رواية خان غانم الفصل السادس عشر 16 بقلم سوما العربي


 رواية خان غانم الفصل السادس عشر 16 بقلم سوما العربي 

رواية خان غانم

الفصل السادس عشر


وصل بسيارته التي يطير من خلفها الغبار كالعاصفة و صفها بإهمال أمام المصنع ثم ترجل منها بغضب شديد ليجد العم جميل في إنتظاره .


فسأل مباشرة بغضب : حصل أمتى الكلام ده ؟


رد جميل و عينه بالأرض : من يومين يا ولدي ، بس ماكشفنهاش غير النهاردة.


غانم : يعني إيه ماكشفتوهاش غير النهاردة هما كام جنيه فكة دول تلاته مليون و نص.


رفع جميل رأسه و قال : ده لولايا كان زمان خربت مالطا.


دلف غانم للداخل بخطى واسعه و جميل خلفه يردد: أكيد الحركة دي من الواد المحاسب الجديد .


غانم : جيبهولي ، هو فين ؟


جميل: فص ملح وداب.


توقف غانم عن السير و إلتف له بغضب يردد : ده إلي هو إزاي يعني ؟ يعني إيه ؟ سرقني و هرب كده عادي ؟ ده انا أطربق الدنيا على دماغ إلي فيها.


فرد جميل بنزق : و هو انت فاضي يا ولدي ، انت عندك إلي شاغلك بقا.


احتدت عينا غانم و هدر بغضب : هو إحنا في إيه و لا في إيه دلوقتي ؟ ليه كل شوية عاملها شماعة تعلق عليها كل الغلط ، و بعدين هو المفروض أن أنا مشغل معايا ناس ليه لما أنا هعمل و هراقب كل حاجه ؟ و أنت ؟ كنت فين لما كل ده حصل ؟


أرتبك جميل بقوة ، بدأ ينفعل و يفقد السيطرة و التحكم في هدوءه ثم قال : ما المحاسب ده من طرف حبيبة القلب و لا نسيت ، طابخة معاه كل حاجة من بدري ، الأول تقولك عندي محاسب شاطر و بعدها يقلب تلاته مليون و نص و يكت و انت و لا على بالك.. كل همك تدافع عنها .


وقف غانم دقيقة يستوعب ، ثم بدأ يهز رأسه و عقله رافض تصديق الفكرة بالأساس و قال : لأ ، حلا ما تعملش كده .


جميل : و ما تعملهاش ليه ؟


غانم : و تعملها ليه ؟ 


كاد جميل أن يتحدث و يرد عليه لكن قاطعهم إتصال من والد سلوى فجاوب غانم على الفور.


غانم : أيوه يا عمي خير ؟


والد سلوى: الحقنا يا غانم ، سلوى تعبت .. تعبت أوي.. احنا في طريقنا للمستشفى دلوقتي ، الدكتور حولنا على المستشفى ، الوضع شكله خطير ، تعالى لنا بسرعه على هناك .


على الفور ركض غانم تجاه سيارته و قادها بسرعة متجه نحو المشفى.


كان صوت صراخها الهيستيري يدوي في المكان يرجه كله ، يستمع له من الخارج و هو يصف سيارته .


مما جعل قلبه يسقط بين قدميه و هو يتوقع حالتها التي قد توصلها للصراخ بتلك الطريقة.


توقعها مكسورة القدم أو الذراع ، بالتأكيد تعرضت لحادثة قوية أسفرت عن ألم شديد.


هرول للداخل يسأل عنها فوجدهم بقسم الطوارئ و سلوى ممدة على الفراش لا يوجد بها خدش واحد لكن صوت صراخها مازال مستمر.


تقدم من والدها يسأل بخوف و قلق : خير ، في إيه ؟ سلوى مالها ؟ بتصوت كده ليه ؟


لتصرخ سلوى مجيبة : البيبي يا غانم ، إبني ، إبني بيمون ، مش حاسة بيه خالص.


جف حلقه ، و اهتز جسده ، أقترب منها و حاول تهدئتها يردد : ده... ده عادي تقريباً ، بتحصل ، مش كده ؟


كان يسألها و هو يطلب منها أن تطمئنه هي ، لكنها هزت رأسها نفياً و عيونها تدمع بقوه .






في تلك اللحظة دلف الطبيب و معاونيه مردداً: ايه الزحمه دي ، لو سمحتوا فضو لي المكان عشان اعرف أعمل لها اللازم.


على الفور خرج أهل سلوى فنظر الطبيب لغانم الذي قال له : أنا جوزها و مش خارج.


تنهد الطبيب بضيق ، يتذكر ذلك الطور من المرة السابقه.


بدأ يباشر عمله و سط صراخ سلوى ، حاول التحدث لها قائلاً : لو سمحتي يا مدام أهدي إلي بتعمليه ده غلط ، الانفعال هيزيد الوضع سوء .


لكنها لم تكن لتتوقف بل حديثه زاد هلعها و صرخت : لازم يعيش ، أتصرف ، أعمل أي حاجة ، لو جرى له حاجة مش هرحمك ... البيبي لازم يعيش ... ما هو هيعيش ... مش هينفع يحصل له حاجة .. هيعيش صح ؟ هيعيش. 


طريقتها في الحديث كانت مخيفة وترت الطبيب رغم طبيعته الباردة فنظر لغانم يقول له : ما تهديها يا أستاذ مش هينفع كده .


لكنه وجد مختل أخر لا يتخير عن زوجته الكثير و قال له : أخلص أكشف و أعمل كل إلي ممكن يتعمل .. أنت سامع .


هز الطبيب رأسه بجنون و هو يرتدي القفازات الطبية و بدأ في مباشرة عمله وسط صراخ سلوى و بكائها يستمع لغانم و هو يميل عليها يقبل رأسها مردداً: أهدي يا سلوى ، هيبقى كويس ، أبني هيعيش ، لازم يعيش.


لكن الطبيب إلتف للممرضة يردد بهلع : حضري العمليات بسرعة .


أتسعت عينا غانم و ثقل تنفسه و هو يسأل : عمليات إيه ؟ دي في السابع .


هز الطبيب رأسه بيأس وقال: المدام عندها تسمم حمل ، البيبي ميت بقاله كذا يوم في بطنها.


لم تتحمل سلوى وقع الكلمة على أذنها و زاد صوت صراخها حتى أن حملها الصوتيه كادت أن تتمزق و هوى غانم على الأريكة من خلفه حيث لم تعد قدماه تحملانه .


جلس يشعر بالخواء من حوله ، لا يسمع سوى صوت سلوى التي تجلس على الفراش عند باب غرفة العمليات ترفض الدخول ، تحتضن معدتها بذراعيها تردد بصوت يفطر القلوب : طب سيبوه جوايا ، خلوني أفضل شيلاه حتى لو ميت ، خلوني أفضل حاسة بيه .


أقتربت منها منال و قالت باكية: يا حبيبتي كل وقت بيعدي فيه خطر على حياتك ، البيبي ميت بقاله كذا يوم و إنتي عندك تسمم حمل ، كده ممكن تموتي بعد الشر .


فعلى صوت سلوى تردد بعويل : بعد الشر ؟ بعد الشر إزاي هو في شر اكتر من إلي أنا فيه ؟ خايفين لا اموت ؟ ما أنا لو اخدتوا أبني مني هموت .. ليه يا رب .. لييييه ؟ ليه أنا ؟ ليه مش بيكمل لي حمل ؟ لييييه ؟


نظرت منال لغانم و قالت له: غانم .. تعالى كلمها لازم تدخل العمليات دلوقتي و حاول تهديها.


حاول غانم مقاومة دموع عيناه و كبتهم بشق الأنفس ليقف بجوارها و هو يحتضنها له مردداً: يالا يا سلوى ، لازم تدخلي ، في خطر على حياتك.


فقالت بنشيج قطع نياط قلبه: خطر خطر ، مابقاش فارقلي حاجه ، بس ماحدش ياخده مني ، سيبوني شيلاه و حاسه بيه.


أطبق جفناه بقوة و ردد و هو يتحامل على نفسه : أستهدي بالله يا سلوى ، لازم تدخلي ، مش هيبقى هو و إنتي في يوم واحد.


لكنها كانت مستمرة في الرفض بقوة تصرخ بأعلى صوت لديها : مش هسيبهم يخرحوه ، هيفضل جوايا ، ده أبني أناااا.


نزل غانم على عقبيه و هو يحاول التحدث معها استجابة لإماءة الطبيب الذي و كأنه طلب منها أن يلهيها حتى يغرز في ورديها تلك الحقنة المهدئة و لم تمر ثواني إلا و أستكان جسدها الثائر لا يسعها سوى أن تردد و هي بين اليقظه و النوم: مش هسيبكم تاخدوه ، ماحدش ييجي ناحية إبني ، مش هسيبكم تاخدوه .


جروها بالفراش لغرفة العمليات التي أغلقت عليها و ذهب غانم يقف مع والديها يسألهم كيف حدث ذلك.


في منزل حلا


وقفت على أعتاب باب الشقه تتجهز للخروج لكن أوقفها صوت سميحة التي هتفت بغضب : أستني عندك .


تنهدت حلا بتعب ، تعلم ماستتحدث فيه والدتها .


بالفعل أقتربت سميحة تكتف ذراعيها حول صدرها مرددة: هنقعد أمتى نتكلم في العك إلي أنتي بتعكيه ده ؟


سحبت حلا نفس عميق و قالت: مش وقته يا ماما أنا لازم أنزل الشغل دلوقتي مش عايزه اتأخر.


همت لتتحرك لكن سميحه اوقفتها مرددة بسخرية : ايه ؟ خايفه يتخصم منك و لا ايه ؟ المفروض دلوقتي إنك بقيتي مليونيرة .. إيه بقا إلي منزلك تشتغلي في مطعم و عيون الناس تنهش فيكي ؟






فجاوبت حلا : عشان ماحدش يشك فيا ؟ المفروض إني كنت محتاجه أي فلوس و أي شغل و عشان كده أشتغلت خدامة فجأة كده أستغنيت ؟ لازم نسبك الدور للأخر ، و بعدين هي فين الملايين دي ، أنا لحد دلوقتي مش عارفه أوصل لعادل و تليفونه مقفول ... اخر مرة كلمني كانت أمبارح الصبح لما قال إنه تمم كل حاجه و الفلوس معاه و من بعدها تليفونه مقفول 


سميحه : يمكن طمع فيهم و ضحك عليكي.


فكرت حلا لثواني و قالت : لأ ، عادل مايعملهاش .


سميحه: ليه ؟ الشيطان بيغوي أي حد.


حلا : ما كنش عرفني أنه خلص كل حاجه ، كان هيرتب ظروفه و يهرب من غير ما يكلمني ، ربنا يستر.


سميحه : و هو هيستر ازاي و إنتي عماله تعكي هنا شوية و هنا شوية و بتبوظي حياة الناس.


ارتبكت حلا لثواني ثم قالت: عكيت إيه و لا بوظت حياة مين ؟


سميحه: بطلي إستفزاز ، بس تعرفي إنتي مش غلطانه لوحدك ، أنا غلطانه إني سيباكي تعملي إلي بتعمليه و مصهينه على عمايلك، تقدري تقوليلي الفلوس إلي أخدتيها من إلي إسمه زفت ده حلال عليكي و لا لأ ؟ 


ثارت حلا عند تلك النقطة تحديداً و جن جنونها و هي تردد : يا نهار مش فايت ، أنتي إلي بتقولي كده يا ماما و بعد كل ده لسه بتسألي ؟


سميحه: إحنا مش متأكدين من أي حاجة ، ما يمكن مش هو .


حلا : لأ هوو .


صرخت بها حلا بغضب و قهر لتنظر لها سميحه بصمت تام ثم قالت: و افرضي طلع مش هو ، مالك كده زي ما تكوني عايزه تلبسيه الحكاية و خلاص ، مش قولتي إنه مش عنده فيسبوك.


حلا : و أنتي صدقتيه ؟


سميحه: أمال قالك كده ليه ؟


صمتت سميحة للحظات ثم جعدت ما بين حاجبيها و هي تسأل: و ليه نكر أنك في بيتك ؟ و ليه ماكنش بيسيبك تخرجي ؟ و إيه إلى خلاه فجأة كده يسيبك تمشي ؟ أنا عايزة اعرف كل ده... و أنتي بتتهربي من الكلام.


تحركت حلا تهرب ككل مره تتحجج بحجة جديده و قالت : بعدين أنا لازم أنزل شغلي.


فهتفت سميحة: مش كل مره هتهربي ، لازم تقفي تردي عليا .


ألتفت لها حلا و قالت: نعم يا ماما ، عايزاني أجاوب على أيه ؟


سميحه: أنتي عايزه تجنيني ؟ فهميني إيه العك إلي بتعكيه ده و ناويه على ايه ؟ و إلي إسمه عزام ده كمان ايه حكايته معاكي ؟


على ذكر سيرة عزام ظهر الشعور بالذنب على ملامح حلا و قالت: أهو هو ده الوحيد اللي حاسة بالذنب ناحيته، أنا قربت منه عشان يبقى بينا كلام رايح جاي و يهربني من بيت غانم ماكنتش أعرف إن كل ده هيحصل .


فقالت سميحه بسخط : ماهو من عكك ، و الهبل إلي بتهبيله ، هتعملي إيه دلوقتي ؟ ده مكلمني و عايز يخطبك و يتجوزك ؟


فهتفت حلا بسرعه : لأ خطوبة إيه ؟ احنا كلها يومين و هنسيب البلد اول ما أقابل عادل ، هاخدك و نمشي من هنا.


هزت سميحة رأسها مراراً و هي تردد بحزن: ليه كده يا بنتي ؟ إيه إلي بتعمليه ده ؟ ذنبه ايه بس تعلقيه بيكي ؟


أخفضت حلا نظرها أرضاً و قالت : بكره ينسى ، ماحدش بيموت عشان حب ، مش أحسن ما يعيش معايا و انا مش بحبه.


سميحه : وجع القلب ساعات بيموت يا حلا .


خرجت حلا عن هدوئها و رددت : و هو لوحده إلي قلبه موجوع ؟


نظرت لها والدتها بيقين تردد : قصدك مين تاني ؟ انتي مثلاً ؟


زاغت عينا حلا تنظر في كل الاتجاهات إلا عين والدتها و هي تقول : أنا مالي ؟ مانا صاخ سليم قدامك أهو ، و بجهز نفسي عشان أسيب البلد دي بالي فيها.


وقفت سميحة تنظر هي داخل أعين أبنتها تواجهها مرددة: الكلمتين دول تضحكي بيهم على أي حد غيري ، أنا أمك الي ولدتك و ربتك و عارفه إلي فيكي من غير ما تقولي 


فقالت حلا بعند : قولت لك مافييش حاجة.


ردت سميحة: امال عياط مين ده اللي بسمعه كل ليله من ساعة ما رجعتي؟






أرتبكت حلا كثيراً و إلتفت تتهرب منها و هي تردد : أنا ماشيه لازم الحق الجوازات و بعدها أروح الشغل بسرعه.


هرولت ناحية الباب هاربه و سميحه من خلفها تناديها : حلا ، أستني عندك ، مش هتهربي من الكلام زي كل مره ، أقفي عندك يا بنت أنا لسه ما خلصتش ك.....


صمتت بصدمة و هي تجد حلا قد فتحت الباب لتخرج لكن صدمت بعزام يقف على الباب يرتدي بذلة سوداء و بيده باقة ورد و لجواره تقف والدته و فتاة نحيفة كل منهما ينظران لها بنزق من أسفل لأعلى بينما عزام يبتسم بإتساع مردداً: صباح الخير.


لتقف حلا مبهوته هي و والدتها لا تعلم كل منهما كيفية التصرف في وضع كهذا .


في غرفة مغلقة بإحكام


فتح جميل الباب و دلف للداخل يلقي بصحن صغير لعادل الذي يجلس أرضا به قطعه من الجبن و كسرة خبز ثم ردد : خد إطفح .


نظر له عادل بقهر و ردد : هتفضل حابسني هنا لحد امتى ؟


جميل: لحد ما تفتح مخك معايا و تقولي مكان الفلوس فين و أنا هشوفك بمبلغ حلو أكبر حتى من إلي كانت البت الشمال دي هتديهولك .


عادل : أنسى ، و الله لو أديتني المبلغ كله.


جميل: لأ شهم ياض ، خلاص خليك مرمي هنا .


فهتف عادل بغيظ : طب و أخرتها ، هتستفيد إيه برميتي هنا.


إلتف له جميل و قال: بص بس عشان نجيب من الآخر ، انسى إنك تخرج من هنا غير لما أخد كل الفلوس إلي أخدتها .


نظر له عادل بحاجب مرفوع و قال: بلاش تحسسني إنك خايف على البيه أوي كده، عيب ، ده انا شوفت كل الحسابات الملعوب فيها ، يعني أنزل من على المسرح بقا .


جلب جميل إحدى الكراسي و تقدم يجلس لجواره ثم قال : عليك نوووور ، بس انا طول عمري اهبش هبشة صغيرة مش زيك ، و يوم ما ده يحصل أكيد مش هسيبك تبلعهم لوحدك ، فيها لاخفيها .


عادل: يا سلام ، أما إنك صاحب مبدأ بصحيح ، بس شوف لما اقولك ، أنا عيل شمال و اعمل كل حاجه غلط بس إلا أكل فلوس الولايا و الفلوس دي حق حلا و ماحدش يطول منها مليم واحد ، خليك جدع و أعمل حاجة واحدة صح و خرجني من هنا .


وقف جميل و إلتف يذهب ناحية الباب ثم قال: و مين ده اللي ضحك عليك و فهمك إني جدع ، خليك هنا بقا لما تدود و خلي شهامتك تنفعك يا شهم .


ثم صدحت ضحكاته ساخرة متقطعة حتى خرج من المكان كله و ترك عادل يخبط رأسه في الخائط خلفه يسأل الله الخلاص.


في المشفى 


كانت اصوات صراخ سلوى التي أستيقظت و أدركت ما حدث تملئ الفضاء من حول المستشفى كلها .


كل رواد المكان تقريباً علموا قصتها بسبب صراخها المتواصل.


وقف بجوارها غانم يحاول تهدئتها و هي تصرخ فيه : دفنته يا غانم ؟ المره دي مش زي كل مره ؟ مش شوية دم و نزلوا ... المره دي اتسمى و أتكفن و أتدفن ، المره دي لحم و دم ، دفنته فين يا غانم .






بصعوبة بالغة منع غانم دموعه و قال بصوت موجوع : جنب أبويا و جدي .


فصدح صراخ سلوى يشق حنجرتها و يشق المكان :أاااااااااااه .


فهرولت إليها الممرضه تضخ في وريدها حقنة مهدئة جديدة و هو وضع يده على فمه حتى وصل لسيارته يغلقها عليه ثم يسمح لنفسه بالبكاء.


يشعر بالوحدة في أكثر اللحظات التي قد يحتاج فيها أي إنسان للمساندة و الدعم ، لطالما كان وحيداً و تأقلم على ذلك الوضع ، لكنه الآن في أمس الحاجة للدعم النفسي من أحدهم ، سلوى معها كل عائلتها ، حتى أبناء و بنات عماتها و خالاتها .. كل الأقارب من ناحية الأب و الأم.. كلهم معها حتى أثناء نومها إلا هو... وحيد تماماً لا يوجد من يقف لجواره ، هو لا أحد له تقريباً.


و هنا كان يجب أن يتذكرها ، وجد نفسه لا يتذكرها بحنان بل بوعيد فهو في حاجه شديدة لها و هي ليست موجودة.


و بلحظة ضعف  أشعل سيارته و هو يمسح دموعه و قد قرر الذهاب لها ليجد على الأقل من يلقي بنفسه بين ذراعيها يشكيه همه ، يشعر أنها الوحيدة التي قد يظهر ضعفه و يعري روحه بين أحضانها.


في نفس الوقت... ببيت حلا .


جلست لجوار والدتها تتمسك بها بشئ من الخوف من نظرات والدة عزام و شقيقته و هما ينظرون لها بترفع تام فقالت سميحه: أحممم، منورانا ، ماتأخذوناش البيت مش أد المقام.


لتجيب والدة عزام: ماهو باين .


نظر لها عزام بلوم ثم أبتسم لسميحة و قال : ما تقوليش كده يا طنط ، أنا بقول ندخل في الموضوع على طول... أحممم ، أنا كنت جاي طالب أيد حلا من حضرتك و قولت كمان أجيب أمي و أختي الوحيدة عشان الأسرتين يتعرفوا على بعض و إن شاء الله يحصل قبول.


زمت سميحة شفتيها بتردد لا تعرف كيف ستحرجه و هي على يقين تام بمشاعر أبنتها لكنها لم تود جرح كرامته و كبرياءه و قبلما تتحدث قالت والدة عزام بنزق : بلاش تحرجهم يا حبيبي و بلاش إنت كمان تتسرع .


بهت وجه سميحة و هي تجد عزام عاجز عن الرد على كلام والدته ذو المعاني المتعددة و قالت : إيه ؟ يتسرع ؟


فقالت شقيقته و هي تتحدث بالعين و الحاجب كما يقال : أيوه ، بعد ما جينا و شوفنا الحال ده شكلكم يعني ما تأخدنيش على أد حالكم .


أكملت تباعاً والدتها : كمان سمعت من الست جارتكم و هي بتطلع الزباله ، سألتها كده طياري يعني عنكم قالت أنكم جايين من بلدكم مابقالكوش كتير و لا حدش يعرف لكم أصل من فصل ولا قرايب .


هتف عزام: أمي.


فقالت والدته : الاه ، مش بقول الحقيقه ، هو انا بتبلى عليهم.


نظر عزام لسميحة و قال: حقك عليا أنا يا طنط انا بقول نقرا الفاتحه دلوقتي و...


لكن وقفت سميحة و قالت بحسم : لا فاتحة و لا غيرو خد أمك و أختك يا أبني و اتكل على الله.


في نفس الوقت دق جرس الباب و ذهبت حلا تفتحه لتصدم و هي ترى غانم هو من كان يدق الباب و الماثل أمامها.


و كذلك صدم غانم و هو يرى عزام يجلس في وسط صالة بيتهم يرتدي بذلة جديدة و معه باقة ورد و أسرته في مشهد لا يوجد له الإ تفسير واحد.......


لمتابعة باقي الرواية زوروا قناتنا ع التليجرام من هنا  

تعليقات
تطبيق روايات
حمل تطبيق روايات من هنا



×