رواية نوح والأمانة
الفصل الثامن والعشرون
بقلم ميمي عوالى
بعد اسبوع
فى فيينا
كانت نيرة تنام نوما عميقا وهى متلحفة بغطائها فكان الطقس باردا بشدة وكانت تدفن رأسها تحت الغطاء ولا يظهر من وجهها سوى طرف انفها وشفتيها ، وكان ايمن آتيا لتوه من الخارج ، فقد ذهب منذ فترة ليحضر بعض الاحتياجات ، وما ان دلف الى الغرفة حتى وضع مكواة الملابس فى القابس الكهربى وقام بتغيير ملابسه بسرعة ، ثم مرر المكواة على قطعة ملابس تخص نيرة ، ثم اخذ قطعة الملابس واندس بها تحت الفراش بجوار نيرة وقام بوضعها على كتف نيرة والذى كان مكشوفا لتبتسم نيرة تلقائيا وهى لا زالت نائمة ليقترب منها ايمن ليقبلها قبلة رقيقة بجوار فمها قائلا بعشق : اصحى بقى وحشتينى
نيرة وهى مابين النوم واليقظة : بردانة وعاوزة اكمل نوم
انا سخنتلك الروب بتاعك بالمكواة ..قومى ياللا البسيه عشان تفضلى دفيانة وياللا عشان جايبلك معايا الاسبريسو بتاعك قبل مايبرد
لتفتح نيرة عيناها بابتسامة عشق قائلة : حبيبى اللى على طول مهنينى ومدلعنى
ايمن : وانا ليا غير اللى ساكنة قلبى ، ياللا ياحبيبتى اتعدلى
ليساعدها ايمن على الاعتدال وهو يضع فوقها الروب ويساعدها على ارتداءه وسط تقبيله لها بين كل حركة والاخرى
نيرة ضاحكة : قال وانا اللى كنت عمالة اتريق عليك لما لقيتك جايب معاك المكواة ، ماكنتش اعرف انك جايبها لاستخدامات اخرى
ايمن ضاحكا: دراسات الجدوى برضة ليها فايدتها
نيرة وهى تندس بين احضانه : وانت بقى كل حاجة بتعملها ..بتبقى عامللها دراسة جدوى
ايمن بعشق : الا حبى ليكى ، انفرض عليا من غير مااعمل حسابى لاى حاجة
نيرة : هتفضل تحبنى كده لامتى ، خايفة ييجى يوم وحبك ليا يقل او يخلص
ايمن : عمرك سمعتى ان موج البحر خلص او قل
نيرة : لا ، بس ممكن يهدى
ايمن : حتى لو هدى بيرجع من تانى لجنونة وهياجانة ، اهو حبى ليكى زى موج البحر لا بيهدى ولا عمره فى يوم هينام
………………….
فى شرم الشيخ
كان اسامة وخديجة يسيران على شاطئ البحر وهما متشابكى الاصابع
اسامة بابتسامة وهو ينظر لخديجة ،: مبسوطة ياخديجة
لتنظر له خديجة بحب ثم ابتسمت وقالت : عمرى ماكنت مبسوطة زى وانا معاك
اسامة وهو يضمها تحت جناحه وهما يواصلان سيرهما : ربنا يقدرنى واسعدك
خديجة : وانت يا اسامة ..مبسوط
اسامة : الا مبسوط ، انتى مش عارفة انا بحبك اد ايه ياخديجة
خديجة بسعادة : لو تعرف سعادتى بتبقى اد ايه لما بتندهلى باسمى
اسامة باستغراب : طب مانا على طول بندهلك باسمك
خديجة : لا مش كده ، اقصد لما بتقوللى يا خديجة ، لانك ساعات كتير بتقوللى ياديجا ، بس بحب خديجة منك اكتر ، اكتر من اى حد تانى
اسامة بابتسامة: اشمعنى
خديجة وهى تدخل نفسها بين ضلوع جنبه : بحس فيها بحبك اوى ، بحسها اكنها حضن دافي بياخد قلبى بالحضن فى ليلة شتا
ليقف اسامة ويدير خديجة لينظر بعينيها ثم يقول بمرح : ايه ده ، طب ما احنا بنعرف نقول كلام زى الفل اهوه ، اومال ايه
خديجة بمناغشة : ايه
اسامة : طب بقوللك ايه ، بمناسبة اننا فى الشتا .. والنهار قرب يروح ، ماتيجى فى حضنى ادفيكى ونطلع اوضتنا
لتفلت خديجة نفسها من بين يديه وتقول : بقولك ايه يا اسامة
اسامة : قولى ياقلب اسامة
خديجة : انا مش طالعة اوضتنا غير لما تغدينى ، انا جعانة ، وانت كل يوم تنصب عليا وتاكل عليا الغدا
اسامة بقلة حيلة وهو يرفع يديه للسماء: اشكو اليك
ثم ينظر اليها وهو يعض على نواجذه ويقول : اتفضلى ياحبيبتى على المطعم عشان نتغدى ونتعشى بالمرة
………………………
فى باريس
كانت نيللى تجلس بشرفة حجرتهما بالفندق والذى يطل على برج ايفل وهى تمسك لوحة وفرشاة وتقوم برسم البرج وساحته ورسمت نفسها باحضان حاتم امام البرج ، ليقول لها حاتم من خلفها : انتى بجد فنانة
نيللى بابتسامة : ميرسى ياحبيبى
حاتم : مش هترسميلى لوحة
نيللى : عاوزنى ارسمك
حاتم : ااه ، بس مش وشى
نيللى باستغراب : اومال ايه
حاتم وهو يقترب من وجهها ويلتقط قبلة سريعة ثم يقول : وشك انتى
نيللى : انت عاوز لوحة ليك واللا ليا
حاتم وقد جذبها اليه لتقف بين احضانه : لوحة لقلبى اللى لو دخلتى جواه مش هتلاقى غير ملامحك انتى وبس
نيللى بابتسامة خجل : وبعدها معاك
حاتم : هو انا عملت حاجة
نيللى : دايما بتتعمد تكسفنى بكلامك
حاتم ،: انا فعلا عاوزك ترسميلى لوحة لوشك ، عشان احط الاصل فى بيتنا وهصغرها على الكمبيوتر نسختين ، هحط نسخة على مكتبى ونسخة فى عربيتى
نيللى : طب ماتحط صورة طبيعية وخلاص
حاتم : تؤ تؤ ..عاوز ريحتك تبقى فيهم ، لمستك واحساسك
نيللى : طب افرض رسمتها وماعجبتكش
حاتم : مستحيل ، الايدين دى ، قالها وهو يرفع كفا يديها الى فمه ليقبلهما ، اللى علقوا قلبى بصاحبتهم عمرهم مايعملوا حاجة ماتعجبنيش ابدا
…………………
فى الموقع
كانت امانة لا زالت تضع كل تركيزها فى العمل وتتجاهل نوح تماما فيما بينهما وتكاد لا تتحدث معه الا امام زملائهم او العاملين بالموقع الى ان جاء لنوح مهاتفة تليفونية من عبد الراضى والذى كان يشرف بنفسه على اعمال الشركة حتى عودة حاتم من شهر العسل
عبد الراضي : عاوزك انت وامانة تعملولى مع بعض مذكرة بالجزء اللى تم انجازه فى القرية يانوح وتبعتهولى على بكرة بالكتير ولو امكن يكون بالانجليزى
نوح : سهلة يا فندم ، بس خير
عبد الراضى : فى شركة اسبانية عاوزة تعمل سلسلة قرى سياحية بشراكة مصرية عندنا فى مصر وخاطبتنا بالكلام ده وفى وفد من عندهم نازل مصر الاسبوع اللى جاى ، وعاوزين يشوفوا كام موقع من عندنا ، ولما كلمت حاتم رشحلى القرية عندكم من ضمن المواقع اللى اخليهم يزوروها بما انها تحت اشرافك انت وامانة
نوح بابتسامة : تمام يافندم ، تحت امرك ، بكرة قبل الضهر ان شاء الله التقرير هيبقى على مكتبك
عبد الراضى : ماشى يابنى ، وبلغ سلامى لامانة
وبعد ان اغلق نوح الهاتف اتسعت ابتسامته قائلا : هتقعدى معايا يا أمانة وهتتكلمى ، حتى لو فى الشغل بس مش مشكلة ...اهى بداية على الاقل
ليستدعى نوح امانة على جهاز اللاسلكى الخاص بها لتذهب اليه فى المكتب لامر طارئ
وعندما تأتى اليه يتعمد نوح التعامل معها بجدية شديدة ، فيقص عليها على الفور ماطلبه منه عبد الراضى ..طالبا منها الجلوس معه على الفور لاعداد ذلك التقرير
امانة : وليه نعمل التقرير بالانجليزى ، مانعمله بالاسبانى على طول
نوح بدهشة : وانتى تعرفى اسبانى
امانة : ايوة ، والمهندس محمود كمان بيتقن الاسبانى
نوح وبعينيه لمعة فخر بها : برافو يا امانة ، بس اتعلمتيها امتى
امانة : انا ونيرة واخدين فيها كورسات مع بعض من ايام الجامعة
نوح : واشمعنى الاسبانى يعنى
امانة : دى مش اول شركة اسبانية نتعامل معاها دى يمكن سادس او سابع شركة
نوح : طب ليه عبد الراضى بيه طلبها بالانجليزى
امانة : لان مش هو اللى متابع كل الكلام ده ، الكلام ده من زمان مع حاتم ، هو اللى ماسك الشغل ده ، انا اصلا من يوم ما اشتغلت فى الشركة ماشفتش عبد الراضى بيه غير يمكن واحنا بنخطب نيرة لايمن
نوح : طب اكلمه اساله تانى واللا ايه
امامة : مالوش لزوم ، احنا بكل بساطة نعمل التقرير نسختين ، نسخة بالانجليزى ، ونسخة بالاسبانى
نوح وهو يومئ براسه موافقة على حديثها : ماشى ..ياللا نبتدى
ليظلا منكبين على اعداد التقرير بقية اليوم حتى ان زملائهم قد اوصلا لهما عدائهما وعشائهما ايضا الى المكتب
وبعد انتهائهما من اعداد التقرير باللغتين ومراجعتهما جيدا وارفقا به تصويرا لكل ماتم العمل به نظر نوح الى ساعة يده ليجد ان الساعة قد قاربت من منتصف الليل ليقول : يااه
ده الوقت سرقنا على الاخر ، الساعة داخلة على اتناشر ، تفتكرى ابعت التقرير دلوقتى واللا استنى لبكرة
امانة : انا رايى تبعتهوله دلوقتى على الفاكس والايميل كمان ، بحيث انه لو عاوز يعدل حاجة يلحق يطلبها
نوح : عندك حق ، خلاص اطلعى انتى بقى نامى وارتاحى وانا هبعتهم واروح انام انا كمان
امانة وهى تنهض من مكانها : ماشى ..تصبح على خير
نوح بدعابة : ايه الندالة دى ، ده بدل ماتقوليلى لا هستنى معاك ونطلع سوا بعد ما تخلص
امانة : بس احنا خلصنا ، انت يادوب هتبعت الميل والفاكس وخلاص
نوح : يعنى هانت ...طب ماتقولى لنفسك
امانة ،: لو عاوزنى استناك هستنى
نوح ببعض الضيق من عدم اهتمامها : لا يا امانة ..روحى انتى انا كنت بهزر معاكى ، ياللا انتى تصبحى على خير
لتشعر امانة بانها قد احرجته ولكنها لم تستطع التراجع عن موقفها فقالت وهى تتجه الى الخارج : عموما لو احتجت حاجة كلمنى
نوح وهو يهز رأسه بالنفى : لا ان شاء الله مش هحتاج حاجة ، ياللا روحى انتى
لتخرج امانة من المكتب وهى تلتفت الى اليمين جهة السلم المؤدى الى الاعلى لتتقاجئ امامها بكلب ضخم اسود اللون واقفا متحفزا للهجوم عليها ، وبسرعة بديهة رجعت مسرعة الى المكتب محاولة اغلاق الباب بسرعة وكادت ان تنجح ولكن مخالب الكلب كانت قد اشتبكت بخمارها من الخلف لترتد بظهرها على باب المكتب الذى ارتد بقوة لينغلق على اقدام الكلب والذى تنبه له نوح على صوت نباحه المفاجئ مع صوت حركة امانة فى عدوها
حدث كل شئ فى دقائق معدودة وكأنه شريط لفيلم تسجيلى ، فعندما التفت نوح على صوت الحركة المفاجئة من خلفه ووجد أمانة وهى تعدو محاولة اغلاق الباب ، اندفع باتجاهها ليستطلع الامر وقد ظن انها رأت لصا ما بالمكان ، ولكنه لمح جسد الكلب الضخم ومن حسن حظهم ان الباب قد اصاب الكلب فى قدمه ولكنه قد مزق خمار امانه تماما مما تسبب فى اصطدام ظهرها بيدها اليسرى والتى كانت تصرخ الما بسببهما
ليحتضنها نوح وهو يهدئ من روعها وهو يحاول ان يثبت الباب الذى لم ينغلق تماما فما زالت قدم الكلب بين الباب والحائط ليمد نوح يديه ليجذب مقعد ضخم من مقاعد المكتب ليضعه خلف الباب ويجلس عليه وهو ياخذ امانة باحضانه وهو يتفقدها ويحاول طمأنتها ، ثم تناول جهاز اللاسلكى الخاص بالعمل من جيبه وقام باستدعاء الغفراء القريبين من مبنى السكن وهو يخبرهم بما حدث ويحذرهم من ان يصاب اى شخص باى مكروه ، ثم عاد للحديث مع امانة قائلا : امانة ..حبيبتى انتى كويسة ، ماتخافيش ياحبيبتى ماحصلش حاجة ، بس قوليلى ايه اللى واجعك
امانة ببكاء شديد : كتفى ودراعى يانوح بيوجعونى اوى مش قادرة
نوح وقد بدأ صوت الغفراء يقترب منهم : ماتقلقيش ياحبيبتى ، اول ما الغفراء يتصرفوا هاخدك على المستشفى عشان اتطمن عليكى
امانة : عاوزة اطلع اوضتى الاول اغير الخمار ...اتقطع
نوح : حاضر ، نتطمن بس انهم موتوه ، وهعمللك كل اللى انتى عاوزاه
ليسمعوا صوت صراخ الكلب بعد صوت طلقة نارية ، لتصرخ امانة منتفضة بين احضان نوح ، ليضمها نوح محاولا طمأنتها وسط عراك قلبه الذى لم يهدأ من خوفه عليها فقال لها : ششششش بس ياحبيبتى ماتخافيش
امانة ببكاء : موتوه يانوح
نوح: ياحبيبتى ده كلب سعران وخطر على اى حد ، الموقع مليان كلاب كلها كلاب مستأنسه عمرها ماهاجمت حد بالعكس حارسانا كلنا ، لكن ده كان لازم يموت
امانة ببكاء : مش عاوزة اشوفه
نوح : ماتخافيش ، لينادى وهو مازال فى مكانه احد الغفراء قائلا : يا سعيد
سعيد : خلاص ياباشمهندس ...مات... تقدر تفتح الباب
نوح : طب عاوزكم تشيلوه من الطريق حالا وعلى ما اطلع الباشمهندسة واوديها المستشفى اتطمن عليها الاقى المكان اتنضف كويس
سعيد : اوامرك يا بيه
وما ان شعر بهم وهم يسحبون جسد الكلب حتى وقف وهو مازال حاملا امانة قائلا : غمضى عينك لحد ما اقوللك تفتحى
لتغمض امانة عيونها بالفعل وهى تدفن رأسها بكتف نوح ليتجه بها الى الخارج ليجد ان العديد من زملاءهم قد هبطوا من غرفهم على صوت الطلق النارى ، ولكنه طمأنهم واتجه بامانة الى غرفتها وساعدها فى خلع نقابها وخمارها الممزق ، ثم ساعدها فى ارتداء اخران بدلا منهما ثم حملها مرة اخرى الى السيارة حيث ان جسدها كان يرتعد بشدة بسبب رعبها مما حدث وذهب بها الى المشفى للاطمئنان عليها
الفصل التاسع والعشرون
كان نوح يحمل امانة ويجرى مهرولا فى طرقات المشفى وهو يتوسل من يساعده وسط بكاء امانة وتأوهاتها التى لم تتوقف حتى وضعوها على حامل الاشعة ، وقاموا بعمل اكثر من اشعة لكتفها وذراعها الايسر من اكثر من جهة وبعد ان فرغوا ساعد نوح امانة على الاعتدال ، ثم تركها واتجه خارجا ليتحدث مع الطبيب المختص وما ان وجده حتى سأله بلهفه عما يوجد بالاشعة والذى اجابه بعملية شديدة قائلا : كتفها اتعرض للخلع و محتاجة انى اعمللها رد لكتفها ولازم تعرف انها هتتوجع وبشدة من الاجراء ده
نوح : ارجوك اعمل اى حاجة وبسرعة واديها حاجة تسكنها ، كفاية اللى شافته
الطبيب : هو اللى حصللها ده ازاى
ليقص نوح ماحدث بالتفصيل للطبيب
الطبيب : طب حد كشف على ظهرها
نوح : لا ، احنا جينا على الاشعة على طول
الطبيب : بعد ما اردلها كتفها ، لازم حد من الجراحة يبص على ضهرها عشان يتاكد ان مخالب الكلب ما اذيتهاش ، لان ممكن تكون اتجرحت بس الم كتفها مغطى على الم الجروح
نوح : طب ممكن ابقى موجود وانت بتردلها كتفها
الطبيب : انت تقربلها ايه
نوح : انا جوزها
الطبيب : مافيش مشكلة ، هم حاليا ودوها على الاوضة اللى هعمللها فيه الرد ، تقدر تيجى معايا
وعندما وصلوا الى هناك وجدوا امانة تبكى بشدة وهى تنادى نوح ليهرع اليها ما ان سمع صوتها وهو يضمها اليه قائلا بحنان شديد : حبيبتى ماتخافيش انا معاكى اهوه ، انا بس كنت بورى الاشعة للدكتور
امانة بنحيب : موجوعة اوى يانوح
نوح وقد بدأت عينيه تموج بالدموع وهو يشعر بعجزه عن ايقاف ألمها : حبيبتى انتى كتفك اتخلع وعشان كده الوجع جامد فالدكتور دلوقتى هيردلك كتفك ويديكى مسكن ، وكلها كام يوم ان شاء الله وهتبقى زى الفل
امانة وهى تنتحب كالاطفال : لا مش عاوزة ...مش عاوزة لا ..هتوجع زيادة مش قادرة اتوجع اكتر من كده
نوح وقد شعر بان قبضة ما تعتصر قلبه اخذ يهمس بجانب اذنها : والله لو كان ينفع كنت خدت منك كل الوجع ده واتوجعته مكانك ، حقك عليا ، سامحينى
ليشعر بان امانة وكان كلماته جعلتها تسهو قليلا عن الامها لينظر للطبيب بان ينتهى من عمله بسرعة ، وما ان اشار نوح للطبيب وقام الطبيب بامساك كتفها وقام برده فى خطوة واحدة لم تتخطى نصف الدقيقة حتى صرخت امانة صرخة عالية انخلع لها قلب نوح فما كان منه الا ان كتم صرختها بشفتيه ضاما وجهها بيديه
كان النقاب حاجزا بين شفتيهما ولكن نوح عندما رفع شفتيه بحث عن عينيها من خلف نقابها ولكنه وجدها مغمضة العين مأخوذة الانفاس ومازالت انفاسها تتهدج من اثر نحيبها ، ليضمها نوح الى صدره وسط غمزات وهمسات التمريض ولكنه لم يأبه باحد اخذ يردد بعض ايات الذكر الحكيم بصوت هادئ محبب الى النفس حتى هدأت امانة لتسمع صوت الطبيب قائلا : هنحتاج نديها حقنة مسكنة
ليقول نوح مسرعا : لا ، اديها اقراص ، بتخاف من الحقن
لترفع امانة عينيها وهى تنظر اليه محدثة نفسها : لسه فاكر
لينظر اليها نوح وهو يقول : وكمان الحقن بتفضل معلمة فى جسمها وبتوجعها فترة
الطبيب بعملية : خلاص تمام ، يبقى تجيبلها الاقراص دى انا كتبتلها على دهانات لازم تستعملهم بانتظام ، وهتحتاج لعلاج طبيعى بعدها بس لازم اشوفها الاول كمان مرة بعد عشر ايام ونعمللها اشعة تانى عشان نتاكد ان الرد كان مظبوط
نوح وهو يساعد امانة على النهوض : انا متشكر جدا يا دكتور
الطبيب : لا شكر على واجب وماتنساش تعدوا على الجراحة زى ماقلتلك
امنة بخوف : الجراحة ...ليه
نوح وهو يومئ للطبيب ويصطحب امانة للخارج : ماتخافيش ياحبيبتى ، انا بس لما حكيت للدكتور على اللى حصل قاللى ان لازم دكتور جراحة يبص على ضهرك لا يكون الكلب جرحك بمخالبه وانتى لسه مش حاسة بيه بسبب وجع كتفك
امامة : طب خلى واحدة من الممرضات تبصلى عليه بلاش دكتور
ليقبلها نوح من رأسها قائلا : حاضر
ليجلسها على احد المقاعد ويذهب ليدبر امر تلك الممرضة ليعود اليها ومعه الممرضتان اللتان كانتا بصحبتها مع طبيب العظام واصطحباها الى غرفة اخرى ليطمئنا على ظهرها وسألها نوح ان كانت تحتاج اليه معهما لتسرع بالرفض وسط اندهاش الممرضتان وعند اغلق الباب بدأت الممرضتان فى الكشف عليها اثناء هذا الحوار
الممرضة ١ : الا هو انتى اسمك ايه
امانة : اسمى امانة
الممرضة ٢ : امانة… اسمك حلو اوى وجديد
الممرضة ١ : هو اللى معاكى ده يبقاللك ايه
امانة : خطيبى
الممرضة ١ بشهقة عالية : كل ده ولسه خطيبك اومال نقاب ايه ده بقى
امانة وقد فهمت مقصدها : هو كاتب كتابى على فكرة ، وابن عمى ومتربيين طول عمرنا سوا من صغرنا
الممرضة ٢ : بس باين عليه بيموت فيكى ، ده الود وده يشيل عنك الوجع ، ربنا يخليكم لبعض
لتشعر امانة بلسعة برودة على ظهرها لتنكمش على نفسها وهى تقول : ايه ده
الممرضة ١ : ماتخافيش دى خرابيش بسيطة وانا هتطهرهالك بس وهحط لك عليها بلاستر وهتحتاجى تغيرى عليه مرة او اتنين وخلاص
وبعد ان خرجوا من الغرفة ذهبت الممرضة ١ الى نوح وشرحت له ماعليه فعله ليقترب نوح من امانة وهو يعطيها قرص مسكن ويناولها زجاجة مياه قائلا : خدى يا امانة القرص ده المسكن هيسكنلك الالم ان شاء الله
لتلتقطه امانة من يده وتتناوله من فورها وهى تقول : انا عاوزة امشى بقى حاسة انى عاوزة انام
نوح وهو يلتقط يدها الغير مصابة : ياللا ياحبيبتى
…………………
وصل نوح وامانة الى الموقع ليجد الهدوء التام ولم يجدا غير الغفر وهم مجتمعين حول بعض النيران يلتمسون الدفء ، ليساعد امانة على الصعود الى غرفتها وانار لها الغرفة ثم قال : ها ياحبيبتى عاوزانى اعمللك ايه
امانة : ولا حاجة انا هنام
نوح وهو يتجه الى حافظة الملابس : طب اطلعلك حاجة تلبسيها
امانة : انا مش هقدر اغير حاجة ، انا هنام زى مانا كده
نوح بتنهيدة : تحبى افضل معاكى على ماتنامى
امانة : لا يانوح ، انا هشغل القرآن جنبى وان شاء الله هنام على طول
ليتجه نوح اليها ليقوم بخلع نقابها عنها وسط اعتراضها ولكنه استمر فيما يفعله قائلا : بلاش مقاوحة يا امانة لو سمحتى ، مش هتعرفى تقلعيه لوحدك ولا النقاب ولا الخمار سيبينى اساعدك لو سمحتى ، وبعدين ما انا اللى غيرتهولك قبل مانروح المستشفى
امانة بامتعاض : انا ماكنتش مركزة مع حاجة من الوجع
نوح بابتسامة : طب ياستى معلش تمى جميلك وخليكى مش مركزة ، والحمدلله انها جت على كده ، ثم نظر اليها لبرهة وهو يركز بعينيها دون ان يتحدث ، لتعلو الحمرة وجنتى امانة لتتنحنح قائلة : فى ايه ، بتبصلى كده ليه
نوح بفضول : لو قلتلك هتصدقينى
امانة : جرب
نوح بتنهيدة : انا مش عارف اجيبهالك ازاى ، بس …. لما حصل اللى حصل وشوفتك قدامى وانتى موجوعة وانا مش قادر اشيل منك الوجع ده ،حسيت بالعجز ، ولاول مرة فى عمرى ده كله اكتشف انى …….
وعندما طال صمته قالت امانة وهى تحثه ان يكمل حديثه : انك ايه
نوح وهو يمسك بكف امانة الغير المصاب بيسراه واخذ يخط كلمة ما على باطن كفها بيمناه وعندما تاهت امانة مع ماخطه نوح رفع وجهه اليها وهو يلثم باطن كفها برقة قائلا : بحبك
ليسود الصمت بينهم لمدة من الزمن لم يحتسباها او يعلما عنها ولكن فجأة انتفضت امانة من مكانها وهى تغمض عينيها وتسحب كفها من بين كفى نوح لتقول : انا تعبانة اوى يانوح ومحتاجة انام
ليتنهد نوح ويقول : عندك حق نامى انتى ياحبيبتى وانا هخبط عليكى وقت الدواء بتاعك
امانة : ماتتعبش نفسك انا ….
نوح : ياريت تسيبينى اتعب ...ممكن
امانة باستسلام : اللى يريحك
نوح : طب ياللا اتعدلى عشان اغطيكى
امانة باعتراض : روح يانوح لو سمحت وانا هتعدل وانام
نوح باصرار وهو يساعدها على اخذ وضع النوم : اتعدلى بالراحة ..ايوة كده ياللا عشان اغطيكى
وظل يعدل من وضع نومها حتى لا تتالم اثناء نومها حتى استقرت على وضع مريح بالنسبة لها فقام بتدثيرها وهو يداعبها قائلا : شفتى انك لمضة على الفاضى ، ولا كنتى هتعرفى تعملى حاجة من غيرى
امانة بابتسامة صغيرة ،: تعبتك معايا ..متشكرة
ليجلس نوح بجوارها وهو يقول بقلق : متاكده انك مش هتحتاجينى جنبك الليلة دى على الاقل
امانة : لا ماتقلقش ، ان شاء الله هنام على طول
ليقوم نوح بوضع هاتفها فى مرمى يدها قائلا : طب خلى تليفونك جنبك لو حسيتى باى وجع او احتاجتى اى حاجة كلمينى على طول
امانة بامتنان : ماشى
لتتفاجئ امانة بنوح وهو يميل عليها ليقبل جبينها ثم يعتدل قائلا : تصبحى على احسن حال ان شاء الله
امانة : وانت من اهله
ليذهب نوح مغلقا الباب من خلفه ليفتح بابا اخر فى نفس امانة ، وظلت تسأل نفسها : حبك بجد يا امانة ، واللا بس بيقوللك كلمتين ينسيكى بيهم الكلام اللى سمعتيه ، بس انا كنت حاسة انه خايف عليا بجد ، شفت دموعه اللى عمرى ماشفتها قبل كده غير وقت موت نعمة ، حتى ماشفتهاش فى موت عمى
معقول عشان صعبت عليه بس ، لا نوح مشاعرة عمرها ماكانت لحظية ، طب هصدقه واللا لا ، هسلمله واللا لا ...يارب دلنى على الصح واللى فيه الخير
لتغفو امانة وتذهب فى نوم متقطع فكانت تصحو على الم كتفها كلما حاولت التقلب اثناء نومها ثم تعود للنوم مرة اخرى وظلت هكذا حتى الصباح
اما نوح فبعدما ذهب الى غرفته ذهب الى الشرفة ليدخن سيجارته وهو لا يشيح نظره عن باب شرفة امانة وهو يحاول فهم ماحدث منه تلك الليلة وهو يحادث نفسه : امتى يانوح ...فجأة كده حبتها !! ، ده انت كنت هتموت من قلقك عليها
اللى حسيته ده حب اكيد مش حاجة تانية ، حاجة عمرك ماحسيتها ولا دوقتها ، ازاى افتكرت انها بتخاف من الحقن ، دى حاجة عدت عليها سنين طويلة اوى، وازاى افتكرت انها بتعلم فى جسمها وبتوجعها ، دى كانت لسه فى ثانوى لما تعبت وحصل الكلام ده ، بس فاكره ومخزنه جوه دماغك ، يعنى تهمك يانوح ومن زمان ، طب كنت بتكابر المكابرة دى كلها ليه ، ليه كنت بتتعمد تضايقها ، وتوجعها رغم انك طول عمرك عارف انها بتحبك وبتعشقك كمان ، ونعمة اكدتلك ده يوم ماطلبت منك تتجوزها
طب لما انت كمان كنت بتحبها ليه ماعترفتش حتى لنفسك بده ، كنت هتوفر على نفسك كتير اوى ، يمكن حتى ماكنتش سافرت ، كنت بتهرب منها ليه يانوح ، مش كان زمانك نفذت الوصية وصنت الامانة من زمان
طب هتصدقنى وتسامحنى واللا هتفضل فاكرة اللى سمعته بس ، لينظر الى السماء داعيا الله ان يلهمه الصواب وان تتآلف القلوب
ثم يذهب الى الداخل مغلقا الشرفة ليضع نفسه بالفراش بملابسه كما امانة ليتدثر وهو ممسك بهاتفه حتى يجيب امانة سريعا اذا حدثته وذهب فى نوم عمييق لم يصحو منه الا فى التاسعة صباحا على صوت الهاتف