رواية صراع تحت القمر الفصل الرابع 4 بقلم اسماعيل موسي
#صراع_تحت_القمر
4
وسط الجزيرة الملعونة، حيث لا طريق للعودة ولا دليل في الأفق، وقف أركان ولوسيان والأميرة برانتا أمام البحيرة المسحورة. في أعماقها يرقد حجر القمر، أملهم الوحيد للعودة إلى الأرض لمواجهة دراكسون وكائنات الظلال. لكن الطريق لم يكن سهلاً؛ لأن الحارس ليس سوى "وحش الظلام"، مخلوق أسطوري لا يُهزم.
أحاط السكون بالمكان، وكان الهواء نفسه يحمل ثقل الخوف، قالت برانتا، وهي تحدق في المياه:
"هذا المكان ليس طبيعياً. أشعر وكأن شيئاً يراقبنا."
رد لوسيان بنبرة شبه هامسة: "أشعر به أيضاً. إنه قريب."
قبل أن يكمل حديثه، بدأت المياه تهتز بعنف، وانبعثت منها موجة من الظلال، لتتشكل أمامهم هيكلية ضخمة لمخلوق من الظلام نفسه،
جسده كتلة من العتمة المتحركة، وأجنحته مظلمة تمتد لتغطي السماء. عيونه الحمراء المتوهجة كانت تخترق أرواحهم مباشرة.
بصوت عميق كالرعد، تحدث وحش الظلام:
"لا أحد يقترب من حجر القمر... إلا إذا أراد أن يصبح جزءاً من ظلالي!"
اندفع وحش الظلام نحوهم بسرعة لا يمكن تصورها، مطلقاً موجات من الظلال الحارقة، رفع أركان درعه ليصد الهجوم، لكن قوة الظلال دفعتهم جميعاً للخلف.
قال لوسيان، وهو يطلق سهامه: "إنه لا يُمس! حتى السهام لا تخترق جسده."
برانتا، التي كانت تفكر بسرعة، صرخت: "إنه ليس مخلوقاً مادياً،قوته تكمن في الظلام نفسه. علينا أن نستخدم النور!"
لكن الوحش لم يترك لهم مجالاً للتخطيط. ضرب الأرض بمخالبه، فانبثقت شظايا من الظلال التي حاصرتهم من كل جانب.
بينما كانوا يتراجعون، تذكرت برانتا الكلمات المنقوشة على جدار القصر القديم رأته عند وصولها إلى الجزيرة:
"النور لا يخرج إلا من اتحاد القلوب، والتضحية مفتاح التحرر."
قالت برانتا بصوت حازم: "علينا أن نعمل معاً كل منا لديه دور. أركان، عليك أن تُبقي الوحش منشغلاً، لوسيان، استعد للغوص نحو الحجر، وأنا سأحاول استخدام طاقة القمر لتقليل قوته."
أومأ أركان برأسه، ثم اندفع نحو الوحش ليشتبك معه مباشرة، ضربات الوحش كانت مدمرة، لكن شجاعة أركان وصموده أبقته مشغولاً.
في الوقت نفسه، رفعت برانتا يدها نحو ضوء القمر المنعكس على البحيرة،بدأت تتمتم كلمات غامضة تعلمتها من نصوص قديمة، لتشكل دائرة من النور حولهم، كانت الدائرة تُضعف قوة الظلال ببطء، مما أعطى لوسيان فرصة للغوص.
قفز لوسيان في المياه المسحورة، كان كلما غاص أعمق، ازدادت المياه برودة وكثافة، وكأنها تحاول إبطاء حركته، في الأعماق، ظهرت انعكاسات لأعظم مخاوفه، فشله في حماية أصدقائه، خيانته لمن وثقوا به. كاد الخوف يشل حركته، لكن صوت برانتا كان يتردد في ذهنه:
"الشجاعة لا تعني غياب الخوف، بل مواجهته."
حين رأى حجر القمر أخيراً، كان محاطاً بدوامة من الظلال التي تحاول منعه من الاقتراب. وضع كل قوته في حركة واحدة، وأمسك بالحجر بكلتا يديه.
على السطح، عندما رفع لوسيان الحجر عالياً، انطلق شعاع من الضوء القوي الذي اخترق الظلال المحيطة بهم، وضرب وحش الظلام مباشرة، صرخ الوحش صرخة مدوية، وبدأ جسده يتلاشى تدريجياً، لكنه قال بصوت مزلزل:
"لقد فزتم هذه المرة... لكن الظلام لا يُهزم ابدا سأعود حين تتجرؤون على العبث بتوازن النور والظل."
اختفى الوحش، وعاد السكون إلى البحيرة.
وسط الهدوء الذي تبع هزيمة وحش الظلام، وبينما كانوا يتأملون حجر القمر المشع بين أيديهم، انبعثت فجأة ريح باردة كأنها أنفاس الموت ذاته. توقف كل شيء. حتى الأشجار التي أحاطت بالبحيرة بدت وكأنها تتنفس ببطء، ترحب بحضور غريب.
من العدم، ظهرت هي.،
كانت أميرة الظلال مزيجاً مرعباً من الجمال والقوة،بشرتها شاحبة كالقمر في ليلة شتوية، وعيونها بلون الدم القاني، تشع ببريق لا يمكن مواجهه، شعرها الطويل، الذي كان يتمايل كألسنة اللهب السوداء، ينساب كأنه ظل حي، يمتد ويلتف حول جسدها، ارتدت درعاً خفيفاً أسود اللون، مزيناً بنقوش فضية متشابكة، تبدو وكأنها تنبض بالطاقة.
فوق ظهرها، كان سيف أزرق لامع، ينبعث منه وهج غريب يشبه الجليد المتكسر تحت ضوء الشمس،كان السيف وحده يملك حضوراً يُرهب الروح، وكأن في داخله أرواحاً معذبة تصرخ بصمت.
خطت أميرة الظلال ببطء نحوهم، وابتسامة خبيثة ترتسم على شفتيها القرمزيتين،كل خطوة تخطوها جعلت الأرض تحتها تمتلئ بشقوق صغيرة ينبعث منها دخان رمادي.
قالت بصوت ناعم لكنه يحمل نغمة من السخرية القاتلة:
"أتعرفون؟ لم أكن أتوقع أن ينجح أي شخص في هزيمة وحش الظلام، لكنه لأمر مسلٍ أنكم فعلتم... وأحضرتم لي حجر القمر."
تقدمت برانتا خطوة للأمام، ممسكة بالحجر بإحكام، وقالت بشجاعة: "من أنت؟ وما الذي تريدينه؟"
ضحكت أميرة الظلال، ضحكة أرسلت رجفة في قلوبهم جميعاً. ثم قالت:
"أنا كيرا، أميرة الظلال وحارسة التوازن،كنت أراقبكم منذ وطأت أقدامكم الجزيرة، كل هذا الوقت، كنتم أداة لخدمتي دون أن تدركوا. حجر القمر... هو لي."
قبل أن يردوا، رفعت كيرا يدها اليمنى، وانبعثت منها دوامة من الظلال القوية التي أطاحت بهم جميعاً في لحظة واحدة. أركان، الذي حاول صد الهجوم بدرعه، طار في الهواء وسقط بقوة على الأرض،لوسيان، الذي حاول إطلاق سهم نحوها، وجد أن سهامه تتبخر قبل أن تقترب منها.
برانتا، التي حاولت التمسك بالحجر، شعرت بقوة غير مرئية تنتزع الحجر من يدها وترفعه في الهواء، أمسكت كيرا بالحجر بيدها، وحدقت فيه وكأنها عثرت على أعظم كنز في العالم.
"شكراً لكم على جهودكم،" قالت كيرا بابتسامة ماكرة. "لكن قصتكم تنتهي هنا." انا احكم عليكم ان تظلو حبيسى جزيرة التية لمدة عام اكلانيكوتنيس
ثم، رفعت يدها وأطلقت موجة قوية من الظلال غلفت المكان بالكامل، فقد أركان وبرانتا ولوسيان وعيهم، وكأن الظلام قد سرق منهم كل قوتهم.
حين استعادوا وعيهم بعد ما بدا وكأنه ساعات، كانت كيرا قد اختفت، وحجر القمر معها.
."
استفاق أركان أولاً، يشعر بالبرد القارس يتسلل إلى عظامه، كان جسده منهكاً، وكأن كل قطرة من قوته قد استُنزفت في مواجهته الأخيرة،نظر حوله، فرأى برانتا مستلقية على الأرض، يداها ترتعشان وهي تفتح عينيها ببطء، أما لوسيان، فكان ينهض بصعوبة، يمسك بقوسه وكأنه يبحث عن عدو في الظلال.
قال أركان بصوت أجش: "أين... أين هي؟"
ردت برانتا، وقد بدا على وجهها التعب والغضب: "كيرا أخذت الحجر... لقد خسرنا."
لكن قبل أن يتمكنوا من استيعاب الخسارة، بدأ المكان يتغير، حيث كان جسد وحش الظلام قد تحطم، بدأت تظهر مخلوقات غريبة،في البداية، كانت كتل صغيرة من الظلال تتمايل على الأرض، ولكن سرعان ما بدأت تتشكل إلى أشكال مرعبة،كانت مخلوقات طويلة نحيلة، عيونها فارغة لكنها متوهجة بوميض أحمر، وأجسادها تمتزج بين الظل والمادة، تتحرك بسرعة مخيفة وكأنها تلتهم الضوء من حولها.
قال لوسيان وهو يشد قوسه: "ما هذه الأشياء؟"
لكن المخلوقات لم تمنحهم وقتاً للتفكير،فجأة، اندفعت نحوهم، تصدر أصواتاً حادة أشبه بالصراخ الذي يجرح الآذان.
صاح أركان: "اركضوا! لا يمكننا مواجهتها الآن!"
اندفع الثلاثة نحو الغابة، بينما كانت المخلوقات تتبعهم بلا هوادة.
كلما قطعوا مسافة، بدت هذه الكائنات وكأنها تتكاثر،بعضها انبثق من الظلال التي ألقتها الأشجار، وبعضها خرج من البحيرة التي مروا بجوارها، وكأن العالم بأسره بدأ يتحول إلى حقل من الكوابيس.
قالت برانتا وهي تتعثر في خطواتها: "إنها تنمو... في كل لحظة تصبح أكثر عدداً وقوة!"
رد أركان، وهو يحاول شق طريق بين الأشجار: "علينا إيجاد ملجأ، وإلا سنكون طعاماً لهذه الكائنات."
وسط الفوضى والرعب، ظهرت أمامهم فجأة أطلال قصر جديد كان هذة المرة يبدو مهجوراً، لكنه كان ينبعث منه وهج غريب، وكأن جدرانه نفسها تنبض بتعاويذ سحرية، كان القصر قد تحول وكأنه يشعر بهم ويرغب فى مساعدتهم حتى انهم ظنو انه قصر جديد
ولمحو تعويذات تلمع على جدران القصر
بمجرد أن عبروا البوابة الحديدية الصدئة، شعرت برانتا بطوفان من الطاقة السحرية يحيط بهم، كأن القصر نفسه يصد الظلال ويمنعها من الدخول، حاولت المخلوقات الوصول إليهم، لكن بمجرد أن اقتربت من عتبة القصر، انفجرت إلى رماد، وكأن قوة غامضة كانت تحمي المكان.
وقف الثلاثة في القاعة الرئيسية للقصر، يلهثون وهم يتفحصون المكان كانت الجدران مغطاة بنقوش قديمة وتعويذات مكتوبة بلغة لا يفهمونها على الأرضية، كانت هناك رموز دائرية متوهجة، تشع بلون ذهبي باهت.
قال أركان: "على الأقل نحن بأمان... مؤقتاً."
ردت برانتا، وهي تنظر من النافذة نحو الغابة: "لكن ماذا عن تلك المخلوقات؟ إنها لا تتوقف عن التكاثر... وفي كل ليلة، ستزداد قوة."
لوسيان، الذي كان يتفحص جدران القصر، قال بجدية: "القصر لم يُترك هنا صدفة، هذه التعويذات قد تكون المفتاح لفهم ما يحدث... وربما لإيجاد طريقة لإيقاف كيرا."
في تلك الليلة، جلسوا حول شمعة صغيرة في قاعة القصر، يحاولون التقاط أنفاسهم والتخطيط لخطوتهم القادمة.
قال أركان بصوت حازم: "لقد خسرنا المعركة مع كيرا، لكنها لم تنتهِ، حجر القمر قد يكون معها، لكنها لن تستخدمه بسهولة. علينا أن نجد طريقة لهزيمتها، ولإيقاف هذه المخلوقات قبل أن تنتشر خارج الجزيرة."
برانتا أضافت، وعيناها مليئتان بالإصرار: "القصر يحمل سراً، كل هذا السحر الذي يحميه يدل على أن أحداً قد سبقنا هنا، وربما واجه ما نواجهه الآن. علينا فك رموز هذه النقوش... وإيجاد الحل."
أما لوسيان، فقد كان يتأمل القوس في يده، ثم قال: "وأنا سأبقى مستعدا، إذا كانت المخلوقات تنمو بالخارج، فعلينا أن نكون مستعدين للدفاع عن القصر بأي ثمن."
بينما كانت ظلال الليل تتسلل إلى الغابة، وصرخات المخلوقات تعلو من بعيد، كان الثلاثة يدركون أن التحدي الحقيقي لم يبدأ بعد.
همست برانتا وماذا عن بلقيس وزمرده خادمتى اين هم الان واين القصر الذى كنا نعيش داخله كيف اختفى فجأه وظهر مكانه قصر اخر؟
همس أركان هناك العديد من الأسرار فى هذه الجزيره
هل لاحظ احد منكم آثار أقدام كيرا غيرى؟