رواية لم يكن تصادف الفصل السادس 6 بقلم زينب محروس
حسمت أمرها و وقفت و هي بتقول:
- لاء انا مش هدمر حياتي بسبب خوفي من المجتمع و خوفي من نظرة الناس، أنا هقول لأحمد إن جوازي أنا و عمر مزيف و إننا كلها سنة و هنطلق...... أنا مش هاجي على نفسي تاني.
مسحت دموعها و فتحت الباب عشان تنزل وقفت مكانها أول ما شافت الشخص اللي كان على وشك يرن الجرس، و الشخص دا مكنش حد غير مريم صاحبتها اللى أول ما شافت علامات الدموع على وشها حضنتها جامد و هي بتقول:
- يارا حبيبتي مالك؟ معيطة ليه؟؟
يارا رجعت تعيط تاني و قالت بتقطع:
- أنا تعبانة أوي يا مريم، تعبانة..... و قلبي..... بيوجعني.
مريم بعدت عنها و مسحت لها دموعها وقالت و هي بتبص حواليها:
- خلينا ندخل نتكلم جوا.
دخلوا قعدوا في الصالون، فكانت مريم قاعدة جنب يارا و ماسكة إيدها و قالت:
- اهدي كدا و فهميني في ايه يا يارا؟
يارا غمضت عيونها بوجع و أخدت نفس عميق و قالت:
- أحمد هيخطب..... و أنا مش عارفة هعمل ايه!
مريم بجدية:
- و انتي عايزة إشارة اكتر من كدا من ربنا إن أحمد مش نصيبك؟
يارا بحزن:
- بس هو بيحبني، أنا سمعته بنفسي و عارفة إن والدته هي اللي أجبرته يخطب عشان يبعد عني.
مريم بحنية:
- طب ما دا كويس يا يارا، حاولي تعطي علاقتك مع عمر فرصة و صدقيني مش هتندمي.
يارا برفض و دموع:
- أنا مش عايزة غير أحمد مش بحب و لا هحب غيره، متحاوليش معايا عشان أنا قلبي مش بإيدي.
مريم اتنهدت بقلة حيلة و قالت:
- ملناش غير ربنا يا حبيبتي، صلي كتير و ادعي ربنا يرتبلك حياتك و يدبر لك امرك.
يارا سحبت أيدها من مريم عشان تمسح دموعها، ف مريم خلعت شنطتها و قالت بتذكر:
- ايوه صح انا جاية عشان اعطيكي شيت دكتور إيهاب، اعمليه النهاردة عشان هيتسلم بكره.
بالليل في بيت خالة أحمد، طلب من خالته إنه يقعد مع سارة لوحدهم، ف هدى بصتله بتحذير عشان ميتصرفش من دماغه، لكنه مهتمش بتحذيرها، و أول ما بقى مع سارة لوحده قال بجدية:
- بصى بقى يا سارة من غير مقدمات كدا، أنا مش موافق على الجوازة و خالتك جايباني هنا إجباري.
سارة حست بالإحراج من رفضه المباشر، فحاولت تبين إنها مش مهتمة و قالت بمرح:
- الحمدلله جت منك يا ابو حميد أنا كمان مش موافقة اصلا عشان عايزة اكمل تعليمي، بس اتحرجت اقول لخالتي لاء.
أحمد اتنهد براحة و قال:
- الحمدلله، كنت حامل الهم و خايف تتمسكي بيا.
سارة قالت كلماتها بنبرة هزار لكنها كانت تقصده فعلاً لما قالت:
- جرا ايه يا كابتن، هو أنت مفكر نفسك ايه؟ هتمسك بيك بتاع ايه يعني؟ دا أنا كنت موافقة عليك جبران خاطر لخالتي مش اكتر، إنما أنت مش طموحي خالص، أنا عايزة شخصية قيمتها عالية..... مش زيك، أحمد ربنا إني قاعدة معاك اصلا.
- جرا ايه يا سارة هتغلطي و لا ايه!
سارة ضحكت و قالت:
- قوم يا عم و لا اغلط فيك و لا تغلط فيا، أنا هقول لخالتي إني مش موافقة، عشان تمشي من هنا بدل ما لميت علينا الدبان كدا.
يارا مهتمتش المرة دي بكلام مريم و كانت هتتكلم مع أحمد، لكن لما عرفت إن الخطوبة اتلغت، فقررت إنها تأجل كلامها معاه لحد ما تلاقي وقت مناسب، و كأنها نسيت تربية أهلها و الأخلاق و المبادئ اللي علموهلها، و كمان نسيت الطلب الوحيد اللي عمر طلبه منها و هو إنها تحترم كونها على ذمته و مراته.
في القاهرة بعد مرور أسبوعين، كان عمر شغال في شركة كبيرة و مشهورة و ليها فروع كتير، و كان هو مسؤول عن تيم كامل لوحده، و في الوقت ده كان قاعد في مكتبه و بيجهز في مشروعه الخاص عشان يقترحه على المؤسس الرئيسي للشركة و اللي مش بينزل مصر غير مرة كل ست شهور، كان قاعد بيتأكد من عرضه التقديمي بحماس و معاه علاء اللي مسؤول عن إدارة الشركة.
بادر علاء بالكلام و قال:
- اليوم يومك يا معلم، اهو بقالك سنة و نص مستني الفرصة و أخيرًا عرفنا نجيبلك معاد.
عمر بامتنان:
- مش عارف من غيرك كنت هعمل ايه و الله يا علاء.
علاء بمرح:
- أنا معملتش حاجة، المهم ترفع راسي، هو اه صح ابويا بس في الشغل ميعرفش حد أهم حاجة مصلحة الشركة.
عمر ضحك و قال بحماس:
- متقلقش إن شاء الله ربنا هيكرمنا و هنرفع راس الشركة مش بس راسك.
علاء بضحك:
- أنا مش خايف غير من الثقة دي.
و هما بيتكلموا رن فون عمر و كانت أخته نور، استئذن من علاء و خرج يتكلم برا المكتب، و رجع بعد خمس دقايق و بدأ يلم حاجته باستعجال و باين على وشه القلق ، ف علاء سأله باستغراب:
- مالك يا عمر؟
عمر بجدية و هو بياخد مفتاح عربيته و بيتحرك تجاه الباب:
- أنا لازم ارجع البلد حالًا.
علاء بتكشيرة:
- بلد ايه؟ انت بتهزر! مش فاضل غير ساعتين ع العرض التقديمي!
عمر باستعجال:
- مش هينفع استنى، مراتي تعبانة و لازم اكون جنبها.
علاء بتهكم:
- و أنت هتسافر تعمل ايه؟ ما عيلتك كلها جنبها و اهلها كمان، وجودك أنت اللي هيفرق؟
- ايوه طبعًا لازم اكون جنبها و اطمن عليها بنفسي.
علاء حاول يغير قراره فقال:
- طب على الأقل قدم مشروعك الأول و بعدين سافر، انت لو ضيعت الفرصة دي هتستنى ست شهور كمان و يا عالم في وقتها بابا هيوافق يعطيك فرصة و لا لاء.
عمر بلامبالة:
- مش مشكلة، إني أكون جنب مراتي اهم عندي من حياتي نفسها، مش بس المشروع.
بالفعل عمر خلص كلامه و مشي و هو عقله مشغول على يارا، اللي أخته قالتله في الفون إنها اتشخصت بفيروس كورونا.
بعد ساعات كان وصل عمر للمشفى اللي يارا فيها، و اول ما شاف عيلته جري عليهم و هو بيسأل عن يارا، ف سمية قالت بحزن:
- يارا جوا في الأوضة دي على جهاز الأكسجين.
سألها عمر باستفسار:
- هو ايه اللي حصل بقت في الحالة دي ازي؟
سمية بتوضيح:
- من كام يوم كدا كانت حماتك واخدة الدور ف يارا راحت تقعد معاها و تهتم بيها، و حماتك طابت و يارا أخدت الدور فحماتك و حماك قالوا هيخلوها عندهم و يهتموا بيها و جابوا لها العلاج للسخونية و الكحة بس مخفتش، و النهاردة لقيت حماتك بتتصل و بتقول الحقونا يارا مش قادرة تاخد نفسها.
سمية سكتت ف عمر سألها:
- و بعدين.
هدى تدخلت و قالت:
- مفيش يا ابني هما سبقونا هنا و احنا جينا و راهم و الدكتور لما كشف عليها قال إن دي اعراض الفيروس الجديد، و اخدوا منها عينة عشان التحاليل عشان نشوف النتيجة.
عمر مسح على وشه بحزن و قال:
- أنا هدخل اشوفها.
قبل ما يتحرك أمه مسكته و قالت:
- بلاش تدخل يا عمر، الفيروس دا شديد..
عمر بعد إيدها و قال:
- أمي....اللي جوا دي مراتي، و مش هتخلي عنها.
و بالفعل سابهم و دخل و كمان من غير ما يلبس ماسك، قرب منها و قعد جنبها، و هي كانت تايهة بسبب السخونية اللي مخلياها مش قادرة تفتح عيونها، لكن أول ما حست بوجود حد جنبها فتحت عيونها بضعف و رجعت غمضت تاني، فهو قال بحنان:
- متقلقيش يا يارا هتكوني بخير.
ابتسمت بخفة من تحت ماسك الأكسجين، و هو قعد حوالي خمس دقايق، لحد ما جه دكتور و معاه ممرضة و قال:
- اتفضل حضرتك برا.
عمر باقتضاب:
- لاء، أنا مش هسيب مراتي لوحدها.
الدكتور بعملية:
- أنا مقدر خوفك، بس وجودك هنا خطر عليك و علي عيلتك، أنت لو لقط منها الفيروس ممكن تنقله لحد من عيلتك من غير ما تاخد بالك و من قبل ما تظهر عليك أعراض، فمن فضلك اتفضل أخرج....أنا هكشف عليها و هطمنكم، بس اتفضل الأول.
بعد شوية خرج الدكتور و قال:
- الأكسجين بتاعها بقى كويس، و حاليًا ركبنا محلول عشان السخونية و الأعراض اللى عندها، و إن شاء الله هتبقى كويسة.
سأله صلاح باهتمام:
- اخبار الأشعة ايه يا دكتور؟
الدكتور:
- لسه هتطلع كمان نص ساعة و لما أشوفها هقولكم، بس ياريت حضراتكم تتفضلوا ترجعوا ع البيت عشان وقت الزيارة خلص من زمان و لو حد مر و شافكم هتحصل مشكلة.
الكل رجع البيت إلا عمر اللي أصر إنه مش هيمشي و يسيبها، و عشان مش مسموح بوجود مرافقين فقرر إنه يستنى قدام المشفى في عربيته بعد ما الدكتور قال إن هيسمحلوا يدخل كل ساعتين يطمن عليها و يخرج.
لما رجعوا البيت هدى كانت سبقت جوزها و طلعت شقتها، و لما دخلت كان أحمد قاعد يستناها و أول ما شافها سألها باهتمام:
- ايه يا ماما، يارا عاملة ايه؟؟
هدى ردت بسخرية و قالت:
- و انت مالك؟ يخصك ايه!
أحمد باقتضاب:
- أنا و انتي عارفين يخصني ايه، فقولي وضعها دلوقت عامل ايه؟
اتنهدت و قالت الكلام اللي الدكتور قاله،و بعدين قالت بجدية:
- راجع نفسك ع اللي في دماغك ده، لأنك مبتحبش يارا.
أحمد باعتراض:
- لاء بحبها.
هدى بسخرية:
- بإمارة ايه؟ دا انت ساعة ما سمعت الدكتور بيقول كورونا، اختفيت في لمح البصر من المشفى، و حتي رجعت البيت غيرت هدومك عشان خايف من العدوى، إنما شوف عمر بقى عشان عنده اصول و بيحب مراته، أول ما وصل دخل شافها علطول و مهتمش بفيروس و لا غيره، و رغم إن الدكتور قال ممنوع مرافقين إلا إن عمر أصر يفضل برا المشفى في البرد عشان يطمن عليها....دا اللي يتقال عليه حب..... مش أنت و مشاعرك الكدابة.
أحمد تغاضى عن كل كلامها و قال بضيق:
- هو عمر رجع؟
بصتله بقلة حيلة و ضربة كف على كف و قالت:
- مفيش فايدة فيك!
الساعة اتنين بالليل الدكتور سمح ل عمر يشوف يارا، و قبل ما يدخل الدكتور قاله إن نتيجة الأشعة تدل إن الفيروس وصل ع الرئة و إن اللي عندها دي كرونا فعلاً، و عشان كدا طلب منه يلبس زي المشفي الواقي لكنه رفض عشان يارا متحسش إنهم بينفروا أو خايفين منها، و بالفعل دخل من غير ما يلبس حتى ماسك، و المرة دي كانت يارا فايقة و واضح إن السخونية راحت، قعد جنبها و هو بيبتسم و بيقول:
- ألف سلامة عليكي يا يارا.
ابتسمت و قالت بوهن:
- الله يسلمك يا عمر..... أنت هنا بتعمل ايه الوقت متأخر؟
عمر قال باختصار:
- جيت عشان اشوفك.
سكتت و متكلمتش، و بعد دقايق معدودة الدكتور خبط على الباب كإشارة لعمر إنه يخرج، و بالفعل فهم عمر و قام عشان يمشي لكن يارا و لأول مرة مسكت ايده و ندهت عليه و قالت:
- عمر...
يتبع.......
بقلم زينب محروس.
#الفصل_السادس
#لم_يكن_تصادف