رواية كارمن الفصل الثاني عشر 12 بقلم ملك ابراهيم
#الفصل_الثاني_عشر
#رواية_كارمن
#الكاتبة_ملك_إبراهيم
تلقت صفعة قوية من يديه علي وجنتها وهو يصرخ بها:
- اسفه بعد ما دمرتي حياتي؟!
وضعت يديها فوق وجنتها بصدمة وهي تبكي بخوف. جذب يديها بعيدًا عن وجهها وهو يصرخ بها بجنون:
- قوليلي اسفه على ايه بالظبط؟ ردي عليا.. انطقي.. قولي ليه عملتي فيا كده؟!
بكت اكثر وهي تنظر اليه بخوف ولم تستطيع الرد عليه، جن جنونه اكثر وصفعها مرة أخرى بقوة وهو يصرخ بها بجنون ويردد بغضب"انطقي.. قولي اسفه علي ايه؟"
دلف خالد الي غرفة المكتب مسرعًا وركض اليهما وحاول اخذ رشيد بعيدًا عنها، كان رشيد يصرخ ويطلب اجابتها عليه وهي تبكي وتضع يديها على وجنتيها بخوف وجسدها يرتجف بشدة.
تحدث اليه خالد بقوة وهو
يأخذه بعيدا عنها:
- اهدى يا رشيد انت كده هتموتها في ايدك!
انفعل رشيد اكثر بغضب:
- ياريت كنت اقدر اموتها وارتاح.
رفعت وجهها وهي تبكي وتجيب علي حديثه بصراخ:
- ياريت اموت بجد عشان ارتاح منك.
حدق بها بصدمة وتحدث اليها بغضب:
- ترتاحي مني! انتي كمان اللي عايزة ترتاحي مني!
اجابته بصراخ وهي تبكي وتضع يديها فوق وجنتيها الملتهبه من قسوة ضربه:
- ايوه عشان انت ضربتني جامد وانا معملتلكش حاجة!
توقف قليلاً يحدق بها بصدمة، نظر اليها صديقه خالد هو الاخر بذهول! كيف لم تفعل به شئً! نظر رشيد الي خالد وتحدث اليه بصدمة:
- بتقولك معملتليش حاجة!!
ثم نظر اليها وتحدث بغضب:
- انتي فعلاً معملتيش حاجة! انتي دمرتي حياتي بس! خسرتيني شغلي واهلي وكل حاجة.
تحدثت وهي تبكي:
- ما انا قولتلك اسفه.
حدق بها بصدمة وذهول، كتم خالد ضحكته وهو يستمع الي ردها البسيط، كانت مثل الطفله الصغيره وكأنها تتحدث الي والدها. اقترب منها رشيد ووقف امامها وتحدث اليها بغضب وانفعال وهو يشير اليها بيديه:
- اسفه دي تقوليها لما اكون رجعت البيت وملقتكيش مجهزه الغدا.. هنا ممكن تقولي اسفه وانا اسامحك!
اجابته بعناد: ما انت كنت على طول بترجع البيت ومش بتلاقيني مجهزه الغدا ومكنتش بتزعل ومكنتش بقولك اسفه!
رشيد بغضب: والله ده شئ يتحسبلي اني كنت زوج كويس معاكي وبستحمل دلعك وأكلك اللي ميتكلش اصلا.
نظرت اليه بحزن وتحدثت بصدمة:
- يعني انا اكلي كان وحش؟
شعر بحزنها وصدمتها، يعلم انه تزوج فتاة مدللة، كانت تعتمد عليه في كل شئ، وهذا ما اعتادت عليه ولا ذنب لها. عيونها اللامعه بالدموع قطعت نياط قلبه، لا يريد جرحها. تراجع عن حديثه واجابها بهدوء:
- لا هو كان بيبقى حلو شوية.
ابتسمت وسألته برقة:
- بجد؟
أومأ برأسه بالايجاب وهو ينظر اليها بعشق واشتياق.
تابعهما خالد بصدمة، تحدث خالد بصوت قوي واخرجهما من حالة العشق التي جمعتهما من جديد:
- أكل ايه اللي حلو ووحش.. انتوا بتتكلموا في ايه!
فاق رشيد على صوته وتراجع للخلف بعيدًا عنها وهو يحاول السيطرة على مشاعره اتجاهها. خجلت كارمن وخفضت وجهها ارضًا، استمعت الي صوت رشيد وهو يتحدث الي خالد بصوت غاضب:
- هي دي بقى كارمن.. بتحول اي كلام لصالحها!
رفعت وجهها وردت عليه بغيظ:
- شوفت.. وهو ده بقى رشيد، كل حاجة بيجيبها فيا وانا معملتش حاجة!
رد عليها رشيد بغضب:
- اه فعلا انتي مبتعمليش حاجة ابدا.. انتي ملااك! انا اللي بخرب كل حاجة!
اجابته بتحدي: فعلا انا ملاك.. وانت اللي بتخرب كل حاجة.. ولا نسيت الشقه اللي كسرتها وبهدلتها وانا اللي نضفتها ورتبتها.. انت اصلا دايماً كده.. انت تخرب كل حاجة وانا ارتبها تاني.
تحدث اليها بغضب:
- والله!! ونسيتي لما كنت برجع من شغلي واساعدك في كل حاجة! نسيتي لما كنت بنضف معاكي الشقه وارتبها معاكي!
اجابته بثقة: على فكرة كل الرجالة المتجوزين بيعملوا كده واكتر كمان.
صدح صوت خالد عاليا وهو يقف بينهما ويستمع الي حديثهما:
- بس خلااااص..
نظر اليهما بصدمة واضاف:
- مسح وتنضيف ايه! وترتيب شقة ايه اللي انتوا بتتكلموا فيه!
ابتعد رشيد عنها واشار عليها بغضب قائلا:
- هي دايمًا كده مفيش فايدة فيها!
تحدثت بصراخ:
- انت بتجيب كل حاجة عليا انا ليه!
صرخ خالد بينهما:
- خلااااص انا اللي غلطان.
ثم تحدث الي رشيد:
- خلينا نقفل المحضر ده يا رشيد عشان كارمن تروح.
نظرت اليه كارمن بصدمة قائلة بفضول:
- محضر ايه؟!
نظر اليها خالد بتوتر ثم نظر الي رشيد. اجابها رشيد ببرود:
- محضر وخلاص.
اقترب رشيد من خالد ووقع على محضر التنازل، وقفت كارمن تنظر اليهما بدهشة، طلب خالد توقيعها ثم تحدث اليها بهدوء:
- دلوقتي تقدري ترجعي البيت يا كارمن.. وانا بعتذر على كل اللي حصل.
نظرت اليهما بدهشة، خفض رشيد وجهه وهو يتعمد انشغاله بهاتفه، وقفت تتطلع اليهما بستغراب ثم ذهبت دون اضافة اي حديث.
رفع رشيد عينيه بعيدًا عن هاتفه بعد خروجها، نظر الي الباب وزفر بتعب. اقترب منه خالد وتحدث اليه بثقة:
- في حاجة غلط يا رشيد!
نظر اليه رشيد بفضول، أومأ خالد برأسه بالايجاب مؤكدًا:
- واحدة بشخصية كارمن اللي انا شوفتها قدامي دلوقتي دي.. مستحيل تخونك وتشارك مجرم زي سعد بشار في خطته!
أومأ رشيد برأسه بتأكيد قائلا له:
- هو ده بقى يا خالد اللي تاعبني.. انت شوفتها واتعاملت معاها كام ساعه بس ومش مصدق انها تعمل كده.. انا بقى المفروض اعمل ايه وهي مراتي وعشت معاها تحت سقف واحد وبقيت اعرفها اكتر ما هي تعرف نفسها!
تنهد خالد بتفكير وحيرة، نظر رشيد أمامه بشرود واضاف:
- عقلي مش قادر يستوعب لحد دلوقتي ان كارمن ممكن تعمل فيا كده! وانا اكيد مش غبي لدرجة اني اتخدع في شخصيتها.. يعني رغم السنين اللي عدت علينا وكارمن هي هي متغيرتش! لسه رقيقه وبتبكي من اقل حاجة زي الاطفال!
ابتسم خالد وهو يستمع اليه ثم تحدث اليه بهدوء:
- هي فعلاً غريبة اوي.. واكتر حاجة استغربتها انها بتتحول لطفلة فعلا في وجودك.. بحس انها بتتعامل معاك وكأنك باباها!
ابتسم رشيد وهو يتذكر حياتهما معًا واجاب:
- انا دايما كنت بحس اني مسؤول عنها.. كارمن اتحرمت من باباها وهي طفلة ومامتها كانت طول الوقت بعيدة عنها.. كارمن كانت دايما محتاجة للحنان والاحتواء، وده اللي كنت بحاول اعوضها عنه.
تحدث خالد بثقة:
- يبقى اكيد في سبب قوي اجبرها تعمل كده! او يمكن احنا فهمنا غلط..
صمت خالد قليلاً يفكر بحيرة ثم اضاف:
- بس هنكون فهمنا غلط ازاي وانا شوفتها بنفسي لما كانت خارجة من السجن ولما سألت عن اسمها عرفت انها كانت بتزور سعد بشار!
زفر رشيد بتعب وتحدث هو الاخر بحيرة:
- وكل حاجة عملتها في الفترة اللي اتقبض عليا فيها كانت بتثبت انها عملت كده فعلا! ايه اللي منعها تزورني ولو مرة واحدة؟ ليه اختفت هي ووالدتها ومظهروش غير بعد اربع سنين؟ دا غير حالة الفقر اللي وصلوا لها؟! في الف سؤال ومش لاقي اجابة تريح قلبي! نفسي اتأكد هي خاينه ولا مظلومة؟ نفسي اقدر اخد قرار.. ابعد عنها وانساها، ولا اسامحها واكمل معاها.
نظر اليه خالد بحزن واجابه بحيرة:
- بصراحة الله يكون في عونك يا رشيد.. انا مش عارف انا لو مكانك كنت هتصرف ازاي!
نظر اليه رشيد وتحدث:
- انا في لحظة خسرت كل حاجه يا خالد ومبقاش في حاجة اخسرها.. الاربع سنين اللي عشتهم بعيد عنها حاولت كتير اخرجها من حياتي، لكن قلبي طول الوقت كان بيأكد انها مظلومه وده اكتر شئ بيعذبني.
تحدث خالد بتآكيد:
- يبقى الحل الوحيد انك لازم تعرف ايه اللي حصل بالظبط.
اجابه رشيد:
- هو ده فعلا اللي لازم اعرفه.
تحدث خالد:
- وطبعا هنستبعد فكرة انك تسأل كارمن لان اي كلام بينكم بيتحول لموضوع تاني خالص.
ضحك رشيد وتحدث بتعب:
- انا و كارمن دايما كده.
تحدث خالد بحيرة:
- والحل ايه دلوقتي؟.. خلي بالك ان جدك ممكن يعرف في اي وقت ان كارمن لسه مراتك.
أومأ رشيد برأسه بالايجاب:
- انا عارف يا خالد.. بس كل ده ميهمنيش.. اللي يهمني اني اعرف الحقيقه واكون متأكد منها قبل ما اخد اي قرار.
تحدث خالد:
- وانا معاك يا رشيد في اي قرار هتاخده واي وقت هتحتاجني هتلاقيني جنبك.
ابتسم رشيد بامتنان وهو ينظر اليه، فهو صديقه المخلص الذي لم يتركه ابدا منذ بدأت صداقتهما بكلية الشرطة، كان دائمًا وابدا داعمًا له.
*****
عادت كارمن الي المنزل حيث الغرفة التي تقيم بها مع والدتها. استغربت جلوس والدتها فوق الفراش تتناول السجائر وتقلب بالهاتف غير مباليه بما حدث مع ابنتها!
اقتربت منها كارمن وتحدثت اليها بذهول:
- هو انا للدرجة دي مش فارقه معاكي! معقول متحركتيش من مكانك من وقت ما الشرطة جم خدوني؟!
رفعت والدتها عيناها عن الهاتف واجابتها ببرود:
- اللي تخلف بنت خايبه زيك متخفش عليها من الشرطة! هيكونوا خدوكي ليه يعني! ايه الخارج عن القانون اللي ممكن تعمليه عشان يخدوكي! كنت متأكده ان هيكون في غلط وهترجعي.. واهو تفكيري طلع صح!
حدقت بوالدتها بصدمة:
- انا مش قادرة افهم انتي بتفكري ازاي.. نفسي تحسسيني اني بنتك ولو مرة واحدة!
حدقت بها والدتها بغضب والقت الهاتف من يديها بعنف واجابتها:
- انا اللي نفسي احس انك بنتي...
وقفت من فوق الفراش واضافة بصراخ وهي تنظر الي الغرفة التي تقيم بها بأثاثها المتهالك:
- بقى دي عيشه نعيش فيها وانتي تقدري تخلينا نعيش في قصور! معقول دي تبقى اخرة سهير سالم اللي كل الرجالة كانوا هيموتوا عليها والفلوس والقصور كانت بتترمي تحت رجليها!
رمقتها كارمن بغضب مكتوم ولم تجيب عليها، غضبت والدتها اكثر واضافة بحدة:
- نفسي اعرف انتي مستنيه ايه! مستنيه مين؟ عمرك هيضيع وجمالك هيروح مع الزمن من غير ما نستفاد منه.
تلألأت عين كارمن بالدموع واجابتها:
- انا مش هكون نسخه منك.. انا مستحيل ابيع نفسي وجسمي للي يدفع.
اقتربت منها والدتها بغضب وقامت بصفعها بقوة. صرخت كارمن وهي تتلقى الصفعه بذهول. ارتفع صوت والدتها بصراخ:
- انا عمري ما بعت نفسي ولا جسمي لحد! انا كنت بتجوز على سنة الله ورسوله، كان بيبقى جواز حلال وبشرع ربنا.
تحدثت كارمن ببكاء وهي تضع يديها فوق وجنتها:
- كنتي بتستخدمي شرع ربنا في النصب على الرجالة! وشوفي كان اخرة كل ده ايه؟ خسرتي كل حاجة ودمرتي حياتك وحياتي.
حدقت بها والدتها بنظرات ساخرة:
- انتي اللي دمرتي حياتك يا كارمن وانتي اللي اختارتي تعملي كده! واظن انتي فاكرة كويس انتي عملتي كده ليه!
بكت كارمن ووضعت يديها فوق وجهها بندم. نظرت اليها والدتها بغيظ واضافة:
- العياط مش هيفيدنا دلوقتي.. انتي لازم تفوقي لنفسك وترفعينا من القرف اللي احنا عايشين فيه ده!
رفعت عيناها ونظرت الي والدتها بحزن ثم ركضت الي خارج الغرفة وهي تبكي.
وقفت والدتها تتابع خروجها من الغرفة ببرود، ثم همست الي نفسها بتأكيد:
- انا مش هستنا لحد ما اموت هنا بسببك! انا لازم اعمل اي حاجة عشان ارجع اعيش تاني في نفس المستوى اللي طول عمري كنت عايشه فيه.
رمقت الغرفة من حولها بشمئزاز واضافة بأصرار:
- هعمل اي حاجة عشان اخرج من هنا.
*******
صباح اليوم التالي..
ذهبت كارمن الي عملها بالروضة وبعد انتهاء الدوام ذهبت إلى عملها الثاني بالمطعم وهي تفكر كيف تعتذر للمدير عن عدم حضورها للعمل أمس.
دلفت الي محل عملها ولاحظت نظرات زملائها الغير مرضيه وهم يحدقون بها بشمئزاز. تطلعت الي ثيابها ومظهرها بشك.
اقتربت من صديقتها مودة وتحدثت اليها بدهشة:
- ايه الحكاية يا مودة؟ كلهم بيبصولي كده ليه!
نظرت اليها مودة بتوتر. لم يعطيها مدير المطعم فرصة للرد واجاب هو على فضول كارمن وهو يقترب منهما:
- انتي ايه اللي رجعك هنا تاني يا كارمن؟
نظرت اليه كارمن بتوتر واجابة بتلعثم:
- رجعت شغلي.. انا اسفة مقدرتش اجي امبارح لان حصلت عندي ظروف طارئة ومنعتني اجي.
اجاب عليها بقوة:
- وانا عارف ايه الظروف دي.. لان قبل ما يجو يخدوكي جم هنا.
حدقت به بصدمة، تابع حديثه بصرامة واضاف:
- اخر حاجة كنت اتوقعها انك تكوني كده.. انتي مش بس ضريتي سمعتك! انتي ضريتي سمعة المكان كمان.
خفضت وجهها ارضًا وهي تعتقد انه يتحدث عن خيانتها لـ رشيد، لكنه اضاف بقوة واخبرها السبب الذي يعلمه:
- ازاي تمدي ايدك وتسرقي شقة عميل! انتي عارفه تصرفك ده خسرني عملا قد ايه؟
شهقت بصدمة ونظرت اليه بذهول قائلة:
- نعم.. شقة عميل مين اللي انا سرقتها؟! انا مش فاهمه حاجة؟
اجاب عليها بصرامة:
- انتي فاهمه كويس وعارفه عملتي ايه.. ومن اللحظة دي ملكيش شغل معانا.. وانا هحاول اتواصل مع استاذ رشيد واعتذرله يمكن اقدر احافظ على سمعة المطعم.
شهقت بذهول وهي تحاول استيعاب ما يخبرها به:
- رشيد!! هو رشيد....
قاطعها بصرامة:
- ايوه اللي انتي سرقتي شقته.. اتفضلي امشي من هنا بهدوء ومش عايز اشوفك هنا تاني.
تركها وذهب الي مكتبه وعاد كل زملائها الي عملهم، وقفت تفكر بصدمة وتربط الاحداث، تفهمت سبب القبض عليها وسبب وجود رشيد بقسم الشرطة والمحضر الذي تنازل عنه. همست بغضب وهي تسير من المطعم:
- بقى انا حراميه يا رشيد!!!
*****
استيقظ على صوت طرقات قوية مزعجة فوق باب شقته، ذهب ليرى من ذاك المزعج الذي جاءه الان! وكيف يطرق الباب بهذه الطريقه العنيفه.
فتح الباب بغضب ووجدها هي من تقف امامه، تنظر اليه بعين مشتعله من الغضب، صرخة بوجهه عقب فتحه للباب:
- بقى انا حرامية يا رشييييد.
#يتبع... ✍️