رواية سيد القمر الاسود الفصل العاشر 10 بقلم زينب مصطفى
نظرت حبيبة لهاتفها بصمت وذهول دموعها تسيل و قلبها يخفق بجنون من شدة إضطرابها..
عقلها يعمل في كل إتجاه تحاول إيجاد حل للمصيبة الجديدة التي وجدت نفسها بها ، فلا تجد فكل الطرق مسدودة بوجهها..
فمسحت دموعها بإرتعاش وهي تحاول الإتصال بشريف أكثر من مرة دون نتيجة حتى أجابها أخيراً ..
وقفت حبيبة وصرخت به بغضب :
= إنت مش عايز ترد عليا ليه ..سايبني في المصيبو دي لواحدي ومش سائل فيا !!
مسحت حبيبة دموعها بعزم وهي تتابع بغضب :
=مين صادق ده ياشريف ودخله إيه هو كمان بالمصيبة اللي ورتطِّني فيها معاك !!
شريف بحدة:
=صادق ده هو اللي ورا كل اللي عملناه ، بيكره الرشيدي ومستعد يدفع كل اللي وراه وقدامه عشان يشوفه مذلول قدامه ، ونصيحتي اسمعي كلامه أحسنلك إنتي مش قده ولا قد الناس اللي وراه ..
ثم تابع بتحذير جاد :
=صادق أبو الدهب مش لواحده ده معاه ناس تقية أوي ، وكلهم عايزين يخلصوا من الرشيدي اللي واخد السوق كله لحسابه ، وأي حد هيقف قصادهم هيخلصوا عليه ، فاعقلي كده بدل ما يمحوكي ويمحوني معاكي من الوجود خالص.
حبية بإرتعاش وإصرار :
=المرة دي أنا مش هسمع كلامك ولا هسمع كلامه ولا كلام أي حد .. أنا هقول لعمر على كل حاجه ، وهو قادر أنه يتعامل معاكم ..
شريف بغضب :
=إنتي إتجننتي ياحبيبة عارفة عمر لو عرف أي حاجة هيعمل فيكي وفينا إيه !!
حبيبة بإنهيار :
= يعمل اللي يعمله ، انا راضية أنا مش هفضل ساكتة لحد ماتنجحوا في اللي إنتوا عايزينه ، وألاقيه جثة قدامي.
ثم تابعت بإصرار :
=هقوله ياشريف .. هقوله عليك وعليا وعلى مي وصادق واللي معاه ، وهحكيله على كل حاجة أنا خلاص مبقتش باقية على حاجة .
ثم أغلقت الهاتف في وجهه دون أن تعطيه فرصة للرد ..
ثم أغلقت عينيها وهي تحاول الإستعداد نفسياً لمواجهة عمر فسالت دموعها وهي تقول بتعب :
=يا رب ساعدني..
ليرتفع رنين هاتفها فجأة وتظهر عليه نمرة عمر ،
أجابت حبيبة بتوتر :
= ألو.
عمر بحنان :
= أيوة يا بيبة ، معلش يا حبيبتي أنا روحت الشركة أنا وجيلان في شوية أوراق وحاجات محتاج أشوفها وأناقشها معاها قبل ما نسافر ..
أجهزي علشان كلها ساعتين تلاتة بالكتير وهنكون عندك..
مسحت حبيبة دموعها وهي تقول بهمس :
=حاضر .. بس..
عمر بقلق :
=في إيه يا حبية صوتك ماله .. في حد زعلك.
حبيبة بإرتعاش وصوت متعب :
= لا أبداً مفيش حد زعلني ولا حاجه .. أنا كويسة خالص.
عمر بقلق :
= إنتي صوتك متغير إنتي زعلانة إن جيلان جت معايا الشركة وهتسافر معانا..
ثم تابع بحنان :
=بصي يا عيون عمر وروحه ، جيلان جات معايا الشركة و مسافرة معانا ، علشان أنا هشتري منها القرية السياحية بتاعتها ، و رايح علشان أعاينها وأقرر هتمم البيع ولا لاء ، وللأسف أنا كنت محدد ميعاد المعاينة معاها ومع الشركا بتوعها قبل فرحنا بكتير ، فعشان كده مقدرتش ألغي الإجتماع ، وقلت أستغل السفرية في إننا نعمل شهر عسل صغير لحد ما أخلص كل إرتباطاتي ، بس أوعدك هعوضك وقريب خالص..
ثم تابع بحنان :
= ها قمري لسه زعلان مني !!
ابتسمت حبيبة بإرتعاش ودموعها تسيل ، وقالت بصوت حاولت أن تخرجه بشكل طبيعي :
= لاء مش زعلانة .. بس متتأخرش عليا.
عمر بإبتسامة حانية :
= تلات ساعات بالكتير أوي وهكون عندك سلام يا حبيبي.
همست حبيبة وهي تغلق الهاتف :
= مع السلامة يا حبيبي..
ثم إنهارت أرضاً وهي تغرق في عاصفة من البكاء وهي تشعر أنها تودعه إلى الأبد فتصرخ بوجع شديد :
= مش قادرة أقوله على حاجة .. مش قادرة .. أنا حاسة إني بموت ساعدني يارب..
ثم تابعت بوجع وهي تحاول النهوض بعزيمة :
= بس لازم أقوله .. لو سكت ممكن ينجحوا في أذيته ، وساعتها يبقى الموت أهون عندي..
ثم مسحت عينيها بتعب وهي تخرج من غرفتها وتقرر إنتظار عمر في غرفة مكتبه بالقصر.
قبل قليل ..
نظرت عصمت إلى هاتفها الذي أرتفع رنينه بتأفف وغضب :
= وده بيتصل تاني ليه مش كنا خلصنا منه !
عصمت بحدة :
= أيوة يا شريف بتتصل بيا ليه ، مش كنا إتفقنا إنك تنسانا وتنسى كل اللي جمعنا بيك وخدت قصاد ده الفلوس اللي إنت عايزها..
شريف بغضب :
= سيبك من الكلام الفارغ ده وإسمعيني كويس في مصيبة هاتقع على راسنا كلنا لو ملحقناش نتصرف.
عصمت بترقب وخوف حاولت ألا تظهره له :
= مصيبة إيه اللي بتتكلم عنها..
شريف بتوتر وخوف :
= حبيبة هتقول لعمر على كل حاجة ، إتفاقنا ومحاولتنا قتله و دور مي و دوري في الحادثة اللي حصلتله .
شهقت عصمت وصرخت برعب :
= إنت مش قولتلي إنك مسيطر عليها وإنها متقدرش تعمل حاجه إلا بإذنك ، ولا كنت بتضحك عليا علشان تاخد مني الفلوس دي كلها..
شريف بغضب :
= إنسي الفلوس اللي دفعتهالي وركزي معايا ، وإلا هتلاقي نفسك مرمية برة القصر إنتي وبنتك ، ولا مرميين في السجن بتهمة الشروع في القتل..
ليتابع بتحذير :
= دا غير اللي هيعمله عمر فينا ..
عصمت بتوتر :
=طيب وأنا همنعها إزاي بس !
شريف بغضب :
= معرفش إتصرفي .. موتيها أحبسيها ، أي حاجة المهم تمنعيها إنها تتكلم.
ثم تابع وهو يغلق الهاتف :
= أنا هستنى تليفون منك يطمني … سلام.
أغلقت عصمت الهاتف وهي تفكر بطريقة تمنع بها حبيبة من الإعتراف لعمر بحقيقة ما حدث له..
ثم إبتسمت وهي تقول بقسوة :
= أيوة هي دي الطريقة الوحيدة وبيها هبقى ضربت عصفورين بحجر واحد ، إتخلصت من حبيبة وأمنت حياة بنتي ، ومفيش حد يقدر يهددني إنه هياخدها مني بعد كده..
ثم رفعت الهاتف وأتصلت برقم عم مي ، الذي أتاها صوته مرحباً :
= أهلاً وسهلاً بست الكل إيه المكالمة العزيزة دي..
عصمت بحدة :
= إسمعني يا حاج دسوقي مفيش وقت .. عندي عرض ليك .. مليون جنيه زائد العشر فدادين ورث مي من جدها
كل دول بس تساعدني في اللي عيزاه منك.
ابتسم دسوقي بجشع :
= انا خدامك ومن غير أي حاجة دا انتي خيرك مغرقني.
عصمت بتوتر :
= بس اللي هطلبه منك صعب .. ممكن يوصل للقتل..
دسوقي بإبتسامة جشعة :
= محدش بيعيش أكتر من عمره وإحنا أسباب بس يا ست هانم .. المهم الفلوس وهتسجليلي الأرض إمتى !
ابتسمت عصمت وقالت بتحذير :
=طيب اسمعني واللي هقوله ده محدش يعرف بيه وخصوصاً اخوك الحاج رفعت.
دسوقي بإنزعاج :
= ليه وانتي شيفاني مجنون علشان أقوله حاجه زي كده .. دا كان يسلمنا للبوليس بإديه..
ثم تابع بجدية :
= المهم يا ست الكل خلينا في موضوعنا فهميني كده بالراحة
أوامرك إيه وأنا هخلص علطول..
عصمت بقسوة :
=اسمعني كويس وأحفظ اللي هقولهولك و نفذه .. مش عايزة أي غلطة .
ثم بدأت بقسوة في إملائه خطتها المخيفة ..
بعد قليل..
أغلقت حبيبة باب غرفتها بتوتر وهي في طريقها لغرفة مكتب عمر لتجد عصمت هانم تقف أمامها..
عصمت بحقد :
= مبروك يا عروسة .. لبسه كده ورايحة على فين !
حبيبة بتوتر :
= نازلة أستنى عمر تحت علشان مسافرين الساحل.
ابتسمت عصمت برقة مزيفة :
= خسارة إننا مش هنسافر معاكم الماية والرملة مفيدة أوي للروماتيزم اللي عندي..
لتتابع برجاء :
= بس ممكن أطلب منك طلب تجيبهولي وإنتي راجعة من هناك ، ولا ده يدايقك !
حبيبة وهي تدرك أنها في كل الأحوال لن تسافر مع عمر ، خصوصاً بعد معرفته الحقيقة منها ، إلا أنها أجابت بتعب :
= لا أبداً هيدايقني ليه شوفي حضرتك عايزه إيه وإن شاء الله هجيبهولك وأنا راجعة.
ابتسمت عصمت بإرتياح :
= طيب تعالي معايا أوضتي هديكي إزازاة أملاح بحر تجبيلي زيها من هناك أصل مش لاقياها هنا خالص .
نظرت حبيبة في ساعة يدها بتوتر لتدرك أن الوقت مازال مبكراً على عودة عمر فأمامه أكثر من ساعتين ونصف حتى يحين موعد رجوعه.
فابتسمت بتوتر وتعب وهي تتبعها بإستسلام إلى غرفتها..
دخلت عصمت إلى الغرفة وهي تشير بالدخول لحبيبة التي تقف بتردد على باب الغرفة وتقول بابتسامة خبيثة :
=ادخلي يا حبيبة انتي خلاص بقيتي صاحبة بيت وكلنا ضيوف عندك.
دخلت حبيبة إلى الغرفة وهي تهمس بتعب :
= متقوليش كده يا عصمت هانم دا بيتك قبل مايكون بيتي وأنا اللي ضيفة عندك.
اغلقت عصمت باب الغرفة وهي تقول بمرح زائف :
= خلاص ياستي يبقى احنا الإتنين ضيوف عند بعض ..
ثم تابعت بابتسامة زائفة :
= اقعدي يا حبيبة واقفة ليه.. ثواني و هجيبلك الإزازة من الحمام.
جلست حبيبة على مقعد وثير في مقابل الفراش وعقلها تقريباً غائب عنها وعن ما يحدث بداخل الغرفة ، فلم ترى عصمت وهي تغطي فمها وأنفها بمنديل وتخرج جهاز صاعق كهربي صغير يستعمل في الدفاع عن النفس ، ثم قامت بإطلاق دفعة منه نحو جسد حبيبة الذي أنتفض بعنف وقوة وتسبب في شلل مؤقت في حركتها ..
صرخت عصمت بغضب وهي تراقب بتوتر حبيبة الغائبة عن الوعي :
= مي إنتي يا زفتة هاتي حقنة المخدر بسرعة قبل ما تفوق.
خرجت مي سريعاً من الحمام الملحق بالغرفة والذي كانت مختبئه به وهي تحمل حقنة مملوئة بسائل مخدر وقالت بتوتر :
= الحقنة أهي يا ماما هنعمل إيه دلوقتي!!
كشفت عصمت ذراع حبيبة وهي تقول بحدة :
= إمسكي دراعها كويس وهاتي الحقنة دي انا اللي هديهالها..
ثم حقنتها بسرعة ودقة بداخل الوريد..
تنهدت وهي تقول براحة :
= كده كويس مش هتفوق إلا بعد ساعتين تلاتة أوأكتر المهم نجهزها بسرعة.
مي بدهشة :
= نجهزها إزاي يعني .. مش فاهمة ؟
إتجهت عصمت إلى خزانة ثيابها وأخرجت منه فستان أحمر ضيق ذو حمالة واحدة وقصة صدر منخفضة طوله يصل إلى ما فوق الركبة.
ثم قالت وهي تنظر لساعة يدها بتوتر :
= بطلي أسئلة وساعديني أقلعها الحجاب والفستان اللي لبساه .. مفيش وقت يلا بسرعة.
اسرعت مي بإطاعة أمر والدتها التي قامت بنزع ملابس حبيبة عنها وجعلتها ترتدي الثوب الأحمر المثير ، بعد أن تخلصت من حجابها و إطلاق شعرها بدون قيود ووضع مكياج سهرة كامل لها..
ثم نظرت بتوتر إلى حبيبة الغائبة عن الوعي ونظرت لساعة يدها بغضب :
= وده إتأخر هو كمان كده ليه !!
ليرتفع فجأة رنين هاتفها
عصمت بغضب :
= إتأخرت كده ليه عمر زمانه على وصول ، ولو جه ولقى الحرباية دي لسه هنا هنروح كلنا في داهية ..
دسوقي بجدية :
=متقلقيش يا ست الكل أنا واقف بعيد عن القصر بتاعكم بتلات شوارع زي ما إتفقنا ..
عصمت بتوتر :
= طيب خلاص كلها عشر دقايق وهكون عندك..
ثم أغلقت الهاتف وقالت لمي بتوتر :
= وقفتي العربية تحت سلم البلكونة زي ما إتفقنا !!
مي وهي تنظر لحبيبة فاقدة الوعي بخوف :
= أيوه يا ماما هو إنتوا هتعملوا فيها إيه !
عصمت بغضب :
= وده وقت أسئلتك الغبية دي .. ساعديني يلا نحطها في العربية قبل عمر ما يجي ، وإلا حد يحس باللي بنعمله..
ثم رفعت حبيببة بمساعدة مي بصعوبة شديدة ، ولفت يدها حولها تدعمها من خصرها ، حتى لا تسقط ثم توجهت بها إلى الأسفل عن طريق الدرج المتصل بشرفة الغرفة والذي يصلها بحديقة القصر الخلفية ..
وقامت بوضعها بصعوبة في داخل صندوق السيارة الخلفي ثم أغلقته عليها وهي تقول لمي بتوتر وإجهاد شديد :
= خليكي إنتي هنا علشان لو عمر وصل ولو سئل عليا قوليله رحت لدكتور الأسنان.
ثم قادت سيارتها سريعاً لإكمال خطتها الشيطانية..
بعد مرور ساعتين…
وصل عمر إلى القصر برفقة جيلان ، وقال بهدوء للخادمة التي أستقبلتهم :
= حبيبة هانم فين ..
الخادمة بإحترام :
= حبيبة هانم لسه منزلتش من أوضتها.
إتجه عمر فوراً للأعلى وهو يقول بلهفة لم يستطع أن يتحكم بها :
= انا هاطلع أشوف حبيبة وهجيبها وإنتي استعدي علشان هنسافر..
جيلان بتعجب وغضب وهي تتابع صعوده السريع إلى الأعلى :
= البت دي ساحراله ولا إيه عمري ماشفته ملهوف على حد بالشكل ده ولا حتى عليا..
ثم تابعت بغضب :
= ماشي ياست حبيبة لما نشوف أخرتها وياكي إيه !!
في نفس التوقيت..
فتح عمر باب الجناح الخاص به هو وحبيبة ، ليجد الغرفة خالية وحقائب السفر الخاصة بهم مجهزه وموضوعه بجانب الفراش.
عمر بمرح وهو يدخل إلى غرفة الملابس :
= بيبة انتي فين .. يلا يا حبيبي يدوب نسافر قبل زحمة الطريق..
ليتفاجأ بخلو المكان منها وذلك بعدما بحث عنها في غرف الجناح بالكامل ، ليتناول هاتفه ويحاول الإتصال بها إلا انه تفاجأ بغلق هاتفها.
عقد عمر حاجبيه بحنق :
= مش فاهم قافلة تليفونها ليه .. أكيد فصل شحن ومخدتش بالها.
ثم ابتسم بتفهم :
= تلاقيها قاعدة مع جدتي تحت بتفطر معاها.
ثم توجه فوراً إلى الأسفل إلى جناح جدته التي نفت رؤيتها لها.
عمر بقلق :
= مش موجودة في أوضتها ولا هنا ، يعني هتكون راحت فين !!
الجدة بمرح :
= اهدى يا عريس مش كده القصر كبير وممكن تكون موجودة في أي مكان فيه.
ثم تابعت بمرح :
= تلاقيها قاعدة في الجنينة بتستناك هي بتحب تقعد وسط الشجر والزرع.
توجه عمر فوراً إلى الحديقة يبحث عنها ، إلا أنه لم يجدها بها أيضاً..
فقال بغضب وقد تصاعد شعور قوي بالقلق بداخله :
=ماشي يا حبيبة بس لما أشوفك بتستخبي مني زي العيال.
ثم اتجه إلى الداخل مرة أخرى وأمر الخدم بالبحث عنها في غرف القصر ..
في حين اتصل هو بالأمن الموجود على بوابة القصر وقال بتوتر :
= حبيبة هانم خرجت من القصر النهاردة !!
الحارس الأمني :
= لا يا فندم .. مفيش حد خرج من القصر النهاردة غير حضرتك وجيلان وعصمت هانم.
أغلق عمر معه بعد أن سيطر القلق عليه ، والذي تحول إلى غضب عارم عندما اخبرته الخادمات بفشلهم في العثور عليها.
عمر بغضب شديد :
= يعني إيه الكلام الفارغ ده أطلعوا دورو عليها كويس.
ثم أتصل بغضب برئيس فريقه الأمني :
= ممكن اعرف إنت واقف إنت و التيران اللي زي قِلتهم برة بتعملوا إيه !!
رئيس الفريق الأمني بإرتباك :
= في إيه يا فندم .. إيه اللي حصل بس !!
صرخ به عمر وهو يفتح أحد أبواب الغرف يبحث عن حبيبة بجنون :
= فيه إن مراتي إختفت من قلب بيتي ومش عارف حصلها إيه .. والأمن اللي المفروض بيحموا أهل بيتي هما أخر من يعلم.
ثم تابع بغضب مجنون :
= إقلبلي القصر فوقه تحتيه و إدعي إني ألاقيها وتكون بخير وإلا وربي لهمحيك إنت والبهايم اللي واقفين برة من على وش الدنيا..
ثم اغلق الهاتف وتابع البحث بغضب شديد وقلبه ينبئه بوقوع مكروه لها..
في نفس التوقيت…
حاولت حبيبة فتح عينيها بتعب ، إلا أنها اغلقتهم مرة أخرى وهي تشعر بالدوار الشديد يكتنف رأسها ، وعقلها يلفه الضباب ، في حين ترتفع أصوات مبهمة بجانب رأسها..
لتفتح عينيها فجأة بفزع بعد إغراق وجهها ورأسها بالماء..
شهقت حبيبة وهي تتأمل المكان حولها بخوف وفزع :
= أنا .. أنا فين .. وأنتم مين وعايزين مني إيه !!
لكزها دسوقي بعصاه في كتفها العاري بقسوة:
= إخرسي يا فاجرة ومتنطقيش إلا أما نديكي إذن بالكلام ..
توقفت حبيبة عن الكلام وهي تتأمل الغرفة من حولها برعب شديد ، لتجدها غرفة فارغة من الطوب الأحمر وسقفها مغطى بعروق الخشب الأسود ، و لا تحتوي إلا على مجموعة من الأفران المبنية بالطين و مكدس على جوانب أرضها أكوام من الحطب والقش.
ثم رفعت عينيها برعب لتجد رجلان يتصفان بالغلظة أحدهم رجل في أواخر الخمسينات من عمره ، يرتدي جلباب بلدي من الصوف و بجانبه شاب في بداية الثلاثينات من العمر ، أكثر غلظة منه ، ويرتدي بنطال وقميص ، وبجانبهم إمرأة تلبس جلباب أسود واسع تنظر إليها بقسوة.
حبيبة بخوف :
= إنتم مين وعايزين مني إيه ؟؟
لتخرسها صفعة قوية على وجهها من الشاب الأصغر سِناً ، أسالت الدماء من أنفها ، ثم قام بلف شعرها بقسوة شديدة على يده و رفع وجهها إليه وهو يقول بغلظة شديدة :
= مش قالك إخرسي ..الكلمة اللي نقولها تتسمع ، وإلا هدفنك مطرحك .. و ملكيش دية عندينا.
لتقول السيده بتهكم وقسوة :
= أدبها يا عطوة وإكسرلها ضلع يطلع لها أربعة وعشرين ، دي تربية فاسدة ولازم تتربى من جديد..
ليتعالى صوت قوي فجأة لرجل في الستينات من عمره ، يرتدي هو الآخر جلباب صوفي واسع :
=إيه اللي موقفك هنا يا أم عطوة أنا مش قلت مفيش حريم يقربوا منيها ، إلا بإذني ولا كلامي مبيتسمعش ! !
أم عطوة بإرتباك :
= أني كنت جاية اشوفكم يمكن محتاجين حاجة كده ولا كده
يا حاج رفعت..
تجاهلها الحاج رفعت ووقف ينظر لملابس حبيبة شبه العارية بغضب :
= إيه اللي إنتي لابساه ده يا بنت أخويا .. لابسه زي الغوازي هو ده اللي علمتهولك أمك عصمت هانم بنت الزوات !!
سالت دموع حبيبة وقالت بخوف وتقطع وهي لا تستطيع ترتيب كلماتها من شدة الرعب :
= عصمت مش .. مش أمي .. إنتوا غلطانين ، أنا مش بنت أخوك و معرفكمش ، وعمي الوحيد ميت من زمان .. إنتوا أكيد ..أكيد تقصدو مي بنت عصمت هانم مش أنا.
أشار دسوقي بطرف عينه لابنه عطوة حتى يمنعها من الحديث وكشف خديعتهم أمام أخيه الكبير..
فاندفع عطوة ناحيتها كالثور الهائج بعد أن خلع حزام بنطاله ، ونزل به على جسدها يجلدها به بعنف شديد وهو يصرخ بغضب حتى يصمتها :
= إنتي بتفولي علينا بالموت يا فاجرة ، جبتي راسنا في الوحل ، وكمان بتنكري أصلك .. والله لأموتك وأخلص من عارك اللي أهل البلد بيعيرونا بيه لحد دلوقتي.
صرخت حبيبة برعب وألم و هي تخفي وجهها بين ذراعيها تحميه من ضربات الحزام التي تنزل عليها كلسعات من النار تكوي ظهرها وساقيها وتنزف الدماء من الجروح التي تخلفها ضربات الحزام..
ضرب الحاج رفعت عصاه في الأرض بقوة وهو يقول بغضب :
= كفاية يا عطوة هتموتها في إيدك ، حوش إبنك يا دسوقي ، وإلا يمين تلاتة أخدها عندي ومش هيبقالكم دخل بيها بعد كده.
سحب دسوقي ابنه بعيداً عنها وهو يقول بغضب مفتعل :
= خلاص يا عطوة كفاية كده متصغرناش مع عمك.
الحاج رفعت بقسوة :
= الغلط مش عليها الغلط على أمها اللي سيباها دايرة على حل شعرها ، ومنعتنا إننا نقرب منها ولا نعرفها لحد ما كبرت وبقت متفرقش عن الغوازي.
صرخت حبيبة به وهي تقاطعه ببكاء شديد :
=انا مش مي انا اسمي حبيبة .. اسمي حبيبة حتى ممكن تتصلوا بعصمت هانم أو بجوز…..
لتقاطعها صفعة قوية أخرى على وجهها ودسوقي يقول بقسوة :
=مش قلت إخرسي إيه فكرانا هنترجاكي وعموماً أمك هنا وهي اللي جابتك لينا بنفسها..
ثم تابع بقسوة:
= إدخلي يا عصمت هانم شوفي بنتك وهي بتتبرا من أصلها.
دخلت عصمت إلى الغرفة وهي تتأمل بشماتة حبيبة التي تغطي جسدها الدماء والجروح ، فشهقت ووضعت
يدها على قلبها تمثل أنها قد صُدمت :
=انتوا عملتوا فيها إيه حرام عليكم!!
صرخت حبيبة تستنجد بها وهي تبكي :
= عصمت هانم .. إلحقيني ابوس إيدك قوليلهم إن انا مش بنتك و إن انا اسمي الحقيقي حبيبة مش مي..
أخفت عصمت وجهها وهي تمثل البكاء والإنهيار
= كفاية تمثيل يا مي محدش هيصدقك .. أنا تعبت منك وخلاص أعمامك هما اللي بقوا مسئولين عنك بعد ما خلاص إتأكدت إني فشلت معاكي..
ثم تابعت وهي تلقي قنبلتها الأخيرة بخبث :
= أخرتها أجيبك من حضن واحد ومن شقته والله أعلم انتم كنتم بتعملوا إيه مع بعض !!
نظرت حبيبة لها بذهول ودموعها تتساقط برعب :
انتي .. انتي بتقولي ايه .. انتي كدابة ، شقة إيه اللي جبتيني منها .. انا مش فاهمة انتي بتعملي كده ليه..
ثم صرخت وهي تبكي بإنهيار :
= انا مش بنتك حرام عليكي انتي عيزاهم يعملوا إيه فيا أكتر من كده .. حرام عليكي!!
ولكن ما أخرسها هذه المرة كان الحاج رفعت الذي نادى بصوت مرتفع وغاضب :
= أم عطوة ..
هرولت أم عطوة إلى الغرفة وهي تنظر إلى عصمت بشماته ، في حين بادلتها عصمت النظرات بسخرية مستترة..
أم عطوة بطاعة :
= أمرك يا حاج ..
الحاج رفعت بصرامة :
= تجيبلي بسرعة دايتين يكشفوا عليها ويشفوها لساها بنت بنوت ولا خاطية وجابت لينا العار..
هرولت أم عطوة للخارج تطيع الأمر ، في حين أشار لعطوة بعصاه :
= وإنت تحفر لها قبر في الأرض الشرقية لو طلعت خاطية يبقى الشمس متشرقش عليها ..
عطوة وهو ينظر لحبيبة بشهوة وأسف :
= أمرك يا عمي.
حبيبة بذهول ورعب ودموعها تختلط بالدماء التي تغرق وجهها :
= انتم مجانين انا مش مي .. مش مي ومتجوزة .. متجوزة من عم..
لطمها عطوة في وجهها بقسوة شديدة ، جعلتها تترنح بشدة تكاد تغيب عن الوعي وهو يقول بقسوة :
=متجوزة إيه يا فاجرة انتي هتعمليهم علينا!!
ثم ابتعد بعد دخول سيدتين برفقة والدته التي قالت بشماتة وهي تتأمل عصمت التي تمثل الإنكسار :
= الدايتين وصلوا يا حاج.
أشار الحاج رفعت لعصمت وأخوه وابن شقيقه أن يتبعوه للخارج.
ليمر بعض الوقت وعصمت تقف بالخارج تنتظر بإنتصار وهي متأكدة من نتيجة الكشف الذي تقوم به الدايتين ، فحبيبة متزوجة من عمر وبالأمس كانت ليلة دخلتهم ..
مال دسوقي على أذن عصمت يقول بإنتصار :
= نقول مبروك علينا الأرض والمليون جنيه يا هانم..
همست عصمت بشماتة وقسوة :
= لما اشوفها بعنيه مدفونة في القبر ومقفول عليها ، ساعتها يبقى حلال عليك الأرض والفلوس..
ثم صمتت وهي تبتسم بشماته مع إرتفاع صوت أم عطوة التي قالت بتجهم :
= اتفضل تعالى يا حاج إحنا خلاص خلصنا.
دخل الجميع إلى الغرفة وهم يتجاهلون حبيبة التي تبكي برعب وإنكسار وألم بعد كل ما فعلوه بها..
ليشير الحاج رفعت لحبيبة :
=ها لقيتوا إيه يا أم عطوة ؟
أم عطوة بتجهم :
= البت صاغ سليم بـ*ختمها يا حاج لساها بت بنوت ومحدش مسها .
عصمت بصدمة :
= إيه؟؟
الداية بجدية :
= اللي سمعتوه البنية شريفة وعفيفة ولساها بت بنوت ودي شهادة حق لينا قدام ربنا.
تنهد الحاج رفعت وقال براحة :
= إكده انا ارتحت ..
ثم اشار لعطوة بأمر :
= جهز نفسك كتب كتابك على بت عمك النهاردة العشا..
ثم تابع بأمر :
= وإنت يا دسوقي إدبح العجول ومد الموائد وإملا البلد كهارب ، انا عاوز فرح الكل يتحاكى عنه.
ثم صرخ بهم بغضب :
= يلا اتلحلحوا واقفين تبصولي كده ليا !!
شحب وجه عصمت وهي تنظر لحبيبة بصدمة بعد فشل خطتها للتخلص منها ، وتأمين ابنتها مي بإيهام عمها الحاج رفعت بقتله ابنتها ، والتخلص من إلحاحه وبحثه الدائم على ابنتها ورغبته بضمها إليه.
في حين صرخت حبيبة برعب :
= انتوا بتقولوا إيه انا متجوزة ، قوليلهم إن انا متجوزة يا عصمت هانم حرام عليكي..
ثم إنهارت في شبه غيبوبة وهي تقول بهذيان :
= اللي انتوا عايزين تعملوه ده حرام .. حرام وربنا هيحاسبكم عليه ..
ثم سالت دموعها وهي تقول بيأس وتغيب عن الوعي :
=إنت فين يا عمر إلحقني .. إلحقني من إيديهم قبل ما أضيع...
♕ يتبع ♕
♡ الفصل العاشر ♡ 🦋
#سيد_االقمر_الأسود 🖤
🖇 •زينب مصطفى •