رواية سيد القمر الاسود الفصل الخامس عشر 15 بقلم زينب مصطفى
في نفس التوقيت..
خرج عمر من غرفته بعد إنتهائه من الإستحمام وإرتداء ملابسه ثم توجه إلى الخارج في طريقه لتناول طعام الغداء..
ليجد جيلان تجلس إلى طاولة الطعام في كامل أناقتها..
عمر بهدوء وعينيه تبحث عن حبيبة :
=هي حبيبة فين مش هتتغدى ولا إيه !
إبتسمت جيلان برقة وهي تقول بدهشة مصطنعة :
=معرفش هي مش معاك..
عقد عمر حاجبيه بحيرة :
=لا مش معايا..
ثم ابتسم بمرح :
=هروح أصالحها تلاقيها زعلانة ومش عايزه تاكل ..
ثم تابع بهدوء وهو يتجه إلى بركة السباحة :
= خليهم يجهزوا الغدا وانا هاروح أجيبها..
ثم نظر إلى المكان المفضل لها والذي كانت تقضي معظم وقتها به فوجده خالي منها.
فعقد حاجبيه وهو يقول بحيرة :
= هي راحت فين!
ثم تابع بحيرة :
= تكون دخلت نامت في اوضة تانية غير أوضتنا.
فإلتفت للبحث عنها إلا أنه لمح بطرف عينيه وجود شئ يطفوا داخل بركة السباحة.
فضيق عينيه وهو يتجه إليه بتساؤل ليشهق فجأة هو يقول بفزع :
=حبيبة..
فلم يشعر بنفسه إلا وهو يقفز برعب بداخل بركة السباحة يرفعها بين ذراعيها ، يخرج بها من الماء ويضعها أرضاً .. وقد هاله رؤية وجهها الذي تحول إلى الأبيض المشوب بالزرقة وقد توقفت عن التنفس.
عمر برعب لم يشعر به من قبل وهو يتحسس نبضها الذي توقف عن العمل :
=لاااا .. اللي بيحصل ده مش حقيقي.. مش حقيقي ..فوقي يا حبيبتي متسيبنيش انا .. انا آسف.
ثم أغلق أنفها بسرعة وبدأ في النفخ في داخل فمها وهو يضغط على صدرها بقوة بغاية إنعاش قلبها مرة أخرى وإعادته للعمل ..
وهو يقول بخوف حقيقي وقد بدأت دموعه بالنزول بالرغم عنه :
=فوقي يا حبيبتي .. فوقي .. انا آسف .. متسيبنيش انا كنت غبي بس مش ده العقاب اللي أستحقه أعملي فيا أي حاجة إلا كده.
ثم أعاد عملية الإنعاش القلبي التي يجريها مرة تلو الأخرى .. في حين وقفت جيلان تتابعه بشماتة وقسوة ثم إبتسمت وهي تقترب منه تمثل الفزع :
=في إيه يا عمر حبيبة هي مالها..
عمر بلهفة وهو يعيد عمل الإنعاش القلبي لحبيبة بدون توقف ودون أي إستجابة منها :
= إتصلي بنادر خليه يجيب الطيارة ويجي بسرعة عرفيه إن حبيبة محتاجة تتنقل المستشفى..
ثم صرخ بها بغضب عندما وجدها لا تتحرك :
=قلت بسرعة إيه مبتفهميش.
إتفضت جيلان وأسرعت إلى هاتفها تنفذ أوامره ، ثم إقتربت منه بعد أن أنتهت من محادثة نادر و حاولت منعه من إستكمال الإنعاش القلبي الذي يجريه لحبيبة وهي تدعي البكاء :
=خلاص يا عمر .. سيبها كفاية كده مفيش إستجابة .. إدعيلها بالرحمة.
نفض عمر يدها بقسوة شديدة ألقتها أرضاً :
= إبعدي عني .. حبيبة هتعيش .. هتعيش إنتي فاهمة..
ثم تابع إجراء التنفس الإصطناعي لها وهو يقول برجاء ودموعه تتساقط دون أن يشعر :
=هتعيشي ياحبيبة وهترجعيلي .. هترجعيلي وهعوضك يا حبيبتي عن كل اللي عملته فيكي .
ثم تابع بيأس :
=ماهو يا تعيشي يا إما انا أموت وأجي معاكي مفيش حل تاني..
ثم رفعها واحتضنها وهو يبكي بيأس شديد
= أرجعيلي يا حبيبتي ..أرجعيلي انا آسف .. آسف على كل حاجة.
ليتفاجأ بها تشهق فجأة ..ثم تتقيأ المياة من فمها بكثرة .
فصرخ بأمل وهو يميل جسدها جانباً يساعدها على إخراج المياة من فمها ، ويربت على ظهرها وقد بدأ في إستعادة القليل من رشده بعد تجدد الأمل في نجاتها :
= إتنفسي يا حبيبتي .. إتنفسي متخافيش انا معاكي خدي نفسك.. أيوه كده..
ثم رفعها بين ذراعيه بلهفة وهو يستمع إلى صوت الطائرة الهوليكوبتر الخاصة به تقترب من اليخت الذي ولحسن الحظ كان يرسو في مكان ليس ببعيد عن الشاطئ ، وهو يلاحظ رجوع بعض اللون إلى وجهها على الرغم من تنفسها البطيء وبرودة جسدها الذي أصبح كالثلج وهي ترتعش بشدة بين ذراعيه وتصطق أسنانها بصوت مسموع.
فضمها إليه بشدة وهو يصرخ بجيلان والخدم الذين تجمعوا حوله :
= حد يجبلي بسرعة أي حاجة أدفيها بيها .. إتحركوا..
فإنطلقت إحدى الخادمات وأحضرت بطانية صغيرة .. أخذها عمر منها بلهفة ثم لف حبيبة بها جيداً وهو يسرع في إتجاه الطائرة التي رست على ظهر اليخت ثم ساعده نادر على الصعود وهو يقول بقلق :
= إيه اللي جرى يا عمر .. حبيبة هانم مالها!
ضم عمر حبيبة بخوف إليه يلاحظ تنفسها الثقيل وهو يدلك يدها بلهفة يحاول إيصال بعض الدفئ أليها..
فقال بألم وشعوره بالذنب يقتله :
=غرقت .. في حمام السباحة .
نظر له نادر بدهشة .. إلا إنه لم يعقب وهو يلاحظ شدة إنهيار عمر ، فهو لم يشاهده أبداً في هذه الحالة ، فهو كان دائماً كالجبال شامخ لا يتأثر مهما حدث له.
فمرت دقائق قليلة.. وأصبحوا بداخل المشفى الذي كان على إستعداد كامل لإستقبالها بعد أن أخبروا بحالتها قبل أن تصل إليهم.
بعد مرور ساعة..
وقف عمر خارج غرفة العناية المركزة التي ترقد بها حبيبة يتابع بخوف من خلف الزجاج زوجته الغائبة عن الوعي والموصولة بعدة أجهزة ومحاليل تساعدها على البقاء على قيد الحياة .
فقابل الطبيب المعالج لها بعد خروجه من غرفتها وقال بلهفة :
=حبيبة عاملة إيه دلوقتي .. بقت كويسه مش كده !
ربت الطبيب على يده بتطمين ثم قال بتعاطف :
=الحمد لله حبيبة هانم حالتها مستقرة جداً إحنا بس دخلناها العناية علشان نسرع من عملية الشفا ونتابع كل علامتها الحيوية في نفس الوقت.
أغلق عمر عينيه براحة ثم قال بلهفة :
=انا عايز أدخلها .. عايز أشوفها وأطمن عليها بنفسي.
الطبيب بإحترام :
=مش هينفع يا فندم .. ممنوع حد يدخل العناية و..
إلا أن عمر قاطعه برجاء :
= انا مش هعمل صوت ولا هضايقها ولا حتى هتنفس .. انا هقف من بعيد أطمن عليها.
حاول الطبيب الرفض مرة أخرى ، إلا أن نادر الذي كان يقف بالقرب منهم يتابع حديث عمر ورجائه بدهشة ، فهو يعلم إنه ولو كان في حالته الطبيعية لأقام الدنيا وجعلهم يركضون من حوله ينفذون ما يريده بالأمر لا بالرجاء ، ليدرك أن صديقه في أشد حالته سوءاً وضعفاً..
تدخل بصرامة أخافت الطبيب :
= الباشا عايز يشوف مراته ويطمن عليها.. يدخل على طول ولا فيه حاجة المفروض يعملها قبل ما يدخل !
الطبيب بإرتباك :
= ياريت .. ياريت يتعقم الأول قبل ما يدخل.
عمر بلهفة وهو ما يزال يراقب حبيبة من خلف الزجاج
=فين .. أتعقم ..فين !!
اشار الطبيب لغرفة جانبية :
= هنا يا فندم .. الأوضة دي ..إتفضل.
ربت نادر على كتف عمر بتعاطف وهو يقول بإحترام :
=من هنا يا باشا .
تبع عمر الطبيب بلهفة ينفذ أوامره الخاصة بالتعقيم بدقة وعقله و قلبه وسائر مشاعره تقوده في إتجاة واحد ، هو الإطمئنان عليها وعلى عودتها إليه سالمة .
بعد إنتهائه دخل عمر إلى الغرفة بلهفة يشاهد بندم وجهها الشاحب والأسلاك الموصولة بسائر جسدها والتي تمدها بالحياة وتحافظ على إستقرار حالتها.
فإقترب منها بألم والندم و شعور طاغي بالذنب يقتله وهو يسترجع كل ماحدث .. زوجته حبيبته طفلته عشقه تموت وهو السبب ..كان سيفقدها بمنتهى البساطة ويفقد حياته بفقدها بسبب عقاب غبي فرضه عليها.
فركع بألم على ركبتيه بجوار فراشها وهو يتمسك برفق بيدها الموصول بها الخراطيم التي تمدها بالمحاليل المخلوطة بالدواء.
وهو يحني رأسه يقبلها بعشق وندم ودموع الخوف من فقدها تغرق يدها وهو يهمس بإسمها مِراراً ، ومرارة الخوف من فقدها تتغلب عليه.
في حين وقف نادر في الخارج يتابعه بتعاطف وهو يعلم أن صديقه بعد أن يعود لطبيعته لن يرغب في أن يراه أحد وهو في قمة ضعفه ، فأغلق الستائر الخشبية على زجاج الغرفة من الخارج حتى لا يشاهد أحد ما يجري في داخل الغرفة ..
ثم قال للطبيب والممرضة المرافقة له بصرامة وهو يقف على باب الغرفة يعقد ساعديه بقوة وتحذير :
= محدش هيرفع الستاير ولا هيدخل الأوضة إلا لما الباشا يخلص و يخرج.
في اليوم التالي…
خرج الطبيب من غرفة حبيبة التي تم نقلها من غرفة العناية المركزة إلى غرفة أخرى بعد تحسن حالتها وإستعادة وعيها .
ثم إقترب من عمر الذي قابله بلهفة ، الطبيب بحرج :
= آسف يا عمر بيه بس هي لسه رافضة إن حضرتك تدخلها..
أغمض عمر عينيه بوجع إلا إنه قال بهدوء لا يشعر به :
=مفيش مشكلة أهم حاجة عندي صحتها وإنها تكون بتتحسن.
الطبيب بإحترام :
=الحمد لله هي إتحسنت جسدياً كتير وإن شاء الله كلها يومين تلاتة وتقدر تسيب المستشفى.
عمر بهدوء :
=الحمد لله متشكر أوي يا دكتور .
ثم وقف جانباً ينظر إلى غرفة حبيبة بشوق يريد الدخول إليها وإشباع روحه المشتاقة والخائفة عليها من رؤيتها ..
إلا إنه ولأول مرة حرص على تغليب رغبتها على رغباته .. حتى لو كانت رغباتها فيها تعذيب له ولقلبه العاشق لها ، إلا أنه وبعد ما حدث وقَرُب َ من فقدانه لها ، قرر أن رغباتها ومطالبها وراحتها الشخصية لها الأولوية عنده حتى لو تعارضت مع رغباته ومتطلباته.
إلتفت عمر إلى الخلف ليجد جدته برفقة نادر تتجه إليه بخوف وهي تقول بلهفة :
= كده برضه يا عمر متعرفنيش إن حبيبة في المستشفى إلا دلوقتي !!
ثم تابعت بلهفة :
=حصلها إيه وإزاي تنزلها البحر لوحدها وهي مبتعرفش تعوم .. وهي عاملة إيه دلوقتي فاقت ولا إيه .. رد عليا !!
إتجه عمر بسرعة إليها يسندها من ذراعها وهو يقول بأسف
= الحمد لله عدت مرحلة الخطر وبقت كويسة ..
الجدة براحة :
=الحمد لله .. طب تعالى .. تعالى وديني ليها عايزه أطمن عليها بنفسي.
تراجع عمر للخلف قليلاً ثم قال بتوتر :
= نادر هياخدك لأوضتها.
ثم وجه كلماته لنادر محاولاً التهرب من نظرات جدته المتشككة :
=خد جدتي ودخلها عند حبيبة.
الجدة بتجمد :
=وإنت متجيش معايا إنت ليه؟
ثم تابعت بصرامة :
= إنت عملت إيه ياعمر في حبيبة؟
عمر بتوتر :
=خلاص يا جدتي انا مش ناقص ولا قادر لتحقيقاتك دي دلوقتي.
أشارت الجدة لنادر وهي تشير بعصاها بصرامة :
= دخلني عند حبيبة يا نادر لما أشوف عمل فيها إيه ..
ثم تجاهلت عمر الذي جلس على مقعد بجانب الغرفة يمرر يده في شعر رأسه بتعب وتوجهت إلى غرفة حبيبة وأغلقت الباب في وجه نادر تمنعه من الدخول ..
ثم قالت بلهفة وهي تتجه إلى حبيبة التي تجلس في الفراش بتعب ووجه شاحب :
=حبيبة .. إزيك يا حبيبتي عاملة إيه دلوقتي .. انا والله محدش قالي غير دلوقتي وأول ماعرفت جيت على طول.
ثم إتجهت إليها تحتضنها بحنان ، إحتضنتها حبيبة هي الأخرى وبدأت بالبكاء بطريقة هيسترية وكأن حزنها وألمها فاض بها فلم تعد تتحمل.
والجدة تربت على ظهرها بحنان أمومي :
= إهدي يا حبيبتي إنتي لسه تعبانة في إيه بس متخافيش الدكتور طمن عمر وقاله إنك هتبقي كويسة.
إبتعدت حبيبة عنها وهي تمسح دموعها بعنف وتقول ببكاء هيستيري :
=محدش يجيبلي سيرته انا بكرهه .. بكرهه ومش عايزه أشوفه .. ولا أسمع اسمه تاني .. خليه يطلقني انا خلاص مش عايزاه .. بكرهه .. بكرهه.
إحتضنتها الجدة مرة أخرى مهدئة وهي تربت على ظهرها وقد أدركت أن حفيدها قد إرتكب جرم في حق زوجته :
= طيب إهدي يا حبيبتي وانا هعملك كل اللي انتي عيزاه.
ثم مسحت دموعها وهي تقول بحنان :
= لازم تعرفي إنه زي ما هو ابني .. انتي كمان بنتي وميرضنيش إنه يظلمك .. بس انا عيزاكي تحكيلي كل حاجة وأوعدك انا اللي هجيبلك حقك منه.
حبيبة بتعب :
= انا هحكيلك على كل حاجة انا خلاص مبقتش متحملة أخبي أكتر من كده..
ثم بدئت في قص كل حكايتها من البداية .. من تيتمها وفقدانها والديها إلى تورطها مع شريف في محاولة قتل عمر وصولاً إلى حادثها اليوم..
حبيبة ببكاء :
=انا عارفة إنك بعد اللي عرفتيه أكيد بتكرهيني زي عمر ما بقى يكرهني .. بس انا خلاص مبقتش قادرة أتحمل أكدب أكتر من كده.
مسحت الجدة دموع تأثرها بقصة حبيبة ثم ربتت على يدها بحنان :
= انتي معملتيش حاجة غلط علشان أكرهك يا حبيبة انتي كل ذنبك إنك وقعتي بين وحوش ميعرفوش ربنا إستغلوكي وإستغلوا طيبتك .. انتي غلطك الوحيد إنك خوفتي ومصرحتيش عمر أو صارحتيني قبل كل ده ما يحصل.
حبيبة بوجع :
= غصب عني انا وحيدة في الدنيا وعمر وشريف وصادق واللي زيهم كبار أوي عليا مقدرتش أتعامل معاهم ولا مع تفكيرهم.
الجدة بلوم :
=لا يا حبيبة متجمعيش عمر معاهم .. عمر على قد ما يبان. قاسي وشديد ، بس هو عمره ما كان أبداً ظالم.
حبيبة ببكاء شديد :
= لا عمر ظالم وميفرقش حاجة عنهم.
ثم تابعت بوجع :
= زي ما هما حاولوا يستغلوني هو إستغلني وزي ما هما ذلوني هو ذلني وزي ما هما حاولوا يقتلوني هو كمان حاول يقتلني.
ليرتفع صوت عمر يقول بصدمة:
= حبيبة .. إنتي بتقولي إيه !
حبيبة بكراهية وتحدي :
= اللي إنت سمعته إنت متفرقش حاجة بالنسبالي عن شريف وعصمت وصادق ، وزي مانا بكرههم بكرهك إنت كمان .. بكرهك لدرجة إني بتمنى عنيا تتعمى ومشفكش .. فاهم بكرهك ومش طيقاك .. طلقني لو عندك ذرة كرامة .. طلقني .. طلقني.
عمر بألم :
=كفاية يا حبيبة كفاية .. انا هعملك كل اللي إنتي عيزاه.. وإن كان راحتك في إنك تطلقي فانا أول ما تخرجي من هنا هسلمك ورقة طلاقك.
حبيبة بقسوة :
=ملكش دعوة بصحتي .. خايف عليا أوي !!
ثم تابعت بوجع :
= لو خايف عليا مكنتش تسيبني مرمية في حمام السباحة وتمشي وإنت عارف إني مبعرفش أعوم .. تلاقيك أصلاً كنت بتضحك عليا إنت وحبيبتك وإنتم بتتفرجوا عليا وانا بغرق وبموت.
عمر بصدمة :
= إنتي إزاي تفكيرك وصلك للي إنتي بتقوليه ده .. انا هقف أضحك وانا بتفرج عليكي وإنتي بتموتي .. للدرجادي انا وحش ومعنديش ضمير في عنيكي !؟
حبيبة بقسوة:
= أيوه إنت وحش و معندكش ضمير وبكرهك وهطلق منك وهمشي وأبعد عنك ومش عايزة أشوفك ولا أشوف وشك تاني .. طلقني بقى يا أخي .. طلقني وريحني .
عمر بوجع :
= حاضر يا حبيبة .. حاضر .. حبيبة إنتي…
إلا إن جدته تدخلت فجأة وقالت بسرعة :
= إستنى بس يا عمر طلاق إيه دلوقتي .. إنت نسيت صادق الزفت ده هيعمل فيها إيه لو عرف إنك طلقتها..
عمر بدهشة :
=وإنتي إيه اللي عرفك بموضوع صادق ؟
الجدة بهدوء :
=حبيبة حكتلي على كل حاجة وده مش موضوعنا دلوقتي ..
ثم نظرت لحبيبة وعمر بصرامة :
= مفيش طلاق إلا لما عمر يخلص من صادق الأول.
حبيبة بإعتراض :
= انا ميهمنيش صادق أو غيره هيعمل فيا إيه يعني أكتر من اللي هو عمله فيا..
عمر بغضب :
= خلاص يا حبيبة كفاية قولت إني هنفذلك كل اللي إنتي عايزاه.
الجدة بهدوء :
=حبيبة إنتي عارفة إني بحبك زي بنتي مش كده !
هزت حبيبة رأسها بالإيجاب..
ربتت الجدة على يدها وهي تتابع بحنان :
= يبقى تسمعي كلامي وتستني لما يخلص من صادق واللي معاه وأطمن إنك بقيتي في أمان..
ثم تابعت بسرعة قبل إعتراض حبيبة :
=وإنت ياعمر قدامك قد إيه لحد ما تخلص منه ؟
عمر بتجهم :
=انا ممكن أخلص منه بمنتهى السهولة .. المشكلة إنه معاه شركا تانيين عرفت منهم تلاتة ولسه اسمين أول ما أعرفهم هنهيهم بمنتهى السهولة.
الجدة بلطف :
=خلاص بقى يا حبيبة نصبر شهر ولا إتنين وبعدين انا بنفسي اللي هخليه يطلقك بس أبقى متطمنة عليكي.
حبيبة بغضب :
= بس ..
الجدة بحسم :
= مفيش بس .. انا زي والدتك وهتسمعي كلامي .. ووعد مني كل اللي هتطلبيه هيتنفذ أول ما صادق ده يغور في داهية.
حبيبة بتبرم :
= موافقة بس على شرط.
الجدة بلطف :
=أئمري ياحبيبتي طلباتك أوامر..
حبيبة بحسم :
=هسيب القصر وأرجع أعيش في أوضتي من تاني وهو ملوش دعوة بيا ولا يكلمني ولا يحاول يشوفني ولما يخلص من صادق يبقى يبعتلي ورقتي على هناك..
الجدة بلطف :
= ليكي حق طبعاً تطلبي انك متعيشيش في القصر تاني بس بلاش موضوع أوضتك ده … إيه رأيك تروحي تعيشي في الفيلا بتاعتنا في البلد يعني على الأقل لحد ما الطلاق يتم.
حبيبة بعناد :
=لاء انا مش هعيش تاني في أي مكان يخصه أو يملكه وهرجع أوضتي وهرجع أشتغل كمان ومش عايزه منه أي حاجة غير إنه يسبني ويطلقني.
نظرت الجدة لعمر بقلة حيلة .. إلا إنه فاجأها بإستسلامه المريب وموافقته السريعة وهو يقول بهدوء :
= خلاص يا حبيبة إعملي اللي انتي عيزاه .. أول ما تخلصي علاج أرجعي لأوضتك ولشغلك من تاني وانا أوعدك مش هعمل أي حاجة إلا برغبتك وموافقتك..
ثم تابع بتعب :
=انا مستنيكي برة يا جدتي.
ثم خرج وأغلق الباب من خلفه..
فإرتمت هي على الفراش تبكي قصة حبها وعشقها التي إنتهت قبل أن تبدأ .
في حين خرج عمر ووقف يتنفس بعمق محاولاً تهدئة نفسه وهو يتصل بالمحامي الخاص به ..
عمر بجدية :
= اسمعني كويس ونفذ كل اللي هقولك عليه..
ثم بدأ في إملائه ما سيفعله وسط نظرات تعجب نادر ودهشته مما يسمعه .. حتى إنتهى وهو يقول بإصرار :
= ماشي يا حبيبة خلينا ننفذ كل أوامرك بس على طريقتي.
في صباح اليوم التالي..
دخل عمر إلى غرفة حبيبة في المشفى فوجدها تجلس برفقة جدته ..
حبيبة بغضب :
=انت جاي هنا تاني ليه مش إتفقنا إنك تمشي من هنا ومبقاش ليك دعوة بيا ؟
تنفس عمر بعمق محاولاً السيطرة على غضبه :
= اللهم طولك ياروح .. ياريت تسمعيني في مح..
إلا أنها قاطعته بغضب :
=مش عايزه اسمعك وإتفضل أخرج برة.
ربتت الجدة على يدها مهدئة :
= استني بس يا حبيبة خلينا نشوف هو عايز يقول إيه !
حبيبة بحنق :
=خليه يوجه كلامه ليكي انتي انا مش هتكلم معاه.
أشارت الجدة في الخفاء لحفيدها بالهدوء :
= خير يا عمر في إيه .. ووجه كلامك ليا انا ملكش دعوة بحبيبة؟
اغمض عمر عينيه يحاول السيطرة على غضبه ثم قال أخيراً بحنق :
=حاضر .. في محامي برة عايز يقابل حبيبة.
إرتعشت حبيبة وهي تتمسك بحافة الفراش بخوف :
= ليه هو ..هو انت بلغت عني !!
نظر لها عمر بصدمة ثم أجاب بعد أن شعر بانفطار قلبه من نظرة الخوف وعدم الثقه التي تملاء عينيها :
= لا يا حبيبة انا مبلغتش عنك ..ده محامي جاي علشان في ميراث المفروض تستلميه .
حبيبة بدهشة وتوتر :
=ميراث ليا أنا .. أكيد في غلط في الموضوع انا مليش قرايب خالص يبقى هورث مين!
نظر عمر لها بعطف ثم أجاب بهدوء :
= اللي فهمته منه إنك الوريثة الوحيدة لشريف ابن عمك بعد ما والدته إتوفت من حوالي إسبوعين..
شهقت حبيبة بصدمة وإمتلئت عينيها بالدموع ؛ :
=طنط سميرة إتوفت!
ثم تابعت ودموعها تسيل بحزن :
=أكيد ماتت من زعلها على ابنها .
عمر بلطف :
= إمسحي دموعك وانا هدخلك المحامي عشان تتفاهمي معاه.
ثم غاب قليلاً وعاد برفقة محامي تظهر عليه مظاهر الوقار والإحترام.
فجلس بهدوء بعد أن حيا الجميع :
=انا آسف يا حبيبة هانم إني جيتلك في ظروف زي دي بس ده ورث و أمانة لازم أسلمها.
ثم تابع بإحترافية :
=موكلي المرحوم شريف متولي عبد الحق كان بيملك مبلغ وقدره مليون جنيه مصري موضوعه بإسمه في البنك .. وشقة تبلغ مساحتها ٣٠٠ متر جديدة كان لسه شاريها في برج قبل وفاته بيوم واحد دا غير العربية بتاعته بس للأسف البوليس لقاها متدمرة بعد حادثة السرقة اللي إتعرض لها .. ودي كل أملاكه المسجلة بإسمه وحضرتك أكيد عارفة إن الشقة القديمة اللي كان بيسكن فيها هو والدته كانت إيجار قديم ورجعت للمالك بعد وفاتهم.
نظرت حبيبة لعمر بإرتباك لا تعرف كيفية الرد أو التصرف الصحيحة..
عمر بهدوء :
=والمطلوب؟
المحامي بثقة :
=أبداً إحنا عملنا فعلاً إعلان وراثة وإتحكم فيه .. وكل اللي مطلوب من حبيبة هانم إنها توقع على الأوراق
دي وتستلم ورثها.
عمر بهدوء :
=ممكن أشوف إعلان الوراثة.
ناوله المحامي بضع أوراق ..ثم أشار لحبيبة :
=إمضي يا حبيبة الورق كله مظبوط.
حبيبة بإرتباك :
=بس ..بس مش هيبقى حرام .. أقصد إن الفلوس دي مصدرها...
عمر بهدوء :
=مفيش حاجة حرام في إستلامك لميراثك وإن كان على مصدر الفلوس فا دي حاجة تخص صاحب الفلوس الأصلي مش الوارث.
هز المحامي رأسه موافقاً :
=كلام عمر بيه مظبوط .
ثم قرب الأوراق منها بهدوء :
= إتفضلي إمضي هنا.
ربتت الجدة على يدها مشجعة .. فتناولت حبيبة القلم بإستسلام ووقعت الأوراق الخاصة بإستلام ورثها في حين نهض المحامي مغادر اً بعد أن سلمها نسخة من الأوراق ..ومفاتيح شقتها الخاصة.
خرج عمر برفقة المحامي بعد أن أغلق الباب من خلفه ..
مد المحامي يده لعمر مودعاً بإحترام :
=أتمنى أكون نفذت كل اللي انت عايزه يا عمر بيه ..انا مرضتش أخلي أي حد من اللي بيشتغلوا عندي هما اللي يقوموا بالمهمة دي وقلت إن أوامرك لازم أنفذها بنفسي.
عمر بهدوء وهو يمد يده له مودعاً هو الآخر :
=متشكر جداً يا علوي بيه وانت عارف انا بثق فيك قد إيه وإلا مكنتش كلفتك بالمهمة دي.
نظر نادر بدهشة لعمر والمحامي الخاص به وهو يغادر
عمر بهدوء :
=بتبصلي كده ليه..
نادر بدهشة :
=مستغرب انت إزاي بتقدر تفكر وتلاقي حلول لحاجات صعبة بمنتهى السهولة.
عمر بغضب مكتوم :
=يعني كنت عايزني أعمل إيه اسيبها تروح تعيش في أوضة فوق السطوح وتشتغل في محل زي ما كانت عايزه تعمل !
ثم تنهد بفروغ صبر :
=على الأقل دلوقتي هتعيش في بيتي وتحت عنيا وفي مكان محترم و مأمنه كويس ومعاها فلوس تقدر تصرف منها من غير ما تكون مضطرة تشتغل شغلانة هي مش عيزاها و علشان أبقى انا كمان مطمن عليها.
ربت نادر على كتفه بتشجيع :
= إن شاء الله أزمة وهتعدي بينكم وكل حاجة هتتحل ..
ابتسم عمر بإمتنان لصديقه ثم قال :
=أهم حاجة تأمن البرج والشقة كويس وحبيبة متحسش بأي حاجة غريبة.
نادر بثقة :
=إطمن يا باشا في أربعة من أحسن رجالتي واقفين حراسة على البرج ودول هيظهرو قدامها وقدام السكان إنهم أمن البرج .. وإتنين تانيين هيبقوا واقفين تحت البرج يحرسوها لو خرجت .. ومن غير ماتحس .. دا غير كاميرات المراقبة اللي زارعينها في كل مكان.
عمر بتوتر :
=كده كويس لحد ما أشوف هنوصل لإيه.
بعد مرور أربعة أيام وخروج حبيبة من المشفى ..
جلست حبيبة بمفردها بداخل السيارة التي ستقلها لمسكنها الجديد وهي تضغط على يدها بتوتر شديد فهي قد رفضت و بشدة أن يقوم عمر بمرافقتها وذلك بعد أن عادت الجدة للقصر بعد شعورها ببعض الإرهاق بعد ملازمتها لحبيبة في المشفى .
إنتبهت حبيبة لتوقف السيارة أمام برج سكني شاهق شديد الأناقة والترف يقع في جزء لا يسكنه إلا أثرياء القاهرة.
نظرت حبيبة للبرج بدهشة :
=معقول الشقة تكون هنا !
ثم نظرت إلى العنوان تتأكد من صحته وهي تلوم نفسها لتسرعها برفض مساعدة عمر فهي تخشى من شدة أناقة المكان والثراء الذي يظهر عليه أن تطرد منه إن حاولت الدخول.
في نفس التوقيت..
ترجل عمر من سيارته التي تتبع السيارة التي تقل حبيبة وتوجه إليها بعد أن لاحظ توقفها دون خروج حبيبة منها.
فدق على زجاج نافذتها فنظرت إليه بلهفة حاولت أن تخفيها وهي تترجل من السيارة وتضع نظارة تحمي عينيها من الشمس.
حبيبة بغضب مصطنع :
= برضه جيت ورايا.
رفع عمر حاجبه بتحدي :
=خلاص لو معترضة انا ممكن أمشي..
ثم إستدار مغادراً .. إلا أنها أسرعت خلفه بلهفة تتمسك بذراعه تحاول منعه من المغادرة وهي تتنحنح بحرج :
=لا خلاص طالما جيت لحد هنا إتفضل إطلع معايا وده بس علشان ماما دولت متزعلش.
ابتسم عمر بتسلية وهو يشير إليها بالصعود :
= لا قلبك كبير .. عموماً إتفضلي ثم جعلها تصعد أمامه وهو يتبعها بثقة إلى المصعد .
وقفت حبيبة بجانبه وهي ترفض النظر إليه في حين وقف هو بجانبها يحاول إشباع عينيه من رؤيتها حتى وصلوا إلى الطابق الخاص بشقتها.
وقفت حبيبة أمام الشقة بتوتر تحاول فتح الباب بيد مهزوزة إلا أنها فشلت..
فتناول عمر المفتاح وفتح الباب وهو يشير لها بالدخول ويضغط على زر الإضاءة فأنار المكان.
شهقت حبيبة بتعجب وهي وتنظر للمكان بدهشة شديدة :
= إيه ده!
عمر بحنان :
=مبروك شقتك الجديدة يا حبيبة.
نظرت حبيبة له بدهشة إلا أنها قالت ببرود :
=الله يبارك فيك ..وعموماً متشكرة أوي وإتفضل بقى من غير مطرود ومتنساش ورقة طلاقي.
دخل عمر إلى البهو وجلس وهو يشير لها بهدوء :
= إقعدي يا حبيبة انا عايز أقولك كلمتين.
عقدت حبيبة يدها بغضب :
=وانا مش عايزة أسمع منك حاجة وإتفضل يلا انا عايزة أنام.
عمر بغضب:
=حبيبة أقعدي وإسمعيني وبلاش تستفزيني أكتر من كده.
حبيبة بتحدي :
=ولو مقعدتش هتعمل فيا إيه ..هاترميني المرة دي من البلكونة بدل ما تغرقني..
أغلق عمر عينيه يحاول السيطرة على غضبه وهو يقول بصوت هادئ متوعد :
اقعدي يا حبيبة ..
ثم صرخ بها فجأة بصوت غاضب :
= قولت أقعدي.
لتجد نفسها تستجيب له وتجلس سريعاً وهي تفرك يدها بتوتر.
عمر بلطف وهو يعطيها هاتف جديد من أحدث الإصدرات :
=خدي .. ده موبيل جديد عليه خط جديد بإسمك انا منزلك عليه كل البرامج اللي هتحتاجيها و طبعاً عليه برنامج حماية علشان محدش يقدر يخترقه ..
ثم ضغط برفق ليظهر بعض الأرقام :
= دي أرقامنا كلنا نادر وجدتي وأرقام الفيلا والشغل
ليشير إلى أحد الأرقام :
=و ده رقمي الخاص بالطوارئ لو إحتجتيني في أي وقت صبح أو بالليل هرد عليكي و هكون عندك بعدها بدقايق حتى لو مردتيش هعرف إنك في مشكلة وهكون برضه عندك.
حبيبة ببرود :
=لاء انا مش هاخده ..انا عايزه الموبيل بتاعي.
عمر بتحدي بارد :
=موبيلك إتكسر ..انا كسرته لإنه بكل بساطة كان متهكر وكل مكالماتك كانت بتروح لناس تانية أظن انتي عرفاهم.
حبيبة بتوتر :
=خلاص يبقى تاخد تمنه وإلا مش هاخده ..
عمر بنفاذ صبر :
=خلاص اعملي اللي انتي عايزاه ..بس الموبيل ده ميفارقش إيدك.
ثم تابع بجدية :
= إنتي دلوقتي عايشة لوحدك يعني الباب ميتفتحش إلا لٱمن البرج حتى لو طالبة دليفري هما هيحسبوه ويطلعولك الطلب وبعدها إبقي حاسبيهم ..مفهوم ولا ده كمان فيه إعتراض..
حبيبة بتبرم :
= مفهوم .
ليرتفع صوت رنين جرس الباب فتمسكت حبيبة بخوف بطرف المقعد وهي تقول بتوتر :
= إيه ده؟
وقف عمر وقال بهدوء وهو يتجه إلى الباب :
= إنتي خايفة كده ليه دا جرس الباب.
ثم فتح باب الشقة وتناول مجموعة كبيرة من أكياس البقالة و بعض الوجبات الجاهزة.
حبيبة بدهشة :
=دا إيه ومين اللي جايب الحاجات دي كلها !!
عمر بهدوء وهو يتجه للمطبخ يضع الأكياس به .. تتبعه حبيبة :
=جدتي بتقول إن دا خزين للبيت والتلاجة .. أما دول فوجبات من مطعمها المفضل.
حبيبة بريبة :
=يعني ماما دولت هي اللي إشترت الحاجات دي!
عمر بتحدي مرح :
= أيوه ولو عايزة تدفعي تمنهم هما كمان روحي إدفعيه ليها وشوفي هتعمل فيكي إيه..
ثم تابع بجدية :
=تعالي وانا هساعدك في رصهم .
حبيبة بغضب :
=لاء إتفضل انت روح وانا هرصهم بنفسي.
مط عمر شفتيه بمكر :
= كده يعني مش هتعزميني على الغدا في شقتك الجديدة ..
دا إحنا بقينا بعد العصر وانا مكلتش أي حاجة من إمبارح المغرب.. أهون عليكي أفضل من غير أكل لحد دلوقتي !
توترت حبيبة بشدة وهي تستمع إليه وكادت تدعوه لتناول الطعام إلا أنها قالت ببرود لا تشعر به وهي تحارب مشاعرها التي شعرت بالقلق من أجله :
=إبقى خلي جيلان هانم تعملك الغدا وإتفضل بقى انا عايزة أنام ..
تنهد عمر بمكر :
=كده ..طيب انا هضطر أمشي وأروح الشركة وهأجل الغدا لما أبقى أروح البيت بالليل.
حبيبة بحنق :
= إنت حر ..تاكل دلوقتي ولا بعدين دي حاجة تخصك.
نظر لها عمر بلوم وهو يقول بهدوء :
= طيب إقفلي ورايا كويس .. ومتفتحيش إلا لما تبصي من العين السحرية وتتأكدي من اللي واقف على الباب.
أومأت حبيبة رأسها بضيق وموافقة وهي تغلق الباب من خلفه جيداً وهي تقول بضيق وتأنيب ضمير :
= ياكل ولا ما يكلش و انا مالي هو يعني صغير..
ثم ذهبت للمطبخ تتأمل الأكياس الممتلئة عن أخرها بضيق ثم تنهدت بفروغ صبر وهي تسرع بإخراج بعض الخبز وإعداد بعض شطائر الجبن وزجاجة عصير بجانب إحدى الوجبات الجاهزة وهي تقول بتبرير :
= دا بس علشان جدته متقولش عليا بخيلة يعني تشتريلي كل ده وانا أستخسر في حفيدها وجبة و كام سندوتش.
ثم نظرت للشطائر تتأكد من جودتها وهي تضعهم بداخل كيس طعام برفقة الوجبة الجاهزة ، وتهرع إلى الخارج وهي تحدث نفسها دون أن تدري :
= علشان لو الوجبة الجاهزة معجبتوش ياكل الساندوتشات وأبقى كده عملت اللي عليا ومحدش يقول عليا بخيلة.
ثم تابعت برجاء :
=بس يارب ألحقه...
فتحت حبيبة الباب ونظرت إلى الخارج بلهفة لتجد عمر يقف وهو مستند إلى الحائط ويعقد ذراعيه بإنتظار.
حبيبة بدهشة :
= إنت واقف كده ليه !
عمر بلطف :
=مستني الغدا بتاعي.
تنحنحت حبيبة بإحراج وأكتسى وجهها باللون الأحمر وهي تقول بصوت ضعيف :
=انا ..انا حضرتلك الأكل ده علشان ماما دولت متقولش عليا بخيلة يعني متفكرش إني مهتمة بيك ولا حاجة.
تناول عمر منها الكيس وهو يقول بمرح :
= أكيد طبعاً انا فاهم الكلام ده .. ومتقلقيش انا عارف إنك مش مهتمة بيا خالص.
ضغطت حبيبة على شفتها بغيظ وهي تتجه إلى داخل شقتها .. إلا أن صوت عمر الجاد إستوقفها :
=حبيبة.
إستدارت حبيبة بتساؤل إليه وهي تقف بباب الشقة وعلى وشك غلقه .
فقال بحب :
=شكراً إنك رجعتيلي الأمل مرة تانية.
حبيبة بدهشة :
= أمل .. أمل إيه انا مش فاهمة !
إبتسم عمر بحب :
= أمل هيخليني أحارب بكل قوتي لحد ما أكسب أهم معركة في حياتي.
نظرت حبيبة له بدهشة وهي تدخل وتغلق الباب من خلفها وهي لا تفهم معنى كلماته..
في حين إبتسم هو بسعادة وهو يغادر وقد تجدد الأمل لديه بإسترجاعها وهو يهمس لنفسه بإصرار :
= الصبر .. الصبر يا عمر .. غلطتك ولازم تصلحها.
ثم قاد سيارته وعقله يعمل في كل الإتجاهات…
♕ يتبع ♕
♡ الفصل الخامس عشر ♡ 🦋
#سيد_القمر_الأسود 🖤
🖇 •زينب مصطفى •