رواية حكاية هند الفصل الحادي عشر 11 بقلم رحيق عمار


 رواية حكاية هند الفصل الحادي عشر 11 بقلم رحيق عمار


11

الصدمة كانت أكبر من أي كلام...

أنا وزهرة واقفين مكانا مش قادرين نتحرك، وعينينا مش بتتحرك من على الباب اللي اتفتح فجأة، ومي داخلة ومعاها عُمر!!


مي!!


عُمر؟!!


صوتي طلع عالي، مليان تساؤل واندهاش...

بس قبل ما ألحق أقول كلمة تانية، زهرة فجأة اتجمدت مكانها، وعينيها اتوسعت وهي بتبص لـ عُمر!


"أنت؟!"


بصيتلها بسرعة، وبعدين نظري راح لعُمر، اللي كان باصص لها باندهاش غريب، كأنه هو كمان مش مصدق.


أنتِ زهرة؟


الاسم طلع من بُقه بصوت باين فيه ارتباك وحنين في نفس الوقت.


- أنت تعرفها؟!


سألت وأنا قلبي بيدق بجنون.


عُمر مشي خطوة لقدام، وبص لزهرة وهو بيقول بصوت مخنوق:


"دي أختي..."


الصمت اللي وقع بعد الجملة دي كان مرعب.

أنا حسيت إني داخلة على نوبة دوخة... إيه؟!!

زهرة أخت عمر؟!!!


- إزاي؟! يعني إيه؟!


مي كانت واقفة ووشها باين عليه الصدمة من وجودي هنا ، قربت مني وقالت بسرعة:


"أنتي وصلتي هنا ازاي؟!!"


بصتلها بثقة وانا بقول:


- دي مش إجابة سؤالي.


بلعقت رقها واستجمعت تركيزها وكلامها وقالت:







"أنا كنت بحاول أنقذها منهم... من زمان اوي ، بس معرفتش، لحد ما جتلي الفرصة، كانوا ناوين يقتلوها..بس انا قدرت أنقذها من تحت ايديهم وخبتها هنا، المكان اللي محدش يعرف مكانه غيري بعيد عن جدتك وعمامك..."


بصيت لها ودموعي قربت تنزل من الصدمة:


- ليه خبيتي عليا؟! ليه معرفتنيش أي حاجة؟!


"كنت خايفة، كنت تحت المراقبة، ومكنتش واثقة في حد... لحد ما انتي دخلتي ورا الصورة، وحسيت إنك وصلتي لها"


بصت لها وانا مش فاهمة:

- يعني إيه! أنتي عارفة إني دخلت هنا من بدري؟!


"من اليوم اللي جتلك فيه اوضتك وحاولت اخليكي تعترفي، بس مرضتش اضغط عليكي لاني مكنتش متأكده وخوفت ألفت انتباهك ليها لو متعرفيش."


زهرة كانت واقفة مش قادرة تتكلم، وعينيها متغرقة دموع وهي بتبص لعمر:


"كنّت فاكرة إنك مت، أو نسيتني زيهم...!"


عُمر قرب منها، وبصوت مكسور قال:


"دورت عليكي سنين، بس كنت طفل ساعتها، وكل ما سألت، كانوا بيقولوا إنك مش موجودة، وإنك كنت مجرد خيال طفولي... بس أنا مكنتش ناسي!"


كان المشهد كله مليان مشاعر، وأنا كنت واقفة في النص، حاسة إني جوه فيلم، بس فيلم حقيقي قوي لدرجة إنه بيوجع.


بس وقت البكا خلص، لإن فجأة مي قالت بسرعة:


"لازم نخرج من هنا دلوقتي، جدتك شاكة إن زهرة لسه موجودة، ومش هتسكت!"


قلبي وقع في رجلي.


- يعني إيه؟! هتعمل إيه؟!


"لو وصلتلها، مش هتسيبها تعيش."


بصيت لزهرة، اللي كانت باين عليها الرعب، وقولت:


- لازم نخرجها، لازم كلنا نخرج..بس مش قبل ما اعرف الحقيقية كلها، انا عايزة أعرف كل حاجة من الأول.


عُمر هز راسه وقال:


"هنقولك علي كل حاجة بس نخرج من هنا الأول، انا معايا العربية مستنيا برا، بس لازم نتحرك دلوقتي، قبل ما يقفلوا البوابة الرئيسية."


زهرة مسكت إيدي، وأنا مسكت إيد مي، وجرينا ورا عُمر...


في اللحظة دي، كنت حاسة إني بين نارين... بين ماضي مرعب، ومستقبل مجهول... بس كنت عارفة إن الطريق ده لازم نكمله، ولازم نعرف السر الكبير اللي كانوا خايفين نعرفه طول السنين دي...


جرينا بكل اللي فينا من قوة، خطواتنا بتدب على الأرض، قلبي بيدق زي الطبول، ومي ماشية ورايا بتبص شمال ويمين، وعُمر قدام بيشاور لنا نسرع.


عدينا من ممرات ضلمة، لحد ما خرجنا من اوصت مي، زهرة كانت ماسكة إيدي بقوة، أول مرة أحس إنها بتتنفس بحرية حقيقية.


وصلنا للباب الخلفي، مي طلعت مفتاح صغير من سلسلة في رقبتها، فتحته بسرعة، وصوت المفصلات عمل دوشة مرعبة كأن البيت بيصرخ إنه اتخان.


طلعنا بره، والهوا البارد ضرب في وشنا زي صفعة، بس كانت أحلى صفعة أخدتها في حياتي!


العربية كانت مستنيا فعلاً، عُمر فتح الباب بسرعة وقال:


"اركبوا! بسرعة!"


ركبنا كلنا، وبدون كلام، هو ضغط على البنزين والعربية طارت من المكان كأننا بنهرب من الجحيم.


**







بعد ساعة كاملة من السواقة، وأعصابنا مشدودة، وقفنا في بيت صغير مهجور على أطراف البلد. دخلنا وسادت لحظة صمت مرعبة، قبل ما عُمر يقعد قدامنا ويبدأ يحكي:


"أنا وزهرة... إحنا أولاد عمك الكبير، ابن جدتك الكبير اللي محدش بيجيب سيرته."


أنا اتخضيت، وقلبي بدأ يربط النقاط.


- اللي في الصورة؟!


هز راسه:


"أيوه... أبويا. كان مختلف عنهم، كان رافض كل اللي بيعملوه، شغل العيلة ده... مكنش عادي يا هند. العيلة كانت بتشتغل في تهريب آثار، بس مش بس كده... في جزء أخطر."


مي كانت ساكتة، وزهرة حضنت نفسها وهي بتبص في الأرض.


"كانوا بيشتغلوا مع ناس كبار جداً... بيبعوا حاجات مش من حقهم، بيغشوا، وبيقتلوا اللي يعترض. وأبويا... لما اتجوز أمي، اللي كانت من بره العيلة، جدتي حلفت إنها تمحيه من الوجود."


دموعي نزلت لوحدها.


- وقتلوه؟!


هز راسه:


"أيوه... وقتلوا أمي بعده بكام يوم، وسابونا، أنا قدرت أهرب، بس زهرة كانوا خبّوها... كنت فاكرها ماتت."


زهرة رفعت راسها بصعوبة:


"حبسوني وأنا عندي 6 سنين... وكل ما كبرت، كنت ببقى في خطر أكتر على أسرارهم، بس معرفوش يقتلوني... يمكن كانوا خايفين، أو مستنين وقت معين."


مي دخلت وقالت:


"أنا اشتغلت عندهم عشان أقدر أوصل ليها، كنت عارفة الحقيقة من زمااان... وأقسمت إني مش هسيبها تموت زي أبوها."


قعدت على الأرض وأنا مش قادرة أتكلم، الحقيقة كانت مرعبة، وكل حاجة حواليا بتلف.


يعني كل اللي حصل... كل اللي شفته... كل حاجة في البيت دا... كانت نتيجة لسر قديم، وخيانة، وقتل...؟


عُمر هز راسه وقال:


"بس السر لسه مخلصش... لسه في حاجة جوه الصور والورق اللي معاكي، أبويا كان سايب دليل... يمكن هو المفتاح اللي هيوقع العيلة دي كلها."


بصيت لهم، وأنا مش عارفة أقول إيه، بس جوه قلبي كان في قرار واحد:


لازم نكمل... لازم السر دا يطلع للنور.


وفي اللحظة دي... كنت عارفة إن حياتي عمرها ما هترجع زي ما كانت.


..يتبع..

#رحيق_عمار


                 الفصل الثاني عشر من هنا 

لمتابعة باقي الرواية زوروا قناتنا على التليجرام من هنا

تعليقات
تطبيق روايات
حمل تطبيق روايات من هنا



×