ده.. هو غريب على الفراعنة اللي عملوا كل الاعجازيات دي في مصر، إنهم يكونوا وصلوا لهنا؟ أكيد الموضوع مرتبط بيهم.
مشينا من المتحف بسرعة وروحنا حجزنا تذاكر طيران للبيرو.. وقضينا اليوم ده كمان في الأرجنتين بسلام واتفسحنا.. وتاني يوم ركبنا الطيارة لبيرو بعد يوم من اللي حصل في المتحف، وكنت حاسس إني سايب ورايا جزء مني في الأرجنتين.. جزء اتغير أو مات.. أنا وعبد الله ومحمود ورامز كنا قاعدين جنب بعض، لكن كل واحد كان في دنيته.. وأنا حاسس إن اللي جاي مش سياحة ولا مغامرة دي حرب، حرب مع المجهول.
وأنا في الطيارة حلمت نفس الحلم بس المرادي في اختلافات شوية. كنت ماشي في ممر طويل كله تماثيل دهب بتبصلي، تماثيل على شكل بشر ووشوشها مش واضحة كأنها ممسوحة.. كل ما أقرب من واحد منهم أسمع همسات جوا ودني: اللي بدأ لازم يكمل يا سليمان.
بصيت ورايا في الحلم لقيت خيالي ماشي لوحده! آه والله ظلي كان منفصل عني وماشي أسرع مني، وداخل في بوابة حجرية فوقها مكتوب بكوتشوا "إرث الشمس لا يُمس إلا بالدم الطاهر".
صحيت على صوت المضيفة وهي بتقولي فيما معناه إني أربط الحزام لأن الطيارة هتهبط بعد دقايق.
وشها كان عادي بس عنيها كانت غريبة وتحتها فيه سودا غريب ومرعب، ومابترمش.
قولت في سري: أنا فعلاً خلت اللعبة خلاص ومفيش خروج ولا مهرب.
نزلنا بيرو ووصلنا كوسكو، والجو هناك كان مختلف، الرطوبة عالية والهوا مكتوم لأنها بلد على مرتفع عالي.. الناس هناك كانوا بيبصوا علينا كأنهم عارفينا. واحدة ست عجوزة قربت مني وقالتلي بالإنجليزي المكسّر:
ـ أنتو الأربعة؟ الأربعة اللي الشمس اختارتهم؟
وبعدها الست بكت فجأة وقالت بصوت هامس:
ـ هتموتوا.. بس واحد فيكم هيفضل عايش . واحد بس.
ومشيت واختفت في زحمة الناس.. ولما جرينا وراها ملقيناهاش. عبد الله قال:
ـ دي هلوسة جماعية ولا إيه؟
رديت:
ـ هلوسة إيه؟ دي الحقيقة اللي إحنا فعلاً بقينا عايشين جواها وماشين في طريقنا عشان نعرفها كلها.
دخلنا فندق صغير على أطراف كوسكو، وريحنا كام ساعة، وبعدها خرجنا نتمشى ونشم الهوا، عشان نشوف لو هنلاقي أي خيط يقودنا للخطوة الجاية.
كنا معدّيين من عند مبنى قديم شكله مهجور، وعبد الله وقف فجأة وقال:
ـ أنا سامع صوت.. صوت ترتيل، كأن حد بيقرأ آيات بس بلغة غريبة.
قربنا من الباب الحديدي وكلنا سمعناه.. الترتيل فعلاً شغال، صوت غليظ بيكرر نفس الجملة كل كام ثانية.
فقولنا هندخل البيت نشوف في إيه.. لكن رامز قال:
ـ أنا مش داخل في حتة.. خلّوني أستنى هنا.
أنا وعبد الله ومحمود دخلنا.. المبنى من جوه كان متشقّق، السقف منهار في أماكن، والحيطان كلها مرسوم عليها رموز الشمس والعين الواحدة. وفي نص المكان كان في راجل قاعد على الأرض وشه مش باين، لابس عباية سودا وشعره طويل ونازل على كتفه.
لما قربنا منه الترتيل وقف، والراجل رفع راسه ومرة واحدة اتكلم بالعربي:
ـ أنتم الورثة.. أنتم اللي فيكم دم الإلهة بس مش كلكم هتكملوا.
محمود قاله:
ـ إنت مين؟ وإزاي بتتكلم عربي؟
الراجل مد إيده، ورسم على الأرض شكل دايرة جواها نجمة، وقال:
ـ دي بوابتكم الأولى بس لازم تضّحوا.. مين فيكم هيدخل الأول؟
بصينا لبعض وأنا خدت نفس طويل وقولت:
ـ أنا.
خطيت خطوة لجوا الدايرة، وكل حاجة حواليا اتغيرت… الجو اتقلب، ريح جامدة هبت جوا المكان، والنور اللي كان داخل من الشباك اختفى، وأنا حسيت بإيدي بتتشل، والراجل قال:
ـ لو فيك الشر هتتحرق.
حسيت بحرارة جوا جسمي.. نار حقيقية ماشية في شراييني بس ماتحرقتش.
الراجل قال:
ـ أنت النقي.. لكن الباقيين لازم يثبتوا نفسهم، وإلا الموت هيكون مصيركم.
حسيت إني مرهق جدًا.. كأني رجعت من الموت، لقيت محمود بيبصلي بقلق، وعبد الله وشه باهت، وفي اللحظة دي كان رامز دخل لما اتأخرنا ووشه كان باين إنه مرعوب وكان ماسك مصحف صغير في ايده وبيقرأ آية الكرسي بصوت واطي.
الراجل قال:
ـ قدامكم ٣ أيام، وبعدها لازم تكونوا في معبد الشمس، هناك هيظهر لكم الطريق الأخير.. بس لو أي واحد منكم ضعف، كل اللعبة هتتحول لجحيم.
خرجنا من المبنى بسرعة وإحنا مش قادرين ناخد نفسنا، وكنا حاسين إن في حد ماشي ورانا بيراقبنا.
بصيت ورايا بسرعة ملقتش حد.. لكن لقينا رسالة متعلقة على شنطة محمود مكتوب عليها:
ـ الدم لازم يسيل قبل طلوع القمر الجديد.
عبدالله بصلي وقال:
ـ الرحلة بدأت.. بس السؤال دلوقتي، مين فينا هيكون أول دم؟
الليل نزل على كوسكو بس الهوا كان لسه مخنوق، ومابقيتش عارف ده راجع للي بيحصلنا ولا لطبيعة المكان الجغرافية.. رجعنا الفندق وكلنا ساكتين، كل واحد غرقان في تفكيره، والموت بقى له ريحة، مش مبالغة والله كنت حاسس إن في حاجة ملازمانا وبتسحب النفس مننا.. أنا فردت جسمي على السرير وبصيت وسرحت في السقف ولساني مش قادر ينطق، وكل ما أغمض عيني أشوف الدايرة اللي دخلتها، والنار اللي جريت في جسمي، والنظرة اللي في عينين الراجل، كأنها بتقراني من جوّا، بتقلب صفحاتي كلها وتختار أسوأ فصل.
محمود كان واقف عند الشباك وبنبرة فيها قلق قال:
ـ أنا حلمت وأنا صاحي، شوفت أمي قاعدة في بيتنا بتبكي وهي لابسة أسود، وبتبص على صورة ليا كأنها شايفاني بس مش قادرة توصلي.
رامز حط المصحف جمبه على السرير وقال:
ـ أنا مش هقرب من المعبد ولا المكان ده تاني، الحاجات دي ليها ناسها وأنا مش واحد منهم.
عبد الله كان ساكت، وشه شاحب كأنه شاف شبح، وقام بهدوء وخرج من الأوضة، وأنا حسيت بحاجة غلط، قومت وراه من غير ما أتكلم، ومحمود لاحظ وخرج معايا، ورامز قاعد مكانه خايف.
عبد الله نزل الشارع وفضل ماشي زي ما يكون في حاجة بتناديه.. كان لازم ننزل في فندق في وسط المدينة ومانروحش نسترخص في الفندق العجيب اللي نزلنا فيه ده، يمكن كل ده مكنش حصل.. ولقيت عبد الله دخل زقاق ضيق، دخلنا وراه وإحنا بننادي عليه وهو مش سامعنا.. لقينا الحيطان مكتوب عليها رموز قديمة باللون الأحمر،، كان باين إن ده دم ومش مجرد لون وكان لسه طري… وفي آخر الزقاق كان في باب خشبي صغير مفتوح كأنه مستنينا. دخل عبد الله وإحنا وراه.
واللي جوّه مكنش طبيعي أو حتى واقعي.. كانت غرفة ضلمة بس في نور ضعيف جاي من فوق، من شق في السقف، وكان فيه ٦ أشخاص واقفين في دواير، لابسين زيّ كهنة الإنكا، ماسكين مشاعل، وبينهم ترابيزة حجرية، وعليها تمثال صغير لإله الشمس، بس التمثال مش منحوت.. التمثال بيتنفس، بيرمش وعينيه بتتحرك.
واحد من الستة اتكلم بصوت مفزع كأنه طالع من بطن الأرض وقال:
ـ أهلاً بورثة الدم، القمر بيكتمل بعد ليلتين، والسفك لازم يتم قبل اكتماله، والاختيار وقع عليكم، بس التميمة لسه ما استقرتش هيكون مين.
عبد الله كان واقف في النص، والتوهان في عينه بقى واضح، قرب من الترابيزة ومد إيده ناحية التمثال، وأنا جريت عليه سحبته بعنف وصرخت:
ـ فوق يا عبد الله.. فوق دي لعنة.
شديته أنا والباقي وخرجنا بره ولاحظت إن ايده محروقة، وأول ما طلعنا بره لقيت على كفّه حاجة محفورة.. خريطة صغيرة محفورة بالنار، خريطة لمكان بين الجبال شكله أشبه بمعبد مدفون، وحروف كوتشوا تحتها بتقول: "هنا يُفتح الباب.. وهنا يُغلق للأبد.
عبد الله وقع على الأرض فقد الوعي.. الدنيا ليل بس مش ليل طبيعي، لا فيه نجوم ولا قمر.. فوقنا عبد الله ورجعنا الفندق المريب لمينا حاجتنا ومشينا زي ما الخريطة على ايد عبد الله بتوجهنا، كانت بتلمع وكأنها جي بي اس بيقولنا نمشي إزاي.. وبعد ما وصلنا المكان اللي الخريطة حددته ض
ضوءها اختفى زي ما تكون بتقولنا افضلوا هنا.. ولعنا نار صغيرة وقعدنا حواليها قريب من كهف لقينا نفسنا قصاده.. كهف غريب وسط جبل عالي حوالين كوسكو، الكهف ده لقيناه بعد ما تتبعنا الخريطة اللي ظهرت على إيد عبد الله، واللي كانت كل تفاصيلها واضحة كأنها محفورة من ألف سنة على جلده. مشينا كتير واتعورنا، وجوعنا واتخنقنا مع بعض، وكان في لحظات حسينا إن دي نهايتنا.. بس الكهف ده كان مستنينا.
وفي اللحظة دي اتفزعنا.. لما لقينا راجل عجوز في وشنا مانعرفش جه منين.. لابس عباية لونها أبيض وصوته لما اتكلم كان دافي ومرعب في نفس الوقت وقال بالفصحى:
ـ أهلاً بورثة الدم، أبناء الشمس، أو آخر من تبقى من نسل المدينة المنسية.
أنا قولتله وصوتي بيترعش:
ـ إحنا جينا ندور على وصية جدي، وعلى لغز بقاله سنين. ومش شايفين أي مدينة، ومفيش إحساس جوانا بغير الموت.
العجوز ضحك ضحكة مالهاش صدى وقال:
ـ المدينة كانت موجودة قبل الزمن، قبل ما يتقسم العالم لقارات وشعوب. كانت اسمها آنتي ماركا، مدينة الشمس، مركز المعرفة والطاقة اللي خلقها الإله الأوحد، وأنتوا نسل من اختارهم علشان يحافظوا على سرها.
عبد الله قال بصدمة:
ـ إنت بتقول إننا من نسل المختارين؟
العجوز رد:
ـ من نسل حراس النور.. قبيلة اختارها إله الشمس نفسه، وبعت منها رجال ونساء لكل بقعة في الأرض، ينشروا المعرفة ويحموا المفاتيح.. جدك يا سليمان كان آخر حارس واعي، بس فشل لأنه فقد نقاء القلب في لحظة طمع والبوابة رفضته.
أنا حسيت الأرض بتتهز تحتي وسألته:
ـ جدي فشل ازاي؟
العجوز قام من مكانه ومسك تميمة صغيرة في ايده وقال:
ـ أنت أهم واحد يا سليمان لأنك بعين واحدة شايف أكتر من اللي بعنين، لأنك فقدت جزء منك وانت صغير، والجزء ده خلى جواك فراغ بيستوعب النور.
محمود قال:
ـ يعني المدينة لسه موجودة ومش مجرد أسطورة؟
العجوز قال:
ـ المدينة دلوقتي اختفت تحت الرمال والجبال لكن قلبها لسه بينبض بالحياة، ولسه بتحلم بيوم العودة، واللي هيرجعها للحياة هو واحد بس اللي قلبه نقي كفاية، واللي يقبل يسمع النداء من غير ما يطلب المقابل.
رامز قرب وسأل:
ـ بس إحنا شوفنا ناس غريبة ومرعبة، كهنة وطقوس وتمثال بيتحرك..
العجوز رفع التميمة وقال:
ـ الكهنة دول بقوا أعداء المدينة، بقوا بيستغلوا سرها علشان يفضلوا عايشين، بيشربوا من الطاقة اللي المفروض تنور العالم، وبيحولوا النور ده لضلمة. تميمة الشمس دي هيا المفتاح، بس مش أي حد يقدر يحملها.
أنا بصيت للعجوز وقولت:
ـ إحنا قابلنا حاجات كتير بس لسه مش قادرين نفهم إيه هدفنا من كل ده؟
العجوز قرب مني ولمس صدري بإيده وقال:
ـ المدينة هي الحقيقة، حقيقة كل نفس بشرية.. ولو كنت مستعد تشوفها بتفتح.. ولو خوفت بتقفل ومبتفتحش تاني نهائي.. وأنت الأمل يا سليمان.
عبد الله مسك إيدي وقال:
ـ إحنا معاك يا سليمان للنهاية، لو هنموت نموت سوا بس نوصل للحقيقة والكنز ده مهما كان نوعه وشكله.
العجوز قال:
ـ لسه قدامكم اختبار واحد.. كل واحد فيكم لازم يواجه أكتر حاجة بيخاف منها، لو عدّيتوه المدينة هتظهر.
وفجأة النار اللي قدامنا اتطفت لوحدها، والدنيا دخلت في صمت مفزع وكأن الوقت وقف.. وكل واحد فينا سمع صوت في ودنه، صوت بيقول اسمه بصوت شخص فقده، أو بيكرهه، أو بيحبه.
أنا سمعت صوت جدي بيندهلي من بعيد، والكهف اتشق لنفق ضلمة.. وبخطوة واحدة كل واحد مننا دخل لنفقه.. وكل نفق فيه حكاية ومواجهة.
الضلمة كانت عامل مشترك بيننا كلنا، نفق ضلمة مليان أصوات غير مفهومة، مكنش فيه حاجة نقدر نمسك فيها غير بعضنا، لو قولنا مش هنواجه هنكون بنهرب من الحقيقة اللي كانت جوا قلب كل واحد فينا. كل خطوة كانت بتسحبنا بعيد عن المكان اللي كنا فاكرين إننا جايين له، وكان كل نفق فينا بيقربنا أكتر من الخوف والشك. كنت حاسس إننا في مكان بعيد عن أي نقطة أمان.
أنا كنت الأول اللي مشيت قدام، لأني عارف إن كل ده بيحصل بسببي أنا.. لما حاولت أفتكر التذاكر أو الكتاب أو الرسايل، حسيت إن كل حاجة كانت مجرد بداية لشيء أكبر بكتير. محمود كان ورايا بخطوة وشوفت عينيه مشغولة بكل خطوة بنخطيها.. عبد الله كان جمبه، ورامز وراه ولازق في الحيطة من الخوف..
وفي لحظة الصوت ده اتكرر تاني، صوت جدي كان بينادي عليا، بس المرة دي كان أقرب من المرة اللي قبل كده.. المرة دي كان الصوت جوا دماغي وواضح بيسألني: سليمان، هتقدر ترجع؟ هتقدر تعيش من غير ما تعرف الحقيقة؟
غمضت عيني وقولت: مفيش رجوع تاني. مش هقدر أعيش وأنا مش فاهم حاجة.
لكن الصوت ماسكتش، فضل يتردد وكل مرة كنت بحاول أرجع لنفسي، كان فيه حاجة بتسحبني تاني.
وفجأة لقيت نفسي في مكان مختلف تمامًا، مش في النفق ده. المكان كان زي ميدان كبير مليان تماثيل ضخمة جدًا، التماثيل كانت غريبة مش زي أي حاجة شوفتها قبل كده، كل تمثال كان فيه عين واحدة بس، وكل عين كانت بتبص في اتجاه مختلف.
ولما بصيت لقيت قدامي صورة كبيرة لجدي موجودة على جدار ضخم، كان بيبصلي بعين واحدة بس، نفس العين اللي فقدتها وأنا صغير وقالي بصوته اللي كنت سامعه في الحلم:
ـ يا سليمان ده وقت الحقيقة.
وفي اللحظة دي لقيت عبد الله واقف قدامي وقالي:
ـ سليمان احنا في نفس اللحظة دي، كل واحد فينا بيعرف الحكاية جوا قلبه، ولكنك إنت الوحيد اللي هتقرر.
السكون اللي كان في المكان كان قاتل، مفيش صوت، مفيش حركة، لكن كله كان في حالة انتظار. كل واحد فينا كان واقف قدام التماثيل، وعينيه مش شايفه غير الصور اللي قدامنا، كل صورة فيها عيون مليانة غضب، لكن في نفس الوقت كأنها بتحاول تقول حاجة.
أنا في اللحظة دي زعقت وقولت بصوت عالي:
ـ إيه اللي مفروض نعمله دلوقتي؟
العجوز ظهر تاني، المرة دي كان لابس رداء أسود زي اللي بيلبسوه الكهنة في الأفلام وقال:
ـ المدينة مفتوحة لكم الآن. بس افتكروا، اللي بيدخلها مش هيرجع تاني زي ما كان.
وبدأت الأرض تتحرك تحتنا، وكل شيء بدأ يتفتح قدامنا، التلال اللي كنا شايفينها قبل كده اتحولت لبوابات كبيرة. وبدأنا نتحرك ناحية البوابات دي، كل واحد فينا كان واقف في نقطة مختلفة.
ومع كل خطوة كنت حاسس إن جزء مني بيموت، لكن جزء تاني بيعيش. حاسس إننا مابقيناش زي ما كنا، حاسس إننا هنبقى جزء من الحكاية دي للأبد، كل واحد فينا له دور، ودورنا لسه ماخلصش، لكن إحنا مش لوحدنا. الحقيقة اللي كانت مختفية تحت التراب لآلاف السنين خلاص ظهرت.
ودخلنا في أوضة فيها سرير كبير من الدهب وفرشه من حرير، وكان في ناس كتير أوي كلهم لابسين لبس غريب شبه لبس الفراعنة في الرسومات على المعابد.. وخدوني ومشيوا وأنا متشال على الأكتاف.. ومشينا لحد ما دخلنا بهو قصر وعدينا منه لقاعة كبيرة فخمة، زي ما تكون دي الحكم لأن كان فيها عرش من دهب.. سابوني على العرش وسلموني صولجان، وساعتها ظهر الراجل العجوز من جديد وجمبه الشخص الغريب سواق التاكسي. وقال الراجل العجوز:
ـ مولاي الملك.. الجميع يستعد لمراسم تسليمك المدينة..
وأخد بأيدي ومشينا روحنا أوضة صغيرة غريبة، وهناك لقيت صحابي، فقال الراجل العجوز:
ـ دلوقتي كل حاجة انتهت، بوجودك هنا المدينة رجعت لعدها من جديد.. بعد ثواني هترجع بيتك أنت وصحابك، قوتك في المواجهة واستعدادك لإنقاذ ملايين من الأرواح البريئة حرر المدينة.
وبمجرد ما خلص كلامه لقيت نفسي واقف في المكتبة وفي أيدي الكتاب، وصحابي حواليا بيقولوا لي إني لازم أنفذ وصية جدي ونروح الرحلة دي..
تمت..