رواية عشق مهدور الفصل التاسع عشر 19 بقلم سعاد محمد
﷽
#التاسع_عشر
#عشق_مهدور
ـــــــــــــــــــــ
بعد مرور شهر ونصف
دروب مُتعرجه وملتويه تسير بها تشعر كآن هنالك من يتعقبها تحاول السير سريعًا، لكن كلما ظنت أنها وصلت الى نهاية الطريق تجد نفسها بنفس مكان البدايه، لا تعلم إن كانت طُرق متشابهه، أم أنها تائه بنفس الطريق، توقفت تشعر بإنهاك
تنظر الى تلك الدروب أمامها، تشعر بحِيرة أى درب تسلكه لتجرج خارج تلك الدروب، لكن فجأة تشنج جسدها حين شعرت بيد توضع على كتفها، إذن صدق حدسها هنالك من يتعقبها فعلًا، إستدارت بصعوبه تنظر خلفها، زاد تشنُج جسدها للحظات قبل أن تنتفض بعيدًا لخطوه تمقت تلك البسمه وذالك الصوت الذى نطق إسمها بنبرة هادئه:
سهيله.
شعرت برهبه من تلك النظاره التى تِخفى عينيه بالتأكيد يُخفى خلفها الجحيم،عاودت خطوه أخرى للخلف لعدم إنتباهها كادت تتعرقل حاولت تفادى السقوط، لكن شعرت بقبضة يده على معصم يدها يمنع سقوطها حتى إستقامت واقفه سُرعان ما سحبت يدها بعنف،نظرت حولها كل الطُرق تتشابه
نُطقه لتلك الكلمات كان مثل سَنّ نصل فوق الحديد:
سهيله إحنا طريقنا واحد،مهما تحاولي بنهاية الطريق هتنتقابل دايمًا.
بسبب صوت تنبيه الهاتف
فتحت عينيها بفزع
نظرت حولها بترقُب للحظات قبل أن تفيق من هذا الحِلم،بل الكابوس...جمعت خُصلات شعرها بيديها للخلف وزفرت نفسها قائله:
الكوابيس دى مش هتنتهي،ليه آصف ظهر تانى بحياتى،كنت نسيته،وفكرت نفسى بقيت أقوي،ليه رجع يلازم أحلامي من تانى،لازم يفضل بعيد عني،ولازم أكون أقوي من كده آصف مالوش مكان فى حياتي،هو أكتر شخص وثقت فيه وإتسبب فى أكبر أذى فى حياتي.
زفرت نفسها تحاول نفض تلك المشاعر البغيضه عن قلبها لكن عاود تنبيه الهاتف،جذبته من فوق الطاوله،وقامت بالضغط على الشاشه فوق علامة توقف،بالفعل توقف تنبيه الهاتف لكن كان هنالك بعض الإشعارات،فتحت الهاتف تراها،تبسمت من ذالك الفيديو المُضحك المُرسل لها من رحيم معه عبارة "صباح الخير"
تبسمت وهى ترا موعد إرسال هذه الرساله كان باكرًا جدًا،ضحكت قائله:
رحيم اللى مكنش بيقوم من النوم وماما كانت بتصحيه بالعافيه عشان يقوم يروح المدرسه أو ميعاد دروسه بقى بيصحى قبل الفجر.
سُرعان ما خفتت بسمتها وهى ترا إشعار آخر لأحد المواقع الخاصه بأخبار عامة،وإستهزأت من مدح تلك المُراسله بذكاء وحِنكة المحامي الشاب،أنهي القضيه وربحها كالعادة...سخرت قائله:
هو ده العدل اللى كنت بتقول عليه،عدالة القانون بمنظور
"آصف أسعد شُعيب".
تصفحت أخبار أخري، لكن وضعت الهاتف فوق الفراش وتبسمت حين سمعت صوت دفع باب الغرفه الموارب وهروله ذللك الصغير يمرح بضحكات بريئة وهو يتجه نحوها على الفراش يصعد جوارها كآنه يختبئ بها، تبسمت وهى تضمه قائله:
إنت هربان من تيتا سحر.
تبسمت آسميه التى دلفت خلفه قائله:
لاء هربان منى أنا.
ضحكت سهيله قائله:
وهربان من ناناه ليه.
جلست آسميه على الفراش وذهب الصغير وجلس على ساقيها تبسمت له بموده قائله:
والله الواد ده خساره فى أمه هويدا.
تبسمت سهيله وهى تداعب خُصلات شعره قائله:
سبحان الله، إنتِ بتحبِ حسام جدًا وبدلعيه وهو كمان بيحبك، عكس هويدا إنتِ وهى مش عارفه سر عدم تقبلكم لبعض، رغم إنها المفروض كانت تبقى الأغلى على قلبك لآنها أول حفيده.
بخطأ من آسميه دون وعى قالت:
والله الحفيده اللى من النوعيه الغتوته دى قلتها أحسن والحمد لله إنها مش حفيدتى.
إستغربت سهيله،رد آسميه وظنت أنها تمزح، بنفس الوقت كانت سحر تدخل الى الغرفه وسمعت ذلة لِسان آسميه تداركت الموقف ونظرت لـ آسميه بـ تحذير قائله:
إنتِ طول عمرك كده يا ماما تحبي تهزري، وهويدا معذوره شُغلها فى البنك تقيل.
تهكمت آسميه قائله:
آه فعلًا تقيل، ربنا يكون فى عونها، بس المحروس جوزها بقالى فتره مس بشوفه خلقته السِمحه.
ردت سهيله:
إدعي له يا تيتا بيشتغل فى بنك إستثماري، هويدا بتقول إن المرتب كويس، وإنها قالت يشوف لها وظيفه فى البنك ده هى كمان.
رفعت آسميه يديها قائله:
ربنا يرزقها إياكش تشبع،وتهتم شويه بإبنها اللى من وقت ما ولدته وهى زى ما تكون مكنتش عاوزاه ولا جيباه من حرام.
ردت سحر:
لازمته أيه الكلام الفارغ ده،بعدين حسام هو اللى بيسلينى أنا وأيمن معظم الوقت لوحدنا.
تبسمت آسميه ونظرت لـ سهيله بحنان قائله:
عقبال ما اشيل ولاد بقية أحفادي.
شعرت سهيله بوخز فى قلبها لكن تبسمت قائله:
طاهر جاي قريب فى ميعاد أجازته يلا يا تيتا بقى جهزى له ليسته عرايس.
نظرت آسميه لـ سهيله بغصه ولم تريد الضغط عليها بالقول،كذالك سحر شعرت بآسى،بينما تبسمت سهيله على أفعال حسام الذى نهض من فوق ساق آسميه وخرج من الغرفه،نهضت سحر قائله:
أما أطلع ورا حسام لا يلعب فى حاجه فى المطبخ.
نهضت آسميه هى الأخرى قائله:
خديني معاك،خلينا نسيب سهيله تكمل نوم،أكيد حسام اللى صحاها.
تبسمت سهيله،قائله:
لاء انا كنت صاحيه،هقوم أتوضا وأصلِ الضُهر الحمد لله عندى النهارده أجازه من المستشفى آخد راحه شويه للمسا ميعاد العيادة.
نظرت لها آسميه بمحبه قائله:
ربنا يعينك يارب.
خرجن آسميه وسحر ذهبن الى المطبخ جلسن خلف طاوله صغيره يقومن بتجهيز بعض الاطعمه،تركت آسميه ما كان بيديها ونظرت الى سحر سائله:
هنفصل ساكتين لحد إمتي يا سحر،أنا مش عاجبني حال سهيله،طاحنه نفسها فى الشغل بين المستشفى والعياده،أمتى هتشوف نفسها وتعرف إن العمر بيعدي،الأول كنا بنقول تخلص الماجستير والدكتوراه،والوقت هينسيها اللى حصل من اللى ما يتسمى إبن أسعد،فات أكتر من خمس سنين،المفروض تفوق بقى لنفسها وتبني لها حياة ويكون ليها أولاد،مش شايفه حُبها لـ حسام ومعاملتها له كآنه إبنها،نفسى أشيل ولاد أول حفيده ليا وأفرح بيهم أنا مبقتش صغيره.
شعرت سحر بغصه قويه قائله:
أنا كمان نفسى سهيله يبقى ليها بيت وولاد وأفرح بيهم دى بنتِ الوحيدة،خايفه ولمحت لها كذا مره،وهى بتتهرب مني بأي حجه،خايفه يكون لسه آصف فى قلبها.
نفضت آسميه ذالك برفض قائله:
مستحيل اللى ما يتسمي ده يكون لسه فى قلبها بعد اللى عمله فيها،هى بس تلاقيها خايفه من التجربه،ولازم تعرف إن مش معنى إنها عاشت تجربه سيئه توقف حياتها.
تنهدت سحر بآسى:
والله قولت كده لـ أيمن وقالى سيبيها على راحتها.
زفرت آسميه نفسها قائله:
أيمن غلطان..
لو سيبيناها على راحتها هتفضل خانقه نفسها.
ردت سحر:
أيمن حاسس بالذنب بسبب اللى حصلها مع آصف، لغاية دلوقتي بيلوم نفسه إنه إتنازل وقبل جوازها منه.
تنهدت آسميه بآسف وآسى:
مش ذنب أيمن ده ذنب آصف اللى خدعها، وهى كانت لسه صغيره وقلبها متشعلق بأمل إنها تظهر برائتها قدام الناس،بس هو أثبت أنه من نسل عيلة "شُعيب" طلع واطي وقذر زى إبن عم أبوه زمان...ما عمل مع "إبتهال"،بس إبتهال مكنتش بريئه زى سهيله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بـ مكتب آصف ظهرًا
كان يضجع بظهره على المقعد،ينظر الى شاشة الهاتف، أغمض عينيه للحظات ثم فتحهما، تنهد بشوق يتلمس بآناملهُ تلك الصوره على شاشة الهاتف،مازالت ملامحها لا تُفارق خيالهُ، كآنها وشمً يستحيل إزالته حى بالكي بالنار،وإن كان حقًا يشعر بأن قلبه مكوى بلهيب الفُراق...
سمع صوت فتح باب المكتب،لوح رأسه ونظر لمن دخل،أغلق الهاتف
وإستدار بالمقعد ينظر الى إبراهيم الذى دلف ثم سأله بإستخبار:
ها القضيه إتحكم فيها.
تبسم إبراهيم بزهو قائلًا:
قولتلك القضيه مش هتاخد معايا وقت أهو الحُكم صدر.
تبسم آصف وهو يجذب سيجارًا وأشعله ثم نفث دُخانه قائلًا:
عاوزك تطلع قرار تنفيذ الحكم فى أسرع وقت ويتبعت على العنوان التاني.
أومأ إبراهيم قائلًا بتوضيح:
بس خُد بالك حُكم الطاعه دلوقتي بقى مختلف عن زمان، مبقاش" أوضة وقُله وحصيره" لازم مسكن لائق غير كمان بقى فى ضوابط، وكمان هى تقدر ترفض لو قدمت للمحكمه إلتماس بأى حِجه مُقنعه، زى عنيف،أو بخيل مثلًا.
عنيف…
هو فعلًا خسرها بسبب ذلك، لكن هو على يقين أنه ليس كما تعتقد عنه، يعلم جيدًا أنه لو كان تزوج بها قبل مقتل سامر، كان أذاقها من كؤوس غرامه، لكن أخطأ ودفع الثمن صدمات ألقتها بوجهه، والصدمه الأقسى أعترفها بأنه كرهته أكثر مما أُغرمت به سابقًا، كُرهها قاتل وهو يستحق ذالك، لكن قبل تنفيذ قرار الإعدام يسألون المحكوم عليه عن رغبته الأخيرة، لما لا تسأله هى عن رغبته الأخيرة ويبوح لها
رغبتِ الأخيرة، قبل أن أعثُر على صَفحك الأخير أُريد "قُبله وعِناق"
قُبله... أتنفس منها آخر نسمات الحياه
عِناق... أشعر بعودة هويتي كإنسان وأنى لستُ جمادً بلا مشاعر كما تظنين.
زفر دخان السيجار يشعر بوخزات نازفه بقلبه ليس أمامه غير هذا الطريق، مُرغمً بعد لقاؤه بـ سهيله
هى لن تغفر، وهو لن يستسلم ويرفع الرايه ويتركها لآخر غيره
حتى لو كان عودته لحياتها إجبارًا يفرض نفسه عليها... لابد أن ترا الوجه الآخر له، أو بمعنى أصح الوجه الحقيقي الذى عشقها، ربما ضل فى وسط الطريق، لكن هنالك فُرصه لرجوع قبل منتصف الطريق..كل ما يحتاجه هو فرصه أخرى يُصلح ما أفسدهُ بحماقة إنتقام زائف.
بنفس الوقت صدح رنين هاتف آصف نظر الى الشاشه فكر قليلًا فى عدم الرد لكن إبراهيم نهض ونظر الى شاشه الهاتف بفضول ثم نظر بتعجب لـ آصف قائلًا:
مي المنصوري مش بترد عليها ليه؟!.
زفر آصف دخان السيجار قائلًا بسأم:
مش عارف مش بحب طريقة كلامها المُتكلفه زيادة عن اللزوم، بحسها منفوخه عالفاضي.
تبسم إبراهيم قائلًا:
منفوخه عالفاضي، إنت مش شايف جمالها ولا شخصيتها دى فى رجال أعمال لهم إسمهم وسطوتهم، بس يتمنوا إشاره منها وهيركعوا تحت رِجليها، وأنا لو مش متجوز عن مراتي عن حُب كنت بقيت زيهم.
إلتقط آصف قلمً من على المكتب وألقاه على إبراهيم قائلًا بذم:
بتقارن مراتك اللى إستحملتك وإنت بتبدأ من تحت الصفر بـ شخصيه بارده وجافه زى "مي المنصوري".
تبسم إبراهيم قائلًا:
لاء طبعًا بس واضخ إن مي مش هتبطل إتصال قبل ما ترد عليها،أنا قايم أروح أتغدا مع مراتى وولادى،وإنت ماين نفسك شويه وإتحمل غلاسة مي،دى برضو مش زبونه عاديه،يلا أشوفك بعدين.
خرج إبراهيم وترك آصف الذى ينظر الى شاشة هاتفه،الذى إنتهى مدة الرنين تنهد للحظات لكن سُرعان ما عاد الرنين مره أخري،بضجر قام بالرد سمع إندفاع مي بغضب وهى تقول بسؤال كآنه أمرًا:
إتصلت عليك أكتر من مره ليه مش بترد عليا من أول إتصال.
زفر آصف نفسه لكن لم يحاول تقبُل طريقتها الآمره وقال بغلظه:
والله أنا مش فاضى طول الوقت للرد على الإتصالات، أفرضي إنى كنت فى إجتماع مع عميل للمكتب، أو حتى باخد وقت راحه، فى سكيرتاريه فى المكتب كان سهل تتصلِ عليهم وتطلبِ ميعاد وهما هيبلغوني.
رغم أنها غاضبه من طريقة رده المُتعاليه عليها لكن هذا يُثير إعجابها أكثر،هى تعودت أن تكون ذات شآن وأولويه لدا الجميع،إبتلعت ذلك وقالت:
المستندات اللى سبق وطلبتها بقت جاهزه.
تنهد آصف قائلًا:
تمام....
قبل أن يطلب آصف منها إرسالها او حتى أن تأتى بها الى المكتب قاطعته مي قائله:
هستناك الساعه عشره المسا عندي فى مكتب شركة السياحه، هبعتلك مكان المكتب عالفون.
لم تنتظر مي الرفض من آصف وأغلقت الهاتف، شعر آصف بالضجر،
لكن فكر قليلًا هى مقابلة عمل لا أكثر من ذالك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بـ ألمانيا
وقعت روميساء على وصل إستيلام باقة تلك الزهور ثم أخذتها من عامل التوصيل ودلفت الى الشقه، تبسمت لوالدها الذى قال:
بوكيه ورد الچوري الابيض والأحمر بتاع كل يوم، برضوا اللى بيوصل الورد مقالكيش مين اللى بيبعت الورد ده.
هزت رأسها بنفي وهى تستنشق عبق تلك الباقه الخلاب،وجذبت تلك الورقه الصغيره المرفقه بالباقه قرأت كلماتها بالالمانيه:
"الى أجمل نساء العالم،أغار من تلك الزهور أنها سبقتني ولمست يداكِ" .
تبسم والداها وهو يرا إهتمامها بتلك الزهور، يشعر بفرحه فى قلبه، قائلًا:
نفس كلمات كل مره، نفسي أعرف مين الشخص ده، وأيه غرضه من الورد ده.
سبحت روميساء بكلمات ورائحة الزهور لم تنتبه لسؤال والدها الذى
إقترب منها ووضع يدهُ على كتفها سألًا:
مش غريبه أنا فكرت فى البدايه اللى بيبعت الورد ده شخص يمكن كان بيمهد طريق،بس فات أكتر من شهر ونص وكل يوم الورد بيتبعت وهو لغاية دلوقتي مش عاوز يكشف عن شخصيته حتى لما سألتِ فى محل الورد ده،جاوبك وقالك إن شخص دفع حساب الورد نقدًا وطلب منهم إرسال الورد كل يوم للعنوان بتاعك.
إنتبهت روميساء الى حديث والدها وقالت:
فعلًا غريبه،وبس فى حاجه غريبه كمان فى الرساله اللى مع البوكيه
مكتوب بالعربي:
"اللقاء قريب إمرأتى الجميله والخجوله".
إستغرب والدها ذالك قائلًا:
معنى كده إن الشخص ده ممكن يكون عربي.
فكرت روميساء قليلًا ثم قالت:
ممكن يكون كده فعلًا، لآن الورد بدأ يتبعت من تانى يوم لحفلة السفارة المصريه.
شعر والداها بإنشراح قائلًا بتمني:
يمكن يكون شخص قابلك ليلتها.
تنهدت روميساء بتفكير تحاول التذكُر،ربما تصل لهوية ذلك الشخص لكن فشلت توقاعتها وقالت:
مش عارفه بابا.
تبسم والداها قائلًا:
عالعموم هو قال اللقاء قريب، خلينا ننتظر.
أومأت روميساء رأسها بفضول لمعرفة من الذى يُرسل تلك الباقات.
شعر والدها بغبطه وهو يراها تعود لإستنشاق تلك الباقه التى أصبحت تنتظرها يوميًا،تنهد قائلًا بهمس لنفسه:
قلب الصخره إتحرك.
بينما بـ ڤينا
فتح هاتفه يرا تلك الرساله المُرسله بصورة روميساء وهى تستلم باقة الزهور، شعر بإنشراح فى قلبه وتذكر تلك الليله بالحفل، راقب روميساء عن كثب كظلها حتى أنه تتبعها الى منزلها بعد الحفل وسأل عنها وعرف كل ما يريد معرفته عنها، تفاجئ حين علم أنها من أصول عربية،تلمس صورتها بآنامله قائلًا بتنهيد عاشق:
الرحله الجايه ألمانيا
اللقاء قريب يا جميلتِ.
ــــــــــــــــــــــــــــ
مساءً ڤيلا شهيره
بغرفتها، شعرت بضجر ولم تستطيع النوم، نهضت من فوق فراشها، ذهبت الى تلك المرأه الكبيره بالغرفه، إلتفت تنظر الى مُنحنيات جسدها عبر المرآه، مازالت رشيقه كما هى رغم بلوغها العقد الخامس من العمُر، لكن إقتربت من المرآه أكثر بوجهها نظرت بتمعن لملامحها لاحظت بعض خطوط التجاعيد حول عينيها، خطوط تكاد لا تُرا لكن إنخضت منها، وقالت:
المفروض أروح لدكتور التجميل بقالى فتره ناسيه نفسى، الخطوط دى لازم تختفي.
إبتعدت عن المرآه وعادت تتسطح على الفراش تنظر الى سقف الغرفه،ثم نظرت الى مكان اسعد الخالى بالفراش،تنهدت بزهق،وهى تشعر أنها وحيده،كـ ليالى كثيرة قضتها سابقًا،حتى بوجود أسعد جوارها معظم الوقت بالخمس سنوات الماضيه بعد أن إختارت شُكران مرافقة آصف وأصبحت هى الزوجه الوحيده بحياته،لكن لم يختفى شعور أن له زوجه أخري غيرها،كذلك هنالك مكان بقلبها شاغرًا لم يجد من يملأوه،ربما أرادت أن يكتمل لكن ليس مع أسعد،أسعد خالي المشاعر كلمات فقط هى ما تشعر به
كلمات مقابل لحظات غرام...إرتضت بأن تكون زوجه ثالثه بوقت كانت شُهرتها طاغيه،لكن علمت أن وقت تلك الشهره سيكون قليل، إختارت بعقلها ولغت قلبها، أصبحت إمرأه خاويه، النجاح والشُهرة هدفها الوحيد عثرت عليهم، نسيت أن لكل لحظة تمُر بالعُمر زهوه، إنطفأت بداخلها، ذكريات صباها وأحلامها تحققت لكن تنازلت كثيرًا عن عواطفها، بل وئدتها بالبحث عن السطوه والمال، أما آن آوان أن تسترد تلك الأنثي التى بداخلها.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بـ شقة عادل
بعد نهايه علاقة كانت مُجرده من المشاعر كآنه كان مع "إمرأة ليل" يقضى معها مجرد وقت لطيف وينتهى بلا مشاعر،حتى قُبلة الإمتنان لم يضعها على جبينها حين إبتعدت عنه وأعطت له ظهرها،كذالك هى تشغر بخواء من المشاعر،زواج قائم لكن قاضب للمشاعر،سنوات مرت وهى لا تشعر بمشاعر زوجه،فقط وقت لطيف يمُر،أحيانًا تبغضه وأحيانًا تتخيل زوج بمواصفات هى تريدها حتى تستطيع تقبُل تلك اللحظات الحميميه،لم تلوم تفسها على تلك المشاعر أنها لم تفعل شئ لتُبدلها لمشاعر حقيقيه بين زوجين،لكن لامت سهيله على تسرُعها وأنفصالها عن آصف، ربما لو إستمر زواجها قائم كانت إستطاعت الوصول الى أسعد، تذكرت صباح اليوم حين رأته بالبنك يتجول ومعه معاونيه، وإستقبال المدير له بحفاوة من أجل نيل بعض الإمتيازات، لم تستطيع فعل كما فعلت بالسابق وتقربت منه، إلتزمت بمكتبها حتى هو لم يرمُقها ببسمه، حياه لا تريدها هكذا، كانت تود حياه أخري تكون بها سيدة مُجتمع راقيه، إهتدى عقلها، لما لا تتنازل وتحاول قد تصل لما تُريد لاحقًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بـ عيادة سهيله
تبسمت لـ بيجاد الذى دلف قائلًا بمرح:
أنا حاجز ميعاد ودافع الفيزيتا.
أشارت له بالجلوس قائله:
أنا دكتورة أطفال على فكره... يعنى مش هفيدك، بس طالما دفعت الفيزيتا، ييقى تمام إتفضل قولى بتشتكي من أيه أهو أحلل تمن الفيزيتا.
تبسم لها قائلًا:
الحمد لله أنا راجل رياضي وصحتِ كويسه، كل الحكايه إنى عاوز أقعد معاكِ شويه، وكل ما أكلمك تقوليلى وقتِ مش فاضى، بين المستشفي والعيادة، قولت مفيش غير العيادة.
رسمت بسمه قائله:
تعرف إن باباك هو السبب إنى أحب دراسة الطب، زمان.
تبسم بيجاد قائلا:
طب كويس أنا كنت عكسك خالص مكنتش غاوى طب، بس زى ما بيقولوا إبن الدكتور لازم يطلع دكتور زيه، وانا اهو درست طب، بس طب على مزاجي، بحب الطب النفسي.
تبسمت له قائله:
قصدك طب المجانين.
تبسم لها قائلًا:
بالعكس كل البشر محتاجين لطبيب نفسي، بس مش ده الموضوع اللى عاوز أتكلم فيه معاكِ.
تسالت بفضول:
ويا ترا بقى أيه الموضوع المهم اللى خلاك تدفع تمن فيزيتا؟.
ألقى كلمته مره واحده دون لف ودواران وتتبع ملامحها كذالك حركة يديها:
مين" آصف".
سأمت ملامحها، كذالك إرتعشت يديها، لكن حاولت تمالُك نفسها وقالت بغضب:
ده موضوع قديم وإنتهى، ومن فضلك أنا مش بحب أفتكر الشخص ده.
لا يعلم لما يشعر بفضول أكثر، ربما اراد إجابه اخري، يعلم بها حقيقة مشاعرهُ نحو سهيله، إن كانت حُبً أو مجرد فضول لحاله إستفزته كطبيب نفسى، لكن وجد نفسه يقول:
تتجوزيني يا سهيله. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بـ مكتب مي المنصوري
بحفاوه إستقبلت آصف الذى تعمد التأخير لأكثر من نصف ساعه، يستفزها بذالك، رغم ذالك تغاضت عن تأخيره لكن سألت بدلال:
إتأخرت عن ميعادنا يا حضرة المحامي، أنا كنت لسه هلغى الميعاد وأبلغ السكرتيره تعتذر منك إن عندي ميعاد تاني.
ببرود رد عليها:
بسيطه،إتفضلي لميعادك،ونتقابل مره تانيه.
قال هذا وتوجه نحو باب المكتب،لكن ذهبت مي سريعًا وجذبته من مِعصمه قائله:
لاء أنا لغيت الميعاد التاني.
نظر آصف الى يديها اللتان تقبضان على معصم يدهُ بإشمئزاز،سحب يده منهما قائلًا:
قولتِ المستندات اللى طلبتها بقت جاهزه.
تبسمت له قائله:
فعلاً بقت جاهزه ثوانى هخلى
"شاكر" يجيبهم
رفعت سماعه هاتف داخليه وطلبت تلك المستندات،ثم وضعت السماعه ونظرت الى آصف الذى مازال واقفًل قائله:
إتفضل أقعد مش معقول هنتكلم وإنت واقف.
بدبلوماسيه جلس يضع ساق فوق أخرى،حاولت مي جذبه للحديث لكن كانت ردوده مُقتضبه حتى سمعا طرقًا على الباب ثم دخل شابً...نهضت مي واقفه تقول:
شاكر يبقى أخويا والنائب بتاعي.
مد شاكر يده لمصافحة آصف قائلًا:
على فكره أنا كنت زميل أخوك
"سامر"كنا دفعه واحده فى الجيش،حتى كنا قريبين من بعض .
أزاح آصف ساقه وإعتدل جالسًا،نظر بتمعُن لـ شاكر.
لاحظت مي ذالك لم تلتفت لذالك وقالت:
كفايه تعارف لحد كده،إدى المستندات اللى معاك لـ آصف باشا.
أعطي شاكر تلك المستندات لـ آصف ثم إستأذن،لكن آصف كان يود إسترسال شاكر عن سامر،لكن أجل ذالك.
بينما توجهت مي الى ثلاجه صغيره بالمكتب وفتحتها وأجرجت زجاجه نظرت لـ آصف سائله بإختصار:
كاس.
أومأ لها موافقًا.
صبت كآسين من الزحاجه،وذهبت نحوه تمد يدها بگأس له
أخذ من يدها ذالك الكأس راسمًا بسمة مُجامله
بينما هي أخذت كأس آخر لها وجلست على مقعد أمامه تضع ساق فوق أخري بدلال تحاول إظهار فتنة جسدها التى تمتلكها وجذبت كثير من الرجال سابقًا بثياب مُطابقه لذالك الفستان الضيق والقصير بالكاد لمنتصف ساقيها الذى يُبرز قدها الرشيق ومفاتنها وساقيها الممشوقه، لكن مع هذا الجالس لا يلتفت حتى لوجهها هو ينظر لذالك الكأس الذى يدور بيدهُ قبل أن يضعه على فمه ويتجرع ما فيه بعدم رغبه.
شعرت بضيق من تجاهله للنظر إليها لاول مره لا ترى بعين رجُل إعجاب لها، هى كانت تحصُل على ليس فقط على إطراءات بجمالها بل وبذكائها أيضًا، كانت أمنياتهم الحصول فقط على رمقة عين منها، زاد فضولها من ذالك المجهول الغامض أمامها، نظرت له كان إنتهى من تجرُع الكأس، سألته بدلال:
تحب أجيبلك كاس تاني.
أومأ رأسه بـ نعم
نهضت تعمدت الدلال بسيرها وهى تتعمد الإغراء الى أن جلست جواره وضعت إحدى يديها على فخذه قائله:
الكاس.
نظر ليدها الموضوعه على فخذه بإستهزاء بداخله، وأخذ الكأس من يدها الأخرى وظل صامتًا، زاد فضولها وتسألت:
مش غريبه محامي ناحج وله شهره كبيره، زيك ويفضل عازب.
نظر للكأس الذى بيدهُ قائلًا:
منين جالك إنى عازب.
إستغربت ذالك سأله:
ده اللى معروف عنك، بس ممكن تكون من النوع اللى بيخفى حياته الشخصيه، بيقول حياتى الشخصيه ملكيه ليا لوحدي مش للعامه.
رد ببرود:
ده فعلًا، أنا مش بحب حد يدخل فى حياتي الشخصيه.
مازالت تضع يدها على فخذه وقالت بدلال:
أنا إستثناء، وعندي فضول أعرف، يا تري مرتبط.
مازال يتجاهل حركة يدها على فخذه وينظر للكأس الذى بيده قائلًا بإختصار:
شبه مُنفصل.
إستغربت من جوابه وتسألت:
بعني أيه شبه مُنفصل، مش فاهمه؟!.
رد بغصه قويه تضرب قلبه:
يعنى كنت متجوز.
فهمت جوابه وقالت:
يعني مطلق.
رد بنفي:
لاء.
إستغربت ذالك سائله بحِيره:
إنت قولت كنت متجوز وشبه منفصل، يعني مطلق.
رد ببساطه:
فعلًا، إطلقنا، وطلبت أرجعها بس هى مرضيتش.
إنشرح قلبها وقامت بإلقاء اللوم على طليقته قائله:
فى سِت عندها عقل وترفض شخصيه ناحجه وقويه وجذابه زيك، أكيد عندها خَلل فى عقلها.
تهكم بغصه وإستهزاء من جاوبها قائلًا:
يمكن عشان هى أكتر واحده عارفه حقيقية شخصيتي من جوه مش المظهر الجذاب اللى بظهر قدام الناس.
إستهزأت سائله:
يعني هتكون أيه حقيقة شخصيتك، اللى تخليها تُرفض ترجعلك بدل ما كانت هى اللى تسعى لطلب رضاك.
رغم تلك الغصه المُتحكمه فى قلبه،لكن مازال يتذكر تلك الصِفه التى قالتها له وقت طلبها للإنفصال بعد أيام معدوده من زواجهما الذى إنتهى بمجرد أن بدأ بسبب قسوة إنتقامهُ الخاطئ،بداخلهُ يقين أنه عكس تلك الصفه، لكن هو من ترك لها تجربه قاسيه أكدت لها تلك الصِفه،هو من أرغمها على ذالك الكُره الذى رأه بعينيها له، لكن نظر لتلك التى سمع من بعض الرِجال مدح عن قوة شخصيتها ودهائها، بإستهزاء فماذا بها يأسرهم،هى لاشئ سوا أنوثه بارده لكن لا تمتلك ذالك الدهاء ولا قوة الشخصيه التى سمعهم عنها
لكن إستهزأ أكثر بها حين
شعر بيدها التى ضغطت بقوه على فخذه،ثم نظر لعينيها اللتان لمعن ببريق إعجاب حين قال:
عشان أنا شخص "سادي".
بينما هى برد فعل تلقائى منها
نهضت من جواره وجثيت على ساقيها أمام ساقيه بإمتثال رفعت وجهها تنظر له بخضوع قائله برجاء:
نتجوز عُرفي.
سَخِر من ذالك بداخله،لو كان رُجل آخر لشعر بزهو، إمرأة يلهث خلفها الرجال تترجي أمام ساقيه بخضوع،لكن هنالك أخرى بقلبهُ مازال مأسور لها،رغم أنه سحق قلبها.
تجاهل ذالك ونهض واقفًا ثم وضع الكآس الذى كان بيدهُ على منضده، ثم بدأ بالسير دون النظر لها، لكن هى نهضت سريعًا قبل أن يخرج من المكتب وجذبته من مِعصمه مره أخري قائله بتنازل عن كبريائها:
بلاش الجواز العرفي.
نظر لها بتقزُز وسحب يديه منها وخرج من المكتب صامتًا غير مُبالى لسماع صرختها ولا لتلك لأصوات تلك التكسيرات بالغرفه...
يعلم جيدًا أنه ليس ساديًا،لو أراد أن يكون كذالك لما كان شعر ببؤس من عِشقه لـ إمرأة واحده غزت كيانهُ لا يرا ولا يريد غيرها، لكن هو كان معها أسوء من سادي، كان متوحشًا بغشاوة إنتقام.
«يتبع»
للحكايه بقيه.