جزيرة الضباب الفصل السادس 6 والاخير بقلم ياسر عوده
بعد كل اللى عرفه غازى طريقه تفكيره اتغيرت ، بدل ما يستنا اللعنات تحصل علشان يعرف اسسها ايه ، ابتدى يفكر بره الصندوق ، وابتدى هو يبحث عن اللعنات .
فكر غازى يزور مكان فى القريه لم يدخله من قبل ، كان الملهى الوحيد فى القريه ، وذهب غازى فى احدى الليالى لهناك ليرى ماذا يحدث هناك .
حينما دخل غازى شاف اشكال كتيره للمعاصى ، كان كل شيء متاح ، ولكنه لم يهتم بأى شيء ، كانه يبحث عن شيء معين وهناك شاهد شيء غريب ، شاهد ذلك الرجل اللى اسمه غريب يدخل من باب الملهى ، ولكنه دخل الى مكان اخر ، ممر فى الملهى وكانه صاحب مكان مش مجرد زبون ، فاراد غازى ان يقوم ويتبعه ولكن استوقفه حديث لشخصين كانوا جالسين بجواره وفى حاله سكر تام فجلس يستمع اليهم وهم يتحدثون عن ما سوف يحدث ليله الغد .
كانا الرجلين هم من عائل السقا ، وكان واضح عليهم السكر وانهم ليس فى وعيهم وبداءا احدهم بالتحدث وقال : بكره هننفذ عمليتنا ، عوزك تنفذ تعليمات الريس خليل شيخ السقايين بالظبط مش عوزين لغبطه .
النهارده مجموعه هتحط الدم على بيت الضحيه ، ومجموعه هتحط المخدر فى المايه بتاعتهم علشان يناموا كلهم ، واحنا هندخل البيت بكره لما نتأكد ان الكل نام وناخد كل اموالهم وبعدين ناخد واحد منهم ونقتله علشان يقتنعوا ان اللى عمل كده لعنه الدم .
فرد عليه زميله وقاله : انت عارف ان دى اول مره ليا ، وعوزك جنبى علشان خايف ابوظ الدنيا ، بس صحيح هو انت تعرف احنا عملنا الموضوع ده من امتى ؟
فرد عليه صديقه وقاله : من زمان اوى ، الفقر هو السبب ، احنا شغالين سقايين ، وبنشيل المايه ونسقى كل البلد وفى المقابل الناس بتدينا اما تمن قليل اوى او بواقى الاكل ، لغايه لما المعلم غريب اقترح على الريس خليل شيخ السقايين انه يخدر الناس وياخد من البيوت حق المايه بالشكل اللى يشوفه مناسب ، وده اللى حصل بس فى يوم ولما دخل الريس خليل مع بعض السقايين لبيت بعد ما حطلهم المخدر ، بس اتفجأو ان فى البيت واحد صاحى وشفهم وسعتها قتلوه علشان مايفضحهمش ، ولما قعدوا وفكروا لقوا فكره لعنه الدم انهم يخدوا من كل بيت واحد يقتلوه بعد ما يحطوا قبليها علامه من الدم على البيت ومن سعتها ده اللى بيحصل كل مره .
سمع غازى من السقايين كلمهم وعرف ايه حكايه لعنه الدم وازاى بتحصل ، بس كمان فهم حاجه تانيه وبقى متاكد منها ، فهم ان كل مصيبه فى القريه مرتبطه بشخص واحد اسمه غريب ، ماعدا لعنه الخروج من الجزيره ، وسعتها كان لازم يتحقق غازى من المعلم غريب .
الوقت كان اتأخر وقرر غازى انه يجى وقت تانى ويراقب المعلم غريب .
غازى مكنش يعرف انه فعلا وصل لاساس المشاكل وهو المعلم غريب ، مهو مكنش رجل عادى ،كان مخبى وراه اسرار كتير بلاش احكهلكم شفوها بنفسكم .
تانى يوم جه غازى الملهى وطلب مشروب واظهر انه سكر زى معظم الموجودين .
المعلم غريب ، وبردوا دخل فى الممر اللى دخل فيه الليله السابقه ولكن هذه المره اتبعه غازى ودخل وراه .
لما دخل غازى لقى المعلم غريب قاعد على كرسى شكله غريب ،كرسى مزخرف بلون الدهب ، وحوليه النساء اللى بتشتغل فى الملهى ، ووقفين بالدور ويقتربون منه ويقبلون يده .
كان المعلم غريب اشبه ما يكون بالحاكم ، وهؤلاء النساء رعيته ، يقدرونه ويبجلونه ، ولم يفهم غازى ما يراه بعينه .
بعد ما انتهى هذا المشهد ، جائت احد النساء ومعها اناء كبير وقالت له :احضرت اللى طلبته يا سيدى .
غريب : البودره اللى فى الاناء ده هى اللى بيتعمل منها المواد المخدره اللى بيخدها الصيادين والسقايين ، ده بعد ما بتتخفف ، اما لو متضفش عليها مواد تخفيف فاللى جواه سم قاتل مسحتيل حد ينجى منه لو خده .
وهنا شاف غازى شيئا لم يصدقه عقله ، شاف المعلم غريب وهيئته تتغير ، اصبح اكثر طولا ، وملامحه تتغير الى القبح ، وضحكه مخيفه يضحكها ، وظهره ينحنى للامام ، وصوته اصبح مخيف ، ولم يكن امام غازى تفسير لما يراه الا ان غريب هذا ليس من البشر وانما هو احد الشياطين .
شعر غازى بحركه من خلفه ، ولما التفت وجد احد النساء قادمات ، وهنا استخبى غازى واختباء ، وبعدها تسحب ليعود الى منزله بسرعه .
ظل غازى عده ايام يفكر فى كل شيء ، فى اللعنات التى كانت جميعها جرائم قتل ، ويفكر فى غريب الذى لم يكن بشريا وكيف كان له يد فى معظم ما يحدث فى القريه ، وفى اهل القريه اجمعهم الذين يقتلون بعض ويسرقون بعض ، ويفكر فى نفسه وكان يفكر دائما فى كلام العرابه وفهمه انها تعرف كل شيء عن اهل القريه وصامته هى الاخرى .
وبعدذلك كان عليه ان يجد حل لكل تلك الامور ، وهنا جاء على باله حل واحد فقط ينهى بيه كل شيء .
اول شيء عملها غازى انه لازم يحصل على السم اللى عند غريب فى الملاهى ، وعلشان يعمل كده كان لازم يراقب الملاهى علشان يختار الوقت المناسب ويدخل يسرق السم .
فعلا فضل غازى يومين يراقب الملاهى لغايه لما عرف ان هى بتقفل من بعد شروق الشمس لغايه بعد العصر وقبل الغروب ، وفى الوقت ده المكان بيبقى فاضى تماما .
راح غازى فى الوقت ده ودخل وخد السم اللى هو عوزه ، علشان ينفذ باقى خطته .
غازى بعد تفكير كتير كان خلاص خد قراره وحكم على القريه كلها بالموت ، هو كان شايف ان مفيش فايده فيهم ، وان اللى عرفه لغايه دلوقتى يخليه يقتنع ان الموت الجماعى لكل سكان القريه هو الحل المناسب .
الاول غازى حوش كميه مايه تقضيه فتره كبيره اكتر من اسبوعين ، وبعدين فرغ السم اللى سرقه فى بئر المياه الحلوه الوحيد فى القريه علشان يشرب منه كل السكان .
من تانى يوم ظهرت حالات موت كتير فى القريه محدش كان فاهم سببها بس كان واضح عليهم اعراض التسمم ، بس ازاى وامتى اتسمموا محدش يعرف .
الموت كل يوم بياخد اعداد كبيره فى القريه لدرجه انه بعد ثلاثه ايام اللى كان عايش كانوا يتعدوا على صوابع الايد .
من ضمن الناس اللى كانت لسه عايشه كانت العرابه اللى راحت تزور غازى لاخر مره ووجهته بانها عرفه انه سبب موت كل اهل القريه ، وهو بصراحه مانكرش وقالتله ان اللى اتنبأت بيه حقيقى وانه فعلا ريح كل اهل القريه من اللى عيشين فيه .
ولسه غازى هينبها انها متشربش من المايه بس مكنش يعرف انها شربت فعلا وماتت قدام عينه بعد ما شكرته على اللى عمله .
بعد يوم واحد من موت العرابه مبقاش عايش فى القريه غير غازى بس ، اللى حضر مركب علشان يبحر ويبعد عن القريه بس قبل كده كان مغرق معظم البيوت بالجاز وولع فى القريه كلها .
اشتعلت القريه بما فيها ، وابحر غازى وهو ينظر الى القريه ولكن كان هناك مشهد لن ينساه ، فهناك على الشاطيء وجد شخص واقف ، فى الاول اتصدم من هذا الشخص ولكن عرفه انه المعلم غريب ، ولكن الاغرب هو الابتسامه التى كانت على وجهه ، ورغم ان المسافه كانت بعيده بعض الشيء الا ان تحدث غريب ببعض الكلمات ، وكان المفترض ان غازى لن يسمعه لبعد المسافه ، وان غريب تحدث بصوت منخفض جدا ورغم كل ده سمع غازى كلماته بوضوح شديد وهو بيقوله : شكرا يا غازى على اللى انت عملته ، انت عملت اللى كنت عوزه منك بالظبط .
اتصدم غازى من كلام غريب ، معذور مكنش عارف انه لما كان واقف بيراقب غريب بالملهى مكنش عارف ان غريب شايفه وسايبه علشان ينفذ اللى غريب عوزه وكان مطاوعه فى كل لحظه .
والاسوء من ذلك اللى مش هيعرفه غازى ابدا ان غريب يبقى هو العرابه نفسها وانه هو اللى كان بيوجه غازى من غير ما غازى يعرف .
تمت