رواية ارقام في العتمة الفصل التاسع 9 بقلم اسماعيل موسي
#ارقام_فى_العتمة
9
انتشرت أصداء المواجهة بين تقى وسهيلة كالنار في الهشيم، ليس فقط بين طلاب الدفعة الثالثة، بل بين جميع طلاب الكلية.
وفي أقسام الرياضيات العليا، استحوذت القصة على اهتمام خاص طلاب الدفعات الأقدم، الذين رأوا أنفسهم دائمًا في القمة، لم يستوعبوا كيف أن التركيز بات على طالبتين من دفعة أدنى.
زياد، طالب في السنة الرابعة، كان أول من طرح الفكرة:
"لماذا علينا أن نقف متفرجين؟ إذا كانت هناك معادلة كهذه تشغل الجامعة، فمن حقنا المشاركة وإظهار مهاراتنا.
وكانت زياد مشهور بعبقريته الفذة ومعظم الاساتذه يعرفونه بالاسم فقد كان مقدر له ان يصبح معيد فى الرياضيات الجزئيه
ريم، زميلته وصديقته المقربة، أضافت بحماس:
"بالتأكيد! نحن الأجدر بالتعامل مع هذه المعادلة، علينا إثبات أن الخبرة والتعمق يتفوقان على مجرد الحماس
بدأ الحديث يتسرب من مجموعة إلى أخرى، لم يكن الطلاب وحدهم من يشعرون بهذا الحماس، بل بعض الأساتذة أيضًا. كان هناك من يرى في هذا التحدي فرصة لإبراز قدرات الكلية ككل أمام الجامعة بأسرها، وآخرون أرادوا اختبار عبقرية تقى وسهيلة بأنفسهم، لأنهم كانو يعتقدون ان دكتور سامر يهول الأمور وان عقلية تقى ليست فريدة واعجازيه
الدكتورة نادية، التي كانت أكثر الأساتذة تحمسًا لدعم الطلاب الموهوبين، قالت بابتسامة مشجعة:
"إذا كان سامر يريد اختبار ذكاء طلابه، فلمَ لا؟ لكن يجب أن نكون مستعدين للتعامل مع أي تعقيدات قد تحدث
لكن سامر يعتقد نفسه افضل منا
دائما يتحدث عن دراسته فى الخارج وجامعات أوروبا
أرى انها فرصه سانحه لنلقنه درس من خلال طلابه.
---
في تلك الأثناء، كانت الأحاديث في أروقة الجامعة تأخذ منحى جديدًا، طلاب السنة الرابعة والخامسة قرروا تقديم طلب رسمي إلى سامر للسماح لهم بالمشاركة في حل المعادلة طالما انها ليست مدرجه فى المنهج
عندما وصل الطلب إلى سامر، قرأه ببطء وهو يدخن لفافة تبغه كان يعلم أن الأمور تزداد تعقيدًا، لكنه لم يكن قلقًا فهو يحب الرياضيات أكثر من نفسه
،على العكس، بدا عليه شيء من الحماس جلس على مكتبه وكتب ردًا مقتضبًا:
"مرحبًا بالمشاركة، لكن التحدي الجديد سيكون مختلفا
وفى الوقت الذى اختاره
---
في اليوم الموعود، دخل سامر قاعة المحاضرات الرئيسية، التي امتلأت عن آخرها لم يقتصر الحضور على الطلاب فقط، بل كان هناك عدد من الأساتذة الذين جاؤوا لمتابعة هذا الحدث وطلاب الفرقه الرابعه والخامسة
سامر وقف أمام السبورة، ألقى نظرة طويلة على الحضور ثم قال اريد فى البدايه ان أرحب بالاستاذه الذين انضمو الينا
وطلاب الدفعات الأقدم
"اليوم، لدينا معادلة جديدة ستكون مختلفة، ليست مجرد اختبار للمهارة، بل اختبار للفكر والإبداع، وأحذركم، حلها لن يكون سهلاً، بل ربما... مستحيلاً."
أمسك بالقلم، وبدأ يكتب معادلته:
∫[e^(x²) dx] = ?
ارتفعت بعض الهمهمات بين الطلاب، بينما تسمر آخرون في أماكنهم وهم ينظرون إلى السبورة، هذه المعادلة، كما يعرف معظم المتخصصين، لا تمتلك حلاً بدلالة الدوال الابتدائية.
التفت سامر نحو الطلاب وقال بابتسامة خفيفة:
"أريد منكم التفكير خارج الصندوق. الحل لن يكون تقليديًا. تذكروا، التحدي هنا ليس في الوصول إلى إجابة نهائية، بل في كيف ستفكرون للوصول إليها."
نظرت تقى إلى المعادلة بعينين واسعتين، كان الأمر واضحًا بالنسبة لها: سامر لم يكن يريد إجابة، بل يريد اختبار الإبداع في الجهة الأخرى، بدت سهيلة متوترة بشكل واضح، لكنها سرعان ما تمالكت نفسها وبدأت في تدوين ملاحظات سريعة.
أما طلاب الدفعات الأقدم، فقد جلسوا يتبادلون النظرات زياد همس لريم:
"هذا ليس اختبارًا تقليديًا
---
بدأ الجميع يعملون بصمت، سامر، الذي سحب مقعده بعيدًا عن السبورة، جلس يدخن بهدوء، يراقب ردود الفعل، كان يعلم أن المعادلة مستحيلة الحل بالطريقة التقليدية، لكنه أراد أن يرى من سيجرؤ على تخطي الحدود التقليدية للفكر.
التوتر في القاعة كان ملموسًا، ومع مرور الوقت، بدا واضحًا أن بعض الطلاب بدأوا يفقدون التركيز، ومع ذلك، ظلت تقى تعمل بصمت، بينما سهيلة تبدو وكأنها تغرق في أفكارها.
سامر رفع عينيه عن لفافة التبغ التي شارفت على الانتهاء، ثم قال بهدوء:
"بقي لكم نصف الوقت. تذكروا، الإبداع لا يعرف المستحيل."
ساد الصمت الثقيل في القاعة، وتراكم التوتر مع مرور الوقت. الطلاب الذين كانوا قد أقبلوا على المعادلة بحماس في البداية بدؤوا يشعرون بالإرهاق، بينما كانت السبورة تزدحم بالرموز والمحاولات الفاشلة.
في أحد الزوايا، كان زياد، طالب السنة الرابعة، يراقب كل ما يحدث بتركيز. بدا عليه ثقة هادئة وهو يدون ملاحظاته بشكل مكثف في دفتره، عكس البقية الذين كانوا ينظرون إلى السبورة بعيون مترددة.
أما تقى، فقد بقيت منكبة على دفترها، يديها تتحركان بخفة فوق الورقة. بدا وكأنها تغوص في عالم آخر، تحلل وتبتكر دون أن تعير القاعة اهتمامًا.
سهيلة، على الجانب الآخر، كانت تحاول مرارًا وتكرارًا، لكنها بدأت تشعر بالإحباط. محاولاتها المتكررة لم تقترب من أي إجابة، ووجهها أصبح أكثر توترًا مع مرور الوقت.
---
زياد فجأة رفع رأسه، عينيه تلتمعان بحماس غريب. وقف وقال بصوت ثابت:
"دكتور سامر، أعتقد أنني وصلت إلى حل يمكن أن يكون منطقيًا."
الجميع التفت إليه، بعضهم بدهشة، والبعض الآخر بشك. سامر أشار له بالتقدم:
"تفضل، زياد، اشرح لنا فكرتك."
زياد تقدم نحو السبورة، وبخط واثق بدأ يكتب:
"المعادلة ∫[e^(x²) dx]، كما نعلم، لا يمكن حلها بدلالة الدوال الابتدائية. لكن يمكننا استخدام سلسلة تايلور لتقريب الحل."
ثم بدأ يوضح فكرته:
"نوسع الدالة e^(x²) إلى سلسلة لا نهائية:
e^(x²) = 1 + (x²) + (x^4)/2! + (x^6)/3! + ...
وبالتالي، يمكننا تقريب التكامل كالتالي:
∫[e^(x²) dx] ≈ ∫[1 dx] + ∫[x² dx] + ∫[(x^4)/2! dx] + ..."
أكمل زياد الشرح وهو يكتب خطواته بوضوح، مما أثار إعجاب بعض الطلاب سامر كان ينظر إليه بعين ناقدة، لكنه لم يتدخل.
عندما انتهى زياد، قال سامر:
"فكرة قوية يا زياد. الحل باستخدام سلسلة تايلور معقول ومبتكر."
---
لكن قبل أن يتراجع زياد إلى مقعده، رفعت تقى يدها بهدوء وقالت:
"دكتور سامر، أعتقد أن لدي طريقة أخرى لتناول المعادلة."
رفع سامر يده
اترون جنون الرياضيات صرخ بصوت مرتفع المعادله التى كنا نظن ان لها طريقه واحده للحل أصبح لها طريقتين
ثم أشار لها بالتقدم، فنهضت بخطوات هادئة، تحمل دفترها. وقفت بجانب زياد أمام السبورة وبدأت تقول:
"المعادلة بالفعل مستحيلة الحل بالدوال الابتدائية، لكن يمكننا إعادة صياغة المشكلة باستخدام التكامل العددي. هناك طرق مثل طريقة شبه المنحرف أو سيمبسون لتقريب الحل العددي لتكامل كهذا."
ثم كتبت على السبورة:
"نقسم مجال التكامل إلى أجزاء صغيرة جدًا ونحسب القيم التقريبية لكل جزء باستخدام:
∫[e^(x²) dx] ≈ Σ f(xₖ) Δx."
شرحت بخطوات مبسطة كيف يمكن تطبيق هذه الطريقة عمليًا، مستخدمة أمثلة وأرقام لتوضيح فكرتها.
سامر وقف صامتًا للحظات، ينظر إلى السبورة حيث توضحت فكرتا زياد وتقى جنبًا إلى جنب. ثم أومأ برأسه وقال:
"هذا ما أردته بالضبط. كلا الحلين يوضح طريقة تفكير مختلفة، وهذا هو جوهر الرياضيات. زياد، فكرتك تعتمد على التوسع الرياضي، وهي دقيقة ومبدعة. تقى، طريقتك عملية وفعالة، وتركز على التطبيقات العملية."
نظر سامر نحو باقي الطلاب وقال:
"تعلموا من هذا. الإبداع لا يعني اتباع قواعد محددة، بل يعني كسر تلك القواعد بحكمة."
سهيلة، التي كانت تجلس بصمت في الخلف، شعرت بالإحباط المتزايد. كانت تراقب المشهد، لكن ملامحها كانت مليئة بالغضب المكبوت.
أما الطلاب الآخرون، فقد بدؤوا بالتصفيق تدريجيًا، معجبين بالحلين المختلفين. سامر، الذي جلس أخيرًا وهو يدخن لفافته، قال بابتسامة ساخره
"والآن، لننتقل للتحدي القادم."
معادله جديده للجميع ولا امانع من تفضل بعض الاساتذه بدخول المنافسه لحلها
لأن ببساطه لا يمكن لأى شخص حلها
ثم صمت طويلا قبل أن يقول... بسهوله