سكريبت عفوا لقد نفذ رصيدكم كامل
امام : انا زهقت منك و من طلباتك اللى ما بتخلصش ، انتى مابتشبعيش ، ايه يا شيخة ، خلى عندك شوية رحمة ، انا مش ملاحق على مصاريفك و طلباتك كل ساعة و التانية ، انا قرفت منك و من عيشتك كلها ، ما تفارقينى بقى و تحلى عنى
زينب سمعت كلامه اللى مش اول مرة تسمعه ، دى سمعته قبل كده الف مرة لدرجة انها ساعات بتردد معاه الكلام فى سرها و هو بيتكلم ، لا كلمة بتنقص ، و لا كلمة بتزيد
لا ، استنى يا زينب ، ده قال جملة زيادة ، ده قال فارقينى بقى و حلى عنى … افارقه ؟!! افارقه؟!!
زينب كانت كل مرة يسمعها فيه الموشح ده ، كانت بتقعد تراضيه بكلمتين و تحكيله على طلبات و مصاريف ولاده و على العلاج بتاع مامته و اللى تبقى عايشة معاهم فى شقتهم من ساعة ماتعبت اخر مرة ، و كان لازم يبقى فى حد معاها باستمرار يخدمها ، و كانت زينب الوحيدة فى سلايفها التلاتة اللى وافقت انها تستقبلها فى بيتها
متجوزين من اكتر من عشرين سنة ، اتجوزوا و هى لسه كانت سبعتاشر سنة ، كانوا جيران ، البيت قصاد البيت ، العيلتين حالهم زى حال معظم الناس مش اغنيا لكن برضة مش فقرا ، عايشين بستر ربنا و لطفه
جابوا من الذرية ولدين ، الكبير خلص تعليمه و دخل الجيش ، و الصغير لسه فى الكلية
لما ابنها الكبير قال لهم انه بيحب زميلته و عاوز يخطبها عملت له جمعية كبيرة هيقبضها مبلغ محترم اول ما يخلص جيش ، كانت اختها اللى عايشة فى الكويت بتبعتلها مبلغ ليها كل اول شهر تساعدها على المعايش ، فكانت دايما تخصص المبلغ ده لطلبات ولادها اللى كان دايما جوزها بيشوف انها رفاهية ممناهاش لازمة ، زى كسوة ولادهم ، و دروسهم الخصوصية ، و لو احتاجت علاج لروحها ، يعنى من الاخر جوزها طول السنين دى ما كانش مسئول غير عن الاساسيات و بس و برضة ماكانش عاجبه ، رغم انه كان مخصص لروحه مصروف شخصى كبير ، لانه كان لازم كل يوم ينزل يقعد على القهوة مع صحابه ، ده غير طبعا سجايره و مواصلاته ، و احتياجاته الشخصية ، فزينب قررت تدخل الجمعية بالمبلغ اللى اختها بتبعتهولها طالما مصاريف عيالها ابتدت تخف شوية بعد ما ابنها الكبير دخل الجيش ، و ابتدى فى اجازاته انه يشتغل و يشيل مصاريفه عن اكتافها شوية و قالت انها اول ما تخلص الجمعية ، هتعمل واحدة زيها عشان اخوة ، و تبقى كده عدلت ما بينهم
امام اول ما اتجوزوا كانت الدنيا حلوة ، مافيهاش مسئوليات و لا اعباء ، لكن مع الوقت و العيال وده عاوز لبس و ده محتاج دكتور ، و ده مصاريف المدرسة ، و كتب ، و مدرسين ، و و و و …… ، مسئوليات ورا بعضها ما بتخلصش ، بقى على طول زهقان و مش عاجبه حاله ، و دايما الشكوى الاساسية كانت من زينب
زينب ما بتبطلش طلبات ، زينب مش عارفة تمسك ايدها ، زينب مش قادرة تمشى حالها ، زينب مش عارفة تعمل زى بقية الستات ، زينب زينب زينب
دايما زينب هى اللى غلطانة ، و الحق عندها لوحدها
و رغم ذلك عمره ما قال لها اللى قاله النهاردة ، يمكن من ضيقته فش غلبه فى كلمتين ، و يمكن زهق فعلا و خلاص عاوزها تفارقه
امام خلص كلامه و زى عادته بعد كل مرة خلص الموشح ودخل اوضته و رزع الباب وراه
زينب فضلت باصة على الباب و هى بتفتكر كل مرة حصل فيها نفس الحكاية قبل كده ، و فضلت تكلم روحها …. طب ليه كل مرة بيعمل كده ، ده انا مابطلبش حاجة لروحى ، ده كله عشانه هو و ابنه و امه ، ده انا ممشية كل حاجة بالزق ، و عمرى ما اشتكيت
كل حاجة بيديهالى .. بيديهالى بالخناق ، فلوس الاكل و الكهربا و الماية حتى فلوس الدوا برضة بالخناق
افتكرت اخر فستان جابته من فلوسه ، كان من اكتر من خمستاشر سنة ، و ده كان اخر فستان اشتريته ، بعدها قررت تدبر حالها من هدايا اختها ليها ، الجزمة بتقعد فى رجلها بالتلات سنين لحد ما تفقد الامل فى تصليحها
اخر مرة راحت فيها الكوافير كان من قبل ما ابنها الكبير يدخل المدرسة
طول ما كان امام بيتكلم ، كانت مستنياه يخلص و يدخل اوضته و يرزع الباب عشان تقوم وراه تراضيه زى كل مرة ، بس فجأة لقت نفسها المرة دى مش قادرة تقوم تروح له ، كتير بيقول لها انه زهق منها و انه قرف من عيشتها كلها ، فجأة حست ان هى كمان زهقت و قرفت ، فجأة حست انها مش قادرة تكمل ، غمضت عينها و حست بصداع جامد و لقت نفسها مش قادرة تقوم من مكانها ، فرجعت ضهرها وسندت راسها على ضهر الكنبة و فضلت على وضعها ده لحد ما ………
امام كان فى اوضته غير هدومه ، و قعد يفتح و يقفل فى الدولاب و الادراج بزهق ، و بقى عمال ينفخ و هو عمال يقول فى سره ، اهى دلوقتى تيجى تضحك عليا بكلمتين ناعمين زى كل مرة ، لكن لا ، انا زهقت ، انا متعلق فى ساقية طول النهار و هى قاعدة فى البيت لاشغلة و لا مشغلة ، و مش على بالها حاجة ، ياما ستات غيرها بتبقى قايدة صوابعها العشرة شمع لاجوازهم ، لكن هى ، و لا ليها لازمة .. انا زهقت ، و المرة دى بالذات لازم الاقيلها حل ، ده انا اللى فى سنى لسه ما اتجوزوش ، و انا ماوراييش غير الهم و الشقى ، انا محتاج واحدة تفرفشنى و تدلعنى ، مش واحدة كل ما تشوفنى ما وراهاش غير الطلبات
امام بقى مستغرب انها ما جاتش وراه تحايله عشان يروح يتغدى معاها و مع امه ، امه اللى اخواته رموها عليه من خمس سنين دلوقتى ، و معاشها مابيكفوش تمن علاجها اللى مش موجود فى التأمين الصحى اللى زينب بتروح تصرفه لها كل شهر ، و اخواته فاكرينه بيحوش من وراها
الوقت بيعدى و برضة زينب ما راحتش وراه ، امام اتنرفز زيادة و قال فى نفسه .. ايه يعنى أن ، ناوية تعاقبنى عشان زعقتلها ، و اللا تكونش ما عملتش غدا و ما صدقت و قالت اهو يفضل جعان
خرج من اوضته ، لمحها بجنب عينه قاعدة مكان ماسابها على الكنبة و ساندة راسها لورا ، طنشها و راح لامه فى اوضتها و لقاها زى العادة مستحمية و مغيرة هدومها و قاعدة فى سريرها ، سلم عليها
امام : ازيك يا ماما ، عاملة ايه النهاردة
ام امام : الحمدلله ، انت كنت بتزعق ليه
امام : ماتسغليش بالك ، اتغديتى
ام امام : و من امتى بنتغدى من غيرك ، ده انا حتى جوعت النهاردة بزيادة
امام بصوت عالى : ما هو البيت لو فيه ست بصحيح ، ماكنتيش تبقى جعانة لحد دلوقتى
ام امام بزعل : خف عن مراتك شوية ، دى ما بتقعدش على حيلها طول النهار
امام بزعيق : و هى يعنى بتخترع الذرة ، ما هى بتعمل اللى كل الستات بيعملوه ، و بعدين على صوته بزيادة و قال : ايه يا هانم هتفضلى قاعدة مكانك كده كتير، و اللا ناوية تربينى … هتجوعينا و تصوعينا لحد امتى
لما لقى زينب مارديتش خرج بغضب على الصالة و راح ناحيتها و مد ايده بعنف يشدها من أيدها ، لكن ايده وقفت فى نص السكة لما لقى وشها غرقان دم ، و مناخيرها بتنزف بغزارة و هى مغمى عليها
امام بصريخ : زينب ، زينب ، فى ايه
ام امام من جوة : مالها زينب يا امام فى ايه
امام بخضة : مناخيرها عمالة تجيب دم و مغمى عليها
ام امام اتسندت على الحيطة لحد ما خرجت و فى ايدها ازازة كولونيا بتحاول تمسكها من غير ما تقع منها ، امام خدها منها و حاول يفوقها بعد ما مسح الدم لكن ما فقتش و الدم ما وقفش
ام امام : كلم الاسعاف ، و اللا خدها على المستشفى بسرعة
فى وسط لخبطته ، الباب اتفتح و دخل احمد ، ابنهم الصغير ، اللى اول ما شاف منظر زينب جرى عليها بلهفة و هو بيسأل على اللى حصل ، و فى الاخر شالها و نزل يجرى بيها على السلم و اخدها على اقرب مستسفى
بعد انتظار طويل فى المستشفى و اشعات و فحوصات كانت النتيجة انها اتحجزت فى العناية المركزة بسبب الغيبوبة ، و التشخيص …. نزيف فى المخ نتيجة ارتفاع مفاجئ و شديد فى ضغط الدم و اللى ادى للغيبوبة
امام اترمى على الكرسى و هو مش مصدق اللى سمعه ، و بقى يكلم فى نفسه ، معقول … زينب فى غيبوبة ، طب ازاى دى عمرها ما تعبت قبل كده
احمد قعد جنب ابوه و سأله بحزن : ايه اللى حصل ، فى حاجة زعلتها ، انت زعقتلها تانى ، ضغطها ما بيعلاش غير لما بتزعق لها
امام باستغراب : و هو من امتى امك صغطها بيعلى
احمد : بقالها تلات سنين اهى ، يعنى انت ما تعرفش
امام باستغراب : لا ، ما اعرفش ، ليه ما حدش قاللى
احمد بتأنيب : و هو يعنى يا بابا لازم تبقى ماما تعبانة ، او بتشتكى من حاجة عشان ما تزعقلقهاش
امام بنرفزة : و ايه يعنى لما ازعق و اللا اتنرفز شوية ، ما انا طول النهار متعلق فى الساقية ، ايه المشكلة لما افكةعنةنفسى بكلمتين
احمد : و ما هى كمان متعلقة فى الساقية
امام بعند : بتعمل ايه يعنى اكتر من اللى اى ست بتعمله
احمد بزعل : و حضرتك بتعمل ايه اكتر من اللى اى اب و راجل مسئول عن بيت بيعمله
امام سكت و هو مذهول من كلام ابنه ليه ، ابنه واقف قدامه بيراجعه كلمة بكلمة ، و منحاز لامه ضده
امام فضل انه يسكت و ما حاولش يجادل احمد كتير و قال فى سره انه معذور ، اصل مهما ان كان اللى بين الحيا و الموت دى تبقى امه
امام اخد ابنه و روحوا ، لقى امه قاعدة مكان ما سابوها ، قلقانة على زينب ، و حاملة همها ، لما لقتهم داخلين من غيرها قلقت زيادة و قالتلهم : فين زينب ، ايه اللى حصل
احمد باختصار و هو بيبص لابوه بلوم : ضغطها على اوى عملها نزيف فى المخ و حاليا فى غيبوبة ، و الله اعلم ربنا هينجيها منها و اللا لا
ام امام : يا قلب امك يا زينب ، و سيبتوها لوحدها يا اولاد ، ليه ما حدش منكم فضل جنبها
امام : دخلوها الرعاية يا ماما ، ما ينفعش حد يقعد معاها
احمد : انا هغير هدومى و هرجع المستشفى ، انا جيت بس عشان اغير و اخد فلوس و انزل
امام : جدتك ما اكلتش ، حطلها اكل قبل ما تنزل
احمد بضيق : معلش يا بابا ، حضرتك حطلها ، و اكلها زى ما ماما كانت بتعمل ، لكن انا هنزل لماما
امام دخل المطبخ و راح سخن كل الاكل اللى كان موجود ، و عشان ما اتعودش انه يعمل اى حاجة او حتى يشوف زينب و هى بتعمل ، ولع البوتاجاز على الحلل والصوانى اللى موجودة من غير ما يعرف فيهم ايه ، و ساب كل العيون عالية ، و سابهم و راح عشان يغير هدومه ، و على ما افتكر انه يروح يشوف الاكل ، كان تقريبا معظمه شاط
نفخ بزهق ، بس فى الاخر غرف اكل لامه و راح يأكلها ، ام امام كان عندها مرض فى اعصاب ايدها ، فكان لازم حد ياكلها فى بقها ، و عشان زينب هى اللى كانت بتأكلها ، امام نسى و حط قدامها الاكل و قال لها كلى يا ماما و لما تخلصى اندهى عليا
ام امام اتكسفت تقول له انها مش هتقدر تاكل لوحدها ، فلما حاولت تمد ايدها تمسك المعلقة و الطبق ، كانت النتيجة ان صينية الاكل كلها وقعت على الارض
امام انتبه على صوت الحاجة اللى وقعت ، راح بص على مامته ، شاف المنظر ، و لقى مامته بتعيط ، نفخ بزهق ، و قال لها : خلاص معلش ، فداكى
ام امام : حقك عليا با بنى ، حاولت اكل لوحدى بس ما عرفتش ، كانت زينب هى بتاكلنى فى بقى ، ربنا يشفيكى يا زينب و يخرجك بالسلامة لبيتك و عيالك يا بنتى
الكلام نزل على امام زى الكرباج ، زينب كانت شايلة عنه مسئولية مامته بالكامل ، اكلها و شربها و نضافتها الشخصية ، ما كانش بيشوف الكلام ده قدامه غير وقت الاكل اللى بيجمعهم بس ، و عمره ما قال لها شكرا
حاول ينضف على اد ما قدر لكن ما عرفش ينضفها كما ينبغى ، وراح جاب طبق تانى لمامته و قعد ياكلها ، و لما مامته داقت الاكل رفضت تكمله لان كان طعمه كله شياط
فراح عمل لها سندوتش جبنة و قعد اكلهولها ، و رجع المطبخ و قف يبص حواليه ، مش عارف يعمل ايه ، و بعد وقت طويل لم الاكل كله فضاه فى الزبالة و حط الحلل كلها فى الحوض ، لكن حتى الحلل اتحرقت ، بص لهم بزهق ، و فى الاخر رجع اوضته ، و حاول ينام ما عرفش ، و فضل يتقلب مكانه لحد تانى يوم ، قام لبس عشان يروح شغله ، و قبل ما ينزل افتكر ان مامته هتفضل طول اليوم لوحدها من غير اكل ، كلم واحد من اخواته حكاله على اللى حصل لزينب و ان مامته لوحدها و محتاجة رعاية و طلب منه يبعتلها مراته ، و انه هيسيبلهم المفتاح عند الجيران
امام راح على شغله و بقى بيعد الساعات عشان ييجى معاد زيارة زينب و يروح يتطمن عليها ، كان حاسس بتأنيب ضمير انه كان مزعقلها قبل ما تتعب ، و التأنيب زاد بعد ما ابنه قال له انها كانت دايما صغطها بيعلى لما كان بيعمل كده ، و افتكر انه كان بيعمل كده كتير … كتير اوى
لما راح المستشفى لقى الوضع كما هو عليه ، رجع البيت لقى مراة اخوة قاعدة مع مامته ، سألته عن زينب و عرفت ان حالتها زى ما هى ، شوية و جه اخوه ، فامام اقترح على اخوه انه ياخد معاه مامته كام يوم على ما زينب تخرج من المستشفى فمراة اخوه رفضت بحجة ان ما عندهاش مكان و صحتها مش اد كده ، و مش هتقدر على خدمة مامته طول اليوم ، و فى الاخر قالت … اهى حتى زينب ما استحملتش و حصل لها اللى حصل ، و قالت لهم خلوها مكانها ، و هى و سلايفها كل واحدة تجيلها يوم على ما زينب تخف و ترجع بيتها
يوم و را التانى ، البيت اتبهدل ، و النظام اختلف ، و اللى داخة و اللى خارجة ، و كل واحدة بطلبات شكل ، و امام اكتشف ان طلبات البيوت فيها حاجات كتير جدا كانت زينب بتعتبرها كماليات لمجرد انها ماترهقوش بيها ، رغم ان غيرها كتير بيعتبروها من اساسيات الاساسيات
المصاريف كترت عليه جدا اضعاف مضاعفة ، رغم انه تقريبا ما بقاش ياكل فى البيت ، لكن كل يوم بيصرف على حاجات بيجيبها و بياكلوها اخواته و مراتاتهم اللى بييجوا لمامته
حتى مامته ، ما بقيتش بالنضافة و الهندمة اللى كانت زينب معوداها عليها
البيت بقى كئيب من غير صاحبته ، و امام بينه و بين نفسه، اخد عهد على روحه انها لما ترجع بالسلامة مايزعلهاش تانى ابدا
فى يوم راح لزينب .. الدكتور بشره انها فاقت من الغيبوبة ، و ان الحمدلله ما حصلش مضاعفات حركية عليها بسبب نزيف المخ ، لكن هتفضل تحت الملاحظة كمان يومين عشان يتأكدوا ان النزيف تمت السيطرة عليه و انه اتصرف تماما
طول الوقت ده كانت زينب رافضة تماما تتكلم مع امام ، كانت بتتكلم مع ولادها و جيرانها ، و كانت بترد على تليفونات اختها ، لكن لما كان امام يكلمها ، كانت تبصله و هى ساكتة تماما و فى الاخر تغمض عينها و تدور وشها بعيد عنه
لحد ما جه معاد خروجها من المستشفى ، امام اتفاجئ ان زينب طلبت من احمد انه يشوف حد ينضفلها شقة ابوها اللى فى البيت اللى قصاد امام ، و انها عاوزة تخرج من المستشفى عليها ، و اتفاجئ كمان ان احمد نفذلها رغبتها ، و ان هو و اخوه نقلولها هدومها كلها و حاجتها الشخصية بالكامل اثناء ما هو كان فى شغله من غير ما يعرفوه
امام قرر يسيبها على راحتها يوم او اتنين عشان ما يضايقهاش و هى لسه تعبانة ، و لما طلع معاها عند شقة باباها قال لها : انا سيبتك براحتك يا زينب ، بس مش معنى كده انى موافق على اللى عملتيه ده ، و مش هعديها لعيالك انهم يعملوا كده من ورايا ، انا هسيبك النهاردة بس ، لكن بكرة هجيلك ومش هسيبك هنا ابدا غير لما ترجعى معايا
زينب بهدوء من غير ما تبصله : روح عشان مامتك ، و تعالالى كمان تلات ايام عشان عاوزة اتكلم معاك
امام بفضول : و اشمعنى يعنى تلات ايام
زينب : تلات ايام .. اللى الدكتور طلب منى فيهم المتابعة
امام : طب و انتى هتقعدى لوحدك هنا
محمود اخو احمد الكبير : لا يا بابا انا و احمد هنقعد معاها
امام حس من نظرات زينب وولاده انهم متفقين على حاجة من وراه ، بس قرر يصبر التلات ايام دول
امام طول التلات ايام كان كل ما يروح لزينب عشان يتطمن عليها ، ما كانتش بترضى تقابله ، و كانوا ولاده بيقولوا انها نايمة ، و كانوا بيمنعوه انه يدخل عليها بحجة انها واخدة العلاج و الازعاج و القلق غلط عليها ، و لما حاول يعاتبهم انهم خبوا عليه موضوع انهم خرجوها من المستشفى على شقة باباها ، قالوا له ، هتعرف كل حاجة فى وقتها ، و طلبوا منه يأجل اى كلام فى اى حاجة لحد ما مامتهم تسترد صحتها
لحد اما عدوا التلات ايام و امام راح لزينب ، احمد لما فتح له الباب لقى زينب مستنياه و هى فى كامل رونقها و اناقتها ، اتفاجئ بيها و من شكلها ، رغم ان لسه التعب مأثر على حركتها الا ان وشها منور
امام بهزار : عينى عليكى باردة يا زينب ، هو كل اللى بيبقى خارج من المستشفى بيحلو و يصغر زيك كده
زينب شاورت له بايدها على الكرسى اللى قدامها و قالت له : اتفضل استريح
امام حس ان فى حاجة مش مريحاه ، لكن دخل و قعد و هو بيبصلها من غير ما يتكلم
لقى احمد جاب له حاجة ساقعة حطها قدامه و بص لمامته سألها ان كانت عاوزة حاجة تانية فشكرته فدخل اوضة من الاوض و قفل علي نفسه
امام : اومال محمود فين
زينب : موجود جوة مع اخوه
امام : طب ايه ، مش ياللا بينا على بيتك بقى
زينب : انا فى بيتى
امام : طب ما انا عارف انه بيتك برضة ، بس بيتك الاصلى هناك فى بيتنا يا زينب ، لازمته ايه تبقى قاعدة هنا و انا قاعد هناك
زينب : اسمع يا امام ، انا النهاردة عندى واحد و اربعين سنة ، اتجوزتك و انا لسه عيلة ما افهمش من الدنيا دى حاجة ، ابويا من يوم ما المرض مسكه بقى كل همه انه يجوزنى و يتطمن عليا قبل مايموت خصوصا بعد جواز فاطمة اختى ، ما شفتش حاجة من الدنيا قبل ما اتجوزك ، … ولا شفتها بعد ما اتجوزتك ، بابا و ماما الله يرحمهم .. كانوا دايما يقولولى رضا جوزك هيوصلك لرضا ربنا ، اسمعى كلامه و اتحمليه عشان يتبنيلك قصر فى الجنة
و اعتقد انك لا يمكن كنت هتلاقى واحدة غيرى تتحمل منك اللى انا اتحملته
حرمت نفسى من كل حاجة ، عشان خاطرك ، كنت لما اتوجع من حاجة ، اصبر لحد ما يفيض بيا و فى الاخر .. اخرى اخد قرص مسكن ، عمرى ما حسستك انى تعبانة و اللا بشتكى
شيلت بيتك و ولادك و والدتك حطيتها فى عينى و اعتبرتها امى ، لا كليت و لا مليت ، كنت دايما تبكتنى و تأنبنى لو طلبت منك رغيف العيش رغم انه بيبقى عشانك انت وولادك و والدتك ، دايما تنتقضنى و متهمنى انى مش عارفة امشى البيت و لا ادبر حالى
عمرك ما سألت نفسك الفلوس اللى ولادك كانوا بياخدوا بيها دروس منين ، و اللا كسوتهم ومصاريف مدارسهم وكلياتهم
عاوزة اقول لك انك ما صرفتش مليم واحد على تعليم ولادك ، من اول مرة محمود طلب فيها درس انجليزى و انت زعقت و اتخانقت زى عادتك ، قررت انى احرم نفسى من المنفس الوحيد اللى كنت بتنفسه عشان خاطر ولادى ، ولادك اتعلموا و اتكسوا السنين اللى فاتت دى كلها بفلوس فاطمة اختى ، اللى رغم كل شئ ما تعرفش حرف واحد من الكلام ده ، كل اللى تعرفه انها بتبعت مصروف لاختها مش اكتر ، لكن بيروح فى ايه و ليه ، ما سألتنيش ، و انا ما قلتلهاش ، ما قلتلهاش ان حتى الفلوس دى مش هقدر اتمتع بيها و لا حتى يوم واحد
بقالك خمستاشر سنة ما اديتنيش جنية واحد فى ايدى ، و قلتلى انا هجيب اللى البيت محتاجة ، و كل ما البيت يحتاج حاجة ، تسمعنى الموشح اياه ، و انت محسسنى انى سبب مرمطتك و تعليقك فى الساقية اللى على طول تقول انك متعلق فيها ، رغم انك عايش حياتك بالطول و بالعرض ، خروج و فسح و قعاد على القهوة مع صحابك ، تقدر بقى تقول لى اخر مرة جبتلى فيها منديل كان امتى ، اخر مرة سألتنى فيها لو محتاجة حاجة كانت امتى ، اخر مرة قلتلى تسلم ايدك على اى حاجة انا عملتها كانت امتى يا امام
على طول مش شايف غير عيوبى والحاجات الغلط اللى بعملها ، دى لو كانت غلط من الاساس
انا و ولادك تعبنا يا امام ، فاض بينا الكيل خلاص ، مابقيناش قادرين نستحمل اكتر من كده
امام كان قاعد بيسمعها ، و هو مستغرب حاجات و معترف بينه و بين نفسه بحاجات ، بس ما بقاش مستوعب هى عاوزة توصل لايه لحد ما قالت اخر جملة ، فقال لها : تقصدى ايه
ينب : اقصد انك اخر مرة قلتلى .. فارقينى بقى وحلى عنى ، و انا قررت افارقك يا امام
امام : ايه اللى انتى بتقوليه ده يازينب ، ايه اللى حصل يعنى لكل ده ، ما انتى عارفة انى ببقى راجع من الشغل تعبان من هدة طول اليوم ، و طول عمرك بتستحملينى .. ايه اللى جد عشان يخليكى عاوزة تهدى البيت انا مش فاهم
زينب : اللى جد ان رصيدك عندى خلص يا امام ، اللى جد انى وقعت ، من كتر الضغط والقهر وقعت ، اللى حصل انى لما كنت بين الموت و الحيا اكتشفت ان لو انت غلطت قيراط فانا غلطت اربعة و عشرين
امام : يا ستى و انا مسامح فى غلطك ، عشان المركب تمشى
زينب بسخرية : لا هو انت فاكر ان غلطى كان فيك
امام : اومال كان فى مين
زينب : غلطى كان فى نفسى ، فى روحى ، روحى اللى بهتت من كتر الكبت ، روحى اللى عجزت و انا لسه فى عزى ، نفسيتى اللى على طول تحت الصفر بسبب تبكيتك ليا ، احساس الفشل اللى دايما زارعه جوايا لف على رقبتى و خنقنى
انت ظلمتنى يا امام ، بس انت ظلمتنى مرة ، و انا ظلمت نفسى الف مرة ، لانى كنت بسكت واكبت جوايا لحد ما حصل اللى حصل لما فقت من الغيبوبة ، سألت نفسى سؤال …. هو انا ليه صبرت كل السنين دى ، و الحقيقة ما لقيتش غير اجابة واحدة بس ….. انى غبية
ماكانش لازم اسمحلك ابدا تخلينى زى المسخ كده سنة ورا التانية ، بس عذرى انى كنت بحاول اكسب رضا ربنا
امام : طب و ليه تعصيه بعد كل ده يا زينب
زينب : اعوذ بالله ، و مين قال لك انى هعصاه
امام : و هو لما تعصينى ، مش هتعصى ربنا
زينب : ما انت عشان كده لازم تطلقنى يا امام
امام رغم انه كان حاسس انها هتطلب الطلب ده الا انه لما سمعه منها حس انه اتخشب فى مكانه ، فضل يبصلها باستغراب اكن الكلام مش ليه
زينب كملت كلامها و فالت : كفاية عليك و عليا لحد كده ، احنا الاتنين تعبنا ، و انت طلبتها كذا مرة ، لو عديناهم يمكن يطلعوا فوق الالف مرة
امام : و كنتى انتى اللى بتخلينى انسى اللى قلته ، و ما انتى عارفة ظروف شغلى و انى ببقى على اعصابى طول اليوم
زينب و لاول مرة من ساعة ما ابتدت تتكلم صوتها يبقى فيه بعض الحدة : ماله شغلك .. يفرق ايه عن شغل باقى الرجالة او حتى الستات ، ما انت موظف زيك زى كتير اوى ، انت عاوز تفهمنى ان كل الموظفين بيعملوا زى ما انت بتعمل ، و حتى لو كان ، عمرك ما فكرت انا بقضى يومى ازاى ، عمرك سألت نفسك انا بخلص شغل البيت امتى او ازاى ، بتعب و اللا ما بتعبش ، يومى بيكفى كل اللى كنت عاوزة اعمله و اللا لا ، اشتغلت و انا واقفة و اللا و انا قاعدة و اللا وانا محنية على ركبى على البلاط
عمرك سالت ان كنت بلحق استريح و اللا لا ، باخد كفايتى فى النوم و اللا لا
انت طول عمرك ما بتفكرش غير فى نفسك و بس ، انت رقم واحد ، و مامتك رقم اتنين و ولادك رقم تلاتة و اصحابك رقم اربعة ، و انا ……. احتمال يكونلى رقم فى الاواخر او حتى ما يبقاليش
انا ساقطة قيد فى اولوياتك يا امام ، و عشان كده لو سمحت كفاية ، انا عاوزة اكمل حياتى اللى ربنا كتبهالى من غير قهر و لا وجع
امام : و هتعيشى ازاى
زينب بابتسامة : زى ما عشت قبل كده
امام : و عيالك موافقين على اللى بتقوليه ده
زينب : ايوة ، انا طلبت منك تلات ايام ، عشان ادى نفسى و اديهم فرصة ، و ولادك قرروا يعيشوا معايا ، و عموما البيت قصاد البيت ، وقت ماتحب تشوفهم هتلاقيهم قدامك
امام : ده اخر كلام عندك
زينب : ايوة
امام وقف و قال لها : طالما دى رغبتك ، انا هروح للمأذون بكرة و اخلص كل حاجة
زينب : شكرا
بعد ما مشى محمود و احمد خرجوا من الاوضة ، لقوا زينب قاعدة و ملامحها مرسوم عليها الحزن ، محمود قرب منها و قال لها : احنا سيبناكى تعملى اللى انتى عاوزاه ، ليه بقى زعلانة دلوقتى ، لو رجعتى فى كلامك احنا لسه فيها
زينب : بالعكس ، انا مصممة على كلامى
احمد : اومال زعلانة ليه بقى
زينب بوجع : على عمرى اللى ضاع
محمود : طب و احنا
زينب : انتو عوض ربنا ليا
امام راح تانى يوم طلق زينب ، كان عارف ان كلامها كله صح ، لكن كان عمال يقول لروحه انها مزوداها زيادة عن اللزوم ، واقنع نفسه انها هتندم
و كان مفكر انه هيرجع يعيش حرية العزوبية براحته من تانى ، لكن صحى على الواقع المر …. مامته اللى محتاجاه معاه على طول فى البيت ، و اللى كان كل ما يطلب من ولاده يروحوا يقعدوا معاها بالليل عشان يخرج مع اصحابه ، كان محمود بيبقى يا اما فى الجيش يا اما بيتحجج بشغله ، و احمد كان بيتحجج بمذاكرته ، رغم انهم كانوا على طول بيروحوا لجدته بالنهار وقت ما امام بيبقى فى شغله ، بس كانوا متفقين كلهم ان ماحدش يعرفه ، كان نفسهم من جواهم انه يعرف قيمة مامتهم على الأقل بينه و بين نفسه حتى لو ما اعترفش للكل بده
بعد كام شهر امام لما ما استحملش قرر انه يتجوز ، فعلا اتقدم لواحدة مطلقة زيه و اتجوزوا فى ظرف شهرين ، لكن بعد شهر واحد من جواز ، كان الشارع كله بيسمع صوت خناقهم ، لان طبعه فضل زى ما هو ما اتغيرش ، لكن الطرف التانى هو اللى اتغير ، مراته الجديدة اما كانت تلاقيه يزعق و يتخانق ، كنت هى كمان تزعق قصادة ، لدرجة ان الشارع كله تقريبا ابتدى يعرف ادق تفاصيل حياتهم من ردودهم على بعض
علاوة على انها ما استحملتش مامته و اجبرته انه يوديها عند كل واحد من ولادها شوية ، و فعلا فضلت الست تتنقل من بيت لبيت لحد ما صعبت على زينب وخلت ولادها راحوا اخدوها و ودوها عندها من تانى
الست ام امام فضلت عند زينب سنتين لحد ما توفاها الله ، و زينب كانت فاتحة بيتها لكل اللى عاوز يزورها حتى امام
زينب كانت كل يوم عن التانى بتستعيد شبابها و جمالها لدرجة ان جالها خطاب كتير بس هى كانت بترفض عشان كانت خاسة ان ولادها ممكن يزعلوا ، و قالت انها خدت نصيبها من الدنيا و انها مبسوطة كده ، و امام كل يوم عن التانى كان الهم بيركبه اكتر و اكتر من كتر المشاكل و الخناق
خلال السنتين دول كان امام من كتر مشاكله مع مراته الجديدة طلقها هى كمان ، و فضل عازب من بعدها
بعد موت مامته بحوالى سهرين راح لزينب ، حاول معاها كتير انها ترجع له من تانى ، لكن زينب رفضت ده تماما ، و قالت له ان خلاص قطعت صفحته من دفتر حياتها
الخلاصة
اوقات كتير اوى بنيجى على نفسنا عشان خاطر حد ، ماشى .. بس لما يكون الحد ده يستاهل ، و يكون هو كمان بييجى على نفسه عشان خاطرنا
لكن لو الحد ده بيستنزفنى و يمص دمى و حارق اعصابى ، ليه اجى على نفسى عشانه ، طب هل هو يستاهل ده
طب انا هستحمل ده فعلا على طول و اللا هنخ و التمن صحتى و نفسيتى
الناس اللى بتيجى على نفسها عشان المركب تمشى ، صدقونى لو روحها نشفت جوة اجسامها ، يمكن المركب توصل ، لكن هتوصل مايلة
طب يا ترى حاولتوا تغيروا الواقع قبل ما تجبروا نفسكم انكم تتحملوه ، مش يمكن كنتوا عرفتوا تغيروه
انا ما اقصدش ابدا بكلامى ده اننا ننفض ايدنا من اولها و نقول مش لاعبين ، لكن اقصد ان العلاقة بين اى اتنين بيبقى ليها رومانة ميزان ، لو مالت ، كل حاجة بتموت جوانا من غير ما نحس
رومانة الميزان بتبقى فى العطاء المتبادل فى العلاقة ، لو واحد بس بيدى على طول و التانى بياخد على طول يبقى رومانة الميزان فرطت و باظت
اوزنوا العلاقات ……. اظبطوا رومانة الميزان