رواية خادمة القصر الفصل الاول 1 الجزء الثالث بقلم اسماعيل موسى
#خادمة_القصر
كانت الأرض فى القريه مخضره بعد ان شبت سنابل القمح وعيدان البرسيم والفول البلدى، مسطح لا نهائى يكسوه ندى الفجر وتتصاعد الأبخره من بين الحشائش حيث انك إذ كنت تتمتع بحدة نظر لا يمكنك ملاحظة فلاح يسير وسط عتمة الشبور يجر حيواناته نحو المراعى، وارتفعت ادخنة الحطب فى البيوت الطينيه من بين فسحات أسقف البوص والجريد وكان هناك ديك يصيح رغم ان الشمس احتلت الافق وديلا لم تغمض عينها بعد، الطفل مزعج لا يتوقف عن الصراخ وديلا لا يمكنها تركه مع الخدم ولا تعرف علته، فكل الأطباء اخبروها ان الطفل لا يعانى اى أمراض وكانت قد اقترحت على ادم ان يعملا سويآ على العنايه بالطفل كل واحد منهم اربع ساعات ورغم ان ادم ابدى موافقته إلا أنه لازال نائم منذ منتصف الليل فى غرفه مجاوره وديلا لم ترغب بأزعاجه، فقد كانت لديه وجهة نظر ان ما تحتاجه المرأه الكلام الطيب ثم هى ستقوم بكل شيء، سعل ادم عندما اقتربت الساعه من التاسعه صباحآ وسمع نداء ديلا، ادم، الطفل لم ينام وانا لم تغمض لى عين، من فضلك أكاد ان اقتل واغمض جفنى، حمل ادم الطفل ملتزم بتعليمات ديلا، الغطاء يكون ثقيل، رأسه لا تكشف للريح، الرضاعه كل ساعتين، رفع أدم يده بتذمر، يمكننى من هذه التعليمات ان افهم انك قررتى النوم النهار بطوله؟ رفعت ديلا عينين تعستين مهزومتين وشدت الغطاء فوق جسدها، نزل ادم درجات السلم والطفل الشقى لازال يتملل ويرفص بأقدامه، خرج من باب القصر نحو الحديقه وتجول داخلها وسط ترنيمات عشق العصافير التى تحلق من شجره لشجره أخرى، اسمع يا ابنى هذه ستكون حديقتك مثلما كانت حديقتى وحديقة ابائى واجدادى من قبل، ستتعلم ان تحافظ عليها مثل عينك ولا تفرط فيها ابدا
ولم يبدى الطفل اى انتباه كانت عينيه تجول بين الأشجار الضخمه التى لا يعرف بعد أن كانت وحوش ام مجرد منظر يسر العين، ثم واصل تقدمه حتى وصل الحظيرة وقال بفخر وهو يشير بيده، هذة باكى مهرة والدك التى انقذ بها والدتك قبل زمن ليس بعيد، عندما تكبر ورفع ادم نبرة صوته، سأدعك تركب الحصان، سأسمح لك بذلك، والدتك حاولت مره من قبل وسقطت على الأرض لكنى اعتقد انك ستنجح لأنك من صلبى! ونظر الطفل تجاه المهره التى تقف على أربع وترفع رأسها بفخر يزين عنقها شعر بنى لامع ورغب ان يتلمسها، كان لديه فضول رهيب ان يفعل ذلك، لكنه لا يستطيع الكلام ولا حتى ان يعبر عن رغبته فأطلق من فمه مخاط ابيض لزج وهز ساقيه وحرك يده وضم اصابعه وفرطها فى حركه متواتره، وكان ادم يفكر، المهره لم تناول طعامها بعد، هايدى نسيتها مثلما تفعل فى كل مره ونظره بعيد عن الطفل الذى شعر بلامبلاة الرجل وعدم اهتامه بتلبية رغباته وانه بدا واضحآ انه ليس مثل الرجل الأخر الذى كان يحمله ويدلله ويلبى رغباته وهو يدندن ويغنى له ويمسح مخاطه اول بأول حتى انه كان يتعمد ان يسعل او يتمخط عندما تكون مزاجيته متعكره او يريد أن يخرج ريح حتى يحظى بتلك العين الامعه الملهوفه التى تتفانى فى خدمته انه، رجل اخر تعس محطم وفى قلبه بقايا حب وعليه ان يمنحه درس حتى القصه بقلم اسماعيل موسى لا يشرد مره اخرى وهو يحمله معتقد انه فى نزهه مع حبيبه او يتمشى على شاطئ البحر، فأطلق صرخه وهو يتملل وكان حريص ان تكون الصرخه طويله مولوله لاته يعلم ان صوته لازال ضعيف، انتبه ادم لطفله الباكى وهمس بصوت رقيق
اش، اش بااااااس، وزاد الطفل من صراخه بكل عناد لانه لا يقبل أن يدلله ذلك الرجل مثل دجاجه او ذكر بط، همس ادم مره اخرى وهو يهدهد الطفل، ما رأيك ان نخرج للحقول؟ مما آثار انتباه الطفل وتوقف عن الرفص، سوف اخذك فى جوله فى الهواء الطلق وخرج من القصر ومر بين الحقول الرطبه التى تتراقص على انسام شتويه بارده وبلل الندى بنطال والده النظيف الأنيق الأسود ماركة اديداس مما زاد من سعادت الطفل وأطلق ابتسامه مرحه من تلك التى يرسمها الأطفال الصغار على اشفاههم، وسار ادم داخل فحيره يابسه قاصدآ النهر، أكثر من خمسة عشر دقيقه من السير على الأقدام وهرب طائر ابو فصاد كان يكمن لدودة أرض وحلق لبعيد فى حقل قريب ولمح ادم من بعيد هر كهل يتمشى ببطئ على ضفة النهر