رواية سيد القمر الاسود الفصل الثاني 2 بقلم زينب مصطفي
بعد مرور شهر
وقفت حبيبة خلف باب غرفتها في المنزل الذي إستأجره شريف وحرص أن يكون في مكان آمن بعيداً عن العيون.
وقفت تستمع إلى صوته وهو يتحدث في الهاتف بانفعال .. واقتربت اكثر من الباب تحاول معرفة سبب انفعاله الشديد و لكنها فشلت ..
لتتفاجأ بباب الغرفة يفتح فجأة وبشدة جعلتها تتراجع للخلف بعنف وهي تشاهد شريف يقتحم الغرفة وهو يقول بغضب حارق
= بنت الكـ*ـلب ..فكراني لقمة سهلة.. بعد ده كله قافلة تليفوناتها ومش راضية ترد عليا لا هي ولا الحيزبونة امها.
تراجعت حبيبة للخلف وهي تتأمله بغضب..
= مستني منها إيه يعني واحدة باعت خطيبها وابن خالتها وإتفقت معاك على قتله طبيعي تعمل معاك كده واكتر كمان،
ثم جلست على طرف فراشها وهي تشعر بالدوار يكتنف رأسها وهي تتابع بحيرة وغضب
= اللي انا مش فهماه هي ولا امها يعملوا كده ليه !!
دا ابن خالتها وخطيبها وشكله بيحبها أوي إزاي جالها
قلب تعمل فيه كده
نظر لها شريف بدهشة ثم انطلقت ضحكاته بسخرية
= انتي مجنونة يا حبيبة .. إيه فاكرة نفسك عايشة في فيلم كارتون وجو سندريلا مقصر عليكي وبيحبها وبتحبه والجو الرخيص ده
ثم تابع بجدية
= فوقي يا حبيبة .. حب إيه وكلام فارغ إيه اللي بتتكلمي عنهم .. الفلوس هي كل حاجه دلوقتي معاكي قرش تساوي قرش ودول مش قروش؛ دول ملايين وقصور ومصانع تطير علشانهم رقاب مش رقبة واحدة..
ثم تابع بغضب مكتوم
= بس لو كانت كل حاجة مشيت صح كان زماني مكانه دلوقتي وكل اللي ملكه ده بطرفة عين بقى ملكي.
شعرت حبيبه بالكراهية والغثيان من كلماته الجشعة
وهي تقول بغضب
= طيب انت وفهمنا كنت عاوز تتخلص منه علشان طمعان بفلوسه لكن خطيبته تعمل كده ليه !! ماهي لما تتجوزه كل حاجة هتبقى بتاعتها و ملكها يبقى عملت كده ليه!؟
ابتسم شريف بسخرية
= ببساطه لأنها مش عارفة تعيش حياتها ولا تستمتع بيها عمر الرشيدي قافل عليها وبيتحكم فيها .. كل حاجه بحساب مفيش خروج مفيش فسح مفيش سفر مفيش حفلات إلا بأمره ومعرفته .. وهي مش قادرة تكمل حياتها بالشكل ده.
حبيبة بغضب
= تقوم تتفق على قتله !!
طيب ماتسيبه وتعيش حياتها زي ماهية عاوزة.
شريف بسخرية
= وتصرف هي وامها منين وتعيش العيشة اللي عيشاها دي منين .. بالساهل كده تفتقر وتسيب الملايين دي كلها تضيع من اديها و تسيبها تروح لواحدة تانية ليه وفي حل أسهل من كده ومش هيكلفهم حاجه!!
رصاصه تمنها ملاليم..
حبيبة بكراهية واحتقار
=بالساهل كده تنهوا حياة واحد وتتفقوا انكم تقتلوه..
شريف بسخرية
= أيواه عليكي نووور
ثم جذبها بعنف من يدها وهو يقول بغضب
= وهقتل أي حد يقف بيني وبين الثروة دي حتى
لو كان الحد ده هو انتي يا حبيبة .. فاهمة!؟؟
ثم صرخ فيها فجأة بعنف جعلها تنتفض
= فوقي لنفسك و إفهمي الوضع اللي انتي فيه البوليس لو قبض عليكي وإتسجنتي هيبقى أهون مية مرة من لو أن عمر الرشيدي اللي صعبان عليكي ده عرف يوصلك .. ساعتها هتتمني المو*ت مش هتلاقيه.
ارتعشت حبيبة وهي تقول بخوف
= ولما انت عارف كده ورطتني معاك ليه .. انا ذنبي إيه في كل ده!!؟
ثم انهارت في البكاء وهي تقول بخوف
= انا ذنبي إيه في كل ده يا شريف .. أنا كنت بعتبرك زي اخويا ومن خوفي عليك مشيت وراك من غير ما أفكر ووديت نفسي في داهية ومبقاش قدامي غير طريق نهايته واحدة .. السجن او المو*ت.
جلس شريف بجانبها وهو يقول بدهاء و هو يدعي الطيبة
= إسمعي يا حبيبة أنا وانتي دلوقتي في مركب واحد ..
لأما إحنا الإتنين نمشي المركب ونوصل لبر الأمان أو المركب تتقلب بينا ونغرق ونمو*ت وساعتها مش هيكون لينا دية.
حبيبة من وسط دموعها التي تغمر وجهها
= تقصد إيه انا مش فاهمة؟.
شريف بهدوء
= أقصد اننا بالنسبة للناس دول .. نكرة منسواش حاجه ممكن يفعصونا بجزمهم وكأننا حشرات ولا
لينا تمن .. وعشان كده لازم أنا وانتي نبقى إيد واحدة نخاف على بعض ونحافظ على مصالح بعض..
حبيبة بدهشة ودموعها تتساقط
= مصالح إيه وإيد واحدة إيه اللي بتتكلم عنهم .. فوق يا شريف احنا لازم نمشي من هنا ونحاول نهرب ونخرج برة البلد قبل ماعمر ده يوصل لنا ولا يقبضوا علينا..
شريف وهو يشعل سيجارته بهدوء
=انتي معاكي حق أنا فعلا لو لقيت الأمور اتعقدت هسافر .. هسافر بس لواحدي ..
انتفضت حبيبة واقفة برعب
= إيه عاوز تسافر لوحدك .. طيب وأنا هتسيبني هنا اتسجن واتبهدل
شريف بحنان زائف
وده برضه معقول انا بقول لو الدنيا اتعقدت .. يعني مش دلوقتي خالص وبعدين انا قبل ما افكر في حل لنفسي أكيد فكرت في حل ليكي انتي كمان.
نظرت إليه حبيبة بتوتر وهي تعدل من وضع حجابها
= حل ..حل ايه؟..
ابتسم شريف بمكر وهو يلقي قنبلته الأخيرة عليها
= بصي يا ستي انا هبعتك تشتغلي عند ناس معرفة ..
ثم تابع وهو يراقب انفعلاتها بهدوء
= ناس اغنية ومحترمين هتاخدي منهم مرتب كويس وتلاقي مكان تعيشي فيه بدل الشقة اللي اتطردتي منها .. بس بشرط..
حبيبة وهي تنظر إليه بتوجس
= شرط…شرط إيه؟
إبتسم شريف بقسوة
= بصي يا حبيبة إنتي مش صغيرة وكل حاجة وليها تمن .. يعني إنتي دلوقتي ملكيش مكان تعيشي فيه ولا وظيفة تصرفي منها دا غير إنك مطلوب القبض عليكي في قضية قتل وقتل مين واحد من كبارات البلد يعني لو حط إيده عليكي هيبقى السجن ده بالنسبالك رفاهية هتتمنيها ومش هتلاقيها..
إرتعشت حبيبة بخوف وهي تسمعه يتابع بهدوء
= بس لو سمعتي كلامي هخليكي تخرجي منها زي الشعرة من العجين وأنا بنفسي هخرجك بره البلد تبتدي حياة جديدة ونضيفة من غير تهديد ولا قلق..
ثم تغيرت نبرة صوته إلى القسوة الشديدة وهو يتابع بتهديد
= لكن لو رفضتي ..أنا بنفسي اللي هبلغ عنك ومش هكتفي بكده .. لاء .. دا أنا هبلغ عمر الرشيدي بمكانك وأتأكد أنه هيوصلك..
حبيبة بخوف
= بقى دي اخرتها يا شريف عاوز تبلغ عني .. وبعدين تمن إيه اللي عاوزني أدفعه مش كفاية كل اللي أنا فيه ده كان بسببك!!.
تجاهل شريف حديثها وهو يقف أمامها يتطلع إليها بقسوة وجبروت
=إنتي هتروحي تشتغلي عند عمر الرشيدي .. في القصر بتاعه.
تراجعت حبيبة للخلف بصدمة والدموع تقفز من عينيها برعب
=إنت إتجننت .. إنت عارف إنت بتقول إيه .. عاوزني اروح اشتغل عند عمر الرشيدي .. إنت عاوز تسلمني له .. إنت عارف ده لو شافني هيعمل فيا إيه؟!
لتتابع بخوف هيستيري
= انا مستحيل اعمل كده فاهم! حتى لو بلغت عني البوليس هيبقى أهون عندي من إني اسلم نفسي له.
شريف بقسوة
= إهدي يا حبيبة و اسمعيني كويس .. طول مانتي بتسمعي كلامي وتنفذيه استحالة أبلغ عنك أو أئذيكي ..
ثم تابع بثقة
= عمر الرشيدي مش هيعمل فيكي حاجه .. لأنه و ببساطة مش فاكر أي حاجه..
حبيبة بدهشة
= إيه .. يعني إيه مش فاكر أي حاجة ..
ثم شهقت وهي تولول بخوف وإنهيار
= قصدك الخبطة عملتله حاجة في عقله .. يا نهار أسود .. يا نهار أسود … أنا كنت عارفة الخبة كانت شديدة أوي وأكيد مكنش هيقوم منها بالساهل كده..
صرخ فيها شريف يُسكتها بغضب
= إخرسي بقى وبطلي ولوله .. عمر الرشيدي كويس وزي الحصان .. رجع لشغله وحياته وصفقاته .. بس..
إبتلعت حبيبة ريقها بخوف وهي تستمع إليه يبتسم بمكر
= بس و لحسن حظنا نسي كل حاجه حصلت له في يوم الحادث.
ثم تابع بتهكم
= أو زي ما الدكاترة بيقولوا عنده فقدان ذاكرة جزئي.
صرخت حبيبة باستنكار
= فقدان إيه .. إيه الكلام الفارغ اللي أنت بتقوله ده .. أنت فاكرني هبلة وهتضحك عليا بالكلام الفارغ ده اللي أنت بتقوله..
جذبها شريف فجأة بقسوة من ذراعها وهو يقول بغضب
= اسمعي علشان أنا جبت أخري معاكي ؛ قدامك حل من أتنين يا أما تستعدي علشان تقضي بقية حياتك في السجن وده طبعا لو عمر ما حطش إيده عليكي الأول وخلص على اللي باقي من عمرك أو تسمعي كلامي وتروحي تشتغلي عنده في فيلته وكل حاجة تحصل هناك تبلغيني بيها ..
ثم تابع بتأكيد و هو يشد على ذراعها بقسوة شديدة
= انتي هتبقي هناك عنيا اللي بشوف بيها ووداني اللي بسمع بيها وقبل ده كله هتبقي إيديا اللي بنفذ بيها ..
ثم تابع وهو يحاول إقناعها
= وقصاد اللي هتعمليه .. هتضمني حريتك ، ههربك برة البلد ، هديكي فلوس تبتدي بيها حياتك ، والموضوع مش هياخد كام شهر أنا وانتي نتحملهم وفي الآخر كل واحد فينا هياخد اللي هوة عاوزه ونتفارق أصحاب وأخوات زي ما كنا وأحسن كمان..
حبيبة ودموعها تتساقط بخوف
= أنا خايفة يا شريف أفرض اتعرف عليا!.
شريف بتأكيد
= أنا متأكد إنه مش هيتعرف عليكي .. وعشان تتأكدي أنا روحت له المستشفى وقابلته وعملت نفسي بطمن عليه وهو قابلني عادي و رجعني الشغل كمان ودا بعد طبعا ما تحججت له إني سرقت فلوس من الخزنة علشان أعالج أمي واعتذرت واتذللت له .. فوافق وأمرلي بفلوس مساعده كمان .. أظن إنه لو كان فاكر حاجة كان زماني مرمي في السجن ولا رجالته خلصوا عليا..
ثم ترك يدها وهو يشعل سيجارة أخرى
شوفتي أنا خاطرت بنفسي علشان أتاكد إن حوار فقدانه للذاكرة صحيح ومش لعبة منه .. ها أظن كده اتطمنتي ..
حبيبة بتردد
= بس .. اقصد يعني .. إنت هتستفاد إيه من كل ده ..كمان أنا خلاص مبقتش عاوزة اتورط في مشاكلك اكتر من كده كفاية اللي جرالي بسببك..
شريف وهو يقترب من باب الغرفة مغادراً
= هستفاد إني هبقى مسيطر على كل حاجه إنتي هتبقي عنيا في بيته وأنا رجعت لشغلي تاني وهراقب كل حاجه من تاني ومش هدي فرصة لا لمي ولا لأمها إنهم يلعبوا بديلهم من ورايا و يحفرولي مصيبة عشان يتخلصوا مني ويكوشوا هما على كل حاجه .. أنا حاسس من نحيتهم بالغدر بعد كل حاجه ما باظت عاوزين يخلعوا ويتمموا الجوازة ويبقوا مخسروش حاجه بس أنا مش لقمة سهلة وفيها لا اخفيها وأطربقها فوق دماغهم..
ثم نظر لأرتجافها الواضح بتهكم
= أعملي حسابك هتروحي الفيلا من بكرة هتشتغلي مرافقة لجدة عمر وياريت بلاش نغمة مش عاوزة اتورط في مشاكلك دي إنتي اتورطتي وإللي حصل حصل .. بلاش تخليني أقلب عليكي إنتي كمان عشان قلبتي وحشة ملهاش غير طريقين السجن أو القبر.
ثم تركها وغادر لترتمي أرضاً وهي تنهار في نوبة من البكاء الشديد.
بعد مرور يومين ..
جلست حبيبة مساءٍ بداخل الغرفة الصغيرة المخصصة لها بجناح جدة عمر ..
دولت هانم الشويحي و التي تحتل جانب كبير من الناحية الغربية للطابق الأرضي بقصر عمر الرشيدي وهي تحاول النوم ولكنها لا تستطيع من شدة شعورها بالتوتر والقلق فقد استلمت عملها من يومين وتفاجأت بمعاملة جدة عمر الطيبة لها وأكتشفت أنها سيدة رقيقة وعطوفة تتعامل معها بكل رقة وطيبة تشاركها بذكرياتها و أحاديثها المرحة الطيبة ؛ مما يجعل وقت العمل يمر سريعاً وكأنها في نزهة ممتعة ..
ولكن ما يثير حنقها ورعبها هو مكالمات شريف المستمرة لها واستفساره عن كل كبيرة وصغيرة تحدث بداخل القصر واضطرارها لإجابته عن أسئلته التي لا تنتهي ..
بالإضافة لقرب وصول عمر الرشيدي للقصر فهو قد أخفى عن جدته أخبار الحادث الذي تعرض له كي لا تتأثر صحتها الواهية بخبر إصابته و أقام بإحدى الشقق المملوكة له حتى يكتمل شفائه.
تقلبت في الفراش بأرق وهي تشعر بعدم رغبتها في النوم وعقلها يبحث عن مخرج من الكارثة التي أحلت بها لتنهض فجأة وهي تحدث نفسها بغضب
= فاكر إني هصدقه تاني ولا هورط نفسي في طريق الإجرام اللي عاوز يمشيني فيه بس ده مستحيل..
انا هطاوعه وهحسسه إني موافقة على كل اللي بيطلبه لحد ما يطمن و أخد مرتب الشهر ده وأسافر بعيد شرم ولا الغردقة ولا حتى أسوان اشتغل هناك في مكان بعيد عنه وعن القرف ده كله ..
لتتابع برجاء
= بس أتأكد إنه عمر ده فعلاً مش فاكرني ولا فاكر اللي عملته فيه ههرب منهم لأخر مكان في العالم وأختفي بعيد عنهم كلهم..
ثم تنهدت براحة بعد قرارها الأخير وهي تجمع شعرها في عقدة فوق رأسها غير مرتبة و تسحب حجاب صغير وضعته فوق رأسها دون أن تهتم بإحكام وضعه وهي تقول بعدم صبر
= طيب كده خلاص .. عرفت هعمل إيه و اللي اسمه عمر ده أكيد مش هيجي هنا دلوقتي .. يبقى أنا قلقانة و مش عارفة أنام ليه ! .
ثم تنهدت بفروغ صبر وهي تتأمل الفراش بقلة صبر
= يووه أنا هروح أجيب حاجة دافية أشربها يمكن أعرف أنام
ثم نظرت بإنتقاد للبيجاما الوردية القديمة التي يزينها صور لطيفة لبعض شخصيات الكرتون وهي تقول بتعب
= انا لسه هغير .. زمان الكل نام ومش مستهلة تغيير أنا هجيب حاجه دافية أشربها وأرجع جري من غير ما حد يحس..
ثم خرجت بهدوء وهي تتلفت حولها بقلق خوفاً من أن يراها أحد بملابس النوم ليواجهها القصر الغارق في الظلام والهدوء الشديد ؛ فتوجهت سريعاً للمطبخ وقامت بتحضير كوب من اللبن الدافيء وحملته للخارج إلا أنها توقفت فجأة وهي تسمع صوت خطوات مريبة بالخارج..
فنظرت بقلق لساعة يدها التي تعدت الثانية بعد منتصف الليل
= معقول لسه فيه حد صاحي لحد دلوقتي؟!
إلا أنها عادت وتذكرت أن الخدم ينامون في مبنى مستقل في حديقة القصر كما أنه من المستحيل أن تكون عصمت هانم مازالت مستيقظة ؛ فمواعيد نومها وإستيقاظها شيء مقدس بالنسبة لها .. كما أن مي تسهر كل يوم بالخارج حتى الصباح.
ليزداد الصوت وضوحاً وهي تتلفت حولها بإرتباك وقلق
= أستر يارب ليكون حرامي!
ثم تابعت بخوف وهي تتسلل على أطراف أصابعها إلى الخارج
= يادي النيلة دا إيه النحس ده هو أنا كل ما أروح مكان لازم تحصل فيه مصيبة!
كتمت أنفاسها بخوف وهي تتلفت يميناً ويساراً وتتمسك بقوة بالكوب الممتلئ بالحليب الساخن لتجد الهدوء والصمت والظلام يخيمان على المكان ولا يوجد ما يثير الريبة أو الشك.
لتتنهد براحة وهي تضع يدها على موضع قلبها وتلتقط أنفاسها وهي تتمتم
= الحمد لله مفيش حاجة دي أكيد تهيؤات من كتر الضغط النفسي اللي انا فيه..
ثم إستدارات وهي تنوي العودة إلى غرفتها إلا أنها لمحت بطرف عينيها خيال ضخم لشخص يتحرك بخفة من خلفها ويتجه إليها.
شهقت برعب وإستدارت سريعاً تحاول الهرب إلى غرفتها وعقلها الخائف والمرتبك يصور لها أشياء مخيفة و مرعبة .. فحاولت الهروب سريعاً إلا إنها
تفاجأت باقترابه السريع منها حتى أصبح خلفها تماماً مما جعلها تصرخ برعب
= إلحقوني حرااامي ..
إنتفضت برعب وهي تشعر ذراعين كالحديد تطوقها وتسحبها للخلف و بيد قوية تكتم فمها تمنعها من الصراخ في حين حاولت هي الهرب والتملص من بين ذراعين مهاجمها الذي يطوقها بشدة ويمنع هروبها وهي تلف رأسها بعنف يميناً ويساراً محاولة التخلص من اليد التي تكتم صرخاتها إلا أنها فشلت لتقوم بكضم يد مهاجمها بقسوة وهي تقذف كوب الحليب الساخن في وجهه في محاولة أخيرة منها للهروب.
تعالى سباب مهاجمها وهو يسحبها للخلف بقوة حتى إلتصقت به تماماً و تحرك بها إلى أقرب زر إضاءة أنارهُ
وهو يسب بشدة.
وهي تواصل المقاومة بطريقة هيستيرية وقد إنساب شعرها الأسود الغزير حول وجهها من شدة مقاومتها لتتوقف فجأة عن المقاومة و ضربات قلبها تزداد بشدة ووجهها يعلوه الشحوب الشديد..
وقد تعرفت على وجه مهاجمها الذي كان يتأملها وهو يغلي من شدة الغضب فقد كان يقف أمامها مباشرة عمر الرشيدي بكل عنفوانه و غضبه
لتشهق برعب وتغيب فجأة عن الوعي بين زراعيه.
بعد قليل من الوقت ..
فتحت حبيبة عينيها ببطئ وهي تتئوه بألم لتجد نفسها مستلقية على إحدى الأرائك الكبيرة في بهو القصر ..
فرفعت وجهها ببطئ وهي تحاول التذكر لما هي مستلقية هنا لتشهق برعب وهي تحاول النهوض بفزع وقد تذكرت ما حدث..
وطالعها وجه عمر الصارم الذي وقف أمامها يتأملها بصمت
إبتلعت حبيبها ريقها برعب وهي على وشك الصراخ مجدداً من شدة خوفها.
إلا أن عمر وضع يده على فمها وهو يقول بصراة وغضب شديد
= إخرسي .. عارفة لو سمعت صوتك بتصرخي تاني هقطعلك لسانك اللي عامل زي سرينة الانذار ده..
هزت حبيبة رأسها بطاعة وعينيها تتجمع بها دموع الرهبة
وهو يتابع بغضب وعينيه تتأمل ملامحها المذعورة بدقة
= انا هشيل إيدي وإوعي تصرخي ولا صووتك يعلى .. مفهوم!!
هزت حبيبة رأسها موافقة برعب ..
فرفع يده ببطئ وهو يحذرها بصرامة بعينيه
ويتابع بصوت هادئ
= إنتي مين .. أنا أول مره أشوفك هنا؟
إلتقطت حبيبة أنفاسها وهي تغلق عينيها براحة تستمع لكلماته التي أعادت الطمئنينة لها.
ونهضت سريعاً عن الاريكة وهي تكاد أن تتعسر وتقع مرة أخرى..
لتلتقطها زراعيه تمنعها من السقوط وهو يقول بغضب وقد أساء فهم دوافعها
= إهدي وبطلي حركة شوية ومتخافيش أنا مش حرامي زي ما انتي فاكرة .. أنا عمر الرشيدي صاحب القصر ده ..
ليتابع بغضب
= يعني مفيش داعي للجنان اللي بتعمليه وردي عليا علشان أنا خلاص جبت أخري .. انتي مين وبتعملي إيه هنا في الوقت المتأخر ده
تراجعت حبيبة للخلف وهي تقول بتقطع
= أنا .. أنا … شغالة هنا .. شغالة .. شغالة ..
لتنتفض برعب وهو يقاطعها ببرود وقد بدت
بدت عليه إمارات الغضب
= شغاله إيه .. انطقي ..
أشارت حبيبة للخلف وهي تقول بإرتباك
= شغالة عند نازلي هانم .. يعني أقصد .. شغالة مرافقة ليها.
عمر ببرود وقد راق له ملاعبتها
= وبتعملي إيه هنا في وقت زي ده وباللبس اللي إنتي لبساه ده .. أنتي مش عارفة أنه ممنوع تخرجي من أوضتك في ساعة متأخرة زي دي ومن غير اليونيفورم بتاعك!؟
استمعت له حبيبة بدهشة و عينيها تتسع برعب ونظرت إلى منامتها الضيقة والطفولية التي ترتديها بعدم تصديق وأرتفعت يدها إلى رأسها تتحسس شعرها المكشوف والمفرود خلفها بصدمة ..
ليتفاجأ بها تنظر في كل إتجاه وكأنها تبحث عن شئ ضائع ثم تندفع فجأة للأمام تزيحه بعنف و تلتقط حجابها الملقى بجانب قدمه تضعه على رأسها بسرعة شديدة تحاول به مداراة شعرها المنساب بغزارة حول وجهها إلا أنها تفشل بسبب إرتباكها الشديد.
تابع عمر تصرفاتها الهوجاء بتسلية شديدة وأرتفع حاجبيه بدهشة عندما ضربت الأرض بقدمها بطريقة طفولية غاضبة عندما فشلت في السيطرة على شعرها الهائج ثم تفاجأ بها تركض فجأة هاربة من أمامه ..
إلا أن صوته الغاضب أرتفع يستوقفها
= أنتي رايحة فين تعالي هنا حالاً .. أنا لسه مخلصتش كلامي معاكي.
أبتلعت حبيبة ريقها بخوف وهي تعود إليه صاغية ويدها تطبق على الحجاب تغلقه حول وجهها بطريقة مضحكة.
عمر بصرامة وهو يدرك إرتباكها الشديد
= إسمك إيه..
حبيبة بهمس
= ح .. بيبة.
رفع عمر حاجبيه بتساؤل وهو يدعي عدم سماعها جيداً ..
= بيبا .. إسمك بيبا!
هزت حبيبة رأسها بإرتباك وهي تقول
=لاء .. لاء ح … حبيبة.
هز عمر رأسه وهو يتابع ببرود
=هممم .. بيبا .. طيب يا بيبا مجاوبتيش عليا بتعملي إيه هنا في وقت زي ده؟!
أشارت حبيبة لنفسها بإرتباك
= حبيبة ..اسمي حبيبة مش بيبا.
عمر ببرود وقد راق له إرباكها
= حبيبة .. بيبا .. مش مهم المهم إيه اللي مخرجك من أوضتك في ساعة زي دي و باللبس ده؟!
توهج وجه حبيبة باللون الأحمر وهي تشير للمطبخ بإرتباك
= أصلي … أصلي كنت مش عارفة أنام فقلت أجيب حاجة سخنة أشربها ومعرفش أن يعني ..حضرتك .. يعني موجود.
عمر وهو يقصد إرباكها
= آه .. حاجه سخنة .. قصدك اللبن اللي لسه مغرقاني بيه ..
شهقت حبيبة بصدمة وهي تنظر للقميص الذي يرتديه والظاهر عليه آثار السائل الذي قذفته به.
= أنا ..أنا أسفه .. بس أصل أنا كنت خايفة وفكرتك .. يعني ..أسفة ..حرامي.
عمر بسخرية
= حرامي هنا .. في القصر .. مع كل الحراسة اللي برة دي وفكرتي أنه في حرامي يقدر يدخل هنا!
توهج وجه حبيبة من الغضب من تهكمه الواضح عليها لترد بدون تفكير
= وفيها إيه يعني ما عادي ممكن أي حرامي يدخل هنا .. يعني هو قصر ولا وزارة الدفاع علشان ميقدرش يدخله ..
عمر بتحذير بارد=
بقى كده!
حبيبة بإندفاع
= أيوه .. وبعدين حضرتك اللي غلطان كنت واقف في الضلمة وكتفتني بطريقة خوفتني طبيعي يعني إني أفتكرك حرامي ..
عمر ببرود=
كده .. يعني أنا اللي غلطان.
تراجعت حبيبة بتوتر للخلف من نبرته الباردة=
أيوه .. بس أكيد متقصدش.
عمر بتهكم
=مقصدش .. لا كتر خيرك
حبيبة وهي تتراجع للخلف أكثر
= أنا .. انا هروح على أوضتي .. تصبح على خير.
عمر بصرامة
= إستني عندك .. أنا أذنتلك تمشي؟
نظرت حبيبة حولها بتوتر
=هو حضرتك لسه عاوزني في حاجه؟
عمر وهو يتجه إلى الدرج المؤدي للطابق العلوي الموجود به جناحه الخاص
=أه حضريلي العشا وهاتيه على الجناح بتاعي.
حاولت حبيبة التحكم في غضبها إلا أنها لم تستطع وهي تقول بتسرع
= حضرتك أنا مرافقة لنازلي هانم مش خدامة و مليش دعوة بأمور المطبخ خالص .. تحب أصحيلك حد من الخدم!
عمر ببرود وهو يزيد من إستفزازها
= أنا لو كنت عاوز حد من الخدم كنت إستدعيته ..
أنا بطلب منك إنتي وياريت طول ما انتي هنا تتعلمي إني مبحبش أسمع غير تلات كلمات نعم وطيب وحاضر.
ثم تجاهلها وصعد للأعلى وهي تنظر إليه بحقد وغضب ثم استدارات في طريقها للمطبخ إلا أن صوته البارد إستوقفها
ليتابع ببرود مستفز
= بيبا.. متنسيش وإنتي بتحضري العشا تجيبي
معاه كوباية لبن.
ثم تابع صعوده وهو يبتسم.
في حين ضغطت حبيبة على شفتيها
وهي تقول بغيظ
= حبيبة .. اسمي حبيبة اعلق يافطة كبيرة بإسمي علشان يصدق!!
ثم دخلت إلى المطبخ وهي تكاد تصرخ من شدة الغيظ
= أبو شكلك بارد ..
ثم تابعت بغيظ وهي تعيد لملمة خصلات شعرها وإعادة ضبط الحجاب مرة اخرى بطريقة جيدهة ثم شرعت في تحضير طعام العشاء وهي تُتمم بغضب
= انا كده فهمت الواد شريف تجنن وعمل اللي عمله فيه ليه .. أكيد قعد يغيظ فيه لحد ما إتجنن وعمل عملته السودة.
ثم تنهدت بغضب وهي تحمل صينية الطعام وتتجه بها إلى الأعلى
= ربنا يسامحك يا شريف أنت السبب في كل المصايب اللي أنا فيها دي.
وصلت حبيبة إلى جناح عمر وطرقت الباب عدة مرات وهي تكاد تنفجر من الغيظ حتى سمعت صوته يأذن لها بالدخول
فتحت الباب بتردد وهي تنظر لداخل الغرفة لتجده يخرج من باب الحمام الداخلي وهو يجفف شعره وقد أرتدى منامة رجالية أنيقة عبارة عن بنطال قطني أسود وتيشرت رمادي بدون أكمام.
أبتلعت حبيبة ريقها بتوتر وهي تضع سريعاً صينية الطعام على الطاولة وتتراجع للخلف بتوتر وهي تنوي مغادرة الغرفة إلا أن عمر أستوقفها وهو يتجه إلى صينية الطعام وهو يقول ببرود
= بيبا .. استني.
أنفجرت حبيبة فيه وقد وصلت إلى أقصى طاقة لتحملها
= حبيبة .. اسمي حبيبة .. في حرف ح قبل بيبا تحب اجيب لحضرتك البطاقة علشان تتأكد؟!
تناول عمر زيتونة صغيرة وضعها في فمه وهو يمط شفتيه بإستفزاز
= حبية .. بيبا .. مش فارقة إيه هنقعد نتناقش كتير في اسمك وعدد حروفه!
ثم تابع ببرود
=اتفضلي إنزلي على أوضتك أظن ميصحش تكوني هنا في وقت متأخر زي ده.
نظرت إليه حبيبة بعدم تصديق وهي تقول بصدمة
= مش حضرتك اللي..
عمر ببرود وهو يمعن في استفزازها
= حضرتي اللي إيه… اتفضلي انزلي أوضتك ميصحش كده .. لو حد شافك هنا في وقت زي ده هيقول إيه؟
توهج وجه حبيبة باللون الأحمر من شدة الغضب وهي تكاد تنفجر فيه ثم توجهت إلى باب الغرفة سريعاً
إلا أن عمر استوقفها
= بيبا استني ..
استدارت حبيبة تنظر إليه بغضب
= نعم في حاجه تاني؟
إلا أنها تفاجأت به يضع كوب الحليب الساخن في يدها وهو يقول بتسلية
= خدي كوباية اللبن دي معاكي إشربيها بدل الي إتكبت .. أنا مبشربش لبن .
ثم أشار للباب
= اتفضلي مستنية إيه وإقفلي الباب وراكي.
تمسكت حبية بكوب اللبن بشدة وهي تخرج وتغلق باب الغرفة بغيظ تتبعها ضحكات عمر القوية والمستفزة وهي تتمتم
أبوشكلك بارد .. يارب عدي الأيام دي بسرة خليني أغور من هنا
وفي نفس التوقيت ..
راقبت عصمت هانم خالة عمر خروج حبية من غرفة عمر بغضب حارق وهي تقول بحقد
= وده لحق يعرفها أمتى علشان ياخدها الأوضة عنده ..
لتتابع بغيظ
= بس الحق مش عليه ..الحق على الغبية بنتي اللي هتضيعه من إيدها بالتصرفات الغبية اللي بتعملها.
ثم تناولت الهاتف وقامت بالاتصال بابنتها ليأتيها صوت ابنتها المختلط بأصوات الموسيقى العالية والصاخبة
مي بصوت أشبه بالصراخ
= أيوة يا ماما في حاجه بتتصلي ليه في حاجه.
عصمت هانم بغضب
=إنتي لسه عندك بتعملي إيه احنا بقينا وش الصبح.
مي بضيق
= يووه .. لسه بدري يا ماما الحفلة لسه في أولها وأصحابي كلهم لسه موجودين.
ضغطت عصمت هانم على الهاتف بغضب
= حفلة إيه اللي بتتكلمي عنها أرجعي بسرعة عمر وصل ولو عرف إنك لسه برة هيطربق الدنيا فوق دماغنا .
شهقت مي بخوف وضيق
= وده إيه اللي رجعه بس ما كنا مرتاحين..
خلاص يا ماما أنا هودع صحابي ونص ساعة وهكون عندك بس أفتحيلي باب القصر الصغير علشان أدخل منه و محدش يحس بيا.
عصمت بتأكيد
= أنا هفتحلك الباب وإنتي متغيبيش وربنا يستر ..
ثم أغلقت الهاتف وهي تقول بإرتياح
= كده كويس نص ساعة بالكتير ومي تبقى هنا الباقي بقى عليا ..
لازم بكرة أفاتحه في إننا لازم نتمم جوازته من مي اللي اتأجلت بسبب اللي حصله ..
ثم تابعت بتفكير وهي تتذكر مشهد خروج حبيبة من غرفة عمر.
= لا البنت دي مش خطر زيها زي غيرها أكيد لعبة وبيسلي نفسه بيها بس لما ينوي يتجوز هيتجوز بنت خالته مي هانم مندور دا تربية إيدي وأنا حفظاه كويس.
ثم ابتسمت بثقة وهي تتجه للأسفل لمساعدة إبنتها في الدخول للقصر دون أن يراها أحد...
♕ يتبع ♕