رواية ارقام في العتمة الفصل الثامن 8 بقلم اسماعيل موسي
#ارقام_فى_العتمة
٨
بدأت سهيلة تنظر إلى السبورة بعينين ضيقتين، وكأنها تحاول العثور على خيط جديد، بينما تقى كانت هادئة، تحدق في معادلتها دون أن تدون شيئًا في دفترها، تحلل بهدوء وعمق.
دكتور سامر جلس في زاويته، يتابع بصمت وكأن دخان سيجارته يرسم مسارات احتمالات الحلول.
بدأت سهيلة تكتب بخط متوتر على دفترها، محاولاتها كانت تُظهر اضطرابًا أكثر مما تُظهر تقدمًآ على النقيض
كانت تعرف ان فرصة توصلها للاجابه معدومه،بالعودة إلى المعادله الأولى كانت سهيلة تعرف ما يحاول سامر اثباته تحديدا، انها سارقة
اجل، هذا كل ما يهم فى الأمر، لكن لا أحد منهم يعرف انها كانت تشك فى هذا الحال
__تقى كانت تقلب المعادلة في ذهنها، تبحث عن طريقة غير مألوفة.
وبعد دقائق من الصمت، قالت تقى بصوت منخفض ولكنه مليء بالثقة:
"ربما يمكننا استخدام طريقة السلاسل اللانهائية لتحليل المعادلة."
رفعت سهيلة رأسها بسرعة، تنظر إلى تقى بدهشة، لكن سامر أشعل سيجارته الثانية وأشار إليها للاستمرار.
تقدمت تقى نحو السبورة، وبدأت تشرح:
"نعلم أن e^(-x) يمكن تمثيله كسلسلة لانهائية:
e^(-x) = Σ (-1)^n * x^n / n!
إذا استبدلنا هذا في المعادلة الأصلية:
∫[x² * e^(-x) dx] = ∫[x² * Σ (-1)^n * x^n / n! dx].
نوزع التكامل على السلسلة:
= Σ (-1)^n / n! * ∫[x^(n+2) dx].
ثم نُكمل التكامل بناءً على هذه القاعدة."
تقى أكملت بتركيز شديد، تشرح كيفية التعامل مع السلسلة وتبسيط الناتج كان سامر ينظر إليها بإعجاب وانبهار غير معهود ، بينما كانت سهيلة تحدق في السبورة، ملامحها تحمل خليطًا من التوتر والغضب.
بعد أن انتهت، وضعت تقى الطباشير جانبًا وقالت بهدوء:
"بهذا الشكل، حصلنا على طريقة أخرى تُظهر تنوع الرياضيات."
وقف سامر، وأطفأ سيجارته ببطء قبل أن يصفق بخفة:
"رائع يا تقى هذا تفكير إبداعي وحقيقي،الطريقة صعبة وتحتاج إلى عمق، لكنها تُثبت أن الحلول دائمًا موجودة لمن يبحث
ثم التفت إلى سهيلة، وقال بصوت ثابت:
"سهيلة، هل لديك أي طريقة أخرى؟"
ابتلعت سهيلة ريقها وقالت:
"لا يا دكتور، لا أظن أنني أستطيع التفكير بطريقة مختلفة الآن."
ابتسم سامر ببرود وقال:
"إذن، هذه المرة، يبدو أن تقى هى صاحبة الحل وترك الكلمه معلقه فى الهواء
الرياضيات ليست مجرد أرقام، إنها إبداع ومثابرة."
ثم وجه حديثه للطلاب جميعًا:
"تعلموا من هذا الموقف. الرياضيات تحتاج إلى شجاعة التفكير خارج المألوف. وانتهى النقاش."
غادر سامر القاعة بهدوء، تاركًا خلفه همسات الطلاب وإعجابهم بحل تقى، بينما كانت سهيلة تخرج بوجه متجهم، تحمل في داخلها ثقل ما حدث، خرجت سهيلة من القاعة بخطوات متسارعة، ووجهها مشدود يغلي بالغضب، الطلاب كانوا يتهامسون في أرجاء القاعة عن براعة تقى وكيف استطاعت أن تُظهر مهارات تفوق التوقعات.
أما تقى، فقد جمعت دفاترها بهدوء، وابتسامة صغيرة بالكاد ارتسمت على وجهها الخجول، كانت تعرف أن هذا لم يكن مجرد تحدٍّ أكاديمي بل كان إثباتًا لنفسها وللآخرين.
في الممر المؤدي إلى الخارج، وقفت سهيلة تنتظر تقى، عندما اقتربت الأخيرة، قالت بصوت منخفض ولكن مليء بالتوتر:
"لا تظني أنك فزتِ بشيء يا تقى، الأمور لم تنتهِ بعد."
توقفت تقى أمامها، عيناها تلمعان بشيء من القوة المكتومة، وقالت بثقة:
"أنا لم أتنافس معكِ يا سهيلة،كل هذا عن الحقيقة، والحقيقة دائمًا تنتصر."
سهيلة لم تجب، بل نظرت إلى تقى بحدة قبل أن تدير ظهرها وتبتعد بسرعة.
---
في مكتب سامر، كان يجلس خلف مكتبه الصغير، وأمامه ورقة مكتوب عليها المعادلة التي أعطاها للطلاب،أخرج سيجارة أخرى وأشعلها ببطء، يتأمل الورقة وعقله يغرق في دوامة أفكاره.
قال بصوت منخفض لنفسه:
"تقى عبد الرحمن... يبدو أن خلف هذا الذكاء قصة أكبر."
ثم تذكر شيئًا، شيء ما يتعلق بسهيلة، بنظرية تقى المسروقة، أخرج ملفًا من أحد أدراجه، وبدأ يتصفح الأوراق فيه،توقف عند ورقة تحمل رسمة معادلة مع توقيع تقى في الأسفل.
ابتسم سامر بخبث وقال:
"كل شيء سيظهر في وقته المناسب، لا أحد يستطيع إخفاء الحقيقة إلى الأبد."
---
في المساء، جلست تقى في غرفتها، محاطة بدفاترها وأوراقها المليئة بالمعادلات، كانت تشعر بتعب يوم طويل، لكنها لم تكن مستعدة للتوقف.
تذكرت كلمات سامر في القاعة، "الرياضيات ليست مجرد أرقام، إنها إبداع ومثابرة." شعرت بشيء من الراحة، لكنها كانت تعلم أن المعركة الحقيقية لم تبدأ بعد.
كانت سهيلة تجلس على مكتبها، تحاول جاهدة كتابة شيء على ورقة، لكن يدها كانت ترتجف، الغضب كان يتملكها، لكنها كانت تعرف أن سامر قد بدأ يشك في أمرها، وهذا جعلها أكثر توترًا.
--
في صباح اليوم التالي، دخلت تقى قاعة المحاضرات بنفس الهدوء المعتاد، لكن عيون الطلاب كانت تلاحقها أكثر من أي وقت مضى. الجميع يتحدث عن المواجهة التي حدثت بالأمس، وعن براعتها في الرياضيات، بعضهم أظهر الإعجاب، والبعض الآخر، كالعادة، اكتفى بالصمت الحذر.
أما سهيلة، فقد دخلت متأخرة هذه المرة، وجهها كان خاليًا من أي تعبير، جلست في مقعدها الخلفي دون أن تتبادل النظرات مع أحد، لكنها لم تستطع تجاهل الهمسات حولها.
وقف سامر أمام السبورة، لكن هذه المرة بدا أكثر جدية من أي يوم مضى، وضع يديه على الطاولة ونظر للطلاب بصمت لثوانٍ قبل أن يقول:
"اليوم سنبدأ بشيء مختلف، الرياضيات ليست مجرد حل معادلات أو تكرار قواعد، إنها استكشاف لما هو غير متوقع."
ثم التفت إلى السبورة وبدأ يكتب معادلة جديدة، لكنها بدت أكثر تعقيدًا من سابقتها:
∫[cos(x) * ln(x)] dx
"هذه المرة، أريد منكم التفكير بشكل مختلف، حاولوا العثور على طريقة لتحليل المعادلة دون اتباع الأساليب المعتادة، أريد رؤية أفكار مبتكرة، لديكم نصف ساعة."
الجميع بدأ يكتب في دفاترهم، سهيلة كانت تحاول التركيز، لكن ذهنها كان مشوشًا، نظرت إلى تقى التي بدأت تعمل بهدوء وكأن شيئًا لم يحدث، وشيء من القلق بدأ يتسلل إلى قلبها.
سامر كان يراقب كلتا الفتاتين، يعلم أن التوتر بينهما بلغ ذروته، لكنه قرر أن يترك الأحداث تأخذ مجراها، جلس في زاوية القاعة، أشعل سيجارته، وعقله مشغول بما يراه قادمًا.
بعد عشرين دقيقة، رفعت تقى يدها.
"دكتور، أعتقد أنني وصلت إلى حل."
ابتسم سامر بخفة وأشار لها:
"تفضلي، اشرحي لنا فكرتك."
نهضت تقى وتقدمت نحو السبورة، وبدأت تكتب خطواتها بتركيز:
"استخدمت خاصية تحويل اللوغاريتمات إلى سلسلة لا نهائية، ومن ثم أجريت تكاملاً جزئيًا لكل جزء من السلسلة."
كانت تشرح بثقة، بينما سهيلة تنظر إليها بترقب، وقد بدأت تعض على طرف قلمها من التوتر.
عندما أنهت تقى شرحها، نظر سامر للحل وقال بصوت هادئ:
"جميل جدًا،حلك يُظهر إدراكًا قويًا للتكاملات المعقدة، لكن السؤال هو: هل يمكننا أن نجد طريقة أبسط؟"
نظر نحو سهيلة وقال:
"سهيلة، لديكِ الفرصة الآن لتقديم شيء جديد. هل ترين طريقة أخرى؟"
تجمدت سهيلة في مكانها للحظة، ثم قامت ببطء وتقدمت نحو السبورة، كانت تحاول استجماع أفكارها، لكن الكلمات خرجت بصعوبة:
"أعتقد... أعتقد أنني يمكنني استخدام تحويلات فورييه لتبسيط الحل."
بدأت تكتب خطواتها على السبورة، لكن ارتباكها كان واضحًا، سامر لاحظ ذلك، لكنه لم يقاطعها.
عندما انتهت، وقف سامر وقال:
"فكرتك مثيرة للاهتمام، لكنها بحاجة إلى المزيد من الدقة،
امام كل الطلبة ثلاثة أيام لحل المعادله بالاستعانه بأى شيء ترغبون به، سأكون فى مكتبى اذا توصل احد للحل