رواية ابنة الصياد الفصل السابع 7 بقلم انسان
ابنة الصيّادخطبة البنت عيشة (حلقة 7 قبل الاخيره )
قالت عيشة: لا بدّ أن تخطبني إذا من أبي ،وهو يعيش على حافّة البحر ،ولقد تزوّج امرأة أخرى تكرهني، لذلك أعيش في الغابة مع أمّي !!! قال إبن السّلطان :لا بأس ،غدا نجيئ مع الهدايا ،ونذهب إلى داركم . لم تنم البنت ليلتها من شدّة السّعادة ،فالأمير كان لطيفا جدّا معها ،ويعشق كلّ ما تعمله من زخارف ،لكنّها لم تكن مطمئنّة إلى زوجة أبيها ،فهي امرأة حقودة ،ولا تريد لها الخير .
في الصّباح جاء موكب السّلطان ،فأقبلت الجواري على عيشة، وأعددن لها حمّاما ،ومشطن شعرها، وألبسنها ثوبا من الحرير الوردي ،ووضعن عقود اللؤلؤ في رقبتها ،والأقراط في آذانيها، وخلاخل الذهب في رجليها ،ولمّا خرجت لتركب في هودجها ،بهت كلّ من رآها من الأعيان ،وأوّلهم السّلطان ،الذي كان منزعجا من أنّ عيشة ليست إبنة ملوك ،لكنّه سكت لمّا شاهد حسنها البديع ،وتحوّل إنزعاجه إلى غبطة ،فقبّل رأسها ،وقال: أهلا بإبنتي ،سترفعين قدرنا لمّا يأتي جيراننا من السّلاطين لحضور عرسك ،فلا أحد منهم له جارية مثلك في قصره .
كانت امرأة صيّاد السّمك تكنس أمام بيتها حين رأت موكب السّلطان، قالت في نفسها : لا شكّ أنّ زوجته أو إحدى بناته داخل الهودج ،فهو مجلّل بالحرير والدّيباج، لكنّها تعجّبت لماّ رأت الموكب يقترب منها ،والتفتت يمينا وشمالا فلا يوجد غير دارها الصّغيرة ،فماذا جاء السّلطان يفعل هنا ؟ قطع عليها حبل أفكارها أحد العبيد يسألها عن زوجها ،أجابت : إنّه بالدّاخل !!! قال لها : أطلبي منه أن يجيئ لاستقبال مولاي السّلطان ،هيا أسرعي يا امرأة ،ولا تدعينا ننتظر !!! زاد تعجّبها، لكنّها جرت إلى داخل الدّار، وقالت لزوجها هناك ضيف في انتظارك ،سألها ومن هذا الذي جاء ليقلق راحتي ؟ أجابته: إنه السّلطان، قال: ويحك، هل هذا وقت المزاح ؟ ردّت عليه : إنها الحقيقة ،أخرج ،وانظر بنفسك إن لم تصدّقني .
لمّا خرج ،قال له العبد: تعال سلّم على سيّدك !!! ولمّا رأى السّلطان واقفا أمامه، اعتقد أنه جاء لجمع الضّرائب ،فأخرج صرّة من المال ،وقال له: أعذرني يا مولاي أنّي تأخرت في الدّفع ،ضحك السّلطان ،وقال: لم أجئ لأخذ مالك بل لخطبة ابنتك عيشة ،إحتار الرّجل ،وقال : لقد اختفت في الغابة . ولا أعرف مكانها !!! أجاب السّلطان: لا تقلق ،إنها معي في الهودج ،ثمّ ناداها ،وقال: تعالي يا عيشة ،جاءت البنت إلى أبيها ،وهي في أحلى زينة ،فعانقها ،وقال: كيف تذهبين وتتركينني ؟ أجابت: سأخبرك بكل شيئ فيما بعد ،لا بد أن نتكلم ،قال: بالطبع، لكن لنقود أوّلا ضيوفنا إلى الداّخل ،ونقدّم لهم شيئا يأكلونه، ويشربونه .
دخل السّلطان وإبنه والغولة ،وجلسوا ،ثمّ قال لهم الصّياد: سأشوي لكم سمكا طازجا ،وستنضج إمرأتي خبز الشّعير والمرق على الحطب ،أمّا عيشة ستقدم لكم شراب الورد !!! لمّا سمعت زوجة الأب بالحكاية، أحسّت بالحقد، وأظلمت الدنيا في عينيها، وقالت :كلّ مرة أطردها ،ترجع منتصرة ،لا أعرف ما الذي عليّ فعله للقضاء عليها ؟ لمّا حضر الطعام أكل الجميع ،وانبسطوا ،وسرّ السلطان لهذه الضّيافة ،وقال : سأطلب من طباخي أن يعدّ لي مثل طعامكم فلقد كان مذاقه جيدا .
أمّا الآن فماذا تريد مهرا لعيشة ؟ رد الصياد: لا شيئ، فقط أتمنى أن أراها كل يوم ،قال السّلطان: لك هذا بإمكانك أن تأتي للقصر متى شئت، وسأمنحك مائة بقرة ،ومثلها من الخرفان والماعز ،وعشرة من العبيد ،وهذا ليس كثيرا على عيشة !!! لم يصدّق الصّياد نفسه، فلقد أصبح بفضل إبنته غنيّا ،ونسيب السلطان .
كانت زوجة الأب تفكّر في حيلة لإفساد زواج عيشة ،فهي لا تطيق أن تتزوج تلك اللعينة إبن السّلطان، وتبقى إبنتها بائرة ،وفجأة خرجت الغولة أمام الدار ،وكانت تعتقد أنها وحدها ،فرفعت الغطاء عن رأسها، وقالت : ما أشدّ الحرّ هذا اليوم ،فرحت المرأة لما رأتها ،وقالت في نفسها: الآن أعرف كيف سأفسد زواجك ..
...