رواية إختيار حازم الفصل الثالث بقلم ديانا ماريا
آية بصوت بارد: أنا آسفة يا حازم مش هقدر أكمل معاك،
أنت مستقبلك مبقاش مضمون وأنا فكرت كتير قبل ما أخد القرار ده ولقيته أحسن حل.
نظر حازم للدبلة بصدمة ثم لآية: ليه ؟
عقدت حاجبيها بإستغراب: قولتلك ليه! لأنه أنا مش هأمن على نفسي معاك، ودلوقتي أنت سيبت مكانتك ووظيفتك وبقيت من مهندس لمجرد عامل يومي، تقدر تفهمني هنقدر نتجوز امتى؟ إزاي هتوفر احتياجاتنا ؟ أنا مش ضدك لكن بردو لازم أخاف على نفسي.
ازدرد ريقه بصعوبة وقال بصوت خافت: تمام يا آية ربنا يوفقك.
مدت له الصندوق الصغير الذي يحتوي علي بقية الشبكة ونهضت بعيدا.
بقى حازم ينظر إلى الدبلة التي أمامه بحزن كبير لوقت طويل، لقد تخلت عنه آية في أكثر الأوقات التي يحتاجها فيها، ولكن هل له أن يلومها؟
بالتأكيد لا، لأنها قلقت على مستقبلها وهو دون مستقبل واضح في هذه اللحظة، لكنه أراد بشدة أن تثق به وإن تدعمه ولو قليلا كان مستعدا للعمل ليلا نهارا لأجلها.
في النهاية أخذ الدبلة وبقية الأشياء عن الطاولة ونهض مغادرا إلى بيت عمر.
كان يصعد السلم بهدوء حين رأى قطة تنام فى انحناءة السُلم، نظر لها بهدوء وتذكر حين أتى أول مرة لهنا والحادثة التي اعتبرها خيالا، ربما كانت حقيقية بعد كل شئ!
كان على وشك أن يكمل الصعود حين كانت فتاة تنزل السلم مسرعة توقفت على بُعم سم منه قبل أن تصطدم به.
نظرت له الفتاة بعيون متسعة بسبب المفاجأة، أما هو حدث إليها ببرود قبل أن يتنحى جانبا ويكمل صعوده دون أدنى لامبالاة.
صعد مباشرة إلى شقة عمر الفارغة ولم يتجه إلى الشقة الأخرى لأنه لم يكن يستطع مقابلة أي أحد.
بعد قليل صعد عمر ووجده يجلس على الأرض يضم ركبتيه إلى صدره ووجهه لأسفل.
أسرع إليه عمر بقلق: حازم مالك؟ حصل إيه ؟
رفع حازم رأسه إليه وقال بصوت مخنوق: آية سابتني.
تغير وجه عمر وصمت لا يعرف ماذا يقول.
قال حازم بنبرة كئيبة: أنا عارف أنه دلوقتي مستقبلي مبقاش مضمون بس كان نفسي تصدقني وتصدق أني قادر أعمل حاجة يا عمر.
ربت عمر على كتفه بينما تابع حازم: في نفس الوقت هلومها ازاي وهى معاها حق؟
عمر بدهشة: معاها حق إزاي ؟
نظر له حازم بضحكة مريرة: أكيد معاها حق إزاي هتكمل معايا وأنا فجأة بقيت بدون شغل، أكيد أي بنت هتفكر زيها.
قاطعه عمر بانفعال: لا أي بنت مش هتفكر زيها أبدا!
كان ممكن تقف جنبك وتصبر عليك الجواز مكنش بكرة وأنت كنت مستعد تنحت في الصخر علشانها لو كانت بتحبك بجد كانت صبرت عليك ووقفت جنبك لأنها عارفة أنك مكنتش مرتاح ولا مبسوط في شغلك القديم!
حدق إليه حازم بذهول شديد من انفعاله وحديثه عن آية،
لم يظهر من قبل عمر أي مشاعر معادية لآية لذلك هو يستغرب انفعاله، فكر ربما انفعل لأجل صديقه في نهاية الأمر.
حاول حازم الابتسام ولكن لم ينجح فقال: شكرا يا عمر على كلامك أنا مقدر شعورك وأنه كل اللي بتقوله ده علشان خاطري لكن خلاص مبقاش له داعي.
كان على عمر على وشك الكلام بإنفعال أكبر ولكنه تراجع وصمت ثم تنهد: براحتك يا حازم، بس دلوقتي لازم تفكر في مصلحتك ومستقبلك.
بمرور الأيام لم يبد أن المستقبل الذى سعى إليه حازم يهمه كثيرا لأنه كان يعمل بلامبالاة وتباطؤ ويعود فيأكل وينام أو يجلس وحيدا حزينا، حاولت والدته أن تتصل به سرا ولكنه لم يرد عليها، كانت المرارة تسيطر على قلبه بشدة حتى رفض أن يجيب اتصالها أو إتصال إخوته.
لم يتحمل عمر أن يراه على هذه الحالة أكثر فأقترب ذات يوم ووقف أمامه حين كان حازم جالسا بحزن على سريره.
قال عمر بإقتضاب: هتفضل في الحالة دي لحد أمتي ؟
حازم بصوت منخفض: أي حالة أنا كويس أهو.
اجابه عمر بحنق: لا مش كويس ده حتى طردك من البيت معملش فيك كدة وعلشان ايه علشان واحدة متستاهلش
حبك ليها ولا حزنك عليها.
وقف حازم بغضب وهو يمسك بقميص عمر: أنت بتقول إيه ؟ أنت واعي لنفسك ؟ إزاي تتكلم كدة عليها؟
عمر بغضب أكبر: هتكلم واكتر من كدة كمان!
صاح به حازم: كلمة كمان وهنسى أنك صاحبي!
أبعده عمر عنه بقوة: مكنتش عايز أقولك علشان مجرحكش لكن لازم تعرف حقيقة اللي مستعد تخسرني علشانها، الحقيقة اللي مقدرتش أواجهك بيها.
حازم بإرتياب: حقيقة إيه ؟
نظر عمر بعيدا وبدا أنه يجد صعوبة في الكلام قبل أن يتحدث أخيرا: آية كانت بتخونك.
#يتبع.