رواية نواضر الفصل الثاني 2 بقلم هبه عبد اللطيف
مفيش يومين عدوا بعد موت محضية إلا ولقينا عمي مشـ نوق في أوضته، كان جسمه متعلق في السقف مربوط بحبل في حَلقة حديد..
أبويا اكتشف ده لما عمي اختفى ليلتين، أبويا خاف وقلق عليه وخصوصي بقى لما ماتت محضية، كان مرعوب من قصة موتها دي ومتأكد إن أهلها خلصوا عليها.
وزي ما أبويا توقع بالظبط لقى عمي مقتـ ول!
البلد اتقلبت والحكومة وصلت لكن مفيش حد من أهل البلد فتح بوقه بكلمة نهائي كله قال منعرفش حاجه، اه هم جوه البيوت بيتكلموا بينهم وبين بعض لكن بره ولا قدام الغريب لأ. كانوا عايزين يستروا الفضيحة عشان سيرة البلد مش سيرة عيلة الصواف بس واللي كانت ايدهم في بوق كل جعان يطعموه، وعلى جسم كل عريان يكسوه ويستروه
الناس سترت الصواف وكتمت سر بنته اللي راحت هى وعمي..
أبويا جالي وسألني..
نواضر أنتي عرفتي اللي قولتيه لعمك ازاي؟!
هزيت كتفي: معرفش أنا قولته ازاي هو لقيت نفسي بقول كده وخلاص..
اتلفت حواليا أدور على عروستي القماش..
فين العروسة أنا عايزاها ودتوها فين.
كنت بحسس حواليا وملهوفة على عروستي وكأن روحي متعلقه بيها كأني ساكنه جواها وهى ساكنه جوايا..
وفي ليلة كانت أول مرة أشوف مصيري لما شوفت في الحلم أغرب من الخيال.
شوفتها لأول مرة جاية بتضحك، كانت جميلة وشابه صغيرة.
قالت لي أنا أمك يا نواضر! كنت متاخده كده لا فرحانة ولا زعلانه لأ كنت مخضوضة وخايفة.
قربت مني وقعدتني جنبها وطبطبت عليا وهى بتقول:
أنا عارفه أنك مش هتسامحيني ولا ليا عذر عندك بس صدقيني مكنش قدامي حل غير كده، أني أبعدك عنه وأحميكي من قبيلته وعشيرته..
أنا كنت واقفة يومها براقبك وأنتي لسه حتة لحمة حمرا عشان أعرف مين اللي هياخدك يربيكي.. والحمد لله ربنا صرف لك الناس الطيبين دول..
بكره تكبري وتفهمي معنى كلامي بس وصيتي ليكي ابعدي عن العشيرة والقبيلة بلاش يانواضر تطاوعي أخوكِ اللي تحت الأرض. بلاش ترددي كل حاجه يبلغهالك مش هتقدري تكملي..
فجأة صحيت من النوم وأنا مرعوبة ومش عارفه هو ده حقيقي ولا مجرد حلم، بس لأ ده مش حلم ده أنا فاكره شكلها وحافظة كل كلمة قالتها!
عدى كام شهر والبلد هادية مفيش حاجه لحد ما لقوا عيل من عيلة أبو العنين مقتـ ول ومرمي في غيط الدرة بتاعهم..
الدنيا اتقلبت والحكومة جت وكلنا كنا مقهورين بجد على الولد.
أبوه وأمه ناس طيبين وميسورين الحال.
مكنش فيه أي دليل على المجرم. والناس كلها ماشيه في الجنازة تبكي من القهر عليه. ماهو كان وحداني أبوه وأمه..
كنت سامعه أمه خالتي أوصاف بتنعي والحريم مسنداها وبتقول كانت عين واحدة وراحت ياضنايا..
الجنازة كانت معدية من على باب دارنا، كنت واقفة ورا الشباك الحديد الكبير وماسكة عروستي القماش..
النعش اللي فيه جثة ابن أبو العنين وقف فجأة وكأنه بيحاول يوجه الناس لمكان معين..
صوت الناس كان بيهلل ويكبر ومشيوا بسرعة ورا النعش اللي وقف في مفترق طرق بحري البلد..
ورجع معاهم تاني يمر من قدام دارنا وأنا بنفس وقفتي بالعروسة في الشباك.
بصيت لقيت الواد مِحرز كَلاف
البهـ ايم اللي شغال عند دار أبو العنين مموت نفسه من العياط والنِواح لدرجة وقع مغمي عليه والناس شالته..
الكل كان شايف مِحرز الكَلاف راجل مجدع وأصيل، حزين على موت ابن ولي نعمته
إلا أنا والعروسة أو خلوني أقولكم بمعنى أصح شويه.. أخويا اللي تحت الأرض اللي ساكن عروستي..
ايه خوفتوا ليه؟؟
متخافوش هو مش مؤذي على فكرة.
المهم الواد مِحرز الكَلاف اختفى بتاع أسبوعين تلاته كده وقالوا ده من وقت الحادثة وهو عيان..
كنت قاعدة مع أبويا وأمي وفجأة قولت له:
أبويا هم لسه ملقوش اللي قتل بيومي ابن أبو العنين؟!
أبويا اتنهد وقالي: لا والله يانواضر يابنتي لا حِس ولا خبر تقوليش إبرة في جُرن قٕش!
قلت له بس أنا عرفت مين اللي عملها.
الكلام نزل على أبويا صدمه، وأمي خبطت على صدرها وهى بتقول:
يا نصيبتي السودة!! ايه اللي بتقوليه ده يا بنتي! الكلام ده مفيهوش هزار ولا لعب عيال.
وقتها كنت عندي بتاع ٩سنين كده ولا ١٠
أبويا قالها بصوت: ششش وطي صوتك واصبري نسمع منها أنتي نسيتي موضوع أخويا وبنت الصواف اللي حصل عمنول!! ده معداش الحُول يا وليه اصبري بس..
طبطب عليا وقالي:
قولي يانواضر متخافيش عرفتي ايه؟!
مسكت في عروستي بكل قوتي وكنت كأني شايفه مِحرز الكَلاف وهو واخد بيومي الله يرحمه وداخل بيه غيط الدرة بتاعهم..
بقولك ايه يابيومي أنا هنزل الغيط أجيب أكل للبهـ ايم تيجي معايا هناك ونلعب سوا لعبة هتعجبك أوي..
بيومي كان طفل صغير يمكن من سني أو أقل شويه.
أبيضاني وعنيه ملونه وشعره زي سلاسل الدهب، كان حلو زي أمه..
بيومي فِرح أنه هيلعب مع مِحرز وراح معاه الغيط وهناك ظهر الوِش الحقيقي لمِحرز..
شيطان عايز ينهش جسم العيل الصغير ويوسخه بشهوته القذرة..
قرب مِحرز من بيومي واللي عرف أن اللي بيعمله مش لعبة..
كان بيعيط وهو بيقوله هيقوله لأبوه على اللي عمله معاه.
مِحرز بيكتم بوق بيومي عشان ميصوتش ويفضحه، مِحرز موقفش نهش في بيومي
وفجأة ايده بتمسك الشرشرة ودي حتة حديد زي السكينة كده بيستخدمها الفلاحين في الغيط. نزل مِحرز بالشرشرة دي على رقبة بيومي..
أمي هتصوت راح أبويا حاطط ايده على بوقها
شششش هتفضحينا يا نعيمة اسكتي اسكتي..
أمي كانت بتتنفض وأبويا بيضرب كف بكف وبيكلم نفسه
ايه ده ايه الكُفر ده عرفتي ده ازاي بس يابنتي أنا ابتديت أخاف منك وعليكي..
كنت بلعب بالعروسة ومش مستوعبة هو بيقول ايه أصلًا..
أمي جريت دخلت قاعتها وقفلت الباب وراها، أبويا لحقها
مالك يانعيمة!!
مالي ايه بس يا خليل مش سامع اللي سمعته من شوية؟!
اه سمعت
طيب ولما سمعت هتعمل ايه؟!
مش هعمل حاجه!! دي تخاريف عيال وأنتي عارفه البت خيالها واسع شويه عشانها كفيفة..
يعني جابت الكلام ده منين!!
يا سلام!! وكانت خيالها واسع يوم مصيبة أخوك وبت الصواف.
لأ يا خليل اللي بيحصل ده مش طبيعي..
لسه مخلصوش كلام إلا وسمعوا صوت رزع على باب الدار. حد ماسك الحدوة الحديد المتعلقة على الباب الخشب الكبير ونازل خبط بكل قواه.
أبويا جري يفتح الباب لقى جارنا عم مجاهد بينهج ومش قادر ياخد نفسه..
الحق ياخليل الحقني ياأخويا الواد مِحرز ابن عمي..
أبويا بص له ورجع بص ناحيتي..
ماله محرز ابن عمك يا مجاهد ادخل بس وخد نفسك شكلك جاي جري..
نفسي ايه اللي هاخده ده ولاد أبو العنين مش بعيد ياخدوا روحي أنا وكام واحد م العيله.
ياساتر يارب انطق وغوشتني يا راجل..
الواد مِحرز النجـ س هو اللي قتـ ل ابنهم يا خليل..
أمي صوتت..
أبويا قعد مكانه على المصطبة اللي جنب الباب..
انت بتقول ايه يا مجاهد؟!
والله العظيم زي ماسمعت كده الحكومة جت من يجي نص ساعة وخدته من جوه زريبة ولاد أبو العنين ولما شافهم داخلين عليه
قال لهم الشرشرة اللي دبـ حته بيها دافنها جوه عند مَربط البهـ ايم..
الواد اعترف أنه خلص على ابنهم وهو بيعمل معاه الرَضي..
يافضيحتنا يا ولاه
دبرني ياخليل يا أخويا أهج ولا أهبب ايه.. ولاد أبو العنين مش هيسكتوا..
أبويا قعد يبص لي وهو بيقول..
لأ أنا اللي محتاج حد يدبرني ويدِلني أعمل ايه!!