سكريبت من رحم الخيانه الجزء الثاني والاخير

 


سكريبت من رحم الخيانه الجزء الثاني والاخير

ليمر بعض الوقت ليأتى مراد و يحاول التودد الى فريدة و لكنها كلما اقترب منها ، تجفل و تبتعد عنه ، ليتركها و يذهب الى منير الذى يقول له : ده طبيعى ، ما تقلقش
مراد : ما اقلقش ازاى بس ، و اشمعنى انا اللى بتتعامل معايا بالخوف ده ، رغم انى شايف انها بتتعامل عادى جدا مع سالم ، حتى مأمون صاحبنا ما بتكشش منه كده زى ما بتكش منى
منير بتوضيح : وضعك مختلف تماما عن اخوها و صاحبكم
مراد : مختلف ازاى يعنى
مراد : اخوها المفروض ان علاقتهم بالفطرة و مالهاش رأى انها ترفضها او تقبلها ، و صاحبكم فهى مش مضطرة انها تقبله لو ما حبتش تستمر فى صداقته ، لكن انت …
مراد : انا جوزها و احق بيها من اى حد
منير : بس ما تعرفكش ، ما تعرفش عنك حاجة
مراد : طب ما هى ما تعرفش برضة عنهم حاجة
منير : بس مش مضطرة انها تعيش مع حد منهم فى بيت واحد و اوضة واحدة ، و كمان سرير واحد ، اعتقد انك فاهم قصدى
مراد بتوتر : و ايه اللى ودى تفكيرها للنقطة دى
منير بابتسامة هادية : واحدة مش فاكرة اسمها فجأة تلاقى واحد قدامها بيقول انه جوزها ، منتظر انها تفكر فى ايه
مراد بتنهيدة غاضبة : و الحل
منير : الحل انك تصبر عليها شوية ، و اديها فرصة انها تتعرف عليك من اول و جديد
مراد : نعم ، تتعرف عليا من اول و جديد
منير بصبر : يا باشمهندس ، انا ليه حاسس انك اكتر واحد فيهم غير مدرك لخطورة الموقف اللى فيه مدام فريدة
مراد : مش حكاية مش مدرك ، انا بس مستغرب انها متجنبانى انا لوحدى رغم انها مرحبة بالكل
منير : و ادينى شرحتلك السبب و اتمنى انك تساعدنى اننا نقدر نساعدها و ترجع لها الذاكرة
و بعد عودة مراد الى غرفة فريدة ، قرر ان لا يضغط عليها و جلس منفردا فى ركن الغرفة ، و بعدها بدقائق معدودة ، وصل مأمون مصطحبا معه باقة من زهور الاوركيد ، و التى يعلم عشق فريدة لرائحتها و ما ان رأته فريدة حتى اتسعت ابتسامتها قائلة : حلوة اوى يا مأمون .. تجنن
مأمون بابتسامة هادئة : طول عمرك بتحبى زهور الاوركيد
فريدة و هى تتأمل الزهور : بزمتك مش عندى حق
مأمون بحنان : طول عمرك ذوقك يجنن
فريدة بمرح : انت بكاش على فكرة ، و هراب كمان
مأمون : ليه بس
فريدة : طلبت منك امبارح انك تقعد معايا و تحكيلى
مأمون : طب ما انا جيت اهوه
فريدة : بس اتأخرت ، ده انا مستنياك من بدرى
ليحمحم مأمون بصوته و يقول : ما انا استنيت على ما مراد يبقى موجود
فريدة و هى ترسم على وجهها علامات عدم الفهم : و تستناه ليه
مأمون : عشان يبقى موجود معانا
فريدة : ليه
مأمون : من غير ليه يا فريدة .. الاصول
فريدة : انتو مش قولتولى ان احنا اصحاب من زمان
مأمون بلوم : ايوة ، بس عمرنا ما اتخطينا الاصول
فريدة بمرح : اعذرنى بقى ، ما انا مش فاكرة حاجة
مأمون : طب انتى عاوزانى احكيلك ايه
فريدة بابتسامة : كلمنى عنك
مأمون : المفروض اكلمك عنك انتى
فريدة : لا ، كلمنى عنك انت الاول ، اكنك بتعرفنى على نفسك
مأمون : انا يا ستى مأمون نصار ، خريج هندسة نفس دفعتك انتى و مراد ، ابويا كان بحار ، و لما مات سابلى ثروة محترمة ، فقررت اعمل مكتب هندسى ، و انتى و مراد قررتوا تشاركونى فيه عشان نفضل مع بعض زى ما كنا ايام الجامعة بالظبط
فريدة و هى تنظر الى يديه : مافيش فى ايدك دبلة جواز ، ما اتجوزتش ليه
مأمون و هو يحاول اكساب حديثه صيغة المرح : مالقيتش اللى تحبنى زى ما انتى حبيتى مراد كده
فريدة بانكار : انت مالقيتش اللى تحبك .. مش معقول ، ده انت چان يا ابنى
مأمون بضحك : چان مرة واحدة ، الله يكرمك
فريدة : انا عن نفسى لو ماكنتوش قولتولى انى متجوزة كنت رسمت عليك
ليشعر مأمون بالتوتر و عندما استشعر الحرج ، ذهب ببصره الى مراد ليجده كمن يكبش الجمر بيديه ، فكان وجهه شديد الاحمرار ، يكبت غيظه بصعوبة بالغة ، فقال مأمون ليخفف من حدة الموقف : بس انتى بقى يا ستى سيبتينى و وقعتى لشوشتك فى مراد ، لدرجة ان الجامعة كلها كانت بتحكى و تتحاكى على حبكم لبعض
فريدة و هى تنظر لمراد بوجه خالى من التعبير : احكيلى حبيته ليه
ليتفاجئ مأمون بسؤالها الذى طالما سأله لنفسه و لم يعلم له اجابة ، فكان دائما يسأل نفسه .. لما احبت مراد دونه ، و لكنه فى كل مرة لا يجد اجابة لسؤاله ، و لكنه نظر لفريدة بابتسامة بذل جهدا كبيرا لرسمها على شفتيه و قال : و من امتى الحب بيبقى له اسباب ، بس مش بعيد اما تخفى ان شاء الله و ترجع لك الذاكرة ، انتى بنفسك اللى تجاوبى على السؤال ده ، بس ما قولتيليش ، الولاد جولك زى ما طلبتى
فريدة : ايوة ، سالم جابهم الصبح ، و قعدوا معايا شوية و مشيوا
مأمون : طب انا شايف ان انا كمان لازم امشى عشان اسيبك ترتاحى
فريدة بلهفة : هتجينى تانى امتى
مأمون بابتسامة : هجيلك كل يوم ان شاء الله
فريدة و هى تبادله الابتسام : هستناك
ليذهب مأمون دون ان يلقى باى كلمة على مراد ، فقد اصبح حديثهما نادرا منذ الحادثة ، و ظل مراد بمكانه ، فاعتدلت فريدة بفراشها و استعدت للاستلقاء لتنال قسطا من الراحة ، فنهض مراد من مجلسه و اتجه اليها وحاول مساعدتها فى الاعتدال ، فشعر بارتجافتها الشديدة و سمع صوتها و هى تقول بخفوت : من فضلك ، انا هعرف اتعدل لوحدى
مراد ببحة و هو ينحنى بجوار أذنها : ده انا مراد يا فريدة ، حبيبك قبل ما اكون جوزك
فريدة بنفس خفوت صوتها : من فضلك
مراد بخفوت مماثل : اللى يريحك ، انا هسيبك ترتاحى و هجيلك بكرة
و عندما لم يأتيه ردا على كلامه ، استدار و اتجه الى الباب و خرج و اغلق الباب من وراءه بعنف مكتوم
و فى المساء عاد سالم الى غرفة اخته و عندما دلف اليها قال باستياء : ممكن افهم بقى ايه التمثيلية السخيفة اللى انتى عاملاها دى و ايه الغرض منها
فريدة : الغرض منها انى اربى مراد
سالم بدهشة : تربيه ازاى يعنى مش فاهم ، و ليه ، هو ايه اللى حصل ، ثم اندفع قائلا : اوعى يكون له ايد فى اللى حصل لك ده
فريدة : ايوة يا سالم ، مراد هو السبب فى كل اللى حصل لى
سالم بجنون : ازاى الكلام ده ، قوليلى ايه اللى حصل بالظبط
لتقص عليه فريدة كل ما حدث بالتفصيل منذ وصول تلك الصورة الى هاتفها حتى مشاجرتها مع مراد و اصابتها
سالم بغضب : الوغد الحقير ، قال و انا اللى مشفق عليه و صعبان عليا ، مراد … مراد يعمل كده ، و يا ترى من امتى بقى الكلام ده
فريدة : من كتير يا سالم ، من كتير اوى ، اللى عرفته من مأمون ليلتها ان المكتب بيقفل كل يوم الساعة سبعة بالظبط ، و هو بقاله شهور طويلة مابيدخلش البيت قبل الفجر الا بحاجات بسيطة ، و انا اللى هبلة و مفكرة انه هلكان يا عينى فى شغله ، بس انا برضة غلطانة ، ما كانش المفروض ابدا انى اسيب شغلى و اسيبه هايص كده و هو فى وسع بلاده ، بس لا ، انا مش ناوية انى اعديهاله
سالم : ناوية على ايه
فريدة : ناوية اخد حقى و اعاقبه بطريقتى طالما مش هقدر اعاقبه بالقانون ، ماهو اكيد يعنى مش هحبس ابو ولادى ، و اعمل لهم وصمة عار تفضل طول عمرها معقداهم
سالم : برضة مش فاهم ناوية على ايه
فريدة : هاخد حقى المعنوى بالكامل بس بعد اما اربيه الاول
سالم و قد فرغ صبره : يا بنتى فهمينى برضة .. هتعملى ايه
فريدة : الجزاء من جنس العمل
سالم بذهول : انتى اتجننتى
فريدة : ماتخليش مخك يروح لبعيد ، ده انت اللى مربينى و عارف اخلاقى كويس ، بس لازم اكويه بالنار اللى كوانى بيها يا سالم و لازم يطلقنى ، بس اهم حاجة ، عاوزاك تجيبلى التليفون بتاعى ، انا عارفة انه اكيد مسح الصورة بس مش مشكلة ، انا هعرف ارجعها تانى
مرت ثلاثة ايام لم يحدث بها اى جديد ، سوا فك رباط رأس فريدة ، و سماح الطبيب لها بمغادرة المشفى ، و لكنها اصرت على الذهاب مع سالم الى منزله ، و اعترضت على الذهاب برفقة مراد ، و قام سالم بمساعدة الطبيب منير باقناعه على ترك مساحة من الوقت لفريدة لكى تعتاد قربه ، و تقتنع بوجوده بحياتها دون الضغط النفسى عليها
لتمر الايام يوما تلو الاخر ، و كلما حاول رؤيتها يفشل فشلا ذريعا ، و كان سالم دائما ما كان يقدم له مبررا لعدم رؤيتها ، فمرة مجهدة و ترفض رؤية احد و مرة تتألم بسبب اصابة رأسها و مرة بالخارج و مرة و مرة و مرة حتى مر اسبوعان على خروجها من المشفى دون ان يراها مرة واحدة
و كان وقت الظهيرة حين كان مراد يجلس بمكتبه شاردا حزينا على ما آل اليه الوصع بينه و بين فريدة ، وانتبه على مأمون و هو يدخل عليه محدثا اياه بجفاء قائلا : شوف لك حل مع مشروع الساحل ، و اختار حد من المهندسين يكمل فيه
مراد بانتباه : يعنى ايه حد يكمل مش فاهم
مأمون بحدة : يعنى انا ما اشتركتش فى المشروع ده غير بالتصاميم و بس ، و مش ناوى اعمل اكتر من كده ، انت اللى كنت بتشرف عليه ، فاتصرف ، يا تكمل اشراف يا تفسخ العقد
مراد : ايه الكلام ده ، ازاى يعنى بعد كل ده عاوزنى افسخ العقد ، ثم ايه اللى جد خلاك تقول الكلام ده
مأمون بسخرية : اللى جد ان صاحبتك مقدمة فينا شكوى اننا بنماطل فى تنفيذ العقود
لينهض مراد و علامات الشك تبدو على وجهه فقال بغير تصديق : چايدا مقدمة فينا شكوى ، اكيد فى حاجة غلط
ليقذف مأمون بعض الاوراق التى كانت بحوزته وقت دلوفه على مراد على المكتب و هو يقول بحدة : هو انا يعنى جاى اهزر معاك ، اتفضل شوف بنفسك
ليرتسم الذهول على وجه مراد و هو ينظر الى الاوراق الملقاه امامه و يتأكد من صحتها ، ليتناول معطفه و يرتديه و هو يتجه الى الباب بعنف مصطحبا معه تلك الاوراق و هو يقول بغضب : انا هتصرف ، مالكش انت دعوة بالموضوع ده ، و لكنه تسمر مكانه فور ان سمع مأمون يقول بحذر : فريدة فى مكتبى من الصبح
ليلتفت مراد ببطء و كأنه يخشى ان يكون واهما فيما وصل لاذنيه ، و قال بترقب : انت قلت ايه
مأمون بتأكيد : فريدة فى مكتبى من الصبح
مراد بفضول : و بتعمل ايه فى مكتبك طول الوقت ده
مأمون : قاعدة معايا عادى
ليعود مراد اليه وهو يقول بحدة : لأ مش عادى ، مش عادى ابدا ان مراتى تقعد معاك فى مكتبك طول الوقت ده ، و انا اللى جوزها ما اعرفش و حتى مافكرتش تعدى عليا و لا تبص فى وشى
مأمون ببرود و هو يرفع كتفيه : ما المشكلة هنا انها مش مقتنعة انك جوزها
مراد بجنون : يعنى ايه مش مقتنعة انى جوزها ، يعنى اقتنعت باخوها و بولادها و بيك انت شخصيا و جت لحد عندى و بتنكرنى ، ازاى يعنى مش فاهم ، انتو ناويين تجننونى
مأمون بحزم : وطى صوتك ، الموظفين لو سمعوا كلامك ده هيقولوا ايه
مراد بحدة : يولع الموظفين على المكتب باللى فيه ، دى مراتى ايه اللى يقعدها فى مكتبك كل الوقت ده لوحدكم
مأمون ببرود : ما تنساش انها قبل ما تبقى مراتك فهى صديقتى ، و شريكتنا كمان فى المكتب ده ، و من حقها تقعد فى المكان اللى هى تفضله
مراد بغضب : بلاش تصطاد فى الماية العكرة يا مأمون
مأمون بتجهم : انت تقصد ايه بكلامك ده
مراد : اقصد انك تبقى عبيط لما تفكر انى نايم على ودانى و مش عارف انك بتحبها من ايام الجامعة ، و انك لسه بتحبها لحد النهاردة ، فاوعى تفكر انك ممكن تستغل انها فاقدة الذاكرة لمصلحتك و تقرب منها عشان تحنلك ، لا فوق ، مهما حنت لك ، هييجى يوم و ترجع لها الذاكرة و تفتكر ان انا و بس اللى حب حياتها و انك ما كنتش اكتر من برواز لمرحلة فى حياتنا كلنا
ظل مأمون يستمع اليه بوجوم حتى انتهى من حديثه ، و ما ان عم الهدوء المكان مرة اخرى حتى هبط مأمون بقبضة يده بقوة على فك مراد الذى لم يكن يتوقع ردة فعل كهذه ، فارتطم بظهره الى الباب و عندما حاول الاعتدال وجد مأمون يمسكه من تلابيب ملابسه بقوة و هو يقول : لو انا وسخ زى ما انت بتفكر فيا كده ، كان زمانى روحت قلتلها على كل بلاويك من زمان ، على الاقل ما كانش حصل لها اللى حصل ، مش انا اللى اصطاد فى الماية العكرة يا مراد ، طول السنين دى كنت بكدب احساسى انك كنت عارف انى بحبها اكتر من روحى و مع ذلك سيبت كل اللى كنت داير معاهم و روحت لفيت عليها من ورايا ، و مع ذلك انا احترمت رغبة قلبها و عمرى ما حاولت ابدا انى الفت نظرها ليا فى اى مناسبة ، و ده لانى بفهم الاصول و بخاف من ربنا ، لكن انت بقى عملت ايه ، فرحت بيها شوية و قلت فى نفسك انك كسبت الچوكر ، و بعدين رجعت ريما لعادتها القديمة ، وسخت نفسك و دمرتها و ياريتك حتى معترف انك غلطان ، لكن كده خلاص انت جبت اخرك معايا ، الشراكة دى لازم تنفض ، و اعتبر ده اخر يوم شغل ما بيننا
ليتركه و يفتح الباب بعنف لكى يتجه الى الخارج و لكنه توقف فى مكانه فجأة حينما وجد فريدة تقف امام الباب، و لم يدرى متى جائت او ماذا سمعت و لكن فريدة قطعت حيرته عندما قالت : ايه يا مأمون ، انت اتأخرت عليا اوى
مأمون بتردد : ابدا يا فريدة ، بس كان فى شوية حاجات مهمة بنخلصها ، لتتجاوزه فريدة الى الداخل لتقع عينيها على مراد و هو يحاول هندمة ملابسه مرة اخرى ، و تظهر على فكه كدمة شديدة الاحمرار لتعض على شفتها السفلى قائلة و هى تنظر لمأمون : ايه ده ، هو اتخبط فى حاجة
مأمون بسخرية و هو يحاول السيطرة على غضبه : ااه ، اتخبط فى الواقع
لتبتسم فريدة على تعبير مأمون و تقول و هى تنظر لمراد : ازيك يا مراد
مراد بحدة : انتى لسه فاكرة انك تشوفينى و تسألى عليا
فريدة : الحقيقة انا قررت انى انزل الشغل ، يمكن اقدر افتكر حاجة
مراد : و هو الشغل ده فى مكتب مأمون و بس ، ماجيتيليش ليه ، ما روحتيش مكتبك ليه ، ما هو زى ما هو فى مكانه و ما حدش بيستعمله
فريدة و هى تتجه الى الاريكة لتجلس عليها و هى تشير لمأمون للجلوس بجوارها : عموما دى فرصة كويسة انى اتكلم معاكم شوية عن الشغل
مراد و هو ينظر لمأمون بشئ من التحدى : مش هينفع يا فريدة
فريدة باستغراب : ليه مش هينفع ، انتو مش فاضيين دلوقتى
مراد : لا .. مش حكاية مش فاضيين ، بس مأمون لسه طالب حالا اننا نفض الشراكة
فريدة بشهقة و هى تنظر لمأمون بحزن و كأنها تتشبث به : ليه يا مأمون ، انت عاوز تسيبنى
مأمون بتردد : لأ طبعا يا فريدة ، احنا هنفضل طول عمرنا اصحاب ، بس انا بقالى فترة مش مستريح فى المكتب و عشان كده قررت انى اسيبه
فريدة بلهفة : اكيد عشان انا ما كنتش موجودة معاكم ، سالم قاللى ان انا وانت كنا اصحاب اوى اكتر كمان من مراد ، و اكيد لما ارجع وجودى هيفرق معاك
مراد بحدة : ايه اللى انتى بتقوليه ده ، ما توزنى كلامك و انتى بتتكلمى
فريدة ببراءة : و هو ايه اللى انا قلته غلط
مراد بغضب : كلامك كله غلط ، راعى انك ست متجوزة و على ذمة راجل يا هانم ، اللى بيفقد الذاكرة ده .. ااه بينسى حاجات كتير ، بس اكيد ما بينساش معاهم الادب و الاخلاق
فريدة بحدة : انت تقصد ايه ، تقصدى انى مش مؤدبة و انى ما عنديش اخلاق
مراد بعنف : فريدة ، ياريت تحاولى ماتثيريش اعصابى اكتر من كده ، انتى مراتى و لازم تحافظى على كرامتى فى وجودى و عدم وجودى ، و اننى رايحة تقعدى معاه فى مكتبه لوحدكم طول الوقت ده بتعملوا ايه .. ها ، ردى عليا و فهمينى
فريدة بغضب : احب اقول لك انى من ساعة ما فوقت من الحادثة و انا مش حساك ، ما اعرفكش ، و مش عاوزاك .. مش عاوزة اشوفك و لا اتعامل معاك حتى ، كارهاك و ماعنديش ثقة فيك
مأمون بقلق على فريدة : اهدى يا فريدة بلاش تتعصبى بالشكل ده عشان ما تتعبيش
مراد بحدة : اسكت انت و ابعد عنها ، انا مش عاوزك تقرب منها و لا تتكلم معاها من اصله
فريدة بحدة مماثلة : انت مالكش صفة فى حياتى عشان تبعد عنى الناس اللى بحبها
مراد بذهول : انا يا فريدة .. انا ماليش صفة فى حياتك
فريدة بوجوم : ايوة ، و مش عاوزة اكمل معاك حياتى
مراد : انتى بتهدى عشرتنا مع بعض السنين دى كلها عشان ايه ، عشان بغير عليكى ، عشان بحافظ على سمعة مراتى و مش عاوزها تعمل حاجة غلط وقت ماتفوقى انتى اول واحدة هتندمى عليها ، بتبيعينى انا حب عمرك عشان ايه و اللا عشان مين
ليقطع مراد حديثه عندما سمع طرقا على الباب و دخلت صفاء مديرة مكتبه بوجل و هى تقدم لمراد مظروفا مرفق بيه دفترا ورقيا و هى تقول : انا اسفة يا باشمهندس بس فى محضر جايب لحضرتك الظرف ده و عاوزك تمضى على الاستلام
مراد باستغراب : محضر ايه ده ، ثم اخذ من يديها المظروف و الدفتر و قام بالتوقيع على الاستلام و اعاده اليها مرة اخرى و هو يقول : مش عاوز جنس مخلوق يقاطعنا تانى
صفاء و هى تغلق الباب من خلفها : امرك يافندم
ليقوم مراد بفض المظروف و اخراج الاعلان الكامن بداخله ليجده اعلان بقضية خلع قد قامت فريدة برفعها ضده ، ليرفع عينيه من الاعلان الى وجه فريدة بذهول ليجدها تنظر اليه نظرة لم يفهم مغزاها ، فكانت خليطا من الالم و العتاب و الشماتة فى آن واحد فقال بصعوبة و كأنه يتعلم حروف الهجاء كطفل صغير : خ..ل..ع ، قضية خلع ، بتخلعينى انا يا فريدة
لينظر مأمون بصدمة الى فريدة التى كانت تنظر بتحدى شديد الى مراد و هو يقول باستغراب : الكلام ده حقيقى يا فريدة
فريدة بهدوء : ايوة
مراد بجنون : ايوة ، انتى اتجننتى ، انتى دلوقتى قانونا اصلا فاقدة للاهلية ، هو كل اللى بيفقد الذاكرة بيتنصل لحياته القديمة ، طب لما تخفى و ترجعلك الذاكرة هتعملى ايه .. ها ، ردى عليا ما تجننينيش ، عاوزة تسيبينى ليه ، ده انتى عمرك ماحبيتى غيرى ، ده انا كل دنيتك ، و ولادك ، واحدة طول عمرها عايشة سعيدة و مبسوطة مع جوزها اللى بيحبها و بيموت فيها تسيب ده كله وتتنازل عنه ليه
فريدة بهدوء و هى تنظر لمراد بتشفى : عشان خاين
ليصمت مراد فجأة و هو ينظر لمأمون بشك ، ففى لحظات ظن ان مأمون قد قص عليها ما حدث قبل الحادث ، و لكنه استجمع شجاعته مرة اخرى و قال بتردد : ما تسمحيش لحد يوقع بيننا يا فريدة ، و بعدين انتى عارفة و متأكدة كمان انى عمرى ما احب غيرك
لتمد فريدة يدها بداخل حقيبتها و تخرج هاتفها و تقوم بوضع صورته مع چايدا على الشاشة و تناوله الهاتف و تقول : و دى تبقى ايه يا باشمهندس
مراد : دى اكيد صورة متلفقة ، مش صورتى ، دى صورة متفبركة
فريدة ضاحكة : نفس الجملة اللى قلتهالى يومها ، بس انا ساعتها فتحتلك البالطو و وريتك بقية لبسك اللى كنت لابسه و اللى موجود فى الصورة قدامك دلوقتى
مأمون بلهفة : فريدة انتى رجعتلك الذاكرة ، الف مبروك ، حمدالله على سلامتك
اما مراد فكان ينظر لفريدة بتوتر ممزوج بالخجل فقال بتردد : انتى رجعتلك الذاكرة امتى
فريدة : انا مافقدتش الذاكرة اصلا
مراد بحدة : يعنى ايه ، كنتى بتلعبى بيا طول الوقت ده
فريدة بتهكم : ما تزعلش اوى كده ، ايه يعنى لعبت بيك كام يوم ، ما انت قعدت سنتين لحالهم تلعب بيا
مراد بغل : و لما انتى مافقدتيش الذاكرة كنتى تقصدى ايه بكل اللى انتى بتعمليه ده
فريدة ببرود : عملت ايه
مراد بحدة : لما تتقربى من اعز اصحابى و انتى على ذمتى دى تبقى اسمها ايه
لتنهض فريدة مقتربة من مراد و هى تبتسم ابتسامة تنم عن الخسارة ، و ما ان وقفت امامه حتى ارتفع كف يدها و هبط على وجه مراد بحدة لم تؤثر فيه نظرا لضعف بنيانها امامه ، و لكنه صعق مما فعلته ، و من جرأتها ان تفعل مثل تلك الفعلة امام مأمون ، و لكنه وجدها تقول من بين أنفاسها المتلاحقة : اتقربت من اعز اصحابك عملت ايه ، ها .. ما تقول ، ايه لقيتنى بشرب معاه كاسين و لا لقيته مقعدنى على رجله ، انا قعدت مع اعز اصحابك و اصحابى فى مكتبه اللى انا شريكة فيه و باب المكتب مفتوح زى عادة مأمون اللى عمره ماغيرها لا معايا و لا مع غيرى
بتلومنى انى عاوزة اهد سنين عشرتنا لانى عاوزة اسيبك ، و انت باللى عملته ده ما هدتهوش ، عمرك مافكرت انى لما هعرف انى لا يمكن اوافق انى افضل مع بنى ادم خاننى وخان ثقتى فيه ، و جاى دلوقتى تفكر فى ولادنا ، مافكرتش فيهم ليه و انت بتسكر و بتعربد مع الاشكال الى بتسهر معاهم
مراد بعند : انا راجل و ماحدش من حقه يقوللى اعمل ايه و ما اعملش ايه
و انتى مش من حقك تحاسبينى يا فريدة ، و نجوم السما اقربلك من انك تسيبينى سواء بالخلع او بالطلاق
فريدة سخرية : ليه ان شاء الله ، هتخلينى اعيش معاك بالعافية
ليقترب منها مراد و يجذبها اليه بعنف من ذراعها و هو يتحدث امام وجهها بقسوة قائلا : لا مش بالعافية يا فريدة ، بس انتى مش هتقدرى تسيبينى و لا تبعدى عنى لحظة واحدة .. تعرفى ليه ، لانك بتتنفسينى ، مش هتعرفى تعيشى من غيرى يا فريدة .. مش هتقدرى
لتنتزع فريدة ذراعها بعنف و تقول بحدة : غرورك ده هو اللى وصلنا لكل ده ، مش هنكر انى حبيتك و انى عشقتك كمان يا مراد ، لكن عاوزة اقول لك على مفاجأة ماكنتش ابدا تتصور انها تحصل فى يوم من الايام ، فريدة مختار اللى كانت بتتباها بعشقها ليك فى كل وقت و كل مناسبة مابقاش جواها ليك غير الاحتقار
ليرتجف وجه مراد من وقع الكلمة عليه ، فتكمل فريدة بقسوة متعمدة : ايوة من ساعة ما شفت صورتك القذرة دى و انا بحتقرك ، من ساعة ما اتبهيت قدامى بشرب الخمرة و انا بحتقرك ، من ساعة ما اتبجحت قدامى بانه عادى و من حقك تعمل اللى انت عملته و انا بحتقرك ، من وقت ما ايدك اللى كنت بدوب اما تلمسنى بيها نزلت على وشى بقسوة و عنف و انا بحتقرك ، من وقت ما حصل لى اللى حصل بسببك و انا بحتقرك يا مراد و كرهتك من كل قلبى ، قلبى اللى كانت كل دقة فيه بتنطق اسمك ، بقت كل دقة فيه ناقمة عليك و بتلعنك فى كل لحظة ، و اوعى تفكر ان الحب اللى كنت بحبهولك ممكن يشفعلك عندى فى خيانتك ليا يا مراد
مراد بحدة : انا ماخونتكيش ، افهمى بقى ، ماحصلش بيننا اكتر من اللى شفتيه فى الصورة
فريدة بحدة مماثلة : لا حصل ، حصل بوس و احضان جولى فى صور تانية كتير ، بس من كتر قرفى من منظرهم مسحتهم
مراد بعنجهية : و برضة ما وصلناش للى فى خيالك
فريدة بحدة ممزوجة بالذهول : و هو انت اما تحضن غيرى ما تبقاش خيانة ، اما تبوس واحدة غيرى ما تبقاش خيانة ، ده انت لسه كنت بتطلع نار من ودانك عشان عرفت انى قاعدة مع مأمون لوحدنا رغم انك متاكد مليون المية ان عمره ما هيتجاوز حدوده معايا
مراد بعند : انا راجل ، ما تقارنيش نفسك بيا
فريدة بقوة : ربنا لما امر برجم الزناة ، ما امرش برجم الست و الراجل لا ، لكن امر ان الزانى و الزانية يترجموا
مراد بحدة : قلتلك ما حصلش
فريدة بسخرية : رغم انها ما تفرقش بالنسبة لى ، بس اثبت
مراد : مستعد احلف لك على المصحف
فريدة بسخرية اكبر : هتلمس المصحف و انت شارب خمرة و مرافق ستات فى الحرام .. با جبروتك
مراد بغضب : انا مش مرافق حد ، بطلى تقولى الكلام ده ، و القضية اللى رفعتيها تروحى تسحبيها انتى فاهمة
فريدة بارهاق و هى تمسد جبهتها : انا مش هعيش معاك تانى ، و لو كنت اخر راجل على وش الارض مش هعيش معاك تانى ، و مافيش قوة على وش الارض تجبرنى على كده ، و اعمل حسابك انى طلبت من المحامى يعمللى تخارج من المكتب ، و عشان انا مش ناسية ولادى و لا شايلاهم من حساباتى زى ما انت فاكر ، فانا بديلك فرصة تطلقنى ، حفاظا على مظهرك العام قدام ولادك ، و الا لو مش فارقة معاك ، خليك براحتك ، لكن تنازل عن القضية مش هيحصل الا لو طلقتنى
ثم التفتت قائلة : انا ماشية يا مأمون لكنها تفاجئت من عدم وجود مأمون بالحجرة باكملها و عندما ارتسمت الدهشة على معالم وجهها قال مراد بحزن ران على صوته : خرج و سابنا من ساعة ما ضربتينى بالقلم
فريدة بوجوم : يوم عن يوم بيثبتلى انه نبيل فى اخلاقه و مشاعره .. يا خسارة ، اد ايه كنت غبية
لتتركه فريدة و تخرج من الباب لتجد غرفة صفاء هى الاخرى خالية ، و لكنها وجدت مأمون يقف من على بعد يدخن سيجارته بشرود و عندما رآها اطفأ السيجارة و اتجه اليها قائلا : ايه يا فريدة عملتى ايه
فريدة بدهشة و هى تتلفت حولها : ايه الفراغ ده ، الموظفين راحوا فين
مأمون : صوتكم كان عالى ، فشغلتهم بحاجات يعملوها فى اوضة الاجتماعات
فريدة بابتسامة امتنان : طول عمرك جميل يا مأمون
مأمون بتنهيدة : انتى كويسة
لتحرك رأسه بالنفى و هى مغمضة العين ، فيقول لها : تحبى اوصلك فى حتة
فريدة : معايا عربيتى ، نفسى اروح اقعد عند الهرم .. تيجى معايا .. محتاجة اتكلم معاك
مأمون باسف : للاسف يا فريدة ، مش هينفع ، قربى منك دلوقتى بالذات مش هيتفسر صح
لتشير فريدة بعينيها اتجاه مكتب مراد قائلة : خايف على احساسه
مأمون بوجوم : لا .. خايف من حاجة تانية مش هينفع اقول لك عليها ، يمكن بعدين
لتومئ فريدة برأسها قائلة : انا طلبت من المحامى يعمل لى تخارج
مأمون : و انا كمان ، لسه مكلمه من خمس دقايق بس ، و طلبت منه نفس الطلب
فريدة برجاء : بلاش تسيبنى يا مأمون ، انت عارف انا اد ايه بعزك و بثق فيك
مأمون بقلة حيلة ممزوجة بالالم : ما تقلقيش يا فريدة ، و سيبى كل حاجة على ربنا
ليتجها معا الى الخارج تاركين ماض اشترك الجميع فى وضع اساسه حتى تفرعت النوايا
بعد مرور عامان
كان مراد قد تجاوز محنته المالية اخيرا بعد فض الشراكة مع مأمون و فريدة فى ذات الوقت ، و قد تكبد خسارة كبيرة بطلاقه لفريدة و سداد مستحقاتها المالية من مؤخر و نفقة و خلافه ، و قد تركه اغلب المهندسين العاملين بالمكتب لعدم قدرته على سداد مستحقاتهم المالية بانتظام ، و لكنه اخيرا استطاع ان يعود مرة اخرى لسوق المعمار بشكل جديد كان يتحدث عنه الجميع ، فهاهو مراد السعدنى باطلالته الجديدة ، فقد ازداد جدية و قسوة فى ذات الوقت ، كان وقته بالكامل ما بين العمل و العمل ، فقد انقطع تماما عن اللهو ، و كان الوقت المستقطع من العمل يقضيه فى الراحة او بصحبة ابنائه فى الاوقات المخصصة له معهم و التى اتفق عليها مع سالم
و لم ينقطع امله او تنقطع محاولاته فى العودة الى فريدة مرة اخرى ، و لكنه فى كل مرة كان يعود بخفى حنين و بفشل اقوى من سابقته
اما مأمون فبعد الانفصال الرسمى بين مراد و فريدة ، قرر السفر الى احدى البلدان الخليجية ، و قام هناك بالعمل باحدى شركات المقاولات و الانشاءات ، و عاش وحيدا مثلما كان دائما بمصر ، الا انه قد ابتعد ايضا عن رفقائه ، فهو لم يستطع مواصلة علاقته بمراد بعد ما سمع منه اتهامه له بمحاولة استمالة زوجته ، و كان اكثر ما آلمه انه قد تأكد من معرفة مراد لحبه لفريدة طوال تلك السنوات
و رغم بعده عن الجميع الا ان قلبه لم ينس يوما حبه لفريدة … فريدة التى ترجته كثيرا ان يظل الى جوارها بمصر ، و لكنه رفض بشدة متعللا بحاجته الى شق طريقه بعيدا ليستطيع الشعور بالنجاح بمفرده
لتتركه فريدة يرحل و يبتعد و هو لا يدرى انها قد استمعت لكل ما دار بينه و بين مراد و انها قد علمت بحبه لها طوال تلك السنوات التى قضتها فى حب من لا يستحق ، و لكنها ترفقت بقلبه ، و شعرت انه قد آن له ان يتحرر من حبها و انها ربما بابتعاده عنها ، ربما يستطيع المضى قدما بعيدا عن قيد حبها الوردى
و قررت ان تمضى هى الأخرى فى حياتها ، و عندما حاول سالم اقناعها لتقيم مكتبها الخاص ، نبذت الفكرة ، فلم تتصور ان تفعلها دونهما ، و قررت البحث عن عمل ، ليقدم لها سالم فرصة عمل باحدى الشركات الكبرى للمقاولات و التى اثبتت كفاءتها بعملها بها من الشهور الاولى ، و حصرت حياتها ما بين عملها و ابنائها ، و لكنها كانت تشعر بفراغ هائل كلما جلست بمفردها ، و كانت تشعر باشتياق كبير لحديثها مع مأمون
فقد ظنت فى بادئ الامر انها تؤيد سفر مأمون حتى تساعده على ترميم قلبه ، و لكنها لم تعلم بأن بعد مأمون عنها سيحفر بداخلها نفقا مظلما ملئ بالرطوبة و الوحشة
و كانت كلما قررت الاتصال به عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى او الهاتف ، تعود لتقاوم نفسها و توبخها طويلا و تتهم ذاتها بالانانية ، حتى جاء يوما لم تستطع ان تقهر رغبتها كالعادة و بعثت لمأمون رسالة على بريده الالكترونى لم تكن تحتوى على اكثر من كلمة واحدة … محتاجالك
لم تكن تعلم وقع تلك الكلمة على قلب مأمون او عقله عندما رآها بل عندما علم ان الرسالة منها من قبل ان يعرف محتواها
فقد ظل ينظر للرسالة مدة طويلة قد تخطت الساعة ، و هو شارد يتذكر وداعهما الاخير فى صالة المسافرين قبل موعد طائرته بساعة واحدة فقد صممت على رؤيته و عندما رأته ذهبت اليه مسرعة و هى تقول بحزن كبير يرتسم على معالم وجهها : هتوحشنى يا مأمون ، هتوحشنى اوى
مأمون بابتسامة حزينة : و انتى كمان يا فريدة .. مصر هتوحشنى فيكى
فريدة : رغم انى مش فاهمة لحد دلوقتى سبب قرارك ده ، و رغم انى مش عارفة ازاى هعيش فى البلد و انت مش فيها ، و لا انى لما هحتاجك مش هلاقيك ، لكن من جوايا مأيداك ، مأيداك لانى عارفة ان دايما بتبقى نيتك خير و عشان كده بتمنى لك كل خير يا مأمون .. عيش حياتك و ان شاء الله تقدر تلاقى السعادة اللى بتتمناها
مأمون : انا كمان يا فريدة بتمنالك السعادة دى ، لكن لازم تفضلى عارفة انك وقت ماهتحتاجينى .. هتلاقينى قدامك
ليعود مأمون الى واقعه مرة اخرى ، و يقرر عدم الرد على رسالة فريدة و العودة الى مصر فى اجازة للمرة الاولى منذ بدأ العمل فى اسرع وقت
و بعد ثلاثة ايام ، كانت فريدة فى عملها حين هاتفها سالم داعيا اياها على العشاء بالخارج و السهر معا ، و عرض عليها اما ان تترك ابنائها مع المربية التى تقيم لديها باستمرار بعد انفصالها عن مراد ، و اما ان يصطحبهم سالم للمبيت مع ابنه احمد فى منزله ، و لكنها فضلت تركهم للمربية ، و اتفقا على اللقاء فى احد المطاعم المعروفة لكليهما
و فى الموعد المتفق عليه ، وصلت فريدة لتدخل الى صالة المطعم لتجد مأمون جالسا بابهى حلة و ينظر اليها بابتسامة اشتياق ، لتسرع اليه فريدة بلهفة و سعادة قائلة : مأمون .. انت فى مصر من امتى
مأمون و هو يقدم لها باقة صغيرة من زهور الاوركيد : من حوالى ست ساعات دلوقتى
لتجلس امامه بسرعة قائلة : تسلم ايدك .. جميلة ، بس ليه ما كلمتنيش
مأمون : حبيت اعملهالك مفاجأة
لتتلفت حولها قائلة : هو انت اللى عازمنى و اللا سالم
مأمون : لا يا ستى انا اللى عازمك ، حبيت اشوفك و اتكلم معاكى و اسمعك
فريدة : و ليه ماجيتش البيت ده الولاد كانوا هيفرحوا بيك اوى ، ما تتصورش وحشتهم اد ايه
مأمون باسف : انتى عارفة ان ماكانش ينفع اجيلك من غير سالم ، و فى نفس الوقت ، كنت عاوز اقعد معاكى لوحدنا
فريدة : حمدالله على السلامه
مأمون : احكيلى … مالك
فريدة : لوحدى يا مأمون
مأمون : و ليه ، انتى اشتغلتى و نجحتى و اكيد كونتى صداقات كتير
فريدة باستغراب : و عرفت منين الكلام ده
مأمون : من سالم ، كنت دايما بتطمن عليكى منه
فريدة : طب و ليه ماكنتش بتكلمنى ، انت زعلان منى
مأمون : لا يا فريدة مش زعلان منك ، بس حبيت اديكى مساحتك كاملة عشان تفكرى كويس و تقررى صح
فريدة : افكر فى ايه
مأمون : فى مراد ، و ان كان يستحق فرصة تانية و اللا لا عشان ولادكم
فريدة : تصدقنى لو قلتلك انى ما بقيتش افتكره اصلا
مأمون بفضول : و حبك ليه
فريدة بتنهيدة : نسيته من وقتها ، ركبتله الرمانة و رميته فى البحر
مأمون : بس العشرة اللى بينكم ممكن تشفع له عندك فى يوم من الايام
فريدة : تقصد عشرتى اللى باعها
مأمون : افهم من كده ان مهما ان كانت الظروف باب مراد بالنسبة لك اتقفل تماما
فريدة : ايوة يا مأمون ، مراد كانت صفحة فى حياتى و قطعتها خلاص ، لولا الولاد ما كنتش افتكرته من اصله
مأمون و هو يتفحص وجها بعناية : قولتيلى فى رسالتك انك محتاجانى ، يا ترى فى ايه
فريدة : رغم انى نسيت كل حاجة حصلت فى حياتى فترة معرفتى بمراد و قطعت صفحتها بالكامل ، الا انى ما قدرتش اطلعك انت بالذات من حياتى يا مأمون ، و مهما عرفت و اتعرفت على ناس جداد او اصحاب ، لحد دلوقتى ماعنديش و لا لقيت الصاحب اللى يبقى مرايتى ، و اللى دايما بيشد ايدى للصح ، و يمنعنى عن الغلط ، الصاحب اللى اقدر اتكلم معاه بكل حرية و انا عارفة انه هيفهمنى صح فى كل كلمة ، كنت كل ما اتعرف على حد بدور عليك جواه ، بس ما كنتش بلاقيك ، كنت بعرف انى محتاجة شخص واح بس اسمه مأمون نصار ، قاومت كتير انى ابعتلك بس فى الاخر ماقدرتش اقاوم اكتر من كده
مأمون : و كنتى بتقاومى ليه
فريدة ببعض التردد : يعنى .. خفت تكون ابتديت تعيش حياتك و اجى انا ابوظهالك بمجرد رسالة
مأمون بتردد : عارفة انا استنيت رسالتك دى اد ايه
فريدة باستغراب : كنت مستنى منى انا رسالة
مأمون : ما استنتش رسايل من غيرك اصلا
فريدة : طب ليه
مأمون : مستعدة تسمعينى
فريدة بابتسامة دافية : ده انا مشتاقة اسمعك من زمان
مأمون : من يوم ما اتعرفت عليكى فى الجامعة و انتى لفتتى نظرى ، كنتى بالنسبة لى حالة ، مزيج من الرقة و الطيبة ، البساطة و الارستقراطية ، الطموح و الجموح ، شدتينى وحبيت كل حاجة فيكى ، و كنت حاسس وقتها ان طريقى لقلبك ممهد و جاهز لاستقبالى لحد اما مراد انضملنا ، حسيتك انبهرتى بيه ، و بعد ماكان كل كلمنا عن الطموح و المستقبل ، بقى كل كلامنا عن مراد ، لحد ما لقيتك بتحكيلى انتى اد ايه بتحبيه و متعلقة بيه ، انصدمت فى الاول و اتوجعت ، لكن قررت ادور معاكى على سعادتك ، حبيت مراد عشان انتى بتحبيه ، و لما قررت اعمل المكتب و لقيتك مصممة تشاركينى انتى و مراد ، فرحت انك هتبقى قريبة منى عشان افضل دايما واخد بالى منك
دة ببعض التردد : انا سمعت كلامك يومها مع مراد ، لما جيتلكم المكتب اخر مرة
مأمون : و عرفتى ايه
فريدة : انه كان عارف انك بتحبنى من قبل ما نتجوز
ليومئ مأمون رأسه بالموافقة قائلا : رغم انى كنت دايما شاكك ، لكن اتفاجئت بيه و هو بيأكدلى ده بنفسه
فريدة : انا اسفة
مأمون : على ايه
فريدة : انى اتسببت فى وجعك ، و انى كنت عامية
مأمون : و اديكى فتحتى يا فريدة ، يا ترى عندك استعداد دلوقتى انك تبتدى حياتك من جديد معايا
فريدة بابتسامة : انا محتاجة ابتدى حياتى من جديد معاك

كلمة اخيرة

قد يقوم الكثير بافعال كثيرة محرمة ، و لكنهم ينكرون اخطائهم طالما انهم لما يصلوا الى النقطة المحظورة من كل فعل او عمل
يعيثون فسادا و يتمادوا فى خيانة دينهم و مبادئهم و ذويهم ، و هم لا يدرون ان النهاية حتما ستأتى من رحم الخيانة و ستكون اشد لطمة قد يتلقاها احدهم فى يوم ما
ينكرون ان الخطأ خطأ بشرى و ليس خطأ رجل او خطأ امرأة ، يدنسون انفسهم بمحض ارادتهم و سرعان ما يتنصلون من الدنس و موصمين به الآخرين دون اى وجه حق
تتآكل صدورهم بنيران الشك فى كل من حولهم لظنهم بان الخيانة طبع الجميع
النفس امانة ، و الجسد امانة و العقل و القلب اكبر الامانات التى يجب الحفاظ عليها من الخيانة حتى لا نهوى الى القاع
انتهت
تعليقات
تطبيق روايات
حمل تطبيق روايات من هنا



×