رواية عشق مهدور الفصل الرابع والاربعون 44 بقلم سعاد محمد
﷽
#الرابع_والأربعون
#عشق-مهدور
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالمشفى الموجود بها أسعد
كان طاهر يسير عبر الرواق،متوجهًا الى غرفة هويدا، لكن تقابل مع يارا الذى لاحظ على ملامحها التوتر والوجوم، توقف امامها، نظرت له للحظه ثم أخفضت وجهها بسبب رنين ذاك الهاتف الذى بيدها، إرتجفت يدها وهي تنظر للهاتف وكاد يسقط من يدها، لاحظ طاهر ذلك، شعر بفضول سائلًا:
فى أيه، وشك شكلك متوترة.
رفعت نظرها له قائله بإرتباك:
ده إتصال من هنا فى المستشفى عشان...
توقفت تشعر بغصه وحرج أيضًا.
حرضها طاهر على مواصلة الحديث:
عشان أيه كملي.
تجمعت الدموع بعينيها وهى تشعر بخزي:
أكيد عشان أكمل بقية إجراءات أخد جُثمان خالي رامز من المشرحه.
رغم شعورهُ بالبُغض من رامز لكن عذر مشاعرها قائلًا:
البقاء لله... بس ليه حاسس إن فى شئ محيرك
أومأت برأسها قائله:
شكرًا...أنا بصراحه معرفش أيه الإجراءات دى كمان المفروض لما أخد جثمان خالو يندفن،كمان الإجراءات دى معرفهاش،المفروض مامي هى اللى كانت تستلم جُثمانه،بسهى كمان فى المستشفى...ومكسوفه أطلب من آيسر يجي معايا وهو مرافق لـ بابا،وآصف هو كمان مش هنا،وشيرويت فى جامعتها وبعدها هتروح لـ مامي المستشفى.
تفهم طاهر ذلك قائلًا:
تمام خليني أساعدك فى إنهاء الإجراءات هنا وبعدها ندفن خالك فى المقابر.
رفعت يارا رأسها ونظرت لـ طاهر بتفاجؤ،تبسم رغمً عنه،قائلًا:
خلينا نخلص الإجراءات.
رغم حُزن قلبها على خالها،حقًا لم يكُن ذو أهميه ولا مكانه بحياتها هى وأختها لكن تبقى صلة الرحم واقفت طاهر الذى ذهب معها وأنهي جميع الإجراءات،كما وقف معها أثناء تورية جسد رامز بالقبر...
تهكم بداخله على هذا المتوفي،الذى لا يحضر احد دفنه كآنه معدوم الهاويه،حتى العزاء لم ينال هذا أيضًا ربما كان إنتقع ببعض الادعيه والرحمات...كذالك يارا،كانت ترا إلتفاف كبير حوله وهو حي الآن لا أحد غيرها هى وطاهر الذى هنا فقط من اجل مساعدتها لا أكثر من ذلك.
غادر الإثنين المقابر،وذهبا الى المشفى الآخر،دلفت يارا الى حجرة شهيره،رأتها تجلس تضجع بظهرها على خلفية الفراش،تحملق بسقف الغرفه مثل الشارده،تفوهت بهدوء :
مساء الخير يامامي.
إلتفت شهيره ونظرت لها بغضب قائله:
على ما افتكرتِ تجي لى،طبعًا قاعده جنب باباكِ طول الوقت،هتفكري فيا ليه.
سُرعان ما زاد غضب شهيره حين رأت طاهر يدخل خلف يارا إعتدلت فى جلستها ونظرت له بإستهجان قائله بعصبيه:
ومين اللى جيباه معاكِ ده كمان،إستني الشكل ده مش غريب عليا،بس مش متذكرة شوفته فين.
إرتبكت يارا، بينما فكرت شهيره للحظات وهى تتمعن النظر له، لم تتذكر،الإ حين أخبرتها يارا:
ده طاهر،يبقى أخو سهيلة مرات آصغ.
نهضت شهيره من فوق الفراش بغضب تتجه نحوه وكادت تشتبك معه لولا منعتها يارا حتى حاولت تهدئة غضبها، لكن وقفت تلهث قائله بإستحقتار:
كمان يبقى أخو الحقيره اللى إتجوزها أسعد وبسببها طلقني، أوعى من قدامى، جيباه معاكِ لهنا ليه، أيه اللى بينكم، ما أهو مبقاش ناقص غيرك... طبعًا عشان يسيطروا على أموال أسعد.
شعرت يارا بالخزي من حديث والدتها التى إنكمشت وضعت كف يدها فوق وجنتها المُصابه...ثم تراجعت نحو الفراش،تُعطي ظهرها لهما قائله بغضب:
إطلع بره أكيد جاي تشوفنى عشان تقول لأختك تشمت وتتشفى،بس أنا بخير شوية حروق وهرجع تاني أجمل مما كنت،أنا
"شهيره"
وهفضل طول عمري أيقونه من أيقونات الموضه.
شفق طاهر عليها كذالك على هويدا وما أصابها
يبدوا أن طمعهن للثراء كان له ضريبه فادحة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالمشفى الموجود بها أسعد
بغرفة هويدا
إسترسل أسعد قائلًا:
هويدا أنا يمكن قبل كده كان مستحيل أعترف بغلط انا عملته، بس بعترف جوازى منك كان غلطة دفعنا تكنها إحنا الإتنين، انا مكنش فارق معايا شبابك، بالعكس انا صورتك، او بمعنى أصح صورة الماضى"تهاني"
أمك الحقيقه، زمان لما المستندات دى جاتلى، بصراحه كنت مُغرم او يمكن مُعجب بـ إبتهال شوفتها كم مره لفتت نظري،وإتفاجئت بإعتراف زهير،أنها كانت مراته فى السر،وكنت إتصلت عليها وطلبت منها نتقابل، مش هنكر كنت هساومها قصاد إنها تتجوزني، رغم إنى كنت متجوز من شُكران، بس ده مكنش عيب فى نظرى وقتها، واقفت تقابلنى وحددنا ميعاد نتقابل فيه وكان المكان مقر بتاعي هناك فى البلد، فضلت مُنتظرها، وهى مجتش، قولت أكيد مش عاوزه تبين إنها ملهوفه وعاوزه حقها هى وبنتها اللى مجهولة النسب، بس للآسف تانى يوم إتصدمت لما عرفت إنها ماتت بعد ما صدمتها عربيه، فكرت أتواصل مع أيمن، بس إتراجعت وقولت مش يمكن البنت دى كانت مع مامتها، معرفش شئ منعني او حسيت إنه شئ مالوش لازمه بالذات لما دورت فى سجل المواليد عن بنت بإسم إبتهال ملقتش، عارف هتقوليلى كانت هتسجلك إزاي، بس يمكن غباء منى، لكن مكنش طمع يا هويدا
لأن الحقيقه زهير إبن عمى مكنش يمتلك غير كِنيته العسكريه، عمى الله يرحمه،كان غاوي رهنات عالخيول فى السبق وخِسر كذا مره وكان هيبيع نصيبه اللى ورثه من جدي،أبويا عِرف وإشترى الاراضى دى عشان هيبتنا فى البلد،محدش غريب يأخد أرض "شعيب"
وعندي المستندات اللى تثبت كلامى بسجلات رسميه كمان، زهير كان يمتلك جزء بسيط من السرايا، هو ده اللى إتبقى من أملاك عمي، والجزء ده أنا تمنته ومستعد أدفعه ليكِ، كمان المستند اللى معاكِ فيه إعتراف بنسبك تقدري تقدميه وتثبتِ إنك بنت "زهير شُعيب".
تهكمت هويدا قائله:
انا كِنية شُعيب مبقتش تلزمني، حتى الميراث والحكايه اللى حكيتها كنت اتمني معرفهاش وأفضل طول عمري بنت" أيمن الدسوقى"الموظف البسيط اللى ضمني وعطاني من حنانه محستش معاه إنى مش بنته للحظه واحده، يمكن قبل كده كنت بطرانه على مستوي المعيشه وكان نفسى أبقى فى طبقه تانيه،كنت مفكره وقتها أنى مش هحس بالنقص،بس للآسف كنت غلطانه أوقات كتير بيبقى على عنينا غشاوة الطمع بتزين لينا حياتنا،أنا مستغننيه عن كِنية"شُعيب"ومش عاوزاها لا زوج ولا حتي نسب،أنا هفضل بنت
الموظف البسيط"أيمن الدسوقى "...أعتقد حوازنا كان مبني على طمع من الطرفين،كل طرف كان له هدف يوصله وللآسف وصلنا للـ لا شئ إحنا الأتنين.
تفهم أسعد فحوي حديثها قائلًا:
تمام يا هويدا... ورقة طلاقك هتوصلك كمان قيمة الجزء بتاع زهير اللى فى السرايا هحولهم بإسمك عالبنك.
أومأت برأسها قائله:
شكرًا مش محتاجه للأموال دي، مش عاوزه حاجه تفكرني إنى كنت بلا نسب.
إنتهى اللقاء وغادر أسعد برفقة آيسر، ضمت سحر هويدا الباكيه فى حضنها، طمعت وطمعت وبالآخر لم تجني شئ سوا الخساره.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بشقة آصف
على طاولة الغداء، شعرت سهيله بالخجل من نظرة آصف لها لا تعرف السبب، رغم انها مجرد نظرات عاديه وإبتسامات، كذالك بسمة شُكران لها، تشعر كآن شئ غريب، أو جديد عليها.
نظف آصف بقايا الطعام عن فمه بإحد المحارم ثم نهض قائلًا:
الحمد لله.
نظرت له شُكران قائله:
إقعد كمل أكلك إنت مأكلتش.
نظر آصف نحو سهيله وتبسم قائلًا:
أنا مكنتش جعان بس أكلت عشان خاطرك، إحنا كنا فوتنا عالحجه آسميه واصرت إننا ناكل عندها.
نظرت شُكران نحو سهيله وتبسمت قائله:
طبعًا طبيخ الحجه آسميه مفيش زيهُ، بالهنا يا حبيبي.
تبسم آصف قائلًا:
هدخل آخد شاور واروح لـ بابا المستشفى.
نهضت سهيله قائله:
أنا كمان لازم أروح عشان أطمن على هويدا، معرفتش اللى حصلها غير من تيتا، وزمانها زعلانه مني.
تبسمت شُكران قائله:
إنتِ المفروض بلاش تجهدي نفسك كتير.
لم تفهم سهيله مغزى شُكران لكن قالت:
فين الإجهاد ده يا طنط انا بقيت باخد أجازت أكتر ما بشتغل.
تبسمت شُكران لـ آصف الذى تبسم هو الآخر، فهمت سهيله او خمنت السبب وقالت بسؤال:
إنتِ كمان كنتِ عارفه يا طنط، واضح إن كل اللى حواليا كانوا عارفين وأنا اللى مش واخده بالى.
إستغرقت شُكران سائله:
عارفين أيه.
نظرت لها سهيله قائله بتلقائيه:
إنى حامل.
اومأت شُكران ببسمه وحضنت سهيله قائله:
ربنا يكملك على خير إنتِ وروميساء.
تبسمت سهيله لها بود... وذهبت مع آصف، تنهدت بإنشراح... بينما قبل أن تدلف سهيله الى غرفتها القديمه جذبها آصف من يدها قائلًا:
لاء خلاص كفايه، صفوانه نفلت كل اغراضك فى الاوضة بتاعتِ.
تبسمت له بقبول وتوجهت نحو غرفته، إستغربت تبسم قائلًا:
المهندس خلص تعديل الاوضه فى وقت قياسي، ضم اوضة المكتب مع أوضة النوم وبقى بينهم باب مفتوح عشان يتقفل علينا باب منعًا للإحراج.
ضحكت سهيله قائله:
واضح إن الفلوس لها مفعول سحري، كم يوم إتغير ديكور الاوضين، بس بقى المكتب بتاعك هتراجع القضايا فين.
إقترب منها وضم خصرها بين يديه قائلًا:
أوضتك القديمه بقت هى المكتب، يعنى مبقاش فى بينا أبواب تانى بعد كده.
تبسمت بدلال قائله:
بس الباب مكنش مقفول يا آصف كان متوارب، ودلوقتى إتفتح عالآخر.
ضحك آصف وهو يحني رأسه قليلًا يُقبل سهيله التى أصبحت تُرحب بقُبلاته... ترك شِفاها ليتنفسا همست سهيله:
كفايه كده خلينا نجهز عشان نروح المستشفى.
بصعوبه وافقها آصف، وهو يُقبلها مره أخرى قائلًا:
كان نفسى نفضل فى بيت البُحيره هناك مكنش فى أى هموم... كنا لوحدنا.
تبسمت عينيها قائله:
بسيطة بس نطمن على اللى هنا ونبقى نرجع تانى، بس إعمل حسابك يا حضرة الأڤوكاتو إن إنت اللى هتدفع المرتبِ اللى إتخصم كله بسبب الأجازات.
ضحك قائلًا:
ده مش إستغلال يا دكتورة.
ضحكت سهيله بدلال:
لاء ده تعويض يا حضرة الأڤوكاتو وكفايه رغي قربنا عالمسا.
شعر آصف بإنشراح فى قلبه وهو يضحك، سهيله عادت معه كما كان يريد بلا تحفُظات.
...
بالمشفى
بعرفة هويدا، دخلت سهيله ونظرت نحو الفراش، تدمعت عينها وغص قلبها،حين تلاقت عينيها مع هويدا التى نظرت لها وتدمعت هى الاخرى،إقتربت سهيله وجلست جوارها،نظرت سحر نحو أيمن نظره فهمها،فنهض قائلًا:.
هروح أنا ماما نصلي المغرب قرب.
أومأن لهما،سالت دموع الإثنتين إحتضنت سهيله هويدا،قائله:
الطب إتقدم يا سهيله والطرف الصناعي بقى طبق الأصل من طرف الجسم.
بكت هويدا قائله:
سامحيني يا سهيله،عارفه إن طول عمري كنت آنانيه معاكِ وإنتِ كنت بتسامحيني دايمًا.
تذكرت هويدا تلك المره التى أعطت فيها لـ سهيله الدواء،وقالت:
لما إديتك جُرعة الدوا والله ما كان غرضى أئذيكِ أنا كنت مفكره إنك لما تاخدي جرعه كبيره هتخفي بسرعه...عشان كنت بكره آنينك بالآلم اللى كنت بضايق منه... بسبب ده كنت هتسبب ليكِ فى شلل لو مكنوش لحقوكِ بسرعه فى المستشفى.
رغم الدموع التى تسيل من أعينهن لكن ضمتها سهيله قائله:.
هويدا إنسى الماضى وكل اللى حصل، من شويه كلمت طاهر وقالى عاللى حصلك، ربنا كتب ليكِ عمر جديد، وكل شئ ممكن يتصلح عندك نعمه كبيره تستحق تتمسكِ بالأمل عشانها"حسام".
أومأت هويدا قائله:
فعلًا، أنا غلطت كتير فى حق حسام، كنت بحسه عقبه فى حياتي،بس فوقت ويمكن ربنا نجاني عشانه.
تبسمت سهيله قائله:
بس خدى بالك مش هيفضل دلوع كده كتير كلها كم شهر ويجى اللى يشاركه أو تشاركه الدلع.
تبسمت هويدا ووضعت يدها فوق بطن سهيله قائله وغمرت بمرح:
ماما قالت لى إنك حامل،وصدقينى فرحت أوى،كمان فرحت إن الحياة بينك وبين آصف إتعدلت،بس قوليلى راجعه كده وشك منور،آصف اكيد كان مش بيطلعك من أوضة النوم.
تبسمت سهيله بخجل،ضحكت هويدا وضمتها لأول مره تفعل ذلك تمزح معها وتتحدث بهدوء،شعرن بمعنى كلمة أخوات...كما كان المفروض أن يكُن اقرب لبعضهن،لكن هنالك فرص أخري للأخوات.
......
ليلًا
بغرفة أسعد
تنهد بآلم ونظر ناحية آصف الذى كان يجلس على أحد المقاعد شاردًا ينظر الى ذاك الخاتم الخاص بالزواج فى يده، ويبتسم...رأي السعاده عادت لوجهه، شعر بالآسف ربما كان ضلعً أساسيًا فى لوعة قلبه، وفُراقه عن سهيله لو كان إستمع لحديثها وإحتوي القضيه وترك آصف وما ضغط عليه وقتها، ندم سهيله لم تتردد للحظه ولم تفرض السوء منه خينطلب مرافقتها كى تضغط على آصف، حتى وهو مُصاب تعاملت معه دون النظر الى الماضى.
تعمد التأوه بآلم كى يلفت إنتباة آصف، الذى كان شارد الفكر ينظر الى ذاك الخاتم بإصبعه يشعر بإشتياق من مجرد ساعات، ربما بسبب بقائهم الأيام الماضيه وحدهما طول الوقت، لا ليس هذا هو التفسير لذلك بل الشوق الدائم لها، تمعن ذاك الخاتم الذى لم يخلعه من إصبعه منذ ان وضعته سهيله ببنصره ببداية ليلة زواجهم الأولى التعيسه،لم يُغادر بنصره، يتذكر دائمًا ذاك الموقف ويد سهيله المُرتعشه وقتها كذالك خجلها الذى يهيم به....
أخرجه من ذاك الشرود والإشتياق صوت تأوه أسعد إنتفض من مكانه وإقترب من الفراش سائلًا:
بابا حاسس بأى آلم،أتصل على الدكتور.
تبسم اسعد من إهتمام آصف قائلًا:
لاء أنا بس كنت بتحرك وحسيت بشوية آلم بس إنتهي،فين آيسر.
تبسم آصف قائلًا:
آيسر ما صدق إنى رجعت وقالى إستلم إنت بقى مكاني ورجع لشقته.
تبسم أسعد قائلًا:
فعلاً آيسر كان مرافق ليا ومحتاج راحه.
تبسم آصف قائلًا:
فعلًا من يوم ما إتجوز وهو مقضيها مرافق فى المستشفيات،من حقه ياخد راحه.
تبسم أسعد بغصه...وشعر بندم حرم نفسه من عائله دافئه بالمحبه التى كانت بقلب شُكران وضعتها بقلب أبنائها حتى سامر رغم الخطأ الذى سقط فيه لكن كان يمتلك قلبً رقيق،ربما هو ما جعله فريسه لـ رامز الذى إستغل فجوة ودخل الى عقل سامر أفسد عقله بتخاريف ومُحرمات...آيسر كذالك رغم مرحه،تذكر فى الماضى حين عارضة حين أراد دراسة الطيران المعدنى،لا يهوا المُقاتلات يكره الحروب،وقتها ظن أنه يود الرفاهيه،لكن ربما هذا كان القدر الذى رسم له اللقاء بـ روميساء،بإحد رحلاته...أبناؤه لم يرثوا صفة التعدد منه،كل منهم سقط بعشق إمرأة واحدة أسرت قلبه...
تنهد أسعد وهو يضع يده فوق يد آصف قائلًا:
سامحني يا آصف.
نظر له آصف بإستغراب قائلًا:
بابا مبقاش له لازمه الماضى انا خلاص مبقتش بفكر فيه،انا شوفتك وإنت بتقف ورا سهيله،لو مكنتش إنت منعت الرصاصه توصل ليها،يمكن كان زمانها أقل شئ فقدت الجنين اللى فى بطنها، كمان لو مكنتش جبتها معاك للهنجر عشان تمنعني يمكن كنت قتلت رامز ودمرت مستقبلي.
شعر أسعد بالسعاده قائلًا:
يعنى أنا هبقى جِد قريب.
تبسم آصف قائلًا:
إنت فعلاً جِد يا بابا.
تبسم أسعد قائلًا:
بس ولاد الابن غير ولاد البنت يا آصف... ولاد البنت صحيح ليهم فرحتهم بس ولاد الولد بتبقى فرحتهم شئ تانى، لان دول هما اللى بيكونوا إمتداد الشخص.
تبسم آصف قائلًا:
خلاص إفرح بزياده
آيسر كمان مراته حامل وهتبقى جِد يمكن روميساء تولد قبل سهيله...أو يمكن فى وقت واحد.
تبسم أسعد وهو يتجاذب الحديث مع آصف بود يمزحان،يشعران بمشاعر خاصه كما كان لابد أن تكون من البدايه،ما كان عليه إبعاد
آصف وآيسر الى تلك المدارس التى ظن إنها ستشكل منهما رجالً أقوياء،بل الدفئ العائلى الحقيقى هو ما يُشكل رجالً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بشقة آيسر
تمدد على الفراش يتنهد قائلًا:
كويس آصف هو اللى هيبات مع بابا الليله فى المستشفى...وحشتيني يا جميلتِ.
تبسمت روميساء وهى تتمدد جواره،ثم إقتربت منه،قامت بوضع رأسها على صدره وظل الصمت للحظات قبل أن تتنهد تشعر بدفئ صدر آيسر قائله:
الحرب شئ بشع كتير، مازال محفور بذاكرتى ماما وهى عم تحتضر والمشفى محاصر، بعد وفاة ماما بابا متحملش يعيش بـ لبنان بدون ماما خدنى وسافرنا عـ ألمانيا هناك مجتمع مفتوح ومع ذلك عُنصرى الحريه عندهم كذب، مجتمع آفاق وكاذب بلا مشاعر، يمكن كنت أنا وبابا محتاجين لمجتمع زي هيك،يمكن مشان كنا بنريد حياتنا مغلقة، كانوا زملائى بالدراسه والعمل بيعتبروني شاذه عنهم او بمعنى أصح مُنغلقه، فيها أيه لما أصاحب شاب، بس أنا كنت بتذكر تحذيرات ماما الي وانا صغيره، ماما وبابا من ديانتين مختلفتين ومع ذلك عمري ما حسيت إنى متشتته بينهم بالعكس بابا كان بيوصل ماما لقداس الاحد وهى كانت تشغل القُرآن بالبيت... ألمانيا مجتمع نازي على حق، يوم ما قابلتك ما كنت بدي إحضر الحفل
مشان ما إتحرج من زملائى، بس بابا أصر علي.
رفعت رأسها عن صدر آيسر ونظرت له قائله:
بتعرف يا آيسر انا كمان أعجبت بيك من أول لقاء بالذات لما عاكستني بالعربي، فهمتك وما رضيت عرفك إنى فهماك، صرت عم إستني بوكيه الورد كل يوم، وجوايا شغف إعرف مين اللى عم يبعته، لحد ما دخلت علينا وعرفت إن إنت اللى بتبعته، قلبي إتحرك، فى رحلة القاهره كنت عاوزه أقولك ما بدي إرجع عألمانيا خليني هون بالدفا بقلبك.
تبسم آيسر وهو يرا إصبع روميساء التى وضعته فوق قلبه، جذبها عليه وقبلها بشغف قائلًا:
إنتِ جميلتِ، اللى وقعت فى غرامها من نظرة عين... جميلتِ اللى فتحت دماغي مرتين.
تبسمت ووكزته بكتفه قائله:
بتستحق، أنا طنشت حديثك مع الممرضه المايصه اللى كانت بالمشفى.
ضحك آيسر قائلًا:
بسرعه كده يارا فتنت لك، والله انا كنت بتحمل سخافتها غصب عنى، بس عشان تهتم بـ بابا، لكن القلب خلاص يا جميلتِ إستكفي.....
للحكاية بقيه