رواية احرقني الحب الفصل الثالث 3 بقلم ديانا ماريا
الجزء الثالث
سقط المفتاح من يدها وعلى الفور ركضت لغرفة أخيها، صدمها المنظر كان أخيها الذي بالكاد يبلغ عشر سنوات ممدد على الأرض فاقد للوعي ووالدتها تجثو على ركبتيها بجانبه تصرخ وتحاول افاقته.
ارتبكت هديل ولم تدري ما تفعل حتى أفاقت من جمودها وركضت لأخيها تتحس نبضه وهي تسأل والدتها بقلق: في إيه يا ماما ماله إياد؟
قالت والدتها ببكاء: معرفش كان عايز يروح الحمام أول ما قام فجأة وشه احمر أوي وقالي مش قادر أخد نفسي ووقع زي ما أنتي شايفة.
حاولت هديل التفكير في حب سريع فأهداها عقلها إلا أن تخرج هاتفها وتتصل بالإسعاف ليحضروا بسرعة.
ثم جثت بجانب والدتها تنظر لإياد بحزن، لم يكن والدها في المنزل كان في زيارة لصديقه.
حين حضرت الإسعاف ذهبت والدتها مع إياد بينما بقيت هديل مع أخوانها التوأم لتوقظها وتغير ملابسهم وتذهب بهم للمستشفى وراء والدتها، في الطريق انتبهت إلى أنها لم تكلم والدها لتخبره بسبب الذعر الذين كانوا فيها، أخرجت هاتفها بسرعة واتصلت بوالدها لتخبره أن إياد نُقل للمستشفى.
وصلت لوالدتها بعد أن اتصلت بها لتعرف مكانها ووجدتها تقف أمام غرفة الطوارئ.
سألتها هديل بقلق ونظراتها تتنقل بين والدتها وباب الغرفة المغلق: ها يا ماما إياد فين؟ قالولك إيه؟
انهمرت الدموع من عيون والدتها وهي تجيب بقلة حيلة: معرفش خدوه جوا والدكاترة عنده لسة محدش طلع ولا قال حاجة.
زفرت هديل بتعب وهي تستند إلى الجدار بجانب والدتها وتضم التوأم لها اللذان وبرغم عدم فهمهم شيئا ولكن شعروا بالجو المتوتر حولهم.
مرت خمس دقائق بين القلق والترقب في خوف حتى فُتح الباب وخرج الطبيب وفي نفس اللحظة وصل والدها.
اقترب والدها يسأل بقلق: ماله إياد حصل إيه؟
ثم وجه حديثه للطبيب: ابني ماله يا دكتور؟
تنهد الطبيب وهو ينتقل بنظراته بينهم بتردد إلى أن قال بهدوء: للأسف اكتشفنا أنه عنده ثقب في القلب.
اتسعت عيون الجميع بصدمة.
شهقت والدتها بذهول: ثقب في القلب! أنت متأكد يا دكتور؟
أومأ الطبيب: أيوا يا مدام للأسف ومحتاج عملية جراحية في أقرب وقت.
ازدرد والدها ريقه بصعوبة وهو مازال يستوعب هذه الأخبار: طب...طب إزاي يا دكتور؟ طول عمره كان كويس إزاي يجي له الثقب ده دلوقتي إزاي؟
أشار الطبيب لباب في الجهة المقابلة من الممر: طيب تعالوا لمكتبي علشان أقدر أشرح لكم الصورة بشكل أوضح.
تبعوه لمكتبه وجلست هديل ووالدتها على الأريكة المقابلة لمكتب الطبيب بينما جلس والدها على الكرسي الذي أمامه مباشرة.
عبث بقلمه قليلا قبل أن يرفع بصره لهم: طبعا أنا عارف أنه الصدمة كبيرة عليكم بس ده الواقع، بالنسبة لسؤال حضرتك أنا عايز أسأل سؤال قبل ما جاوبه، هو إياد كانت صحته إيه؟
عقد ماهر والدها حاجبيه بحيرة: صحته إيه إزاي يا دكتور؟ مش فاهم حضرتك.
نظر الطبيب لماهر: قصدي أعرف صحته كانت عاملة إزاي طول حياته كويسة ولا ضعيفة وبيتأثر بأي حاجة؟
ردت والدة هدير بسرعة وهي تفكر: أيوا يا دكتور صحيح إياد طول عمره مناعته ضعيفة خالص، من أول وقعة يتعور ومن قبل ما يدخل الشتا يرقد في السرير بسبب البرد والسخونية ملوش في اللعب أوي رغم أنه بيحب يلعب بس كان بيتعب بسرعة وياخد نفسه بالعافية أنا قولت مناعته ضعيفة مش أكتر بس ده ليه علاقة يا دكتور؟
نبغ الفهم على وجه الطبيب ورد بصراحة: أيوا ليه علاقة قوية جدا واضح أنه الثقب كان موجود من زمان بس كان صغير لدرجة متفرقيش بينه وبين تعب أي طفل مناعته ضعيف بس كان بيكبر معاه لحد ما وصل للمرحلة دي ومش هخبي عليكم الوضع صعب وخطير.
وضعت هديل يدها على فمها حتى تمنع صرختها من الخروج وهي تفكر في أخيها المسكين.
تجعدت ملامح والدها بالحزن وقد أثقل كاهله ما يسمعه: طب نعمل إيه يا دكتور؟ أنا مستعد أعمل أي حاجة.
أجاب الطبيب بعملية: هو محتاج عملية جراحية ولازم يعملها في أقرب وقت ممكن.
رد رضوان بحيرة: طب دي تكلفتها كام يا دكتور؟
قال الطبيب رقم اتسعت عيون كل من في الغرفة حين سمعوه.
قال رضوان بذهول: بس ده مبلغ كبير أوي.
ثم تابع بقلة حيلة وشعور العجز يكتنفه: هجيبه منين بس؟
ابتلع ريقه بصعوبة وسأل الطبيب: طب هو المفروض يعملها امتى يا دكتور؟ أقدر أعملها فين بمبلغ كويس لأني مش معايا المبلغ ده خالص؟
رد الطبيب بهدوء: المفروض في أسرع وقت ممكن لكن ممكن يستنى وياخد أدويته بانتظام يعني بالكتير تلت أو أربع شهور مش هيقدر يستنى أكتر من كدة، بالنسبة للفلوس للأسف أنا مش عارف لأنه دي عملية صعبة ودقيقة وتكلفتها كبير ممكن تشوفوا التأمين الصحي بتاعه.
نظرت هديل بحزن لوالدها الذي نظر للأرض والتفكير يشغل باله، خرجوا من الغرفة ليروا إياد الذي سمح لهم الطبيب برؤيته.
تألم قلب هديل حين رأت أخاها الصغير ممدد على سرير الأبيض شاحب وجسده موصول بعدة أجهزة.
مضت ليلتهم صعبة وقد أصر والدها ووالدتها على عودتها مع إخوانها حتى يرتاحوا في البيت، لم تنم طوال الليل وهي تفكر في أخيها ومشكلته ونهضت عند الفجر تصلي وتدعو له.
في اليوم التالي اضطرت للذهاب للجامعة وقابلت حسام عندما خرجت كان ينتظرها خارج الكلية، حين رأته لم تتمالك نفسها وأجهشت بالبكاء الأمر الذي فاجئ حسام.
حاول مواساته ومعرفة الخطب منها إلا أنها كانت تبكي بشدة ولم تهدأ إلا بعد فترة ثم أخبرته بكل شيء.
قال حسام بعطف: طب هو عامل إيه دلوقتي يا حبيبتي؟
هزت رأسها: مش عارفة لما كلمت ماما من شوية قالتلي أنه كويس وفايق وبيسأل عليا بس أنا مش قادرة يا حسام مش حاسة أني هقدر ابصله من غير ما اعيط.
ثم انهمرت دموعها مرة أخرى وحسام يناظرها بحزن ويشعر بالعجز لأنه لا يستطيع فعل شيء للتخفيف عنها.
زفر بضيق: ياريتني كان في أيدي حاجة أعملها مش قادر أشوفك كدة.
مسحت دموعها ثم أخذت نفسا عميقا: هتعمل إيه بس يا حبيبي المشكلة لازم يعني العملية بسرعة وأحنا مش عارفين هنجيب فلوسها منين.
تابعت: يلا الحمدلله على كل حال المهم أنا لازم أروح دلوقتي المستشفى.
ظهر التردد على وجه حسام كأنه يريد أن يبوح بأمر ولكنه آثر الصمت.
عقدت هديل حاجبيها بتعجب: فيه حاجة يا حسام؟ شكلك عايز تقول حاجة.
تنهد حسام: كنت جاي أقولك أنه خلاص هترافع بكرة في المحكمة في قضية ولو كسبتها هكسب منها مبلغ كويس وبعدها افاتح والدك في الموضوع بس...
قاطعته هديل وقد ظهرت ابتسامة على شفتيها: بجد يا حسام؟ طب مقولتش ليه؟
ابتسم ورفع كتفيه: هقول إزاي يا حبيبتي وأنتِ في الحالة دي وهقدر افاتح والدك إزاي في الظروف دي؟
تغيرت قسمات وجهها للحزن حين تذكرت: معاك حق.
قال حسام بضيق: أنا تعبت من الوضع ده يا هديل، حاسس إني بقابلك زي الحرامية ومليش حق حتى أقف جنبك وبعدين اللي بنعمله غلط ولازم ينتهي أنا عايز نبقى في النور قدام كل الناس ومتخافيش نتقابل ولا لازم تمشي بسرعة كأننا عاملين جريمة.
قالت هديل بأمل: بس أنا متأكدة أنه كل حاجة هتبقى كويسة بإذن الله، ربنا يحلها من عنده.
ابتسم مؤكدا على حديثه ثم أوصلها للمستشفى وقد قرر الرجوع لاحقا للزيارة ولكن دون أن يعلم والدها أنه عرف من هديل.
وبسبب عدم توفر نقود العملية لم يعد هناك حاجة من بقاء إياد في المستشفى فخرج مع تشديدات الطبيب على تناول الدواء بانتظام وعدم إجهاد نفسه أو التحرك كثيرا.
مرت الأيام وهديل تراقب والدها يحاول إيجاد حلول وطرق كل باب ممكن حتى يستطيع توفير نقود عملية أخيها ولكن بدون فائدة حتى أنها فكرت أن تأخذ سُلفة من عملها ولكنها لا تتقاضى الكثير مما يمكن أن يساعد، ما طمئنهم قليلا رغم الحزن أن صحة إياد جيدة وطالما لا يتحرك كثيرا أو يتعب فهو بخير.
قابل حسام هديل وسألها إن كان الوقت مناسبًا للتكلم مع والدها في الموضوع خاصة وأن صحة إياد مستقرة وهو يرغب بأن يكون موجودًا معها في هذا الوقت الصعب.
في ذلك اليوم كانت هديل متوترة للغاية ولكن متحمسة في الوقت ذاته لأن حسام أتصل بوالدها وطلب مقابلته اليوم.
تظاهرت هديل بالدهشة حين أخبرهم رضوان أن حسام جارهم سيأتي اليوم لأنه يريده في أمر هام وبعيدا عن نظرات والدها استطاعت هديل أن تكتم ابتسامة السعادة التي كادت تظهر على وجهها.
حين رن جرس الباب ارتجفت وهي تدرك أنه أتى أخيرا، لقد أتى لوحده حتى يحدث والدها مبدئيا في الموضوع، ارتجف قلبها حين سمعت صوته في الخارج ووالدها يرحب به بهدوء.
تسللت على أطراف أصابعها ووقفت خلف ستارة تشاهد من بعيد حسام وهو يجلس أمام والدها.
كان حسام متوترا بعض الشيء ووالد هديل يترقب ما سيقوله.
استجمع حسام كل شجاعته وقال لوالد هديل بحزم: يا عمي أنا كان فيه موضوع عايز اتكلم مع حضرتك فيه من بدري بس كنت متردد بسبب الوضع الحالي.
صمت لوهلة ثم أردف: عمي أنا حابب أطلب أيد بنتك هديل.
ظل وجه رضوان لثانية بدون تعبير قبل أن تتغير قسمات للغضب الشديد وقد نهض وهو يصيح بحسام: أنت اتجننت! إزاي تقول اللي بتقوله ده قوم اطلع برة!
#يتبع.
#أحرقني_الحب.
بقلم ديانا ماريا
يا ترى والد هديل رد فعله كدة ليه؟