رواية هوي الزيات الفصل التاسع 9 بقلم سارة الحلفاوي


 رواية هوي الزيات الفصل التاسع 9 بقلم سارة الحلفاوي


الفصل التاسع

- يــا نـــور!!! جـــوزي فــيــن يا نــور!!!

إنتفض من فوق الفراش يخرج من الشرفة فوجدها خارج أسوار البيت تصيح بذات الجُملة، إرتدى ملابسه و خرج من الڤيلا بأكملها يقسم أن يلقنها درسًا لن تنساه، و بالفعل وقف أمامها وجهه قد إشتعل من فرط غضبُه يهدر بوجهها بصوت جهوري أخافها:

- بــتــعــلي صــوتك فين يا سـت إنتِ فاكرة نفسك في حارتكوا!!!!


إنقضَّت عليه رغم خوفها منه تامسك بتلابيب قميصُه صارخة به:

- جوزي فين!! عملتوا في جوزي إيه إنطق!!!


رفع حُراسه أسلحتهم يشهروها بـ ظهرها فـ إنتفضت خائفة و تركتها، بينما هو قال لها بجمودٍ:

- روحي دوّري عليه في حتة نجسة شبهُه .. بيتي مبيدخلوش أوساخ!! 


أخرجت منها كلماته أسوأ ما بها فـ صاحت بوجهه:

- أنا متأكدة إنك عملت فيه حاجه، و هعرف و هسجنك و الله لسجنك!!


- طب يلا .. روحي إعملي اللي تعمليه!!

قالها بإبتسامة مُستهزئة فـ لمحت الواقفة خلفُه لتصرخ بها بغِلظة قلب لا مثيل لها:

- بتبيعي أمك يا نور!! بتبيعيها عشان جوزك يا بنت بطني؟!! يا خسارة!!


ثم سارت تاركة إياهم لتنهمر دمعاتها على وجنتيها فـ إلتفت هو لها يناظرها بضيق من وجودها الآن، لم يكُ يريدها أن تتواجد بالأصل و تسمع تلك التراهات، رآها تتقدم له تشير بأعين دماعة إلى الفراغ الذي تركته أمها:

- أنا عايزة أروحلها .. ينفع أروحلها!!


حاوط كتفيها و قال بحنان:

- تروحي تعملي إيه يا حبيبتي؟ 


هتفت راجية:

- خليني أروح وراها أرجوك يا فريد!!


تنهد و قال مشيرًا لها:

- روحي يا نور!


ما إن سمعت جملته حتى فرّت راكضة خلف أمها لتقبض على كفها تحاول إيقافها بينما الأخيرة نفضت ذراعها عنها بعنف مُلتفتة لها تقول بحدة:

- عايزة إيه متلمسنيش!!


قالت نور بـ براءةٍ و هي تبكي:

- إسمعيني يا ماما!!







صرخت بها:

- بس إخرسي!! أنا مش أمك خلاص من النهاردة، إعتبري أمك ماتت و مش راجعة تاني أبدًا!!!


طالعتها مصدومة، إرتعشت شفتيها و هي تقول:

- ليه .. ليه يا ماما .. كل ده عشان إيه؟ عشان جوزك؟


- عشان إنتِ طالعة لأبوكِ! واطية و ناكرة زيُه! الراجل اللي كان بيعاملك بما يُرضي الله إفتريتي عليه و خليتي جوزك يضربُه و يمد إيده عليه قدام باب بيته .. و أهو مختفي دلوقتي من إمبارح والله أعلم راح فين! 


ضحكت نور بمرارة ثم غمغمت:

- بيعاملني بما يُرضي الله؟!! الراجل اللي كان بيبُصلي و بيتمناني بتقوليلي كان بيعاملني بما يُرضي الله؟ الراجل اللي خطفني من وسط بيتي ووداني في حتة مقطوعة عشتن يغتضبني بتقوليلي إنه كان بيعاملني زي بنتُه!!!


لطمت الأم صارخة بوجهها:

- يا مصيبتي!!! يعني عملتوا فيه إيه!!! جوزك قتلُه صح؟ ردي عليا!!!!


صرخت بها نور تقبض فوق ملابسها تهزها بإنهيار:

- هـّو إنـتِ مـش سـامـعـاني!!!! مـش سـامـعـة أنـا بـقـول إيــه!!


تابعت بصوتٍ عالٍ وسط إنهيارها:

- هو اللي فارق معاكِ!!! كل اللي فارق معاكِ وجوده و سلامتُه و أنـا فـي سـتـيـن داهــيــة!!! مـــش كــدا!!!


أشارت لها و هي تشعر بقلبها تحطّم أشلاء أمام عيناها:

- إمشي يا .. مـ .. يا نادية هانم!! إمشي و إنتِ اللي تعتبري إن بنتك ماتت!!


سارت نور مبتعدة عنها تعود إلى الڤيلا، تسير بلا هوادة بالكاد تستطيع أن توازن خُطاها، و من هوان جسدها .. و إنفطار قلبها كادت أن تسقط لولا ذراعيّ حاوطا خصرها يُقيم وقفتها و هو يمسح على خصلاتها، رفعت عيناها له لتغمضها تستند برأسها على صدره، نظر هو إلى أمها التي لازالت واقفة شارة بـ بُغضٍ، أسندها داخل حدود منزلُه حيث أمانها، ثم حملها ليسير بها للبهوِ، أنزلها و قد أغضبُه مظهرها الضعيف، ليحاوط بكفيه ذراعيها يهزها بحدةٍ قائلًا:

- إفردي ضهرك و بُصيلي!!! مش دي الأم اللي تعيطي عليها!


نظرت له و الدمعات تتلألأ بمقلتيها، كيف تُخبره أنها قوية و لكن الخصم كان أمها، كيف تُخبره أنها لم يسبق لها و قد شعرت يمثل هذا الشعور بين طيات قلبها، كيف تصف له إحساس الصفعة التي تلقّاها فؤادها، لم تجد على لسانها سوى حروفٍ مُتقطّعة تمتمت بها:

- هو أنا بنت مش كويسة؟ أنا مستاهلش أنها تحبني أو تحِن عليا؟


رفع رأسه للخلف ليعود ينظر لها يجذب رأسها لصدرُه بعنفٍ قائلًا بنبرة عالية:

- هي اللي متستاهلش وجودك في حياتها، هي اللي مش كويسة ولا تستاهل سؤالك و دموعك دي!!!


تمسّكت بقميصُه و همست:

- أنا مش قادرة أوصفلك .. إحساسي دلوقتي!!


ثم بكت حتى شعرت بدمعاتها أغرقت قميصُه:

- ياريتني ما روحت وراها .. ياريتني سمعت كلامك!!!


تنهد ولم ينطق بشيء، رنين هاتفه صدح فـ إبتعدت عنه تزيل دمعاتها بكفيها، حاوط وجنتها اليُمنى بحنوٍ و إلتقط هاتفُه بيدُه اليُسرى من جيب بنطالُه ليجيب:

- في إيه؟


سمع ما جعل عيناه تغمض، نظرت له نور بقلقٍ فـ همست:

- في حاجه يا فريد؟


أغلق الهاتف و لم يعلم كيف يُخبرها، بعد ثوانٍ نطق بعد أن حاول ترتيب الحروف ليوصل لها ذلك الخبر:

- أمك في عربية خبطتها برا!!!


- إيــه!!!

صاحت به مصدومة، لتتركه و تركض بالخارج، ركض هو خلفها بينما توقفت نور و كإن جسدها شُلَّ، ترى جسد أمها على بعد أمتار منها قد تهمّد مُفترض على الأرض الأسفلتية، ساكن تمامًا كـ سكون نبضات قلبها الأن، دائرة دموية كبيرة تحوطها جعلت أعين نور تذرف الدمعات تباعًا، ركضت لها و جلست جوارها فتلطّخت كامل ثيابها بالدماء لكنها لم تهتم، حاوطت وجهها تقول بـ صوت يرتجف و أعين محملقة بها من شدة صدمتها لا تصدق:

- مـ .. ماما!! ماما إصحي، بُصيلي يا ماما أنا أسفة مكانش قصدي أقولك كدا!! ماما أرجوكِ بُصيلي متعمليش في بنتك كدا!! مش لازم تحبيني خلاص المهم إني بحبك .. يا ماما مينفعش تمشي وتسيبيني دلوقتي .. مينفعش إنتِ و بابا تسيبوني كدا!!!


وجدت من يحاول جذبها له يخرجها من تلك الدائرة لكنها صرخت به بإنهيار:

- سيبني يا فريد سيبني!!! 


ثم مالت على أمها تقبض على كفيها داخل باطن راحتيها تطبع شفتيها فوقهما ترجوها و دمعاتها إنهمرت فوق كفي أمها:

- ماما .. قومي يا حبيبتي متحرقيليش قلبي أكتر من كدا!!!


نظرت حولها فلم تجد أحد لتصرخ بـ عنفٍ:

- مين عمل كدا!!! مين اللي خبطها!!!


سمعت حارس ڤيلا فريد خلفُه يقول بأسف:

- خبطها و هرب يا مدام!!!


- آآآآه!!!!

تآوهت من فرط ألمها و ضمت رأس أمها لصدرها، لتجد هو جالس على عاقبيه خلفها يضم بدوره رأسها لصدرُه، بكت بحُرقة تصرُخ بـ عنفِ شاعرة بأورظة قلبها تتمزّق:

- مـــامـــا!!!!!!


• • • • • • 


واقفة أمام ذلك التابوت الذي يأوي بداخله جثتها، تحاوط نفسها بذراعيها و جوارها يقفن العديد من السيدات، الدمعات تنهمر على وجنتيها فتؤلم عيناها .. تُغمضها تارة و تفتحها تارةً على كابوسٍ بشع متجسدًا أمامها، ترى زوجها و رجال آخرين يفحرون في الأرض حفرةٍ مستطيلة لكي تسع جسدها، بالكاد تصلب طولها و هي تراهم يفتحون التابوت، يأخذونها بالملاءة البيضاء التي تخفي جسدها و وجهها، شهقاتٍ باكية كتمتها و هي تضع أناملها فوق شفتيها و كامل جسدها يرتجف، عيناها الحمراء باتت كـ غاباتٍ تحترق من شدة إحمرارها، تشعر بالتربيت على كتفها من بعض السيدات لكن تقسم أنها حتى لا تشعر بيدهم .. يبدو و كأن جسدها قد تخدّر كـ تخدُّر عقلها تمامًا، وضعها و في قبرها و أزاحوا التراب عليها فـ أشاحت بعيناها تغمضها لا تستطيع أن ترى هذا المنظر، أبعدت عنها الواقفين جوارها و ركضت على شقة أمها، تعلّقت عيناه بها مُتأثرًا بحالتها و لكنه أكمل ما كان يفعلُه، دلفت هي للشقة تنظر لها و لخوائها بإنفطارٍ، هُنا كانت تصرخ عليها أمها، و هنا من المرات القليلة التي إبتسمت لها، هُنا عانقتها نور غصبًا وسط تأففاتها، إنهارت نور أرضًا تشعر بفراغ في قلبها يتوسع حتى يملأ روحها، ضربت الأرض بكفيها و قد تعالى صوت بُكائها من فرط ألمها، ظلت هكذا لأكثر من ساعتان، تبكي دون توقف حتى شعرت بصوتها لا يخرج و بالصداع يفتك رأسها بلا رحمةٍ، أنفاسها بالكاد تلتقطها و شحوب وجهها لا يُحتمل، حتى سمعت خطوات تعلم من يخطوها عن ظهر قلب فـ إلتفتت له، جزع قلبُه عندما رآها بتلك الحالة. أغلق باب الشقة التي تركتها مفتوحة، و دنى منها جالسًا على الأرضية أمامها، مكوبًا وجهها بين راحتيه، عيناه إمتلئت شفقة و هو يزيل تلك الدمعات من فوق وجنتيها بـ إبهاميه، تمسكت بكفيه تقول بصوت خافت مُتقطع تخرج بين الفينة و الأخرى منه شهقةٌ:

- مـ .. ماتت يا .. فريد!!!


تابعت و عيناه تنظر لها بحُزنٍ على حزنها:

- أنا ماليش حد دلوقتي!!


- و أنا؟ أنا يا روح فريد؟

قالها بحنان و إبهاميه يسيرا على وجنتيها برفقٍ، أغمضت عيناها و شهقت ببكاءٍ قائلة بإنهيار:

- إنت لو زعلتني أنا .. أنا هفضل مستحملة عشان مبقاش ليا حد!!


إبتسم يقول بحنو:

- يا غبية .. أنا لو كنت هزعلك .. فـ دلوقتي عُمري ما هزعلك للسبب ده


- أنا قلبي واجعني أوي يا فريد!!!

قالتها تُميل للأمام رأسها إقتربت من معدته فـ تنهد يشعر بثقل على قلبُه، يأخذها بأحضانه يضم رأسها لصدرها بأقوى ما لديه ويداه تربت على خصلاتها تارةً و تتغلغل بها تارةً أخرى، ظلت بأحضانه تبكي حتى غلبها الإرهاق، فـ همست له بخفوتٍ:

- تعبانة .. أوي!!!


تنهد و وضع ذراعه خلف ركبتيها و الأخر أسفل ظهرها ثم حملها لينهض بها بتوازن، يسير إلى غرفة عشوائية لا يعلم لمن، لكنها كانت لها، وضعها على الفراش و مسح على خُصلاتها يميل بجزعه العلوي عليها، ينظر لجفنيها المتهدلان من شدة البكاء، و إلى مُعذبته التي ترتعش أسفل أنفها المتورد، تنهد و طبع قبلة فوق كفها البارد، ثم إعتدل في وقفته و هم بترك كفها لكنها شددت عليه تقول بـ جزعٍ:

- هتروح فين؟


شدد هو الآخر على كفها يقول برفق:

- إهدي يا حبيبتي .. هروح أعمل أوردر غدا .. إنتِ مكلتيش حاجه من إمبارح!!


نفت برأسها فورًا تقول متعلقة بيدُه:

- لاء لاء .. أنا مش جعانة خليك .. خليك جنبي، متسيبنيش زي ما هُما سابوني!!


علِم أنها قد وصلت لأعلى مراحل الحُزن و التوجس، فـ جلس جوارها، يمسح على خصلاتها و فوق وجهها، يُطمئنها بكلماته الحنونة:

- أنا جنبك .. و لو الدنيا كلها سابتك أنا هفضل جنبك!!


أخذت كفُه بين كفيها تضمه لصدرها لتتأكد أنه لن يذهب، تلتفت على جانبها محتبسة يده في زنزانة قبضتيها تغمض عيناها تحاول كل المحاولات أن تنام، ظل جوارها لا يمل من التربيت على خصلاتها حتى نامت نومًا عميقًا، حرر كفه من راحتيها و نهض ليُحدِث أحد المطاعم المشهورة يخبرهم بـ طلبية الطعام التي يريدها و أملاهم العنوان، ظل جالسًا في بهو الشقة يستند برأسه للخلف يفكر بها، يتمنى لو بإستطاعته إخراج ذلك الكم من الوجع و دفنه بصدره هو، دق باب المنزل فنهض فورًا يفتح لهم قبل أن تستفيق، حاسبهم و أخذ الطعام ثم وضعه في الثلاجة، عاد لها و نزع عن جسده قميصه ثم أغلق الأنوار و إستلقى جوارها، جذبها بحذرٍ لتنام بحضنه لكي يستطيع أن ينام هو الآخر، و نام بالفعل بعد دقائق، ليستفيق على صوت صراخها الذي صدح بالغرفة بأكملها و أنفاسها اللاهثة و هي جالسة على الفراش، نهض مفزوعًا يظن أن مكروهًا قد أصابها، ليجدها جالسة تدفن وجهها في كفيها تبكي بإنهيار، نهض مسرعًا جوارها يلفها له قائلًا و القلق قد تجسد بصوته:

- في إيه؟!!!


أبعد كفيها عن وجهها برفق عندما لم تجيبه لينظر لجبينها المتعرق، و لأنفاسها المبعثرة و عيناها التي باتت تشبه الدماء في إحمراراها، فـ علم أنه كابوس مفجع، أغمض عيناخ و أطلق نفسًا مرتاحًا أنها بخير، لكنه فتح عيناها على بكائها فـ مسح حبات العرق من فوق جبينها يهدهدها هامسًا أمام شفتيها:

- ششش إهدي .. إهدي!! كان مُجرد كابوس يا حبيبتي إهدي!!


إرتمت في أحضانُه تغرق رأسها بصدرُه تبكي فقط دون أن تتحدث، مسح على ظهرها يستلقي و يأخذ كامل جسدها على صدرُه دون حتى أن يشعر بثقلها، فـ كل الثقل الآن جاثم على قلبه و هو يراها بذلك الأنهيار بينما هو عاجز كل العجز عن التصرُف، نامت فوق جسدها تدفن أنفها في عنقه، أنفاسها تضرب رقبته فتجعلُه يضمها له أكثر، يتسائل كيف لهذا القدر من التكنولوچيا لازالوا لم يخترعوا تقنية أن تدفن جسد شخص في جسدك؟ أن تحويه بجوارحك و تضمه حتى لا يعود يفصل بينكما فاصل!! همسات من بين شفتيها أطلقها في محاولة لتهدأتها يغمغم:

- إنتِ في حُضني دلوقتي .. محدش يقدر يقربلك ولا يمس منك شعرة واحدة، أنا معاكِ يا حبيبي، و هفضل طول عمري معاكِ و فـ ضهرك


أغمضت عيناها بإستكانة، حاوطت عنقُه أسندت رأسها على كتفُه، حتى شعر بإنتظام أنفاسها و عودتها للنوم، ظل هكذا و لم يعدل نومتها، مستمتعًا بكون حتى الإنش ليس بينهما، حتى نام هو الآخر بعمقٍ!!


• • • • • • •






فُتحت عيناه، فـ لم يشعر بذلك الثقل الجميل على جسدُه لينظر حوله لم يجدها، إنتفض من الفراش يبحث عنها كالمجنون، حتى سمع هدير المياه بالمرحاض فـ أخذ أنفاسٍ عميقة سُرعان ما عادت تُحبَس برئتيه عندما هُيَّأ له أنها لرُبما وقعت في المرحاض و أُغشي عليها، إندفع بلا هوادة يقتحم المرحاض عليها فوجدها تلُف المنشفة حول جسدها الذي إنتفض فورما رأت هجومه التتاري عليها، نظرت له بعيناها المتورمة، نظرت لصدرُه الذي يعلو ويهبط من قلقُه و الأفكار السوداوية التي إقتحمت عقله، نظرت لعيناه المتوجسة فأشفقت عليه و على نفسها، فهو لم ينم بسببها و بسبب إرهاقه في جنازة والدتها، إقتربت منه و حاوطت وجنتيه تقول بـ صوتٍ ناعم أذاب حصونه:

- مالك .. إنت كويس؟


أغمض عيناه و قرّب كفيها من شفتيه يُقبلهما ثم حاوط وجنتيها و خصلاتها المبللة يقول و عيناه تسير على وجهها:

- قلقت عليكِ .. إفتكرت حصلك حاجه هنا في الحمام!!


إبتسمت بحزنٍ أعاد له ألم قلبه، ثم قالت بـ هدوء أقلقُه:

- متقلقش يا فريد .. لسه مش هموت دلوقتي!!


صياحه بها نفض جسدها عندما هدر:

- مش عايز سيرة الموت دي تيجي على لسانك أبدًا .. فاهـمـة؟!!


إزدردت ريقها من عنفوانه، لتحاوط خصرها تحتضنه هامسه بحُزن:

- حاضر .. بس إهدى!!


أراحت رأسها على صدرُه فـ عانقها يستنشق تلك الرائحة النابعة من خصلاتها، تلك الرائحة التي تنبع من جسدها و تسكُره، تُخدر كامل حواسه فيشعر و كأن العالم لا يحوي سواهما، مال برأسُه يُقبل فكها فـ رفعت رأسها له قائلة بهدوء و أناملها تعبث بذقنه:

- عايزة أمشي من هنا .. البيت بيفكرني بحاجات وحشة أوي مش عايزة أفتكرها!!


إلتقط ذقنها بين إنمليه و قال بهمسٍ:

- عنيا .. يلا أدخلي إلبسي عشان نرجع بيتنا!!


أجلت حلقها ثم أعطته إبتسامة بسيطة و إبتعدت عنه تاركة إياه يقف و لازال القلق ينهش بقلبُه، فـ هو لن يطمئن سوى عندما تعود لقوتها و عنفها و ذلك اللسان الذي تمنى قطعُه من جذوره، إبتسم عندما تذكّر شخصيتها القديمة و التي كانت لا تتهاون في حقها أبدًا، خرج من المرحاض ثم وقف في الشرفة ينفث دخان سيجارته، إلتفت بعد دقائق على صوتها الهادئ الذي بدى و كأن الحياة ذهبت منه:

- أنا جاهزة!


نظر لوجهها المُنطفئ فـ تنهد ثم قال:

- يلا!


• • • • • 


عادا معًا، فور دلوفهما صعدت إلى جناحهما و ألقت بجسدها على الفراش نائمة على معدتها، خطٍ من الدمعات سال على وجنتها، شعرت بثقل فوق ضهرها فـ شهقت بصدمة عندما وجدته شبه نائم فوقها مُكبلًا ذراعيها خلفها يقول بشرٍ زائف:

- وقعتي يا حلوة ومحدش سمَّى عليكِ!!!


شعرت بإحراجٍ كبير من وضعها أسفلُه فـ ركت الهواء بقدميها صارخة به بخجلٍ:

- إنت بتعمل إيه يا فريد إبعد!!!


- ششش .. محدش هيعرف يشيلك من تحت إيدي النهاردة!!!

قال و هو يكبل ذراعيها للخلف بذراعيه، لا يود سوى أن يزيل أثار الحزن تلك التي سكنت مِحياها، مال يُقبل خلف أذنها بعشقٍ، ثم رقبتها لترتجف الأخيرة تقول بتوتر طغى على صوتها:

- إبعد يا فريد متهزرش!!!


و بحركةٍ مُفاجئة لفّها له محاصرًا كفيها جوار رأسها فـ ضحكت من أفعالُه تقول:

- إنت ليه واخد دور المُغتصب كدا!!!


إبتسم على ضحكتها و قرّب وجهه من وجهها هامسًا بـ هيام:

- أنا واخد دور العاشق .. المفتون بالضحكة دي، أنا مستعد أعمل أي حاجه .. عشان بس أشوف ضحكتك!!


نظر له بتأثر، ثم حاوطت وجنتبه هامسة بإبتسامة حنونة:

- بتحبني أوي كدا؟


- بعشقك!!

قالها فورًا دون أن يتردد، فـ تنهدت بحُب و عانقت رأسُه محاوطة رقبته، تحمد الله على وجوده بحياتها، فـ لولاها لكانت إنهارت وذهبت دون رجعة، إبتعد عنها بعد قليل ثم قال بحدة مُصطنعة:

- هتفضلي نايمالي على ضهرك كدا!! لاء قومي و فوّقي معايا!!!

 

 إبتسمت قائلة بهدوءٍ:

- هقوم أعمل إيه؟


حملها غفلةً فـ شهقت مُتمسكة بـ عنقه قائلة برعب:

- بتعمل إيه يا فريد!!!!


سار بها إلى أسفل و هي تصرخ بـ خضة، تجمعن الخادمات على صوتها فـ قال لهم فريد بضيق:

- إرجعوا على شغلكوا واقفين هنا تعملوا إيه!!!


دلفوا فورًا بخوف منه، بينما هتفت نور بضيق:

- أنا عايزه أفهم إنت بتعمل إيه!!!


- هفوّقك!

قالها و الخبث يتطاير من عيناه، شهقت و هي تجده يخرج من الڤيلا بأكملها إلى الحديقة، واقفًا أمام المسبح، تشبثت بعنقه قائلة برعب:

- لاء إوعى، أنا ممكن أموت فيها دي!


إنقبضت ملامحه فقال بضيق:

- بعد الشر!!!


عاد لمِحياه الماكرة و أبعدها قليلًا عن صدره لكي يستكيع إلقائها في المسبح لكنها أخذ تتشبث في قميصه بكل قوتها ترجوه بصوتها العالٍ:

- بالله عليك لاء!!!


ظلت تتمسك بقميصه و بجسده فقال بهمسٍ خبيث:

- هاجي أقف كل يوم هنا عشان تفضلي ماسكة فيا كدا!!!







قالت مُرتعبة تهز برأسها تتمسك بعنقه:

- همسك فيك من غير حاجه بس إستهدى بالله و متعملش كدا!!!


- تؤتؤ!!

قالها يعيد رأسه للخلف و كأنه يخبرها أنه لن يتنازل عن فعلها، فـ يأست تُعيد هي الأخرى برأسها للخلف تقول بحزنٍ:

- يا حبيبي عشان خاطري!!!


- قولي يا حبيبي تاني كدا؟

هتف بخبثٍ غامزًا بعيناه، فـ قالت بلهفة:

- حبيبي!!! نزلني بقى!!


- لاء متمزجتش .. مش طالعة بإحساس كدا!!

قالها بضيقٍ زائف ثم و من دون مقدمات  ألقاها في المسبح، تعالت صرخاتها و هي تحاول أن تنجو بنفسها رافعة ذراعيها لأعلى، إبتسم و أخذ يحرر أزرار القميص على عجالةٍ ثم قفز لها، و مسرعًا إلتقط خصرها يرفع جسده له، و بـ شق الأنفس أخذت تحاول إلتقاط أنفاسها المبعثرة، إبتسم يعيد خصلاتها المبللة للخلف يُميل مُثبلات خدها الذي تناثرت فوقه القطرات، حاوطت عنقه تتنفس بالكاد، حتى تداركت الأمر فـ إحمرّ وجهها و بعنفٍ ضربته على صدره بكفيها صارخة بوجهه بأنفاس لاهثة:

- قولتلك مش بعرف أعوم يا فريد!!!


تركها تفعل ما تشاء حتى شعر بعودة أنفاسها فـ مال عليها جاعلًا من شفتيها بأحضان شفتيه فإمتزج عسل شفتيها بقطرات المياه الباردة، حاولت إبعاد في البداية لكن و بطريقته جعلها تستسلم للمساتُه دون أن تعارضه .. إبتعد بعد قليل فـ ظلت مغمضة عيناها تشعر بخزى إستسلامها له، تضاعف ضيقها و حزنها و قد أدركت كم تأثيرُه عليها، فـ نظر له تبعده من صدره بحدةٍ لكن شهقت عندما وجدت نفسها تسحب للأسفل داخل ذلك المسبح العميق، شهقت و عادت تتشبث في عنقه فحاوط خصرها مبتسمًا هامسًا و قد قبض على ذقنها بين أنامله:

- ملكيش مكان .. إلا في حضني!!!


يُتبع♥

أسقة ع التأخير، و أرجوكوا إدعولي ربنا يفُك كربي♥

#هوى_الزيات ♥

                

               الفصل العاشر من هنا    

لمتابعة باقي الرواية زوروا قناتنا على التليجرام من هنا    

تعليقات
تطبيق روايات
حمل تطبيق روايات من هنا



×