رواية نجمة في سمائى الفصل الخامس 5 بقلم دعاء احمد
#نجمة_في_سمائي.. #الفصل_الخامس
شعرت شمس بارتياب و قلق
و هي تري صندوق أسود متوسط الحجم موضوع على الفراش مغلف بطريقة أنيقة و مميزة و كأن صاحبها شخصية فريدة من نوعها.
اتجهت نحو الفراش لكن تملكها شعور بالشك أكثر عندم وجدت أسمها على الصندوق
قامت بفك تلك العقدة، ساحبه الغطاء وجدت غلاف ورقي سحبته.
ظهرت ابتسامتها تدريجيا و هي تخرج ذلك الثوب الاسود المتلالاء بخيوط فضية تبدو في غاية الجمال.
ثوب مميز ناعم و اسفله حجاب نبيتي الون شعرت بقلبها يخفق من شدة السعادة لوهلة و هي تتجه نحو المرآه بسرعة تحاول وضعه على جسدها تتأمل مظهرها به.
و كأنه اذهب عقلها من شدة جماله و نعومته، لكنها توقفت فجأة و اختفت ابتسامتها و هي تضع الفستان على الفراش، تفكر بعقلانية و هدوء
شمس : طب ايه دا بقا؟ يا ربي هو أنا ناقصة توتر، لا لا اصبري ممكن يكون مقلب من اللي أسمها هند، كلامها معايا اخر مرة بتقول أنها مش هتسكت الا لما تعمل مصيبة،مفيش حل غير إني اسأل صفاء هانم.
وضعته مرة أخرى في الصندوق و ترتب وضعه ثم وضعت عليه الغلاف الورقي و اغلقتها جيداً.
خرجت من الغرفة و هبطت للدور الاول حيث غرفة صفاء هانم
طرقت على الباب عدة مرات ثم دلفت الى الداخل بعد أن سمحت لها السيدة سلمي بالدخول.
ابتسمت بود قائلة بحب:مساء الخير يا هانم.
صفاء بطيبة:مساء الورد يا شمس تعالي.
شمس :الف مبروك لحمزة بية و عقبال يارب ما تفرحي باولاده
و يملوا البيت فرح و سعادة.
صفاء برجاء:يارب يا شمس يارب و يارب كمان احضر فرحك متعرفيش انا حبيتك اد ايه و كأنك بنتي.
شمس بابتسامة بريئة:أن شاء الله، بس كنت عايزة اسأل حضرتك عن الصندوق دا؟ أنا لقيته في اوضتي و كمان عليه أسمى.
سلمي:بس دا استاذ...
نظرت صفاء للسيدة سلمي بتحذير و حدة لتصمت مخفضة رأسها و شمس تبدل النظرات بينهما لتغمغم صفاء بجدية:
=دا فستان أنا جبته مخصوص علشان تحضري بيه حفلة الخطوبة و ان شاء الله يبقى على مقاسك.
شمس :ليه حضرتك عملتي كدا؟
صفاء:مش عايزه تحضري حفلة خطوبة حمزة و لا ايه؟
شمس:بس دا كتير أوي
صفاء:لا كتير و لا حاجة انتي تستاهل كل الخير اللي في الدنيا أنا من اول مرة شفتك و انا مرتاحة ليكي، صحيح الميكت ارتست هتخلص مع هند كمان شوية و أنا طلبت منها تجهزك عايزاك تكوني زي القمر النهاردة.
ابتسمت شمس بتاثر ووضعت الصندوق جانباً لتجثو على ركبتها بجوار صفاء الجالسة على كرسيها المتحرك، مسكت يدها بين كفوفها :
=أنا بجد مش عارفة اشكرك ازاي بس حقيقي انا هفضل طول عمري فاكرة حضرتك و ازاي بتعامليني انا بجد متشكره اوي.
ابتسمت صفاء قائلة:
طب سيبك من الشكر و الكلام دا و بعدين كفاية أنك مليتي عليا حياتي من تاني، حمزة كان طول اليوم في الشغل و مفيش حد معايا و انتي تستاهل كل خير يا شمس، ياله بقا قومي اجهزي.
-طب دا معاد الدواء، ثواني هجيبه.
بعد دقائق
غادرت الغرفة و هي تحمل العلبة بسعادة بينما نظرت سلمي لصفاء بارتياب
قبل قليل
وصلت لي لي الي القصر لحضور الحفلة و مرافقة هند طوال الحفل كما وعدتها بالأمس
سارة :اهلا يا لي لي هانم نورتي القصر، آنسه هند قالت اول ما توصلي لازم اوصلك للجناح بتاعها هي الميكب ارتست معها دلوقتي.
ردت لي لي بتعالي و هي تخلع نظارتها السوداء قائلة بتكبر واضح:
=مدام صفاء في اوضتها؟
-ايوة
=خالص روحي شوفي شغلك، اكيد مش هاجي لحد هنا و مسلمش عليها.
لم تنتظر رد سارة عليها بل اتجهت نحو غرفة صفاء لكن وجدت تلك الفاتنة باهرة الجمال تخرج من الغرفة بسعادة و حماس.
عقدت ما بين حاجبيها و هي تراها تصعد للدور الثاني.
اقتربت من غرفة صفاء و كادت ان تطرق على الباب الا انها سمعت صوت صفاء تتحدث بنبرة محذرة
=شمس مش لازم تعرف أن حمزة هو اللي اختار او اشتري الفستان دا ليها يا سلمى.
لحد ما أنا افهم بيحصل ايه
و هو بيفكر في ايه؟
ازاي يعمل حاجة زي دي!
و أنا أعرف بالصدفة من دار الازياء أن حمزة دويدار بيختار بنفسه فستان للمحجبات؟
بس لازم يبقى في كلام بينا بدون ما شمس تعرف حاجة. فاهمة؟
اومات لها السيدة قائلة بلباقة:
=تمام يا صفاء هانم.
ابتسمت لي لي بشر لتهمس بحماس و سعادة:
=حلو اوي دا اللعبة هتحلو.
****************************
انتهت شمس من تجهيز نفسها فشعرت للحظات بالذهول و هي تدور حول نفسها بنعومة أمام المرآة.
كانت في غاية الجمال و الرقة بذلك الثوب الذي يعكس جمال بشرتها البيضاء المتشربة قليلا من أشعة الشمس.
كحيلة العينان، لم تضع أدوات التجميل بل اكتفت بوضع كحل لتبدو عيناه ذات لمعه خاصة خاطفة للانفاس و العقول،
رونق ابتسامتها خاص و مميز وضعت أحمر شفاه خفيف،
ابتسمت بثقة و سعادة فلاول مرة ستحضر حفل كهذا.
نظرت شمس الي الساعة وجدتها الثامنة مساء، بدا الحفل قبل قليل نعم هي سمعت أصوات ضجة كبيرة مع صوت الموسيقى.
على الناحية الاخري
هبط حمزة الدرج بهيبة تليق به و بجواره هند التي ارتدت فستان سنييه ازرق طويل ضيق قليلا من الخصر ثم يتسع بعد ذلك
مكشوف الذرعان و ارتدت أفخم طقم الماظ لديها و قد جلبت للمنزل أحسن ميكب ارتست
لتبدو في المجمل جميلة لا شك في ذلك ابدا.
التقطت الصحافة صورة لهم و حمزة يحاوط خصرها
بالتأكيد هذا زواج الموسم.
خرجت صفاء مع السيدة سلمي من غرفتها و هي تبتسم لحفيدها بسعادة لكن قلبها مرتجف و كأن اليوم لن يمر على خير ابداً
أبتسم سالم والده و هو يحتضنه قائلا :
=الف مبروك يا حبيبي عقبال لما افرح بيكم في الفرح.
حمزة بهدوء:
الله يبارك فيك يا بابا.
اقتربت لي لي من سالم و هي تمسك في ذراعه مغمغمة بسعادة:
=الف مبروك يا حمزة بيه.
حمزة:الله يبارك فيك عقبالك يا لي لي، اومال فين عديلة هانم.
ردت لي لي بنعومة و هيام
:مامي تعبانة شوية و بتعتذر أنها مش هتقدر تيجي و بعدين ايه هو أنا مكفيش.
لم يجيبها حمزة بل نظر لها بوجة خالي من التعبيرات و هو ينظر للدرج لعل تلك اللعنة التي إصابته تنزل.
شعرت لي لي بالاحراج لتضيف بغل خفي :
=بس طالعة زي القمر يا هند الف مبروك يا حبيبتي.
ابتسمت هند بغرور قائلة بخبث و هي تتشبث بذراع حمزة :
=ميرسي يا لي لي، و حقيقي متشكرة جداً على الهدية اللي قدمتيهالي النهاردة
نظرت لها لي لي بخبث مماثل لتقول:
=مفيش شكرا بينا أنتي زي اختي يا هند.
ابتسم سالم قائلا:
=طب مش ياله يا حمزة تلبسها الشبكة.
زفر حمزة بضيق في نفس توقيت دخول يونس و قد لفت انتباه بعض الفتيات بوسامته و كاريزمته المرحة
أبتسم يونس و هو يقترب منه محتضن إياه بحب اخوي :
=معقول تلبسوا الشبكة و انا مش موجود دا حتى يبقى فيها زعله جامدة اوي، الف مبروك يا حمزة.
ابتسم حمزة بحب و قد شعر ببعض الهدوء بوجود صديقه احتضنه قائلا:
=الله يبارك فيك و عقبالك.
ابتسم يونس و غمز له بشقاوة قائلا:
=عن قريب ان شاء الله.
ابتسم حمزة بشك لكن لم يسأله عن شيء الآن بين كل هؤلاء، مد يده يمسك يد هند متجها نحو تلك الاريكة المميزة و المزيونة بطريقة أنيقة.
جلست و جلس هو الي جوارها و هو يشعر بالاختناق بالمعنى الحقيقي، و كأن الهواء ينسحب من حوله
و كأنه كان يركض في مارسون للجري لمدة طويلة جداً و فجأة توقف و الآن رئتيه غير قادرة على اخذ نفس واحد.
نزلت شمس الدرج بتوتر من كل هذة الترتيبات و كل هؤلاء الأشخاص و التي شعرت بينهم بعدم الأمان.
أخذت نفس عميق محاولة منها للهدوء، وقعت عينيها عليه فكان يبدو وسيم بشرته الخمرية المتشربة و عيونه السوداء ذقنه الناعمة و بذلته السوداء الأنيقة.
رفع حمزة عيناه الضارية فهي تشبة عيون النمور حادة و مفترسة مع اختلاف لونها الأسود، تلاقت أعينهم في نظرة خاطفة فابتسمت شمس بارتباك كنوع من التهنئة له بينما
هو شعر بالهدوء و بدا يتنفس بانتظام.
احتدت أعين حمزة حين رأي يونس يقترب منها فشعر ببداية نيران تملكه.
لاحظت هند نظراته المصوبة عليها فتملكها الحقد و الغضب و كادت ان تنهض و تضرب تلك الفتاة بل و تشو'ه وجهها.
بينما ابتسمت لي لي متذكرة حديث والدتها و خطتها في التخلص من هاتان الفتاتان التي يقتربا منه دون أن تتدخل
احتدت نظراته بغضب عاصف لأول مرة يشعر به... لم يتوقع أنه من الممكن أن يكون عصبي لهذة الدرجة و لكن نظرات يونس
الموجه لشمس جعلت الدماء تغلى بعروقه.
منذ متى و أنت كذلك يا رجل؟! منذ متى و أنت تشعر بهذا الحد من الجنون.
يونس :ازايك يا شمس؟
ردت شمس بابتسامة تزين ثغرها :
=بخير الحمد لله.
يونس بابتسامة : على فكرة انتي زي القمر.
شمس بحدة :لو سمحت أنا مبحبش الطريقة دي
يونس بسرعة: أنتي زعلتي و لا أيه، أنا أقصد انك بجد شكلك حلو اوي... الصراحة اوي هي دي حاجة تزعل.
شمس بخجل و ارتباك :
بس الكلام دا مينفعش.. و بعدين أنا مبحبش حد يعدي الحدود المسموحة بينا
لأن لازم دايما نحط حدود بينا و بين اللي حوالينا و الا هنتاذي.
يونس باعجاب :أنتي عقلانية اوي.
شمس: الموضوع كله اني مش عايزه أكسر أمي هي تعبت اوى و بابا الله يرحمه كان دايما يقول
الأنسان لازم يفكر في أفعاله و يكون اد المسئولية
و أنا بحترم مسئوليتي، لأن كل حاجة بنعملها تعتبر مسئولية.
سارت بجواره و هو يبتسم بود و يتناقش معها
بعد دقائق
أقتربت شمس من حمزة و هند حتى تبارك لهما رغم نفورها من زواجهما فهما لا يشبهان بعضهما أبدا.
أحيانآ تشعر و كانهما مختلفان و أنه لا يريد ذلك، أحيانا تشعر
و كأنه يفرض على نفسه شخص لا يناسبه.
رغم ذلك تشفق على هند من ذلك الغرور الذي يتملكها و هي مستسلمة تماماً لنفسها التي تقودها لطريق مجهول لكن النهاية ليست جيدة أبدا.
وقفت أمامهم ثم ابتسمت بلباقة قائلة:
=الف مبروك يا حمزة بية، الف مبروك يا انسه هند.
ردت هند بخبث قائلة :
=الله يبارك فيكي يا شمس عقبالك يارب.
ضغط حمزة على قبضته و شعر أن أزرار قميصه ستنفجر من شدة غضبه و خفقاته.
متى كنت ذلك؟ منذ متى و أنت كذلك؟!
هل وقعت بها عشقاً؟! بل أنك غرقت
ربما ليست أجمل فتاة على الإطلاق لكنها تملك ما يميزها عن غيرها.
ربما أحببت ابتسامتها! ربما أعجبت بكبريائها! ربما ربما!
غيرتك الغير مبررة و أفعالك العشوائية التي لم تعتاد عليها كل تلك الأفعال التي باتت حديثه عليه ستودي بك إلى طريق طويل
طريق تختار فيه السير على حافة الهاوية.
ابتسمت شمس بخفة و ذهبت نحو صفاء التي ابتسمت تلقائياً ما أن راتها.
بعد مرور وقت كان حمزة يتحدث مع بعض رجال الأعمال برفقة والده، رغم زواج والده بعد وفاة والدته لكنه لم يحزن أو يظن أن والده تخلي عنه، بل بالعكس شعر أنه حقه أن يحيا حياته كما يشاء و ظل سالم بالنسبة لحمزة والده و صديقه.
كانت شمس تجلس على احدي الطاولات في الجنينة بعيداً عن الأجواء المتكدسة بالداخل.
تنهدت بحزن و قد عادت ذكرياتها الي الماضي حيث كانت تعيش مع والدها و أمها و شقيقتها.
شمس بابتسامة جميلة:
=الله يرحمك يا بابا الله يرحمك
استغلت هند وجود شمس وحدها و بعيد عن الجميع
رفعت ثوبها قليلا باناقة و هي تسير نحو شمس و على وجهها ابتسامة شر و خصوصاً عندما اخبرتها لي لي بحديث صفاء عن شراء حمزة ذلك الرداء مخصوص لها.
نهضت شمس عن كرسيها بعدما رأت هند تقف أمامها مردفة بعنجهية:
=شمس قاعدة لوحدك ليه؟ صحيح شكلك حلو اوي.
ردت شمس بامتعاض و ضيق قائلة:
=شكرا يا آنسة هند.
هند بخبث:
=بس يا ترى حمزة دويدار خد مقابل أيه حق الفستان الرائع دا؟
شمس بعدم فهم: افندم؟!
هند بحدة :أنتي هتستعبطي يا بت أنتي، انطقي ايه اللي بينكم اللي يخليه يشتريلك فستان زي دا؟
شمس بحدة: أنتي انسانة مش متربية و أنا ميشرفنيش اتكلم معاكي، و لا حتى فاهمة بتقولي ايه بعد اذنك.
كادت ان تغادر لكن انفجر الغضب و الغيرة بداخل هند لتجذبها من ذراعها بعنف قائلة:
=انتي بتستهبلي فكراني هسيبك كدا و بعدين مين دي اللي مش متربيه، اللي متربتش هي اللي تسمح لواحد غريب عنها أن يديها حاجة زي دي و هو ميقربلهاش اي حاجة،
لا دي تبقي رخيصة اوي و خطافة رجاله.
اقتربت شمس منها بخطوات حذرة و عيون مليئة بالشر جعلت هند ترتد للخلف بخوف، صكت على أسنانها قائلة بغضب و شراسة:
=قسما بالله العلي العظيم لو ما احترمتي نفسك لكون انا قله من أدبي و اعرفك حدودك كويس. أوعى تفكري انك كدا بتقلي مني بالعكس انتي بتقلي اوي من نفسك لأنك انسانة فاضية من جوا.
بتحاول تعوضي النقص اللي جواكي و تشبعيه بأنك تهيني اللي حواليك و تذليهم، و بالنسبة لحمزة بيه فأنا ماليش علاقة بيه تصدقي او لا دا شيء يخصك.
لكن سمعتي و كرامتي فوق الكل خليها حلقة في ودانك.
رغم شعورها بالضعف و القهر بداخلها و رغم لمعة الدموع بداخل عيناها إلا أنها لم تسمح لهند بكسرها.
تفقم شعورها بالغضب اتجاه حمزة و صفاء لان هما تسببا في احراجها ، لكن لما يفعل ذلك و باي صفة سمح لنفسه بفعل ذلك آآه
دلفت الى الداخل فوجدته يقف مع والده يتحدثان تمنت لو ذهبت نحوه و أفرغت غضبها بوجهه، دموعها التي هبطت دون أن تدرك جعلتها تشعر بالانكسار.
كانت تقف و تنظر له بدون خوف من نظرات الآخرين نحوها و إعجابهم بها
ابتسم شاب و هو يقترب منها حتى وقف أمامها قائلا بخبث:
=مساء الخير، ممكن نتعرف.. بدر الراوي رجل أعمال.
ردت شمس بحدة قائلة:
و انا مش عايزه اتعرف على حد بعد أذنك
ابتسم بسماجة و هو يسحب يدها بقوة مع تشغيل الموسيقى محاولا الرقص معها وسط تذمرها قائلا بخبث:
=واضح ان حمزة بيه مزعلك اوي يا قطة بس انا مش عارف هو بيفكر ازاي هو في حد يسيب قمر زيك و يزعله.
وسط تلك الأجواء المزدحمة لم يلاحظها حمزة المنشغل بالحديث مع يونس في حين ابتسمت لي لي و هي تتابع الموقف و خصوصاً محاولة بدر في التقرب أكثر من شمس
حاولت شمس الإبتعاد لكنه كان يلتصق بها أكثر و يده تكبل خصرها لتصرخ بوجهه بغضب قائلة :
=ابعد عني يا حيوان.
انتبهوا جميعا لصراخها الغاضب فاقترب يونس و حمزة من مصدر الصوت إلا أن الصدمة الأكبر كان من نصيبه.
كان يونس ينظر لبدر شرزا فهو شخصية معروفة بعلاقته المتعدده و لكنه رجل أعمال ناجح.
في لحظة خافتة جذبه حمزة من سترته نحوه ثم انقض عليه في اللحظة التالية يلكمه بكل ما أوتي من قوة
حتى صرعه أرضا غير أبهاً باحتجاجات الضيوف
و لا بتجمهر الناس حولهم كي يشاهدوا هذا الصراع الدامي بين حمزة دويدار و منافسه بدر الراوي دون تحرك من أحدهم للتدخل لفض ذلك الاشتباك.
وضعت شمس يدها على فمها بصدمة و رعب و هي تري حمزة و كأنه وحش غاضب ام لي لي فصرخت برعب على صديقها و ابن صديق والدتها فقالت بتوسل :
=حمزة هيموت في ايدك سيبيه ارجوك.
لكنه لم يستمع لحديثها من الأساس و عيونه تشتعل من الغضب و الغيرة و صورة ذلك الرجل و هو يلتصق بها بتلك الطريقة ترتسم أمام عيناه
جاعلة منه جريح شرس لينقض عليه بقوة، ذلك الشعور يحرقه من الداخل، من هو ليسمح لنفسه بالتقرب منها بتلك الطريقة
صفاء بفزع و رعب :
=حمزة خالص يا ابني
حاول يونس ابعاده لكنه لم يستطيع
كانت شمس تصرخ به بقوة متوسله من بين دموعها المنهارة ليتركه لكن دون جدوى.
فجلست بجواره و هو لا يزال يسدد لكماته لبدر الذي أوشك على فقد وعيه تتوسَله و هي تمسك كفه
=سيبه الله يخليك... هيموت في ايديك.. سيبه... عشان خاطري كفاية
نظر لها بغضب لا يعلم سببه هي تشفق على ذلك الحقير الذي حاول لمسها.
تحرك من فوق بدر الذي كانت الدماء تملأ وجهه و ثيابه، اعتدل في وقفته و حاول اصلاح هيئته بهيبة و هيمنه قبل أن يتحدث محذر بعد أن لاحظ وجود بعض الصحفيين :
=اللي يدخل بيتي يا اما يحترم اهله ياما ميستاهلش وجوده و انتي يا شمس اتفضلي على اوضتك.
كان يضغط على كل حرف يخرج منه مما جعل شمس ترتجف داخليا و هي تنظر لذلك الفاقد للوعي، لا تفقه سبب فعلته
لو علمت انها غيرة ستهرب من حياته على الفور قبل أن تقع هي أيضا في مصيدة القدر.
لكن حتى أن لم تكن غيرة فهو لن يسمح بحدوث ذلك لأي فتاة في منزله و اي فتاة أخرى
لكن القادم ليس هين أبدا.
ساعدتها السيدة سلمي في الوقوف و هي ترتعش من شدة الخوف في وسط الأجواء المزدحمة و الضيوف كلهم ينظرون اتجاهها
قاطعهم
صوت سالم الغاضب من تهوره و لكن لم يريد احراج ابنه او يصغره أمام الضيوف :
=معليش يا جماعة دا موضوع و هيتحل، اطلب الإسعاف يا يونس و خلي الحرس ياخدوه من هنا لحد ما الإسعاف تيجي، مفيش حاجة يا جماعة،
حمزة أنا في مكتبي ياريت تحصلني.
نظر حمزة لشمس التي تصعد الدرج برفقة سلمي، زفر بحرارة قبل أن ينسحب من بينهم بلباقة.
أغلق الباب خلفه فقال سالم بغضب؛
=ايه اللي أنت عملته دا يا حمزة؟ ممكن افهم دا معنى ايه.
حمزة بهدوء:
=أنا مش فاهم حضرتك تقصد ايه يا والدي، واحد اتجرأ على حد في بيتي اسيبه عادي كدا لا مش أخلاقي أنا آسف.
سالم بعصبية:
=متلوعش يا حمزة، في حاجة بينك و بين البنت دي، أنا اه مش عايش معاك بس أنا بعرفك من نظرة واحدة، و اللي شفته في عينيك من شوية مالوش غير معنى واحد و لو فعلا
هو دا الحقيقة يبقى انت ناويت على دمار مستقبلك.
حمزة بدهاء :مش فاهم قصد حضرتك؟
سالم بحدة:
=لا أنت فاهم و فاهم كويس أوي،
أنت دلوقتي بتخطب فاهم يعني أيه بتخطب
يعني بتبني حياتك مع انسانة تانية
بلاش دماغك و قلبك يسحبوك لمكان نهايته وحشه أنا ابوك و خايف عليك يا حمزة.
رد الاخر قائلا بهدوء:
=مفيش حاجة من اللي حضرتك بتفكر فيها دي. شمس بالنسبة ليا مرافقة لجدتي
و أي واحدة غيرها لو في نفس الموقف هعمل اللي عملته.
سالم بقلة حيلة:
=ماشي يا حمزة ماشي همشي معاك الطريق لاخره.
حمزة بحب:خالص بقا يا كبير فك محصلش حاجة واحد غلط و علمت عليه مش أكتر و بعدين أنت عارف ان بدر الراوي سمعته مش كويسة و مع ذلك بعتله دعوة و أنا معترضتش لكن لما يدخل حتتي و يحاول يقرب من حاجة تخصني يبقى لازم نعمله شويه في الحساب قسمة.. جمع... ضررب
أكد على كلمته الاخيرة مزمجراً بقسوة من بين أسنانه بيهز سالم رأسه بتعب قائلا:
=خلينا نطلع للضيوف الاول و بعد كدا نشوف موضوع الحساب دا...
*******************
تجلس على الارضية الرطبة رغم برودة الجو تزرف دموعها بقهر و انكسار
تتذكر جيدا نظرة الشر و الشماته في عيون هند و صديقتها المزعومة لي لي
و شفقة الباقين عليها و صدمتهم من فعلة حمزة.
لأول مرة ترى الد'ماء على ثياب بدر و وجهه بالكامل، ضمت جسدها بقوة و هي تجلس خلف الباب، كانت تشعر أن ذلك اليوم لن يمر على خير أبدا.
لكن هل ستبقى في تلك الوظيفة مع كل هذا الاحراج و الإهانة لكن قلبها لا يتقبل كل هذا.
نهضت و اتجهت نحو خزانة الثياب لتبدل ثوبها ثم جمعت أغراضها.
أخذت نفس عميق محاولة الهدوء بعد أن انتهت و ارتدت ثياب أخرى
جلست على الفراش تنتظر مرور الوقت حتى تغادر دون أن تراه فهي تقسم بداخلها أنها لو رأت وجهه ستفرغ به غضبها.
________________________
في البحيرة في منزل عيسى (عم شمس)
كانت شهيرة زوجة عمها تجلس في بهو المنزل و بجوارها إبنها الأكبر سعد
شهيرة بغضب وخبث :
=و ابوك قال ايه يا سعد معقول هيدي لمريم و بناتها ورثهم في الأرض و الفلوس دا يبقى خراب على الكل، الأرض لو راحت للبنات كل واحدة فيهم هتتجوز و ساعتها جوازتهم هم اللي هياخدوا الأرض و ساعتها هتتقسم لا.. لا
سعد باحترام :
=دا حقهم يا أمي و بعدين انتي مترضيش انك تاكلي حقهم في الميراث دا شرع ربنا
و بعدين شمس بمية راجل
كفاية انها تربية عمي بكرى الله يرحمه
شهيرة بضيق : بس دي بت يا نن عين أمك
و البت لا هتنزل أرض و لا هتراعي زارعه و لما تتجوز هيجي الغريب هو اللي يتحكم في الأرض و أنت عارف مريم و بناتها على نيتهم و أي حد ممكن يضحك عليهم بكلمتين، يبقى مالهمش انهم ياخدوا في الأرض.
سعد بجدية :يبقى ساعتها ابويا يديهم فلوس نشوف تمن الأرض و نديهم حقهم
شهيرة بسرعة و بدون تفكير
:و أنت فاكرني هسيب مريم تتهنا في العزا دا كله، بقا أنا اللي استحملت جدك و تحكماته اتساوي مع مريم الفلاحة بنت الغفير اللي بكرى ساب الدنيا كلها علشانها حتى وقف أدام أبوه و قال وقتها أنه مش عايز لا فلوس و لا أرض، هو اللي قالها بلسانه مش عايز
سعد بجدية:
اماه انتي عايزة توصلي لايه بالظبط عايز تاكلي عليهم حقهم، و بعدين عمي بكرى الله يرحمه قال كدا لابوه يعني حاجة كانت بينهم
لكن هم الاتنين دلوقتي ماتوا و و شرع ربنا بيقول ان عمتي مريم و بناتها ليهم حق
و احنا لازم نجيب مرات عمي و بناتها علشان يعرف ان ليهم حق.
شهيرة: يا حبيبي، أنا بس بقول ان الارض مش لازم تخرج برانا و أنا عارفة انك بتحب بنت عمك يبقى نعمل ايه بقا
نخلي زيتنا في دقيقنا و نطلب شمس ليك و ساعتها الأرض تبقى ليكم انتم و عيالكم
رد سعد بضيق قائلا :
=أماه اتكلمنا في الموضوع دا قبل كدا، و قلتلك أني عرضت على شمس الجواز قبل كدا لكن هي مش بتشوفني غير أخوها الكبير و انا بحبها زي اختي ملك و زيها زي هدى
يمكن زايده شوية غلاوة لأنها جدعة لكن موضوع الجواز دا مش هيحصل
لأن مش هجبرها عليا و أنا بنفسي اللي هسلمها لعريسها بصفتي اخوها و ابن عمها فبلاش ياماه نتكلم في حاجات مالهاش لازمة
و خالي في علمك ان لما شمس ترجع من كليتها الاجازة الجاية
هنروح ليهم و نقعد معاهم علشان يعرفوا هم ليهم ايه، دا انا ماصدقت اقنعت ابويا، ياله يا ست الكل أنا هروح أصلي العشاء في المسجد.
شهيرة بغيظ: ماشي يا إبني
ثم أضافت لنفسها بكره:
=بس أنا مش هسيب مريم و بناتها يلهفوا كل حاجة ياما تتجوز شمس ياما ساعتها أنا هوريك انا ممكن أعمل إيه
لأن عيسى جاب وراء و ناوي يديهم نصيبهم
مش كل مرة مريم تاخد كل حاجة
في الأول بكرى و دلوقتي الأرض......
=========================
في فيلا دوريدار بعد وقت متأخر من الليل
أرتدت شمس حقيبة ظهرها و خرجت من الغرفة بعد أن تاكدت من خروج حمزة و هند الي أحدي الأماكن لاستكمال سهرتهما
و بالتالي مغادرة الضيوف و هدوء القصر تماماً
لم تستسيطع حتى توديع صفاء او سلمي و غادرت القصر... يُتبع
نهاية الفصل الخامس