[ كلهم كلاب] ..
الفصل السادسة عشر
( إكرام) زعلت شديد و آمآلها إتحطمت في فاصل جديد من حياتها مشرق بصداقات و علاقات جديدة ومجتمع جديد.. بس البداية ما مبشرة نهائي و الوجوه دي كلها صارة ليها.. ودي حاجة ماقدرت تستوعبها أو تفهما كويس.. طبيعي و منطقي تلقى جو معادي من بعض البنات وهي جديدة..وطبيعي تلقى بنات محايدات لا يحبنها ولا يكرهنها.. وبرضو لنفس السبب كونها جديدة ولسة ما أخدوا عليها.. بس كلهم كاشِّين منها وصارِّين ليها؟؟ شي غريب.. خصوصا" البِت القاعدة جمبها.. متلصقة على شباك الحافلة في تفسير واااضح إنه ما عاوزة حتى تلامس ( إكرام) وكأنه هي حاجة قذرة.. ( إكرام) بتغالب في دموعا ما تنزل وتحاول تراضي نفسها لأنه دا أول يوم جديد وعاوزة تحس بالفرحة.. فرحة رجوعا للمدرسة.. و قطع أفكار ( إكرام) صوت السواق الكان شباب و في العشرينات.. ( إكرام) كانت مدنقرة بتغالب دموعا لما سمعت الود السواق بقول :
- يلا يا بنات وصلنا
وكأنه كلمته دي كانت إشارة لى حاجة.. فجأة البِت القاعدة جمب ( إكرام) الكانت كاشًّة منها وماعاوزة جسما يلاصق جسم ( إكرام).. نطت في ( إكرام) باستا شدييييد في خدها و الحافلة كلها قامت على حيلا يصفقن و يكوركن.. ( إكرام) إنخلعت من الحصل وما فهمت حاجة وبقت تعاين للبِت الكانت قاعدة جمبها و البِت مبتسمة ليها.. كانت حلوة شديد وعندها وجنات.. مسكت ( إكرام) من يدها قومتا و الحافلة لسة كلها بتصفق.. حضنتها وقالت:
- حبابك ( إكرام)
الود السواق كان بصفق معاهم وبعاين لى ( إكرام) و جمال ( إكرام) بإعجاب شديد..و( إكرام) ما كانت مصدقة البحصل وما قدرت تفتح خشما وما عرفت ترد تقول شنو.. ساقتا ( زحل) من يدها نزلت بيها..وكانت المفاجأة.. لافتة كبييييرة من القماش الأبيض معلقة فوق بوابة المدرسة مكتوب عليها [ لا لدمعة اليتيم ].. و مدخل المدرسة كله مُزين بالبالونات و الورود و أنوار الزينة..
وبدت حافلات الترحيل تجي في نفس الزمن.. وكل البنات نفس الزي ( الوردي) الجميل.. كل واحدة تنزل من الحافلة تجري جري تقيف في مكان هي عارفاهو كويس.. ولا واحدة فيهن شايلة ليها شنطة.. دخلت ( إكرام) ماسكاها ( زحل) من يدها و البنات جوا المدرسة عاملات صفين ويصفقن.. ( إكرام) شكت في إنها بتحلم.. كانت حاجة رهيبة ما بتنوصف.. مدرسة كاملة بى زي وردي موحد واقفة تصفق كلها لى ( إكرام).. وبى سعادة.. مافي بِت واحدة مكشرة ولا صارة وشها.. كانت مدرسة راقية بمعنى الكلمة جسدت معاني الإنسانية في أروع لوحة.. ( إكرام) مشاعرها ملخبطة بين دهشة و حيرة وفرحة و ذهول كان طاغي على كل إنغعالاتها و أحاسيسها.. وصلت ( إكرام) لى آخر الصف.. كان (إصطاف) المدرسة كله يصفق.. كل المدرسات تتقدمهم أستاذة ( مُنى) المديرة يصفقوا لى ( إكرام) عيونهم مكحلة بالدموع.. وكل جدران المدرسة من جوا مليانة باللافتات مكتوب عليها أروع الكلمات المؤثرة عن اليتيم.
وصلت ( إكرام) ما سكاها ( زحل) من يدها.. ضمتها المديرة ( مُنى) أول واحدة شدييد و قالت ليها :
- تعالي يا بِتي
دموع ( مُنى) جاريات وبتقول ليها:
- ما ح تكوني براك تاني، نحن كلنا أهلك وديل كلهم أخواتك، وحبابك ( إكرام) في بيتك
وبدت المدرسات يحضنن ( إكرام) واحدة ورا التانية.. و ( إكرام) غلبا التعبير على البحصل ليها.. و غلبا تطلع الحروف المناسبة لى وضعية زي دي.. لأنه نحن البشر بنتكلم بإحساسنا.. لما نزعل بنطلع كلمات الزعل بنبرة الزعل.. ولما نحزن بنطلع كلمات الحزن بنبرة الحزن.. ولما نفرح بنطلع كلمات الفرح بنبرة الفرح.. ولما نندم و لما نشيل هم ولما ننصدم بنطلع كلمات كل إحساس بنبرة كل إحساس.. طيب لما نحس بأحاسيس مختلفة متناقضة في نفس الوقت.. قولوا لي ياتو حروف نقدر نطلعا في اللحظة ديك و بأي نبرة؟.. بس.. دا كان إحساس ( إكرام) بالزبط.. عشان كدا غلبا تترجم الحروف بما يناسب الحدث.. عشان كدا إتكفلت دموعا بى كدا.
وكانت المفاجأة التانية لى ( إكرام).. إنه ساقتا المديرة المرة دي من يدها و مشت لى حوش تاني في المدرسة فاصلاهو حيطة.. المدرسة كانت كبيرة شديدة.. دخلوا الحوش التاني.. شافت ( إكرام) مسرح المدرسة جاااهز بى سماعاته و مكرفوناته و صبارات الموية و الشاي و العصير و ( الصيوان) والكراسي مرصوصات و مكتوب على المسرح بى خط عرييييض [ إكرام الحب ].. وبدت الطالبات يخشن في صفوف.. وكأنه كل واحدة عارفة مكانها و عاملين بروفة على كدا.. تنظيم مبالغة و إستقبال مجنون و رهيب خلا ( إكرام) تشك فعلا" إنه هي بتحلم وما صاحية.. و كان لابد يكون إستقبال مجنون لأنه القايمة بيهو المشاغبة.. ( زحل).
___________________________________________
[ قبل إسبوعين ]
- لا حول ولا قوة إلا بالله، معقول في ناس بالوحشية دي؟
( منيرة) :
- والله يا ( مُنى) لو ما شفت بى عيني ما كان صدقت
- لا حول ولاقوة الا بالله، والله قطعت قلبي البِت المسكينة دي، خالتا العواليق دي ماعندها رحمة؟
ولقت ( مُنى) روحا بتبكي فجأة و بى صوت عالي:
- الله ينتقم منها بركة الله، واي ( منيرة)، ماقادرة والله البِت أثرتني شديد، تلقيها المسكينة بتلعن المجتمع كل يوم ألف مرة، حاسة بالظلم والقهر المسكينة وما لاقية زول يساعدا، ليه ياخي تحس كدا وهي مفروض تعيش حياتها زيها وزي أي بِت تا...
وإنفقعت ( مُنى) تاني غصبا" عنها و غلبا تتم الكلام.. ( منيرة) عيونها جرن معاها برضو.. إتماسكت روحا وقالت لى ( مُنى) :
- الله بسألنا يوم القيامة لو ما ساعدنا البِت دي يا ( مُنى)، دي أمانة في رقابنا كلنا
( مُني) طلعت منديل من شنطتا مسحت دموعا وجرت نفس طويييل وقالت:
- نحن كلنا ح نكون أمهات ( إكرام)، و الطالبات كلهن ح يكونوا أخوات ( إكرام) ، و المدرسة قبلت ( إكرام) بالمجان لحدي ما تتخرج ما تدفع ولا تعريفة، وبعد نهاية اليوم بعمل طابور و بكلم المدرسة كلها عن ( إكرام)، وعندنا الأسبوع الجاي ( مهرجان) بنعملوا إحتفالية للمدرسة كل تلاتة شهور، بكون يوم مفتوح فيهو أغاني و أناشيد و أشعار و تمثيل و مواهب حلوة عند البنات عندنا هنا ما شاء الله، يلا نحن اليوم دا ح نقلبوا ( يوم اليتيم) و ح نعملوا إحتفالية و تكريم لى ( إكرام)
( منيرة) فرحت كتير لما سمعت الكلام دا:
- الله يسعدكم با ( مُنى) ودايما" موفقين و ناجحين
- وإنتي كمان ( منيرة)، ما شاء الله مدرستك متفوقة دايما، ربنا يعلي مراتبكم دوم يارب
- آمين يارب، تسلمي و يديك العافية و يجزيك كل خير
- خلاص حبيبتي، تجيبي لينا ( إكرام) من الأسبوع الجاي طوالي إن شاء الله، عشان نستقبلا كويس و تدخل معانا في الجو الأسري، دا ح يديها معنويات كبيرة شديد إنه تبدع، وإنتي قلتي عليها بِت شاطرة
- شاطرة و بس؟ الله يحفظها البِت ما شاء الله مافيها عيب الكمال لله، أي حاجة فيها حلوة
في اللحظة ديك جات بِت حلوة شديد دقت باب المكتب.. أستاذة ( مُنى) قالت ليها:
- تعالي يا ( زحل)
( زحل) دخلت.. أستاذة ( منى) قالت ليها:
- سلمي على أستاذة ( منيرة)
( زحل) سلمت على ( منيرة) وإتلفتت على ( مُنى) وقالت :
- نعم يا أبلة
- عاوزنك يا عسل تنظمي لينا إستقبال حاااار كدا لى طالبة جديدة مسكينة يتيمة ح تجي يوم الأحد الجاي
- يوم الإحتفال؟
- أيوا يا ( زحل ) يوم الإحتفال، تعالي لي نهاية اليوم بفهمك
- حاضر يا أبلة
طلعت ( زحل) مشت.. ( مُنى) قالت لى ( مُنيرة) :
- ح نحسب الأيام بتين تعدي عشان تشرفنا ( إكرام)
____________________________________________
(ميراب) بالجد غلبا الكلام والحروف طارت منها و نزلن بدالا دموع.. ( إنصاف) أصلو ما كضبت.. كف في وش ( ميراب) وشها حمر وقتي.. النصيحة كان كف حار.. ( ميراب)راسها لفَّ وكانت عاوزة ترقد بس، خافت أمها تقوم عليها.. بالجد كانت خايفة و مرعوبة وكأنه القاعدة جمبها دي ما أمها.. بقت ليها كأنه شخص، غريب ما بتعرفه لأنه أول مرة يجيها الإحساس دا.. حاولت تكون طبيعية و تقنع نفسها إنه دي أمها ال بتحبها.. بس هيهات.. رعب و خوف غريب من أمها ( إنصاف) زاد لما سمعتا بتقول:
- يعني إنتي بالجد دسيتي الورقة و بقيتي تفكري في كلام ( إكرام) ؟ ( إكرام) يا هبلة ال بي سببا الرجال ما شفوك؟، ( إكرام) يا هبلة الأحسن منك ومن أختك وعمرك ما ح تبقي زيها؟، ( إكرام) يا متخلفة العاوزة تخرب بينا و قدرت تعملا؟ خلت ( سندس) كأنه ما عايشة معانا؟ وهسة تجي إنتي الكبيرة العويرة تفكري في كلاما؟ موش ياها دي ( إكرام) ال كنتي بتنبسطي لما أدقها وأمسح بيها الوطا؟ مالك؟ سحرتك؟ ولا المرة دي مشت ل ( الشيخ) بالجد و كتبتك؟
ومع آخر كلمة ( كتبتك).. طططططططاخ..كف أقوى من الأول بى كتير.. بس المرة دي بالجد ( ميراب) بدت الدنيا تضلم في وشها شوية شوية وما قدرت تمسك روحا وهي ما حاسة بى وشها من الخدر الكان في جضمها الحمّر بى صورة غريبة.. قامت ( إنصاف) شالت معاها الورقة و تفَّت لى ( ميراب) في وشها وقالت:
- طول عمرك غبية ما بتفهمي
طلعت ( إنصاف) من غرفة ( ميراب) ال بقت ما شايفة حاجة وما سمعت كلام أمها الآخير لأنه راسها بدا يلف شديد وجات واقعة على مخدتها.. غمرانة.
__________________________________________
( إكرام) أصابا ذهول مبااالغة بعد ما عرفت و إتأكدت إنه كل المدرسة عملت دا عشان خاطر عيونا.. وغلبا تلقى الكلمات المناسبة للموقف دا عشان تطلع كلمة شكر.. وبصراحة الموقف كان أكبر من كلمات شكر.. ولو ح تشكر.. ح تشكر مين ولا مين.. المدرسات أحن من الطالبات.. و المديرة أحن من المدرسات.. وبدأ الإحتفال.. و قعدت ( إكرام) قدااام في كراسي المدرسات جمب المديرة ( مُنى).. وكان في كرسي فاضي شمال ( إكرام) حق المشرفة.. كان النظام تقعد ( إكرام) بين المشرفة و المديرة.. بس المشرفة ما جات اليوم دا وكل أستاذة قعدت في كرسيها.. ولاحظت ( إكرام) الكرسي فاضي.. و طلبت من المديرة تخلي ( زحل) تقعد جمبها.
( مُنى) نادت ( زحل) :
- تعالي يا عسل، صحبتك عاوزاك تقعدي جمبها
( زحل) جات باست ( إكرام) العيونا جرن في صمت تاااام و طلعت كلمة واحدة بس من ( إكرام) بى صوتا المبحوح الحلو:
- شكرا"
( زحل) شاركتا بى دمعة و حضنت ( إكرام) تاني بقوووة و قعدت جمبها متماسكات.. و بدأ الإحتفال.. وعرفت ( إكرام) يادوووب ليه البنات ولا واحدة جاية شايلة شنطة.. ومع كل فقرة بتتقدم.. كانت دموع ( إكرام) بتنزل.. أكتر
__________________________________________
النقيب ( الصومالية).. إسمه الحقيقي ( جبر الله).. مشهور ب ( الصومالية) لأنه أمه حبشية.. قديم شديد في المباحث.. ومعروف في الحِلة كلها ( كوز ) كبير و فقري شديد ما عنده رحمة ولا عنده عُشرة.. قبَّض كتيرين من أولاد و بنات حِلته.. و في إشاعات كتيييرة بتقول إنه بقوم بلأعمال القذرة لى ناس الأمن يمكن تصل لى درجة التصفيات.. أما التعذيب الوحشي و القذر سيبك منو.. حاجة عادية بالنسبة ليهو.. خصوصا" مع الناس المتظاهرين و المعارضين.. وما كل المتاظهرين.. القياديين منهم و الناس الفعَّالين و خصوصا" الطلاب.. كان ( كلب) بكل ما تحمله الكِلمة من معنى مع إعتذاراتنا الشديدة والله للحيوان ( الكلب) لأنه في النهاية منو فايدة و على الأقل بتصِف بصفة ( الوفاء).. أما ( الصومالية) دا كان قمممة القذارة والناس كلها بتحاول تِتقي شره.
( الصومالية) جا داخل مبنى في حتة مقطوعة في ( أم درمان) بعد ( المرخيات) بى مسافة طويلة.. العساكر من شافوهو قاموا يتراجفوا ودقوا التحية.. ( الصومالية) قال:
- جبتو لي الناس القلت ليكم عليهم؟
العسكري كورك:
- تمام سعادتك
العسكري ماشي قدام ( الصومالية) منكرب وراهو تمانية من بتاعين الأمن.. فتح ليهم غرفة مقفولة بالمفتاح.. كان في ستة أولاد و تلاتة بنات.. كانوا مغمضين ليهم عيونهم ومكممين ليهم خشومهم ومربطين يديهم و رجولهم بى طريقة مهينة وحارة وكل واحد ضهرو ع الحيط.. البنات كانن بئنن من الوجع و شعرهم منكش و ظاهر تم التحرش بيهم لأنه بلوزاتهم و قمصانهم محل صدورهم مقطعة و مكرفسة.. والأولاد.. الله يكون في عون الأولاد.. كانوا شباب أكبرهم ما بتعدى الخمسة و تلاتين.. كان منهم إتنين في الجامعة و تلاتة في الثانوي وواحد ما بقرأ.. كان من نفس حلتهم و ( الصومالية) بعرفوا حق المعرفة.
( الصومالية) مسك الود اللي من حلتهم جراهو من شعره.. كان ود راحات وشعره غزير.. بس كان ( راجل) بمعنى الكلمة.. ( الصومالية) مسكه من شعره مسكة حارة و شاتو بي قوته كلها بين رجوله.. ( خصاهو) .. الود المسكين نفسه إنكتم و بقى يئن في صوت رهييييب من الألم:
- أمممممممممم، أمممممممممم
الباقيين حسو بى رعب شديد خصوصا" البنات.. ماعارفين الحاصل شنو.. بس سمعوا صوت ضربة بعدها صوت الولد المؤلم جدا".. والواحد في لحظات زي دي بكون خايف من كل ثانية تمر إنه يكون الدور الجاي عليهو.. خايف من كل ثانية تجيهو ضربة غادرة موجعة في وشو ولا ضهرهو ولا بطنه لا راسه وهو ما متهيئ ليها.. دا التعذيب النفسي اللي ما بقل وحشية عن التعذيب البدني.
( الصومالية) من شات الولد خلاهو يفرفر في الوطا.. أشّر للعسكري معناها وديهو الغرفة التانية.. لحدي اللحظة دي ( الصومالية) ماعاوز يتكلم عشان الود اللي بعرفه ما يميز صوته.. بس بعد العسكري جَرّا الود زي كيس الزبالة بدون أدنى رحمة وقفل الباب.. هنا ( الصومالية) بدا يتكلم:
- شباب الوطن ( الشفّاتة)، بنات بلدي ( الكنداكات)
كان ( الصومالية) بتكلم بى سخرية و إستهزاء.. كمل كلامه:
- مرحب بيكم يا أبطال الثورة
وأشّر لى بتاعين الأمن يعني فكوا يديهم و نزلوا الربطة من عيونهم.. كان عاوزهم يكونوا شايفين و سامعين و يختوا يديهم محل الوجع اللي ح يضوقوهو..و يصرخوا بى أعلى صوت من الألم.
__________________________________________
بدت برامج (اليوم المفتوح) وكانت مدرسة ( النوابغ) إسم على مُسمى.. كان بالجد حاجة راقية شديييد.. فقرات حلوة وممتعة ومضحكة.. ( إكرام) كانت في سعادة ما في زول بقدر يوصفا ليكم.. ما سكة يد ( زحل)
و بضحكوا سوا و يصفقوا سوا.. ما ( بصفروا) سوا.. ( زحل) مجنونة.. بتخت أصابعيها في خشما و بتصفر في حركة زي البعملوها في الحفلات وكدا.. ولأنه الحركة شبابية أكتر.. عشان كدا لما تعملا بنت بتكون غريبة و فيها نكهة فكاهة.. عشان كدا كل ما ( زحل) تصفر.. المدرسات و الطالبات و حتى ( المديرة) بقعدوا يضحكوا.. الناس كلها بتصفق إلا ( زحل) بتصفر و تقول لى ( إكرام) :
- صفري بابت، صفري
( إكرام) تصفق و تضحك:
- برِي، ما بعرف
- خوتي أصابعيك السمحات ديل في خشمك كدا، تحت لسانك كدا و أقفلي خشمك و أنفخي شديد
( إكرام) تضحك ختت أصابعيها.. ( زحل) قالت :
- يلا تمام، أنفخي
( إكرام) بدت تنفخ.. لكن لافي صفارة ولا يحزنون.. بس تسمع:
- أففففففف، أففففففف
( زحل) ضحكت لما دمعت.. وحضنت ( إكرام) و ( المديرة) مبسووووطة من ( زحل) لأنه قدرت ترسم الضحكة في وش ( إكرام).. وواضح شديد إنه دخلت مزاج ( إكرام) و ( إكرام) حبتها.. ( إكرام) بقت تصفق ساي و تضحك :
- ياخي غلبني
( زحل) قالت ليها :
- إنتي بس باريني و ح أبقيك ( شقية)
قالت كدا خلت ( إكرام) تضحك وقامت المسرح.. الساعة 12 جات.. كان البرنامج الساعة 11 ياخدوا ( بِريك) والمدرسة كلها تفطر.. والساعة 11 و نص يستمر البرنامج.. والساعة 12 كلمة المُحتفى بها ( إكرام).. بعدها طوالي يفتحوا البوابة للعوائل و يكملوا اليوم المفتوح.
( زحل) طلعت المسرح مسكت المايك :
- نحن كلنا عارفين ليه عملنا الإحتفال دا، عشان نرحب بى أختنا السمحة ( إكرام) ونقول ليها كلنا عارفين حكايتك، وكلنا بنعتذر ليك عن الظروف الق....
ونزلن دموع ( زحل) فجأة بكل عفوية.. ( زحل) مسحت دموعا و واصلت:
- بنعتذر ليك عن الظروف القاسية المريتي بيها و بنقول ليك أحضانا مفتوحة ليك و نتمنى ليك كل السعادة في كل خطاويك
سكتت شوية أخدت نفس طويل:
- والان مع كلمة المُحتفى بها، ( إكرام) الحب
قامت ( إكرام) مذهولة وخجلانة و ما مصدقة الحفاوة و الحب و الإهتمام القاعد تلقى فيهو دا.. طلعت المسرح.. ( زحل) ضمتها عليها و أدتا المايك و قالت:
- قولي كل اللي نفسك فيهو، نحن كلنا فرحانين بيك و عاوزين نسمع ( البحة) الحلوة في صوتك
( إكرام) قالت ليها:
- يديك العافية ( زحل)
ومسكت ( إكرام) المايك و رفعت راسها لقت كل العيون بتعاين ليها مبتسمة.. إتنحنحت و قالت:
- السلام عليكم..
وإتنحنحت مرة تانية.. وجد كان صوتها حلو شديييد مع المايك.. قالت:
- أنا بتأسف شديد و بعتذر منكم لأنه الشيء العملتوهو لي دا والله صعب ألقى ليهو كلمات شكر، لأنه مافي كلمة واحدة في مقام المحبة و المحنة و البشاشة الشفتها منكم كلكم، وجد إنبهرت بالإستقبال دا و عاوزة أتكلم كتييير أحكي ليكم عن الظلم الأنا عِشته، بس متأكدة ما ح أقدر، بس مهما كان الذل الكنت أنا فيهو، صدقوني خلاص ما ح يرجع تاني بعد شفت المودة في عيونكم، وربنا ما يحرمن.....
وإنفقعت ( إكرام) تبكي..
ومنو الما بكى لى دموع ( إكرام).. منو ال قلبه ما انفطر لى صوت ( إكرام) الحنين في المايك.. سكتت ( إكرام) شوية ورفعت راسها تاني:
- شكرا" ليكم بقدر المعزة الجواي ليكم
وأشرت لى ( زحل) مدت يديها :
- شكرا" ( زحل)
( زحل) حضنتا في المسرح قوووووي.. كل الطالبات وقفن علي حيلن يصفقن مع المدرسات.. وهنا بدو العوائل يدخلوا المدرسة لابسين أحلا لبس و متشيكين.. و دخل بوكسي شايل سماعات ساون ونزل منه واحد قصير كدا إسمه ( حلبي).. عامل فيها فنان.. مفلفل شعره من حِلة ( زحل).. مشهور في الحلة لما يغني بقعد يدردق بالوطا.. بعمل جو ضحكة كدا.. أها ( زحل) بتاعت أمور.. جابت ( حلبي) يغني من 12 و نص لى و احدة و نص مقابل تديهو رقم ( بسمة) صاحبتا.. ( حلبي) دا من ركبو الساون وقبل بتاع الأورغن ما بلمس الأورغن زي الناس.. ( حلبي) دا بقى يكورك و يدردق بالمسرح و البنات كلهن يضحكن.. و ( إكرام) ضحكت ضحك ما عادي لما قررربت (🙈).. و ( زحل) تصفر بي يديها الإتنين.. و البنات كلهن يصفقن :
- أيوا، أيوا، أيوا
و ( حلبي) دا يدردق و يدردق مع التصفيق.. متحمس شديد.. بغني في مدرسة كلها ( مُزز) زايدا" ح يتحصل على رقم ( بسمة).. ( حلبي) غنى أربعة غُنيات و نزل.. طلع واحد وجييييه بعده شاب في العشرينات بدأ يغني في الأغاني الراقية على حسب طلب البنات.. كان صوته حلو شديد و جد غنَّاي.. ( زحل) رفعت يدها بعد ما إنتهى أغنية.. وطلبت منه يغني ( صُدفة) لى ( وردي).. وبدأ يغني فيها بى صوت عذب.. ( إكرام) عجبتا شديد.. كانت أول مرة تسمعا.. وعاشت جوها و ألحانها و كلماتها.. وبدت العوائل تدخل بى غداهن و البنات يقومن يقعدن أختهن ولا أخوهن ولا أمهن و لا صاحبتهن في الكراسي و يقيفن هن مبسوطات مع الأغنية و مستمتعات باليوم المفتوح اللي فقراته لسة متواصلة لحدي المغرب.. المديرة ( مُنى) قامت من كرسيها قالت لى ( إكرام) :
- حبيبتي أنا عندي زيارة في المستشفى لى أختي، إنبسطي حبيبة و ( زحل) معاك ما بتقصر
( إكرام) قالت:
- ربنا يكتب سلامتها أبلة، و ماعارفة أشكرك كيف
- ح تشكرينا يا ( إكرام)، نحن عارفين كدا كويس، وح ترفعي راس مدرستنا فوق
- بارب أبلة
( منى) ماشة طالعة و عيون ( إكرام) متابعاها بكل إمتنان
( زحل) قالت:
- البِت دي مالا إتأخرت كدا
( إكرام) :
- بِت منو
- أختي الصغيرة
- أختك الصغيرة؟ تجي براها
- لا، كلمت خالتي تجيبا
- يمكن خالتك هي الأخرتا، ما عندك أخوات كبار؟
- لا خالتي متزوجة وراجلا مسافر وما عندها أولاد، بس شغالة في ( بوتيك) كبير حقها، وقالت لي من أمس ح تجي أول ما أختي تطلع من المدرسة، خالتي بتحب البهجة مجنونة حفلات، وماعندي غير أخت واحدة بس بتقرأ في رابع أساس، و أخو واحد بس ح يتزوج بعد إسبوعين، ومن هسة معزومة يا ( حب)
( إكرام) من ( زحل) جابت ليها سيرة أختها الفي رابعة طوالي إتذكرت ( سندس).. و سرحت في خيالها معاها تتذكر صوتها و ضحكتها لما كانوا بلعبوا سوا.. حتى ما سمعت الكلام الآخير لى ( زحل) عن زواج أخوها.. في اللحظة ديك فجأة ( حلبي) جا طاير لى ( زحل) :
- أها، لقيتيني كيف
- لقيتك سجمان و رمدان
( حلبي) إنصدم:
- يعني ما عجبتكم
( زحل) ختت يديها في أكتاف ( حلبي) وقالت بى صوت هااادي:
- ( حلبي) ، سجم أمك
( حلبي) دا زعل وشو حمممر و بقى يكورك.. بس الحمد لله شغالة أغنية.. ( حلبي) حلقومه ماكن و الدنيا دي كلها كانت سمعت:
- أنا عارف بحصل كدا، أصحابي حذروني منك قالو لي دي مجنونة بت حرام بتلعب بيك ساي بس أنا ما سمعت كلامهم
طبعا" ( زحل) مجرمة مجرمة شديد.. وجد شيطانة و بتعرف حركات الأولاد و الفي راسهم شنو وبتعرف تأدبهم كويس..عشان كدا من شافت ( حلبي) جا طاير.. طوالي نزلت طرحت ( إكرام) غطت وشها عشان ( حلبي) ما يشوفا.. قالت لى ( حلبي) بى إستغراب:
- بِت حرام؟
( حلبي) فاقد أعصابه:
- اااي
( زحل) دخلت يدها في جيب قميص المدرسة طلعت ورقة وقالت كأنها زعلانة:
- عشان رقم تقولي بت حرام؟ هاك الرقم، إن شاء الله ما ينفعك
( حلبي) ما صدق.. ختف الورقة فتحها حسب الأرقام لقاهن عشرة أرقام.. دخل الورقة في جيبه وقال:
- تاني أوعى تقولي لي تعال غني في حفلة
( زحل) قالت:
- حاااااضر
مشى ( حلبي) وشو عاوز يقع منو.. ( إكرام) قالت :
- حرام عليك يا ( زحل)، زعلتي ود الناس
( زحل) قعدت تضحك:
- ود الناس راجياهو جلدة حاااارة، ويمكن حنكو العاجبو دا يكسروهو ليهو ويبقى شاورما
- عملتي شنو تاني يا شقية
- أديتو رقم أخو ( بسمة)، زول ما شاء الله أربعة في أربعة و أخلاقه ضييييقة
( إكرام) قعدت تضحك:
- حرام عليك، ضيعتي ود الناس
( زحل) قعدت تضحك:
- يستاهل
فجأة جات واحدة سلمت على ( إكرام) وقالت لى ( زحل) :
- عاد ما بسألك، أختك الشقية دي مبالغة
( زحل) قعدت تضحك:
- وينا هي
- بتشرب من الكولر، هسة بتجي
( زحل) قالت لى ( إكرام) :
- دي خالتي ( منال)
وقالت لى خالتا:
- دي ( إكرام) صاحبتي
( منال) كانت تقريبا" من سنهم ما كبيرة شديد.. سلمت على ( إكرام) تاني وقالت:
- يا سلااااام، دي إنتي ( إكرام) المُحتفى بها؟ حلوة ما شاء الله عليك، ربنا يقويك يا بِتي وما تشيلي هم، كلنا أخواتك
- الله يسعدك خالتو ( منال)، شكرا" ليك
في اللحظة ديك جات أخت ( زحل) الصغيرة.. كانت حليووونة لابسة جِينز و شوز أحمر.. ولابسة نظارة طبية و ساعة كبيرة في يدها اليمين و شايلة موبايل كبير ( آيفون).. جات قالت لى ( زحل) :
- أعملي لي إيميل ضروري
( زحل) قالت ليها بى مزح:
- عيييييب، قلنا شنو لما يكونوا معانا ناس أول مرة نشوفهم؟
البنوتة الصغيرة خجلت.. قبَّلت على ( إكرام) ومدت يدها:
- معليش، بالي مشغول شوية، كيفك
( إكرام) إستغربت من الفصاحة العند البنت الصغيرة دي.. و عرفتها ح تكون جِنية زي أختها ( زحل).. بس البِت عجبت ( إكرام) شديد.. ( إكرام) ما سلمت عليها من يدها.. دنقرت باستا في خدودا وقالت:
- ما شاء الله عليك عسل ربنا يحفظك، وكرعلينا، مالو بالك مشغول من هسة؟ إسم الأمورة منو؟
البنت ردت:
- ( أبرار)