رواية نوح والأمانة الفصل الثاني عشر والثالث عشر


 

رواية نوح والأمانة


الفصل الثانى عشر

بقلم ميمي عوالى


فى عقار ما وأمام إحدى الشقق يقف نوح أمام الباب يرن الجرس بهدوء شديد عندما فتح الباب وجد نوح أمامه طفلة صغيرة لا يتعدى عمرها العشرة أعوام ليبتسم لها نوح سائلا إياها عن أبيها ليأتى من ورائه رجل فى الثلاثينات من عمره وما أن رأى نوح حتى صاح بفرح : نوح ابن الناس الطيبين


ليضحك نوح بسعادة وهو يحيى الرجل بشدة وهو يقول : احمد باشا ابن الناس المريشين 


وبعد تبادل السلامات والإحضان يدعوه احمد للدخول 


احمد ،: انت جيت امتى ، اوعى تكون فى مصر من بدرى وانا ماعرفش ...ازعل


نوح متبسما : من حوالى عشر ايام 


احمد باعتراض وبصوت عالي : برضة كتير ياواطى


نوح بمحاباه : ما انت عارف اليوم فى رمضان بيبقى مافيش خالص ، وادينى اهوه جيتلك برجليا 


احمد : واحشنى يا نوح والله ، والدتك عاملة ايه وأمانة


نوح : بخير الحمدلله 


احمد : لما عديت على طنط الشهر اللى فات صحتها ماعجبتنيش


نوح : ما انت عارف القلب والضغط كل ساعة فى حال ، بس عموما من يوم ماجيت وهى الحمدلله بخير وربنا يستر ، وانت اخبار غادة ايه


نوح : سايبها بتنيم على ،اكيد هاتيجى تسلم ، كانت لسه من كام يوم بتسألنى عليك


لتأتى غادة أثناء حديثهم وهى تلقى السلام وتحيى نوح بشدة وتهنئته على سلامة الوصول


غادة : وهنفرح بيك امتى بقى ، مش شايف انك عجزت حبتين تلاتة


نوح : الحقيقة أنا جايلكم بخصوص الموضوع ده


احمد : ايه ..اخيرا نويت تتجوز


نوح بأسى : لا ...نويت أطلق


غادة بشهقة عالية : هو انت اتجوزت


ليومئ نوح برأسه فى صمت ليقول احمد : اتجوزت فى ايه وعاوز تطلق فى ايه واتجوزت مين وامتى اصلا الكلام ده


ليتنهد نوح قائلا : كانت تدبيسة سودة من الاول ومش عارف افك منها ازاى


غادة : طول عمرك متسرع يانوح ، احكى طيب ايه اللى حصل


نوح : انتو عارفين طبعا ظروف سفرى وشغلى فى دبى ، كان فى زميلة ليا مسئولة عن إتمام التعاقدات بينا وبين الشركات المنفذة للمشاريع بتاعتنا أو العكس ، وكانت ليها كلمة مسموعة فى الشركة وعلاقاتها كتير ، وكانت مصرية ، لما رجعت دبى بعد الإجازة اللى فاتت من اكتر من تلات سنين ، كان فى شركة هتنفذ مشروع لشركتنا فى قلب اليونان ولما جه وقت التعاقدات الشركة اختارتنى انى اكون من ضمن الفريق اللى هيبقى موجود فى المفاوضات دى بما انى بتقن اللغة اليونانى وسافرت معاها وهناك عرفت أن ابوها منفصل عن أمها ومتجوز واحدة تانية يونانية وعايش فى اليونان وعرفتنى عليه واحنا هناك وعزمونى عندهم فى البيت على العشا ، وبعد ماكلت ماحسيتش بحاجة غير وأبوها بيصحينى وبيتخانق معايا وعاوز يقتلنى وبيقوللى انى انتهكت حرمة بيته وشرف بنته ، ثم نكس نوح رأسه فى خزى قائلا : طبعا مش هتصدقنى لو قلتلك انى كنت غايب عن وعيى غصب عنى ، لكن هى دى الحقيقة ...لانى عرفت بعد كده أن فى أكلة معينة بيعملوها هناك بالخمرة، هم طبعا متعودين عليها فلما بياكلوها مابيحصللهومش حاجة عادى ، لكن انا لأن عمرى فى حياتى ماشربت حصل اللى حصل


احمد باستهزاء : وبعدين


نوح : اتجوزتها


غادة : طب وهى يانوح 


نوح : مالها


غادة : يعنى ، هى كمان كانت زيك مش فى وعيها واللا ….


نوح بخجل : ماعرفش


احمد : يعنى ايه ماتعرفش 


نوح : وقتها فكرت أنها هى كمان حصللها زى اللى حصللى لكن بعد ما اتجوزنا اتفاجئت أنها بتشرب وأنها كمان مابتسكرش بسهولة


احمد باستغراب : افندم ، واكتشفت ده ازاى بقى ، كنت بتسمحلها تشرب عادى كده


غادة : اصبر بس يا احمد ، لما نشوف اتجوزها ازاى الاول


نوح بتنهيدة شديدة : ابوها لما دخل علينا الصبح ولقانا فى وضع مش تمام هددنى انى لو ماتجوزتهاش هيعمللى فضيحة فى كل حتة ، كتبنا الكتاب فى القنصلية بعد ما مضانى على شيك بمتين الف دولار كمؤخر صداق يطالبنى بيه لو طلقتها أو زعلتها ..كده يعنى


احمد : وهى فين دلوقتى 


نوح: هنا فى مصر


غادة : اسمحلى أسألك ...حياتكم عاملة ازاى


نوح : احنا متجوزين من تلات سنين ، اول شهر لجوازنا كنا زى اى اتنين متجوزين، واعتبرت اللى حصل غلطة غير مقصودة مننا احنا الاتنين وان النصيب جمعنا مع بعض بالشكل ده  ، لكن


احمد وهو يحثه على الحديث : لكن ...ايه اللى حصل خلاك تغير رأيك


نوح : ابتديت ألاحظ حاجات ماكنتش واخد بالى منها فى الاول ، رفضها التام للخلفة بحجج مش مفهومة ، جرأتها فى التعامل مع الرجالة ، عدم وضعها لاى حد ما بينها ومابين زمايلنا فى التعامل ، رغم خناقاتى معاها باستمرار بسبب المواضيع دى ، لكن كانت دايما تقولى أن دى طبيعة شغلها وانها اتعودت على كده و و و 


احمد : وفى الاخر


نوح : بقينا متجوزين اسما بس ، قدام الناس ، لكن فعلا اغراب وفى الاخر حياتنا بقت عبارة عن كتلة مشاكل طول ماحنا موجودين سوا ، ماكنتش بشم نفسى شوية غير لما بتسافر فى مأمورية ، بس حسيت انى اتخنقت فقررت أنى انزل مصر نهائى وطبعا هى حفاظا على ماء الوجه جت معايا 


غادة : طب وايه اللى جد وخلاك عاوز تطلقها


نوح : من فترة وانا بحاول انى اقومها وأصلح منها مافيش فايدة حتى فرض ربنا لو طاوعتنى وعملته بتبقى اكنها بتعملى خدمة ، لكن كمان تصرفاتها فى الفترة الأخيرة خلتنى اشك فى سلوكها لكن مش عارف امسك عليها حاجة لغاية ما حصل اللى حصل  النهاردة


احمد : وايه اللى حصل النهاردة


ليقص عليهم نوح ما رآه أمام معرض السيارات وايضا تلميحات ايمن عن ما رآه فى نيس


غادة : وانت تعرف مين اللى كان معاها ده


نوح : للاسف أيوة


احمد : مين هو 


نوح : ابن صاحب الشركة اللى بنشتغل فيها انا وهى


غادة: وطبعا انت خايف تطلقها يقوم ابوها يأذيك بالشيك اللى معاه


نوح : بالظبط كده


غادة : يبقى ماقدمناش غير حل واحد ، لكن للاسف حل قذر 


احمد : تقصدى المساومة طبعا


غادة : عندك غيره


احمد : للاسف مافيش


نوح : ماتفهمونى  تقصدوا ايه


احمد : هفهمك


………………………


فى شقة نوح


ما أن دلف نوح إلى الداخل حتى وجد نعمة وأمانة تجلسان فى صمت ، وما أن ولج إلى الداخل الا وهبت أمانة من مكانها قائلة : كنت فين كل ده ...اتأخرت اوى


نوح بهدوء شديد وكأن شيئا لم يكن : عديت على احمد وغادة سلمت عليهم وقعدت معاهم شوية ، وبيسلموا عليكم جدا ، ثم بحث بعينيه عن أى أثر لسهر وعندما لم يجد لها أى أثر سأل أمه : هى سهر لسه مارجعتش واللا ايه


لياتيه صوت سهر بارتباك وهى تتصنع اللامبالاة والهدوء : انا هنا من بدرى ياحبيبى اتأخرت كده ليه وتليفونك كان خارج نطاق التغطيه


نوح ببرود وهو يخرج هاتفه من جيب بنطاله : الظاهر أنه فصل شحن ومااخدتش بالى ، كنت لسه بحكيلهم انى عديت على احمد صاحبى ومراته وقعدنا مع بعض شوية ، ابقى اعملى حسابك على يوم نبقى نعزمهم وتتعرفى عليهم ، دول أصحاب عمرى


لتتنفس سهر الصعداء على اعتقاد أنه لم يراها أو لم يعرفها 


نعمة : وغادة عاملة ايه دلوقتى ، وحشتنى والله ، لما احمد جالى اخر مرة كان من غيرها


نوح وهو يتصنع اللا مبالاة ،: اكيد العيال شاغلينها بقى مانتى عارفة


نعمة : عقبال ما أشيل ولادك انت وأمانة يارب


ليرفع نوح عينيه إلى أمانة التى كانت فى حالة صمت شديد وتكاد تكون مصدومة من رد فعل نوح على ما رأوا ، ولكنه نظر لها واغمض عينيه بعبوس شديد ثم نهض متجها إلى غرفته وهو يقول : انا هنام بقى ، بكرة أن شاء الله اول يوم شغل وعاوز ابقى فايق ، تصبحوا على خير


ليرد عليه الجميع : وانت من أهله 


ثم لحقت به سهر وهى تتقدم خطوة وتؤخر الاخرى


أمانة : انا كمان هروح انام ، تصبحوا على خير 


نعمة : وانتى من أهله ياحبيبتى 


ولكن قبل أن تخرج أمانة تسمع صوت نوح يناديها وهو يقول : أمانة 


وعندما التفتت إليه فى صمت قال : هننزل الصبح سوا ان شاء الله...استنينى


لتومئ أمانة برأسها ثم استدارت مرة أخرى باتجاه الخروج وهى تتمتم : أن شاء الله..تصبح على خير يا ابن عمى 


ليعض نوح على نواجزه غيظا  ، فهى مازالت تناديه بغير اسمه ، رغم ما قدمه لها من اعتذار 


…………………….


فى غرفة نوح 


دخل نوح إلى الغرفة مغلقا الباب وراءه فى هدوء وقام بتغيير ملابسه وصعد إلى الفراش وهو يقول : هتنزلى بكرة واللا هتريحى تانى 


سهر وقد عادت لها الثقة بنفسها مرة أخرى : هنزل ، عاوزة اشوف الدنيا هتبقى عاملة ازاى وإذا كنت هستريح هنا واللا هرجع دبى


نوح : شوفى وجربى والناس هنا لذاذ برضة فى التعامل ، هتنبسطى ماتقلقيش


سهر : هو الاصطف اللى اتعاملت معاه قبل ما تسافر زى ماهو مااتغيرش


نوح : يعنى ..معظمهم ، وفى اتنين جداد لسه ما اعرفهمش ،بس انتى عارفة انى مايفرقش معايا


سهر : طبعا ياحبيبى ، انت هتقوللى


نوح : ده انا حتى بفكر اسيب الشركة واشتغل مع حاتم 


لتعتدل سهر وهى تقول : بس انت منصبك مابقاش شوية عشان تضحى بيه


نوح : بقوللك لسه بفكر ، زى ما بفكر افتح مكتب لنفسى


سهر وعينيها تلمع بطمع : يااه يانوح لو تقدر ، بس امكانياتك لسه شوية عليها


نوح وهو يعطيها ظهره : ماحدش ابتدى كبير 


لتعتدل سهر فى رقدتها وهى تتخيل حالها مثل عائلة أمانة و تمتلك الكثير من الأموال 


……………….


صباحا فى شقة نعمة


يخرج نوح من غرفته وهو مرتديا ملابسه ويتجه إلى نعمة ويقبل رأسها قائلا : صباح الخير ياماما


نعمة بابتسامة : صباح الرضا ياحبيبى ، ربنا يصلح لك الحال وييسر لك كل خير باذن الله


ياللا الفطار جاهز اهوه ، افطر كويس 


نوح بابتسامة : تسلم ايدك يانعمة و ااه والنبى ياماما ادعيلى على اد ماتقدرى 


نعمة : دعيالك يابنى بالخير كله ، ربنا يجعل دعايا ليك من حظك ومن نصيبك


نوح : يارب ، اومال أمانة فين 


نعمة: قالتلى هتشرب قهوتها وهتيجى على طول


نوح : وماشربتهاش هنا ليه


نعمة : عشان تبقى براحتها يابنى عشان النقاب 


ليشرد نوح وهو يتذكر تقاسيم وجه أمانة عندما رآها وفتن بجمالها لكنه تنبه على صوت سهر وهى تقول : انا هروح البنك الاول وبعدين هاجى على الشركة


نوح  مدعيا الاهتمام: محتاجة فلوس


سهر : اكيد طبعا ، بس محتاجة اعمل تحويل وافتح حساب هنا واطلع فيزا وشوية حاجات كده ، هخلص وآجى على الشركة


نوح : تمام ، وانا هستلم العربية بعد الضهر أن شاء الله


سهر ونعمة : مبروك


لتقول أمانة التى دلفت من الباب الذى تركته لها نعمة مفتوحا : صباح الخير ...انا جاهزة


لينهض نوح قائلا : ياللا بينا ، سهر مش فى طريقنا


……………….


فى سيارة أمانة ، كانت تجلس خلف المقود وهى تتولى القيادة فى صمت شديد ليقطعه نوح قائلا بتحفز : انا مش عاوزك انتى أو نيللى تجيبوا سيرة اللى شفتوه امبارح قدام اى مخلوق ...وخصوصا سهر

 13


نوح والأمانة


الفصل الثالث عشر


تدخل نيللى إلى أحد المكاتب عرفت نفسها للموظفة المسئولة : صباح الخير ، انا نيللى عامر وعندى انترفيو النهاردة


الموظفة بابتسامة : اهلا يا آنسة نيللى ، اتفضلى استريحى


لترفع الموظفة سماعة الهاتف وتتصل برقم ما قائلة بإيجاز شديد : وصلت يافندم ، تمام


وبعد خمس دقائق يدخل حاتم إلى المكتب قائلا : صباح الخير 


نيللى : صباح الخير


حاتم وهو يشير لنيللى بيده علامة على أن تتبعه : اتفضلى معايا


لتسير نيللى وراءه لتجده خرج من المكتب واتجه إلى المصعد وعندما فتح المصعد بابه أشار لها بالدخول وعندما لم تستجيب له قال : ياللا يانيللى ادخلى


نيللى بفضول : على فين


حاتم : على المكان اللى هنعمل فيه الانترفيو


نيللى : طب مانا جيت على المكتب الفنى زى مابلغتنى


حاتم : بس الانترفيو مش هنا ، هنقعد نرغى كده كتير ونضيع وقت


لتنظر له نيللى بحيرة ثم تتنهد وتدخل إلى المصعد ليدخل حاتم بعدها ليضغط على مفتاح الدور الأخير وعندما وصل المصعد وفتح لها الباب ودعاها للخروج وجدت نفسها فى ممر فخم للغاية يحتوى على صالة فسيحة بها بعض اطقم الصالونات الفخمة وغرفة زجاجية تجلس بها سيدة وقورة يبدو أنها مديرة مكتب حاتم ، وباب ضخم يبدو أنه لقاعة اجتماعات ثم باب واحد اخر فى الجهه المقابلة ويبدو أنه مكتب حاتم الخاص ، ووجدت حاتم قد اتجه إلى هذا الباب وكان كما توقعت مكتبه الخاص ودعاها للدخول فدخلت وهى مترددة بعض الشئ ولكن حاتم قال بمرح : انا مش فاهم انتى متنشنة كده ليه ، هو انا هاكلك ، ولو حبيت أكلك ، تفتكرى هاكلك كده قدام الناس دى كلها ، اقعدى يانيللى اقعدى ، والله حرام عليكى أن دى تبقى اول مرة تدخلى فيها مكتبى


لتنظر له نيللى وهى لا تعلم ماذا تقول ففضلت الصمت حتى تعلم ما ستأتى به الأحداث


حاتم : ها ...تشربى ايه بقى


نيللى بخجل : ولا حاجة. .. هو الانترفيو هيبتدى امتى


حاتم بابتسامة : ماهو ابتدى 


نيللى باستغراب : ازاى يعنى مش فاهمة


حاتم : ممكن اسالك سؤال


نيللى : متهيألى انا هنا عشان حد يسألنى


حاتم : لا .. مش ده قصدى ، انا عاوز أسألك سؤال يخصنى انا مش الشغل


لتتوهج وجنتى نيللى وتقول بخجل : اتفضل


حاتم ببعض المرح : هو انتى احلويتى كده امتى وازاى وكنتى مخبية نفسك عننا ليه


نيللى وقد بدأ على وجهها التوتر : ااايه اللى انت بتقوله ده


حاتم : اوعى تزعلى أو تضايقى من كلامى ، بس انا عاوز اعرف انتى ليه بتتعمدى تهربى من قدامى كل مابحاول اتكلم معاكى وليه بتتجنبينى ، هو انا صدر منى حاجة ضايقتك


نيللى وهى تنهض من مكانها وتقول ببعض الغضب : من فضلك انا جاية هنا عشان الانترفيو ،مش عشان اسمع كلام زى ده


حاتم وهو يستدير حول المكتب حتى وقف أمامها : مالك ، انا اه قلتلك انى هخلى حد تانى يعملك الانترفيو ، بس انتى مش محتاجة انترفيو ، اولا انا عجبنى جدا اللوحة اللى رسمتيها فى الجنينة ، وكمان لما شفت الملحق بتاع الفيلا وعرفت أن انتى اللى مصممة الديكور بتاعه عجبنى جدا ، يعنى خلاص مش محتاج اى كلام تانى ممكن يتقال


لكن انا دلوقتى عاوز اعرف انتى زعلانة منى فى ايه


نيللى وهى تتعمد الهروب من عينيه : انا مش زعلانة منك ، مين اللى قاللك الكلام ده


حاتم : تصرفاتك


نيللى بجدية شديدة : انا مش شايفة أن حصل بينا حاجة تستدعى أن يتعلق عليها بالحلو أو بالوحش 


حاتم وهو يقف أمامها : لما تبقى بنت خالى وكمان هتبقى زميلتى فى الشغل وبتتعمدى انك ماتبصليش وانا بتكلم معاكى ...ده تسميه ايه


نيللى بشئ من الحدة وهى تعطيه ظهرها : وانت كنت شفتنى بتكلم مع مين بأسلوب تانى غير كده عشان تفكر انى بعاملك انت بس بالشكل ده


حاتم : يعنى ايه


نيللى بسخرية : يعنى مش المفروض أن كل ما اتكلم مع حد أقف اسبل له


حاتم بحدة : تسبلي …. ايه الهبل ده 


لتنتفض نيللى شاهقة خوفا من نبرة صوته العالية ، لتجده يكمل كلامه بحزم وبعملية شديدة : انا مابسمحش لأى موظفة عندى أنها تتعامل بالاسلوب ده مع اى حد ، فأكيد مش هيكون ده الاسلوب اللى حابب انك تتعاملى بيه


ليلتف حول مكتبه مرة أخرى ويجلس على كرسيه ويمد يده لها بملف يحتوى على بعض الأوراق قائلا : الملف ده فى أوراق تعيينك فى الشركة فلو سمحتى تقعدى تراجعيها وتمضيها 


نيللى بعناد : مش لما اقراها الاول ، مش يمكن ماتناسبنيش ويكون نظام الشركة التانية مناسب ليا اكتر


حاتم بتحدى ،: الانترفيو بتاع الشركة التانية اتلغى ، انا لغيته ، لاننا ….


نيللى بغضب : مين ادالك الحق انك تقرر عنى


حاتم بنفاذ صبر : انا قررت عن الشركة التانية..مش عنك


نيللى بعدم فهم : يعنى ايه بقى ..مش فاهمة


حاتم ،: يعنى شركتنا والشركة التانية يعتبروا فى وضع شراكة فى الفترة الحالية ، حسب مهام كل شركة  ،فى المشروع الحالى شركتنا هى اللى مسئولة عن القسم التنفيذى من الداخل ، يعنى احنا اللى هنبقى مسئولين عن الديكورات واللى هى تخصصك ، يعنى معانا احنا ...فهمتى


نيللى وقد خفت حدة غضبها : بس كان المفروض حد يبلغنى بالكلام ده


حاتم بجمود : وادينى بلغتك


لتجلس نيللى وهى تتناول الملف لتبدأ فى قراءته بتمعن شديد تحت مراقبة حاتم لها بشغف لم يعتاده من قبل سوى مع أمانة ، ولكن شغفه بأمانة كان لسبب آخر تماما وهو التزامها الشديد وأخلاقها العالية ، أما نيللى فكان شغفا من نوع اخر ، فكان يراقب ملامح وجهها التى كانت تتغير مع انفعالاتها كان كلما تجول بين ملامحها يستريح بعينيه عند زاوية شفتيها والتى كانت تنقبض وتنبسط عشرات المرات فى الدقيقة الواحدة بشكل لطيف يدعو للابتسام، وتجعل من يراها يظن أنها تأكل شفتيها على مهل ، ليجد نفسه يصيح بها دون شعور قائلا : بطلى الحركة دى


لترفع نيللى رأسها باستغراب وهى تقول : حركة ايه دى اللى أبطلها


ليقول حاتم ببعض الحرج : بطلى تاكلى فى شفايفك طول مانتى قاعدة


لتضع نيللى يدها على شفتيها تتلمسهم قائلة : انا باكل شفايفى 


حاتم بمزاح : ده انتى خلصتيهم وانتى مش واحدة بالك


نيللى بامتعاض : فى بند هنا مش عاجبني


حاتم : بند ايه ده


نيللى وهى تشير على إحدى بنود العقد : البند الخامس اللى بيحددلى سنة قبل ما اقدر اقدم استقالتى


حاتم بدهشة : وانتى ناوية تستقيلى


نيللى : مش يمكن ما استريحش


حاتم : البند ده عشان الناس تحس ان فى التزام ، لكن انتى صاحبة مكان ، يعنى ممكن تشتغلى من غير عقد اصلا ، لكن انتى اللى حابة تتعاملى زى الغريب


نيللى وهى تسحب قلم وتوقع على العقد : انا حابة كده ، مابحبش الواسطة ولا المحاباة 


حاتم : مبروك علينا وجودك معانا واتمنى انك تلاقى نفسك معانا ، ولو لاقدر الله واجهتك اى مشكلة تقوليلى على طول 


نيللى : شكرا ، انا دلوقتى هيبقى مكتبى أو المكان اللى هشتغل فيه فين ومين اللى هيسلمنى شغلى


حاتم وهو ينهض من مكانه : تعالى معايا انا هوصلك بنفسى ..اتفضلى


……………………..


فى مكتب أمانة 


تجلس أمانة وهى تراجع بعض الرسومات لتسمع طرقا على الباب وتجد نوح أمامها


نوح : السلام عليكم 


أمانة بدهشة : وعليكم السلام ، فى حاجة واللا ايه


نوح : ابدا ...بس صدر قرار أن الإدارة الهندسية عندنا وعندكم هينضموا فى الشغل لغاية القرية ماتخلص وتتسلم، والباشمهندس حاتم قرر انى ابقى موجود معاكى فى مكتبك لو ماتتضايقيش


أمانة بارتباك : لا ..وهتضايق ليه  ده شئ انا متعودة عليه فى المشاريع اللى بيبقى فيه دمج من شركات تانية


كانت أمانة تتحدث ونوح يقف أمام إحدى تصاميمها وهو يدرسه بعينيه ليقول بحنان : كبرتى يا أمانة  ، عمرى ماكنت اتصور ان انا وانتى نشتغل فى مكتب واحد


ظنت أمانة أنه يستهزئ بها لتقول بألم : لو حاسس ان ده هيقلل منك ممكن اطلب منهم يجهزولك مكتب تانى


نظر لها نوح بامتعاض قائلا : حسن الظن من حسن الفطن على فكرة ، بعدين المفروض انى ضيف عندك ، فين حسن الضيافة


أمانة بحرج : تشرب ايه


نوح بمزاح : مش عاوز منك حاجة ياختى ، هطلب لروحى اللى انا عاوزه


أمانة : عموما نورت ياباشمهندس واتمنى تنبسط معانا ويبقى تعاون مثمر أن شاء الله


نوح : أن شاء الله .. انا مبدأيا عاوز اتعرف على طقم المهندسين وعن كل جزئية فى الشغل مسئولية مين


أمانة : تمام ، بس لو سمحت ، انا فى الشغل المهندسة أمانة وانت المهندس نووووح


نوح : تعرفى أن دى اول مرة تطلعيه على لسانك 


أمانة باستغراب : هو ايه ده


نوح : أسمى ، رغم انى اعتذرتلك وطلبت منك ننسى كل اللى فات ، بس انتى لسه مصممة تندهينى بصفتى مش باسمى


أمانة: معلش ، هو بس بيبقى فى حاجات مابتتنسيش بسهولة


نوح بفضول : ايه اكتر حاجة زعلتك منى يا أمانة ، اللى عملته زمان ...واللا اللى عملته اول امبارح


أمانة وهى تدعى الجهل : وانت عملت ايه اول امبارح


نوح : عملت اهبل


أمانة بصدمة : نعم


نوح : اوعى تفكرى انها سهله انى اعمل روحى ماشفتش مراتى بالمنظر اللى شفناه ، بس صدقينى عندى سبب ، وسبب قوى كمان ، بس أن شاء الله قريب قوى الغمة دى تنزاح


أمانة : انا مش فاهمة اى حاجة


نوح : كل اللى اقدر اقوله لك انى حاليا متكتف ، لكن اول ما الاقى حل للتكتيفة دى ، هتصرف التصرف اللى يليق بيا صدقينى


لتنظر له أمانة وهى تحاول استيعاب مايدور بذهنه وعندما تشعر بفشلها تومئ برأسها قائلة : ربنا ييسر لك كل خير 


…………………..


يدخل نوح إلى شقته ليلقى السلام على امه ويقبل رأسها ثم يميل على سهر ليقبل وجنتها لتشعر سهر بالدهشة فهو يتعامل معها كالاغراب منذ مايقرب العام ونصف وعندما نظرت إليه وجدته يقول : اعملوا حسابكم أن احمد وغادة هيتعشوا معانا بكرة أن شاء الله


عاوزك تتعرفى على غادة وتصاحبيها يا سهر ، هى واحمد يعتبروا أصحابى الوحيدين ، ماليش صحاب غيرهم 


احنا اصحاب من ايام الجامعة ، انا كنت فى هندسة وأحمد وغادة فى حقوق


سهر باستغراب : اومال اتلميتوا على بعض ازاى


نوح : خناقة فى الجامعة ، ولد كان بيعاكس غادة بكلام مايصحش وانا معدى من جنبهم بالصدفة ، فاتخانقت مع الولد وضربنا بعض وايدى انكسرت فيها 


ومن هنا اتعرفت عليهم ، احمد يبقى ابن خالة غادة وكان خطيبها كمان وقتها ، سألوا على عنوانى وجم زارونى وماسيبناش بعض من وقتها


نعمة : طول عمرهم ولاد حلال ، وماسابونيش طول سفرك ، كانوا دايما بيسالوا عليا انا وأمانة


نوح وهو يتجه لغرفته : وابقى قولى لأمانة يا ماما عشان تبقى موجودة


سهر بامتعاض : وهى أمانة تبقى موجودة مع صحابك بمناسبة ايه


نوح : عاوزين يعرضوا عليها مشروع كبير اوى عاوزين يعملوه


سهر بفضول : مشروع ايه ده واشمعنى يعنى أمانة ، ليه مش انت


 نوح : احكيلك كل حاجة بعدين …….وبالتفصيل




                       الفصل الرابع عشر من هنا 

تعليقات
تطبيق روايات
حمل تطبيق روايات من هنا



×