رواية احببتك واكتفيت
الفصل الثاني والعشرون
بقلم ولاء محمود
هل كان مايَحلُم به تلك الليلة هو حدوث هذا؛ بالطبع لم يكن يتخيل حتى بأحلامه أن تقع به تلك الصدمة؛ كان يريد أن يخبرها بشئٍ واحد فقط وهو" أَنّه هَائمٌ بعشقها" لم يدرك ذلك إلا حينما تَجَرَّء وطلب منها الزواج كَحلٍ أوّلى وأخير لحمايتها، رغم وجود الكثير من الحلول والبدائل، وحين أَبلغتهُ هي بموافقتها شعر بالسعادة كما لم يشعر بها من قبل، أخذ خفقان قلبه يعلو ويضطرب، حينها فقط علم أنها تَمكنت من قلبهُ وامتلكته…
غادر المنزل بأكمله بعد نُطقها بتلك الكلمة"استغليت طلبك"
فكر مراراً بالذهاب لصديقه محمود، تراجع عن تلك الفكرة حينما أدرك أنه يريد البقاء بمفرده أخذ يَجُول بسيارته إلى مقتبل الفجر، شعر بتسلل خيوط النور إلى عتمة الليل أستاء كثيراً لحاله…، تمنى لو أن حُبّه تَسلل كذلك إلى عتمة قلبها…
أدار سيارته عائداً إليها….
……….
تقبع هي بأحد المقاعد أمام مائدة الطعام، تنتظره تُردف بيأس : هتفضل برة كدة لغاية امتى، كأنه سمعها، لتُنصت إلى ذلك الصوت… صوت مفاتيحه بمقبض الباب ليعلن عن مجيئه
لم يراها احمد متجهاً لغرفته الخاصة التي تبعد خطوات عن غرفتهما والتي أنتوي تحويلها غرفة أطفال فيما بعد، ويبدو أنه سيتخذها غرفته الخاصة للأبد…، قاطعته هي متمتمة :حمدالله ع السلامة كل ده
تفاجأ بها وصُدم بوجودها حَسِبَها نامت منذ زمن؛ في حين أردف أحمد:ايه ده انتي لسه صاحية منمتيش ليه كل ده
أجابته: انام ازاي وحضرتك بره…؛
اندهش بكلماتها هل ياتُري قَلِقَت عليه فأردف مسرعاً: ليه قلقتي عليا مثلا؟! .
قاطعته هي بتوتر هل أخطأت بقولها ذلك أردفت:أنا مقولتش اني قلقت عليك ده مكان جديد وانا بقلق عموماً انام لوحدي
أردف لها بمشاكسة وتسلية قليلاً:يبقى عاوزانا ننام في اوضتنا بما انك مبتحبيش تنامي لوحدك
قاطعته بتوتر فاق الاحتمال: برضو مقولتش كده.. أ. أانا اقصد اني لازم احس ان في حد موجود في نفس المكان يعني أنك تبقى موجود في الشقة ساعتها انا هنام مطمنة
تمتم بيأس: أه فهمت طيب بما أني جيت تسمحي تتفضلي تنامي بقى
أردفت بنبرة طفولية : أصلي مكلتش وجعانة ينفع تاكل معايا وبعدها هنام على طول
أردف راسماً ابتسامة بسيطة جانبية : طيب اتفضلي ناكل و تدخلي تنامي في الأوضة
تمتمت بخجل : وانت….؛ أجابها : وانا ايه؟ انا هاكل برضو عشان جعان.؛؛ لتقطع نسرين سوء الفهم موضحة :لا اقصد انت هتنام فين
ليجيبها أخيرا بقلة صبر : لا انا هنام فى الاوضة التانية ارتحتي ينفع بقى تسبيني أكل!!!
في شركة الهوارى..
يهتف أمجد بسرور وارتياح:
كلّمي العملاء الجدد عشان نظبط الصفقات معاهم ، وبعدين برافو عليكي يا شيري دورتي بسرعة على عملاء تانين وقدمتِيلهم عرض كويس جداا؛ ايوة طول ما انتي كده انا هحبك و هَروَّق عليكي
أردفت شيرين :شوفت بقى انا بعمل ايه علشانك وعلشان الشركة…؛ أكملت بخبث لتختبر نواياه :وبعدين مش شايفاك زعلان يعني لما عرفت خبر جواز الظابط أحمد ونسرين؟؟
تهكم ضاحكاً:عشان خلاص انا مش هعرف أقرب لها تاني بس تبقى تشوف هتاخد الأسهم بتاعتها ازاي ، انا اه متجوزتهاش وخسرت أملاكها، لكن يستحيل أخسر كل حاجة والأسهم دي انا قريب اوى هخليها تبقى تحت ايدي وهتشوفي ياشيري…
احتدت نظراته حينما تمتم بتلك الكلمات: اللي يزعل ياشيري هو اللي يخسر حاجة كان بيحبها و تهمّه لكن نسرين ولا كنت بحبها ولاتهمني.. ازعل عليها ليه…
صدع رنين هاتفها بالغرفه لتستيقظ نسرين متأففة بحنق : الو….
لتُجيبها صديقتها نهى : ياعروسة كل ده نوم صباح الفل احنا بقينا بعد الضهر مش ناوية تصحى….عاوزة اجي انا وماما اطمن عليكي ياحبيبتي، والصراحة انتي وحشتيني وعارفة ماما قالتلي لازم اروح اباركلها دي بنتي…. يلا فوقي بقى عشان هنجيلك
لِتردف نسرين :ماتيجي يانهي تنوروا ياحبيبتي ليقطع عبارتها
صَوت تثاؤبهَا اللاإرادي
تردف نهى بغيظ منها :تقفلي وكملي نوم يانسرين…
هو الآخر يهتز هاتفه ليعلن عن مكالمة له:ايوه يا رورو خير ع الصبح كده
تردف رحمة بسعادة :أبيه عاوز اطلع اقعد مع نسرين شويه وعاوزه اكلمها دي هتبقى اختي بجد ينفع اطلع دلوقتي يا ابيه
ليقطع نبرة الشغف التي تملؤها: ماما عارفة بالكلام ده يا رحمة انك عايزه تطلعي؟…
لتُردف بخيبة أمل وتحسر :الصراحة قولتلها زعقتلي وقالتلي مينفعش وانا مش فاهمة يعني فيها ايه لما اطلع لكم شويه انا اصلا بكلمك من غير هي ماتعرف عشان عارفاك بتصحي بدري
أردف بحيرة من شغف أخته للتعرف إلى نسرين بهذه السرعة :بصي ياحبيبتي هي نايمة اما تصحى هكلمك تطلعي ماشي
أجابته رحمة : اتفقنا يا كبيييير……
أنهى مكالمته ليخرج من باب الغرفة يبحث قليلاً بعينيه لعلها استيقظت أخيراً؛ لو تعلم أن عينيه لم تذق طعم النوم سوى لساعات معدودة؛ أيعقل أنها لا تشعر به إطلاقاً؟ يتذكر كيف أخذ يجوب المنزل ذهاباً وإياباً عدة مرات يريد أن يتحدث معها يخبرها :هل تريد إعطاء الفرصة لقلبها بأن يشعر بهذا الهائم الباحث عن نظرة رضا من عينيها…
تخرج هي من غرفتها بشعرها الأشعث باحثة عن شيٍ ما فيما يقبع هو بعيداً أجفل من رؤيتها بتلك الحالة يردد تلك الكلمات هامساً :أعوذ بالله هى دى نسرين..؟ هو الشعر الناعم فين انا اضَّحَك عليا ولا ايه.؟؛ليراها أخيراً تدلف إلى المطبخ تردف بانتصار :أخيراً لاقيت المطبخ، ايوه فين التلاجة بقى….
لتأخذ كوب وتسكب به بعض الماء لتُنهي بذلك ما كانت تقوم بفعله : لتتجه لغرفتها مرة آخري…. لحظة.. هل لمحته للتو…
أم هل هو لمحها بمظهرها هذا وشعرها الغير مرتب والذي ما إن يراها احد يجزم أنها منهية شجاراً حاداً للتو
لتضع بسرعة يديها على شعرها تُمسِّده ليهدأ مظهره نوعاً ما فيما تردف بخجل وارتباك:اه انا أسفة اصل متعودة اول مااصحي اشرب وبعدين اظبط نفسي وبما ان بصحي بتبقى محطوط كوباية مايه جنبي كل يوم، فأنا نسيت امبارح احضر جمبي ماية بعد اذنك…..، لـ تدلف الغرفة مسرعة..
ليبتسم هو مما تفعله ويردف :على فكره رحمة عاوزه تطلع تقعد معاكي و مكلماني بدري وانا قولتلها انك نايمه
لتجيبه نسرين بصوت مسموع من الغرفة :اه خليها تطلع انا كمان حابة اوووي اقعد معاها…
……….
رأته يدلف إلى الشركة.. فـ ارتابت هي مما سيحدث ليردف هو :أهلاً أستاذة شيري انتي لسه بتشتغلي عند أمجد بيه انا افتكرتك مشيتي من زمان….
لتجيبه بغضب :خير يا عامر ايه اللى حدفك علينا انت مبيجيش من وراك الا المصايب…
ليقاطعها عامر :لا يا أستاذة شيري انا بيجي من ورايا كل خير وانتي عارفة كده..
لتردف بـ ارتباك جلي على ملامح وجهها :لو هتدخل لأمجد بيه اتفضل وسيبني عندي شغل؛ هو بلغني أنه مستنيك...
لتتابعه ببصرها يدلف إلى مكتبه و تُطأطأ رأسها تنظر لتلك الملفات بين يديها؛ لتجفل بتلك الذكرى…
انت جايبني هنا ليه يا أمجد أردف بها بقلق؛ ليجيبها أمجد : قولتلك بـ نخلّص شغل مع عملاء بس فيهم واحد مش تمام فكر بس يخوني؛ لـ تردف شيرين : وانا مالي وانت بترمي عليا ولا ايه وانا هخونك ليه؛
ليُقاطعها هو: لا مش كده انتى كده كده كان لازم تكوني معايا مش سكرتيرتي الخاصة اللي بتظبط لي الشغل؛ يشيح بوجهه إلى شخص ما عريض المنكبين هيئته لا تُنذِر بخير ابداََ، ويردف أمجد :شوف شغلك يا عامر…؛ لتجفل لحظات قبل أن ترى عامر ممسكاً بمسدس كاتم للصوت مصوّباً إلى رأس هذا الرجل مردفا: لما تشوف عامر اعرف ان كده عمرك أنتهي وأجلك جه وملك الموت واقف وراك عشان يسحب روحك. اول اما اخلّص عليك. ليُنهي عبارته تلك بطلقه تُفجر رأس الرجل، وتسقط هي باكية بانهيار تام و نحيب مُردفه :ليه كده ليه بس حرام عليكم…
لتفيق من تلك الذكرى على صوت أمجد يردف عبر الهاتف الخاص بالعمل :شيري اتنين قهوة..
لـ تومئ برأسها تتمتم بهمس :تمام حضرتك
ليُنذر ذهنها بشيء: جاء رجل المهام، رجل الموت ليأخذ تعليمات..بإزهاق روح أخرى لعلّها تكون بريئة
ياتُري من تكون!!؟