رواية دموع مؤجلة واحتضان اخير الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم شمس حسين
لقيت تليفوني بيرن، بصيت للشاشة، لقيته رقم غريب، ماما قالت لي:"مين بيرن دلوقت؟"، قلت:"معرفش يا ماما، رقم غريب"، قالت:"طيب ردي، يمكن في حاجة مهمة"، اتنفست بعمق ورديت: "ألو؟"، صوت ست مهذب ومنظم قالت:"مساء الخير، بشمهندسة شمس؟!"، قلت بسرعة:"ايوا أنا شمس... مين حضرتك؟"، جيه الرد بهدوء:"أنا مدام نرمين نجم... مامت أحمد"، اتفاجئت جداً و قلت بدهشة واضحة:"أهلاً بحضرتك يا طنط..."، ردت بهدوء: " أهلاً بيكي يا بشمهندسة، أنا آسفة جدآ إني كلمتك في وقت متأخر"، قلت: "ولا يهمك يا طنط، تحت أمرك"، سكتت للحظة، وبعدها قالت: "أنا كنت عايزة أقابلك ضروري، محتاجين ندردش مع بعض شوية"، حاولت أداري توتري وقلت: "خير يا طنط؟"، قالت بهدوء: "خير إن شاء الله... نحدد مكان ونتقابل؟"، قلت: "تمام، حضرتك حددي المكان والوقت"، وبعد ما اتفقنا، لقيتها بتضيف: "بس ياريت أحمد ما يعرفش بالمكالمة دي"، قلقت اكتر لكن قلت بهدوء: "تمام زي ما حضرتك تحبي"، قفلت المكالمة، لقيت ماما بتبصلي باستغراب وقالت: "مين اللي كلمك؟"
رديت: "مامت أحمد"، ماما اندهشت زي و قالت: "وعايزاكي في إيه؟"، قلتلها بقلق: "معرفش يا ماما، بس قالت عايزة تقابلني بكرا"، ماما عقدت حواجبها وقالت:" خير يارب، مش حاسة إن الموضوع غريب؟"، قلت: "الغريب اكتر إنها طلبت مني مقولش لأحمد؟"، ماما حاولت تخفف قلقي وقالت: "هتروحي وتقابليها وتفهمي، سيبيها على ربنا، اللي بيكتبه دايمًا خير"، ورغم كلام ماما، لكن قلبي فضل مش مرتاح....
تاني يوم الساعة 1:30 بالظبط، خرجت من الشركة، وده بعد ما أخدت إذن بدري عن ميعادي، كانت فرصة بالنسبة لي في الوقت ده أن أحمد كان من اول اليوم في الموقع بيتابع مشروع جديد، مكنتش عايزاه يشوفني علشان مبقاش مضطره اكدب عليه لو سألني رايحة فين.
الساعة 2 بالضبط كنت واقفة قدام الكافيه اللي اتفقنا عليه، قلبي مكانش مطمن، لكن حاولت أهدي نفسي، اول ما دخلت من الباب، بدأت ألف بعيني في المكان، لكن المشكلة إن أنا أصلاً معرفش شكل مدام نرمين، فضلت واقفة لحظة في حيرة، وبعدين قررت أقعد على طرابيزة فاضية جنب الشباك، وبعدها طلعت تليفوني واتصلت بيها: "مساء الخير يا طنط، أنا وصلت"، قالت: "مساء النور يا حبيبتي، أنا على وصول"، قفلت المكالمة وفضلت مركزة عيني على باب الكافيه، كل ما حد يدخل قلبي يخبط اكتر، لحد ما فجأة رفعت عيني، وشفت جيهان داخلة ومعاها ست أنيقة، قلت في نفسي وقتها: "أكيد دي مامت أحمد!"، كنت مستغربة جدًا، جيهان؟ هي إيه اللي جابها؟، اول ما جيهان لمحتني، قربوا عليا، فقمت واقفة بتحفظ، مامت أحمد بصت لي بابتسامة هادية ومدت إيدها: "شمس، أهلًا بيكي"، "أهلاً بحضرتك"، جيهان ابتسمت وهي بتسلم عليا وقالت: "أكيد فاكراني، جيهان بنت خالة أحمد"، قلت بسرعة:"طبعًا فاكرة"، قعدنا كلنا، و وصل الويتر عندنا علشان يشوف هنشرب أي، مدام نرمين طلبت قهوة سادة وجيهان كمان طلبت قهوة، وأنا رفضت أشرب شيء، وانا قاعدة بدأت ألاحظ مدام نرمين... ست في عمر ماما تقريبًا، شيك جدًا من ستات ذوات الطبقة المخملية، وشها عليه ابتسامة باهتة، لكن فيها توتر باين بتحاول تخبيه بتصنع القوة، بعد ما جت القهوة وهدى الجو شوية، بدأت مدام نرمين الكلام: "أكيد مستغربة إني كلمتك وطلبت نتقابل، وكمان إني مش عايزة أحمد يعرف"، قلت بثقة: "أكيد عندي فضول أعرف السبب"، سكتت لحظة، باين عليها التردد، كانت متوترة، و واضح إنها بتحضر نفسها تقول حاجة تقيلة...
مدام نرمين شربت رشفة من قهوتها بهدوء، وبعدها بصت لي بابتسامة هادية وقالت: "الحقيقة أنا سمعت عنك كتير من العيلة يا شمس... عن اجتهادك في شغلك وموهبتك اللي واضح إن الكل بيقدّرها جدًا"، حاولت أحافظ على ابتسامتي رغم توتري وقلت: "شكرًا يا طنط، ده من ذوق حضرتك"، كملت كلامها وهي بتبص لي بنظرة فيها تقدير: "كلهم بيتكلموا عن شمس اللي قدرت تثبت نفسها بسرعة وتبقى نموذج للبنت اللي عارفة هي عايزة إيه"، حسيت إني محتارة... هو الكلام كله إيجابي، لكن ليه إحساسي بيقول إن في حاجة ورا الكلام ده؟.
فجأة مسكت كوباية المياه شربت رشفة سريعة، إيديها كانت بتترعش بسيط وهي بتحط الكوباية على الطرابيزة، رفعت عينيها ليا، وكأنها بتحاول تجمع شجاعتها تكمل الكلام، لكن صوتها جِه متردد: "بصراحة... أحمد كلمني امبارح"، سكتت لحظة، وشها كان بيحمر تدريجي، وبصت لجيهان كأنها بتستمد منها القوة تكمل، وقالت: "قال لي... قال لي إنه عرض عليكي الجواز"، حاولت تخفي توترها بإبتسامة ضعيفة، لكن نظرتها كشفت كل حاجة، وكملت: "وطلب مني... نحدد ميعاد رسمي علشان... نطلب إيدك"، وكأن الكلام علق في حلقها، بصت لجيهان بسرعة، اللي هزت راسها كأنها بتشجعها، مدام نرمين سكتت، وكأنها مش لاقية كلام تقوله تاني، وسابت الصمت يسيطر على الجو.
جيهان لمحت توتر مدام نرمين، فقربت بجسمها لقدام وقالت بنبرة واثقة وواضحة: "بس مش هو ده اللي جايين علشانه يا شمس"، رفعت حاجبي بدهشة وقلت باستغراب: "أومال إيه السبب؟"، جيهان ابتسمت ابتسامة صغيرة، لكن عينيها كان فيهم جدية: "في حاجة تانية لازم نتكلم فيها... حاجة مهمة"، قلت لها:" أي هي"، جيهان اتنهدت بهدوء وبدأت تتكلم بصوت مليان ذكريات: "بصي يا شمس... أنا وأحمد متربين سوا من وإحنا صغيرين، كان الضلع التالت بتاعنا أشرف ابن عمه، كنا تقريبًا قد بعض، كل تفاصيل حياتنا كانت مع بعض... حتى لما كبرنا، سافرنا ندرس في نفس الجامعة برا مصر"، ابتسمت وهي بتفتكر: "كنا دايمًا سوا، بنأكل مع بعض، بنذاكر مع بعض... كل حاجة، وكنا متعودين على كده"، كملت بصوت هادي مليان شجن: "بعد ما خلصنا الجامعة، بدأت أحس بمشاعر مختلفة تجاه أحمد... في الأول كنت بهرب من الفكرة، كنت بقول لنفسي ده مجرد تعود... لكن لما اتأكدت من مشاعري، مقدرتش أسكت"، بصت لي بنظرة ثابتة: "اعترفت له... قلت له إني بحبه"، حسيت قلبي بيخفق بسرعة، جيهان ابتسمت بسمة صغيرة حزينة وهي بتكمل: "لكنه رفض، قال لي إنه مش شايفني غير صديقة وأخت زي ما اتعودنا، كان واضح وصريح جدًا"، شربت شوية من قهوتها وكملت: "أحمد دايمًا كان رافض فكرة الحب... عمره ما كان بيهتم بالكلام ده، ولا مرة شفته مع حد أو قلبه دق لأي بنت"، صوتها بقى أهدى وهي بتقول: "لكن لما رجعت مصر وشفت أحمد... حسيت إنه اتغير، نظراته بقت مختلفة... قلبه واضح إنه اتفتح للحب"، سكتت لحظة قبل ما تضيف بابتسامة واثقة: "وأنا متأكدة إنه اتغير بسببك إنتي يا شمس... نظراته ليكي بتحكي كل حاجة"، كنت قاعدة بسمع ومحتارة، مش فاهمة جيهان ليه بتحكي لي كل ده، بصيت لها وقلت بتردد: "مش فاهمة... ليه بتقولي لي الكلام ده؟"،
مدام نرمين رفعت عينها في عيني وقالت بحزم: "شمس، إنتي لازم تبعدي عن أحمد"، اول ما قالت الجملة دي متصدمتش أنا كنت متوقعة ان في حاجة كبيرة في نهاية الحوار ده، الصمت كان هو ردّي الوحيد بعد اللي قالته، عيني كانت مفتوحة على آخرها وأنا ببص لها و استنيت اشوفهم هيقولوا اي تاني، مامت أحمد استغلت سكوتي وكملت: "جيهان دلوقتي محتاجة أحمد جنبها"، بصيت لها باستغراب، لكن كنت لسه محتفظة بصمتي، أما هي قالت: "جيهان يتيمة يا شمس، مامتها ماتت وهي عندها خمس سنين، قبل ما تموت، وصتني عليها، أنا اللي ربيتها هنا وسط العيلة، وبقت واحدة مننا"، تنهّدت وكملت: "لما كبرت، والدها لانه مش مصري طلبها تسافر تكمل دراستها برا وتعيش معاه لأن كان رافض و جودها هنا و كان مستنيها تكبر علشان ياخدها، ورجعت فعلاً، لكنه من سنتين مات، ومن وقتها وهي في مشاكل كبيرة بسبب الميراث"، جيهان اللي كانت ساكتة رفعت راسها وقالت بنبرة فيها وجع: "بابا ساب وصية إنّي ما استلمش أي حاجة من الميراث غير لما أتجوز، وأعمامي برا كلهم طمعانين فيا، كل واحد عايز يجوزني لابنه عشان ياخد الثروة"، مدام نرمين هزت رأسها بحزم وقالت بجملة قاطعة: "والحل الوحيد... أن أحمد لازم يتجوز جيهان لأن الظروف بتحتم كده"، ضحكت ضحكة صغيرة مشبّعة بسخرية مريرة وأنا عيني بتلمع بالغضب: "الظروف؟! واللي بتقوليه ده طبيعي بالنسبالكم؟ تبعدوني عنه علشان يتجوزها عشان ورث؟ أحمد إنسان مش صفقة يا مدام نرمين"، نظراتي اتحولت لجيهان اللي بصت لي بعيون مليانة ألم، لكني مقدرتش أسيب الغضب اللي جوايا: "أنا مش هكون جزء من اللعبة دي، مش هسمحلكم تحركوا حياتي ولا حياة أحمد زي ما انتوا عايزين لمجرد سبب زي ده"، بعدها بصيت لهم هما الاتنين وقلت:" انتو الأتنين جايين انهاردة تقنعوني اسيب أحمد علشان الحكاية العجيبة اللي قولتوها من شوية، طيب، لو أنا اقتنعت بكلامكم، فاكرين أحمد هيرضى ويوافق؟ يعني لو أنا قررت أسيب أحمد وأمشي، تفتكروا هو ممكن يوافق يكون جزء من صفقة زي دي؟ سيبكم مني ومن مشاعري أنا مش شخص مهم بالنسبة لكم، و مشاعر احمد؟ مش مهمة عندكم، انتي عارفة كويس أنه مش عايزك ولسه قايلة من شوية أنه مش عايز يخسرك كصديقة، تقدري تقولي لي هو هيوافق يتجوزك ازاي؟"،
قالت جيهان بصوت فيه حسم: "شمس، صدقيني، أنا مش هقدر أتجوز غير أحمد، هو الوحيد اللي هيعرف يحميني، الوحيد اللي مش هيكون طمعان فيا، هو اه صحيح بيحبك، و رفضني قبل كدا، بس أنا متأكدة دلوقتي أن حكايتنا هتكون أسهل، احمد قلبه اتفتح، يعني سهل يحبني دلوقتي، اه ممكن يتعذب شوية من بعدك، بس انا هعرف اداويه بحبي"، حسيت أن قدرتي علي الثبات قدامهم انتهت، ابتدت عيوني تخوني، و بدأت دموعي تنزل كالعادة، بصيت لمامته وقلت لها:"حضرتك موافقة تدمري سعادة ابنك علشان سعادة بنت أختك؟"، حسيت إنها اتهزت بعد الجملة دي، و عيونها لمعت بالدموع، وقالت بهدوء غير عادي: "ابني هيكون سعيد مع جيهان، هي بتحبه، ويمكن أكتر منك كمان، وأنا متأكدة إنه هيكون مبسوط معاها، شوفي، لو سمحتي، ابعدي عن أحمد، قولي له إنك مش موافقة على الجواز، قولي له أي حاجة"، في اللحظة دي حسيت إن كل حاجة بتنهار قدامي، بس اخترت وقتها اكون قوية و أدافع عن حبي قمت و قفت و مسحت دموعي وقلت بثقة:" أنا مش موافقة.... انا مش هبعد عن أحمد"، قامت وقفت مدام نرمين وقالت لي بحزم:" وانا مش هوافق علي جوازك من احمد، و أحمد عمره ما هيقدر يعصي اوامري، لو حابة تفرقي بين ام و أبنها اتفضلي اعملي اللي إنتي عايزاه بس خليكي متأكدة علاقة الام أقوي و امتن بكتير من علاقة الحبيبة، يعني انتي كدا كدا خسرانة"، حسيت بالضعف وقتها، مقدرتش اقول اي حاجة دموعي فضلت تنزل، مسكت شنطتي و خرجت بسرعة من المكان.
كنت ماشية في الطريق لوحدي، مش حاسة باللي حواليا، مفيش جوايا غير سؤال واحد: ليه؟ ليه كل ما أحاول أمشي صح، الدنيا بتحط قدامي حجر؟ ليه كل ما أحس إني هقدر أتنفس، بلاقي حاجة تانية بتخنقني؟ ليه في كل مرة بحس ان خلاص الحياة بتضحكلي، بلاقيها جت بعدها صدمة؟ مش قادره أفهم ليه ده بيحصل ليا، ليه أنا؟.....، كان صوت آدم ظهر في الخلفية ب اغنية: إشمعنى أنا؟.......مستقصداني وجاية ليه دايماً عليا؟....... إشمعنى أنا؟....... ده إنتي بقيتي بتفرحي في دموع عنيا....... حطاني في دماغك زيادة عن اللزوم..... كرهاني ليه ما أعرفش أنا للدرجة ديا..... دورت فيك ع الأمان وما حسيتوش..... الكل بيداري في حقيقته ورا الوشوش..... ما بقتش عارف مين معايا ومين عليا.........إحنا في زمان الكل فيه ما بيرحموش.
قعدت في مكان و كلمت ماما تجيلي، و بعد وقت لقيتها وصلت، كانت ملهوفة عليا، قعدت جنبي و بدأت احكيلها كل اللي حصل، كان ردها لطيف و حكيم وبسيط، قالت :" هو ده اللي مزعلك.... ده احنا عدينا بحاجات كتيرة اكبر من دي، يابنتي احنا أخدنا مناعة خلاص من كتر اللي شوفنا"، كنت ببصلها باستغراب لقيتها حضنتني وقالت:" عارفة أنه صعب، عارفه انك حبيتيه، عارفه انك مش قد الحرب اللي هيدخلوكي فيها، متأكدة انك حاسة انك هتكوني خسرانة بعد كلام مامته، بس مفيش في أيدينا حاجة نعملها غير أننا ندعي و نقول يارب"، شديت علي حضنها اووي وقلت وانا ببكي :"يارب"، ماما خرجتني من حضنها وقالت لي:" ربنا أمرنا بالصبر، هنصبر حتي لو طاقتنا خلصت، انتي عارفة إن أي بلاء بيحصل لنا، أو أي حاجة كان نفسنا فيها بتروح مننا، ده بيبقي خير من عند ربنا، علشان اكيد الحاجة دي مش خير لينا، ربنا بيختبر صبرنا و بيشوف هنستحمل قد اي و في النهاية هيدينا علي قد ما استحملنا، يعني كل أما طاقتنا تخلص لازم نجددها تاني بالصلاة و القرآن، علشان نقدر نستحمل و علشان نستني العوض الجميل من ربنا زي ما وعدنا"، حسيت براحة بعد كلامها كالعادة و قلت لها:" و نعم بالله.... حاضر يا ماما هصبر"، و احنا قاعدين لقيت أحمد بيرن، ماما شافت الاسم و قالت لي:" مش هتردي؟" قلت لها :" لا ... هيسألني أنا فين و انا مش عايزة اكدب عليه... كفاية اللي هعمله"، ماما طبطبت عليا و بعدها اخدتني و روحنا علي البيت.
بليل بعد ما صلينا العشاء أنا و ماما لقينا الباب بيخبط، روحت فتحت و انا باسدال الصلاة، لقيت اللي بيخبط خالتو نداء جاية من الفيوم، فرحت جدا او ما شوفتها كان بقالها كتير مش بتيجي عندنا، دخلت و سلمت علي ماما و قعدنا اتعشينا سوا و بعد شوية لقيت ولاد خالي الصغيرين نزلوا عندنا و بعدهم اخوالي كانوا عاملين جو عائلي كله ضحك و هزار، بس انا مكنتش قادرة اتفاعل معاهم، كان كل تفكيري في أحمد، و ازاي هقدر ابعد عنه، ازاي هقدر اجرحه و أخبي عليه اللي حصل، و انا بفكر فيه لقيته بيرن تاني، دخلت اوضتي و اول ما فتحت سمعت صوته اللي كان كله قلق:" شمس! إنتي مبترديش ليه؟ عمال اتصل عليكي من بدري، قلقتيني عليكي، و هناك في الشركة قالولي أنك خرجتي بدري انهاردة، في حاجة حصلت؟ طمنيني"، نبرة القلق اللي كانت في صوته هزتني، قلتله بصوت هادي:" براحة يا احمد مفيش حاجة أنا كويسة"، قالي :"مبترديش ليه علي تليفونك، و خرجتي بدري ليه؟" غمضت عيوني بأسف، من اول اليوم وانا بهرب من اللي هقوله، حاولت اخرج الكلام وقلت:" خالتو نداء جت من الفيوم و كان لازم اكون موجودة في البيت، و... و... الفون مكانش معايا، آسفة مسمعتش"، خلصت كلامي و كنت حاسة بندم شديد من اللي بقوله، بس مكانش عندي حل تاني غير كدا، لقيته بيقول بصوت كله حنيه:" قلقت عليكي اووي، لما مبترديش علي الفون بخاف عليكي، علشان خاطري خلي تليفونك معاكي علطول"، قلت له بصوت مكتوم:" حاضر"، بعدها قالي بنبرة هزت كياني:" وحشتيني، مبقاش ينفع يعدي يوم عليا منغير ما اشوفك"، سكت دموعي بدأت تجري علي وشي، حطيت ايدي علي بوقي علشان اكتم شهقاتي، و ميحسش بحاجة، كمل و قال:" ساكتة طبعاً كالعادة، طبعاً دلوقتي اكيد مكسوفة و خدودك احمرت، و مش عارفة تقولي أي"، تمالكت نفسي و قلت بثبات:" أنا تمام"، ضحك و بعدها قال:" انتي في حد جنبك؟"، قلت له :" حاجة زي كدا" قال:" طيب انا هقفل دلوقتي لما الدنيا تفضي عندك كلميني"، قلت:" تمام"، و بعدها قفلنا، ماما دخلت عليا و انا ماسكة المخدة و كاتمة صوت عياطي فيها، قعدت جنبي و طبطبت عليا بحنية و عيونها هي كمان بدأت تدمع، وقالت لي:" عارفة أنه صعب، بس صدقيني انتي مش هتقدري تخوضي الحرب دي، صعبة عليكي، و الوجع اللي انتي حاسة بيه دلوقتي هيكون أضعف قدام، أنا عارفاكي كويس، انتي مش هتستحملي تكوني سبب في أنه يخسر علاقته بمامته"، قلت بسرعة:" و مش هستحمل برضو اني اكسر قلبه، لازم يعرف الحقيقة مني و بعدها يقرر هو"، قالت لي:" و انتي شايفة أن أحمد بعد ما يعرف اللي مامته طلبته منك هيسكت و لا هيعدي الموضوع، و بعدين هي هددتك و قالت مش هوافق علي جوازك منه، يعني هي عارفة هي هتعمل اي، وقالت لك كمان حب الام غير، يعني معاها ورقة رابحة يا شمس، يعني انتي كدا كدا خسرانة"، كنت عارفة أن اللي ماما بتقوله صح، بس انا مكنتش قادرة علي الشعور اللي أنا حساه وقتها.
تاني يوم صحيت علي صوت رنة تليفوني، كالعادة احمد اللي كان بيتصل، رديت بصوت ناعس:" الوا"، قال بدهشة:" صباح الخير ... اي ده انتي لسه نايمة الوقت أتأخر... إنتي مش جاية ولا أي؟"، قلت له برسمية:" ايوا مش هعرف اجي انهاردة بعتذر"، سكت شوية حسيته اتوتر:"و بعدين قال:" طيب هسيبك تفوقي دلوقتي و بعدين نتكلم و بعدها قفلنا المكالمة، قمت و جهزت الفطار و بعد ساعة لقيت نور عندي، قعدت معانا أنا و ماما و خالتو، و فضلت هي و خالتو نداء كعادتهم لما يتقابلوا في واصلة ضحك و هزار و انا و ماما كنا بنحاول نجاريهم بس كان الحزن مآثر علي ملامحنا، حتي هما لاحظوا، بس كنا بنخبي و نقول مفيش حاجة، و بعد شوية دخلنا أنا ونور نقعد في اوضتي، نور كانت حاسة أن فيا حاجة متغيرة كانت بتعرفني من نظرة، قالت:" طبعا جو مفيش حاجة ده مش عليا... مالك؟"، قلت لها:" مفيش حاجة عادي يا نور مخنوقة بس شوية"، قالت:" مخنوقة من اي ده انا قلت هاجي الاقي الفرحة مالية وشك"، قلت لها باستغراب:" ليه يعني؟"، قالت:" هو اي اللي ليه يا شمس... هو احنا علشان متكلمناش بعد البروبوزال اللي عمله أحمد.... تبقي فكراني نسيت... ده انا اللي نافخة البلالين اللي كانت هناك دي أنا و أشرف بلونة بلونة... ده احنا عايزين جاتوا زيادة في الفرح"، كانت بتحاول تضحكني، مكانتش تعرف اللي حصل بعدها، وانا كنت واحدة قرار اني مش هقول لنور اي حاجة، لأن نور اول واحدة هتجري علي احمد و تحكيله، وانا مكنتش عايزة كدا، نور قطعت صمتي في اللحظة اللي كنا قاعدين فيها وقالت:" في أي ياشمس مالك.. أنا حاسة أن فيكي حاجة غريبة هو اي اللي حصل"،
حاولت أبتسم و قلت :" مفيش حاجة يا نور صدقيني أنا بس كنت مخنوقة شوية مش اكتر هبقي كويسة دلوقتي.... سيبك مني انا و قولي لي إنتي أخبارك اي؟"، قالت:" كويسة .... ماشي الحال... الشغل ماشي كويس و ماما كويسة، و بابا بيطمن علينا من وقت للتاني و الدنيا ماشية"، قلت لها:" هي لسه طنط مش عايزة تسافر تعيش معاه هناك في السعودية"، قالت:" رافضة تماماً و بنحاول نقنعها بس هي مش موافقة، مع انها اتعودت يعني علي وجود مراته التانية و عايششة في الأمر الواقع ده بقالها سنين بس اخر مرة لما سافرنا، مستحملتش الوضع، طاقتها خلصت يا شمس، هي مشكلتها أنها حاسة إن وجودها من عدمه مش فارق في حياة بابا، بس هو والله يا شمس بيحبها، هو بس غلطه الوحيد أنه اتجوز عليها"، قلت لها:" في ستات كتير بتقبل أن جوزها يتجوز عليها و بتقدر تتعايش مع الموقف زي ما مامتك عملت بس برضو بيجي عليهم وقت و طاقتهم بتخلص، خلاص هي مبقتش قادرة تستحمل تشوفه مع واحدة غيرها، يمكن شايفة اهتمامه بيها أقل من مراته التانية، يمكن شايفة أن و جودها من عدمه مش فارق زي ما بتقولي، الدور المفروض في الوقت ده علي باباكي المفروض انتي و اخوكي تفهموه النقطة دي و تخلوه يحسسها أن غيابها فارق و أن وجودها جنبه مهم و أن هي ليها دور في حياته زي مراته التانية و اكتر، اول ما تشوف ده منه هترجع طاقتها تاني و تقدر تستحمل وجوده مع مراته التانية"، قالت لي:" تصدقي صح ماما فعلا حاسة بكدا، خلاص انا هحاول مع بابا يمكن يبقي في نتيجة"، بعدها سألت نور عن اخر تطورات علاقتها ب أشرف، قالت لي:" كويسين مع بعض، اشرف شخص كويس و محترم، متعلم، مثقف، بيفهمني منغير ما ابذل اي مجهود، مش بيضغط عليا في أي حاجة، ذكي، داخل العلاقة بهدوء ودارس خطواته كويس، و كل ده بصراحة عاجبني فيه، بس انا خايفة"، قلت لها:" خايفة من اي؟"، قالت:" خايفة اتعلق بيه، و تبقي النتيجة زي كل التجارب اللي مريت بيها قبل كدا، خايفة احبه زي ما حبيت اللي قبله و يطلع مش نصيبي، خايفة حاجة تقف ضدنا و متخلناش نكمل، أنا يا شمس مش هقدر استحمل جرح قلب تاني، ده وجع كبير"، كنت حاسة بكل كلمة نور بتقولها في اللحظة دي، يمكن في كل مرة نور كانت بتتعرض لازمة في علاقتها مكنتش فاهمة اووي اللي حاسة بيه بس المرة دي أنا حاسة اووي بيها و عارفه إحساس الوجع اللي بتتكلم عليه، عيوني دمعت وهي لاحظت و قالت:" يانهار يا شمس أنا آسفة اووي... نكدت عليكي"، قلت لها:" لا ياحبيبتي عادي مفيش حاجه، ربنا يكتبلك الخير يا نور"، حضنتني وقالت:" أنا و إنتي يارب".
يتبع.......
اي هي توقعاتكم للقادم🩷
عايزة رأيكم في دور مامت أحمد🤔
قرار شمس و مامتها صح ولا غلط؟🤔
تفتكروا فعلا شمس هتبعد عن أحمد ولا هتحارب؟🤔
#بارت_33_اختيار_الصمت_بدل_القتال
#حكاوي_ابوية_مُره
#دراما_نفسية
#دراما_اجتماعية