غريق_علي_البر
الفصل التاسع بقلم#نعمه_حسن
بعد مرور ثلاثة أيام....
تسيـر فرحه تجر قدمها بصعوبه بالغه..أصبح وجهها شاحب و جسدها هزيل لا يقوي علي مجابهة كل ما تَمُرّ به.
خاطبها "أحمد" قائلاً: معلش يا فرحه إستحملي،
مفيش بإيدينا حاجه.
لم تجيب..لم تنطق..لم تتفوه ببنت شفه..إيماءه فقط هي ما حصل عليه منها.
تمزقت نياط قلبه لرؤية وردته الچوريه تذبل هكذا و شعر بالعجز للمرة المليون فأمسك بيدها يمنعها من التقدم ثم جلس أرضاً و أجلسها بجانبه قائلاً:خلاص، إرتاحي شويه و بعدين نكمل.
نظرت له بوهن و أنفاس متقطعه و قالت بصوت خفيض:سيبني هنا و كمّل إنت..أنا لو إستحملت النهاردة مش هستحمل بكرة.
جحظت عيناه لسماع كلماتها و قال:نعم؟!بتقولي إيه إنتي؟!يستحيل ده يحصل أصلاً.
أجابت و قد إشتدت آلامها:صد..ثم إبتلعت لعابها بقسوة ضاريه و قد أحست بأن حنجرتها قد جُرِحَت:
صدقني أنا مش هقدر أكمل..أنا جسمي نشف من قلة الميه..حتي ريقي مش قادرة أبلعه..و رجليا مش قادره أدوس عليها حاسه إن فيها نار..أنا تعبت و جبت أخري!
نظر إلي قدمها فوجدها تلمع من شدة الإلتهاب..زم شفتيه بأسف و حزن بالغ ثم تفوه ناطقاً:هنكمل يا فرحه..لازم نخرج من هنا..أوعدك إني هرجعك لأهلك.
تحدثت بيأس: لو مت و إنت رجعت مصر متعرفش أهلي إني كل ده كنت عايشه..سيبهم فاكرين إني مت غرقانه.
أمسك بوجهها بين كفيه و تحدث بصرامه: مفيش الكلام ده..هنخرج من هنا أنا و إنتي و هنرجع مصر سوا..فرحه أنا مقدرش أستغني عنك.
قال الأخيره بصدق وهو غير مكترث بـ رد فِعلها فنظرت له بأعين باكيه و قالت:و أنا كمان مش عايزة أسيبك يا أحمد أفندي.
مَسـح عَبراتها بكف يديه و قبّل عينيها بحنان و مشاعر متأججه فإزداد بكاؤها فأعاد الكرة مرة أخري فباغتته هي تطوّق رقبته بذراعيها و تشدد من إحتضانها إليه فطوّق خصرها بيديه و أغمض عينيه زافراً بقلة حيلة ثم إبتعد ليقابل وجهه وجهها و نظر داخل عينيها نظرات لم تفهمها و لكنها رأت ظلمتها و شعرت بأنهما يسكرانها و يفعلان بها الأفاعيل.
أسند جبينه إلي جبينها يحاول كبح جماح رغبته و تكلم بضعف:لازم نكمّل يا فرحه..حالاً.
نهض و ساعدها في النهوض فصرخت متألمه و قالت:مش هقدر أمشي..مش عارفه أدوس علي رجلي.
بغتةً و بدون تفكير..حملها بين ذراعيه و سار بها.
إنه الآن.. و تحديداً الآن.، منهَك..مستنزَف الطاقه
..خائر القوي.حاول ألا ينظر لعينيها و أن يفكر بأي شىء آخر و لكنه فشل.
نظر إلي حصونها التي تفقده عقله فوجدها تغمضهما بإستسلام.
حلّ الظلام فإزداد السير صعوبه و إزدادت وحشته فنادي قائلاً:فرحه..إنتي نمتي؟!
فرّقت بين جفنيها بصعوبه و هزت رأسها بنفي فقال: مالك؟!حاسه بإيه؟!
لم تجيب و لكن إرتعاش جسدها أخبره بأنها ليست علي ما يرام.
أحني رأسه و لامس جبهتها بوجنته فوجد حرارتها مرتفعه بشده.
_فرحه..كلميني.
نظرت له بأعين حمراء من فرط التعب و أغمضت مرة أخري.
ظل ينظر حوله علّه يجد أي شئ يمكنه من مساعدتها و لكن بلا جدوي.
رمقها بنظرات آسفه عاجزة و لكن سرعان ما تبدّلت نظراته لمتحمسه عندما رأي علي مدد بصره،سيارات.
حدثها بسعاده و قال:خلاص يا فرحه..هنخرج من هنا..فرحه..فرحه!!
لم تجيب و لم تصدر منها أي إشارة بأنها ما زالت واعيه.
نظر لها بقلق و حثّ خطاه علي التقدم بسرعه حتي بدأت الأشجار تتلاشي و تظهر السيارات و تبرز معالم الحياة.
توقف علي إحدي جانبي الطريق و أشار بيده لإيقاف أي سيارة.
توقفت سيارة أجره فنظر صاحبها إليه وهو يحمل فرحه بريبه ثم تركهما و إنصرف.
أشار للسياره التاليه و التي تليها و التي تليها و لكن دون جدوي.
بدأ يشعر بأن طاقته قد نفدت و أنه سيسقط في التو.
توقفت سيارة خاصه فارهه فإنحني يحدّث سائقها و قال: Can you help us get to the hospital
"هل يمكنك مساعدتنا للوصول إلي المستشفى.
_Of course .. Let me help you carry your girlfriend
"بالطبع..دعني أساعدك في حمل صديقتك"
أشار بيده أن "لا"و قال:No .. Thank you .. She is my wife "لا.. شكراً.. إنها زوجتي."
أومأ الرجل بموافقه فـ حمل "أحمد" "فرحه" و أصعدها إلي المقعد الخلفي و صعد بجانب الرجل و قال:
Please .. Faster..It is very sick.
"من فضلك أسرع..إنها مريضه للغايه."
أومأ الرجل موافقاً و سار بأعلي سرعه حتي وصل بهما إلي المشفي.
_Here we have come.
"ها نحن ذا قد وصلنا"
نزل "أحمد"يتحامل علي آلامه التي قد إشتدت به و حمل"فرحه"الفاقدة للوعي و أسرع بها لداخل المشفي.
هرع إليه الأطباء و الممرضين و تلقوا فرحه علي"الترول" و حدثه الطبيب متسائلاً: What about you two? ماذا عنكما؟!
=We have been infected with an incident .لقد كنا من مصابين حادث الطائرة المنكوبه.
أسرع الطبيب بإسعافها و أمر طبيب آخر بإسعاف "أحمد" و إمدادهما بـ معلقات الماء و التغذية.
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕
_حضرتك ميعاد الرحله هيكون الساعه 6 الفجر و هنبلغ حضرتك بالتفاصيل و اللي وصلنا ليه.
=إن شاء الله..تروحوا و ترجعوا بالسلامه.
بعد مرور 6ساعات متواصله من البحث أتاه إتصال بأنهم لم يتوصلوا لأية نتائج.
أومأ بأسف و حزن بالغ و شكرهم بإقتضاب.
تمتم قائلاً:الله يرحمك يا أحمد..كنت زين الرجال..ربنا يعوّض عليكي يا نورا يا بنتي.
هاتفها كعادته كل صباح فأتاه صوتها متحمساً:صباح الخير يا بابي.
_صباح النور يا حبيبتي..إيه صوتك فيه حماسه غريبه كده.
=أصل النهاردة هنوقع مع أكبر شركة تصدير في نيوزيلندا.I'm very excited."متحمسه جداً"
_مفيش فايده فيكي يا نورا..مبتفكريش غير في الشغل.
=و في إيه أهم من الشغل و إني يبقالي كيان و كرير أفتخر بيه؟!
_في إنك تشوفي حياتك..تعملي أسرة و يبقالك بيت و زوج و أولاد..أحمد والله يرحمه..أكيد مش هتفضلي موقفه حياتك عشانه طول العمر!
=غريبه..أخيراً سلّمت بحقيقة موته.
_الله يرحمه..و يعوّض عليكي..لازم تشوفي حياتك يا نورا يا بنتي.
=بعدين يا بابا الكلام ده..عن إذنك عشان معايا مكالمه.
إستقبلت المكالمه الأخري:أيوة يا رضوي..عامله إيه؟!
_إزيك يا أبله نورا؟!مبتسأليش قولت أطمن عليكي أنا.
تماسكت و تغاضت.عن طريقتها المستفزة و أجابت:
أنا مقصره مع الكل والله يا رضوي معاكي حق..بس الشغل واخد كل وقتي زي ما إنتِ عارفه.
هزت "رضوي" رأسها ساخرة و قالت:ربنا يعينك يا أبلة نورا..كنت في المهندسين و شوفتك و إنتي طالعه عيادة الدكتور "كارم عيد"مش ده بردو دكتور نفسي؟
أغمضت"نورا"عينيها بعصبيه و قالت:معلش يا رضوي لازم أقفل حالاً لأن عندي meetingمهم..مع السلامه.
أغلقت الهاتف بعصبيه و ألقته علي المكتب التي تقبع وراءه و تمتمت حانقه:إنسانه مستفزة.
أمسكت"رضوي"الهاتف تقلّبه بين يديها و هوت من عينيها دمعه إلتقطتها هي بكفها و قالت:الله يرحمك يا أحمد..مش عارفه كنت مستحملها إزاي!
أتاها صوته التي باتت تعرفه عن ظهر قلب:أستاذة رضوي.
إلتفتت مسرعه و إرتسمت علي شفتيها إبتسامه عفويه و تمتمت: رضوان!
إنتقلت له عدوي الإبتسام و إنشرح صدره لنطقها بإسمه بصوتها العذب و قال:رضوان..معلش إتأخرت عليكي.
_ولا يهمك..إيه رأيك تقعد نشرب حاجه الأول و بعدين تروحني؟!
=والله اللي تشوفيه..و آاااادي قعده.
جلس قبالتها و سألها:تشربي إيه؟!
أجابت بحماسة طفل:موز باللبن.
إبتسم بخفه و تمتم:الله يرحمك يا فرحه.
سألته بفضول:مين فرحه؟!
_أختي.
=اللي كانت علي الطيارة مع أحمد أخويا الله يرحمه؟!
أومأ موافقاً ففاجئته قائله:تعرف يا رضوان؟!
إبتسم فقالت بحرج:آسفه يعني إني بقول رضوان من غير ألقاب.
_لا يا ست البنات إنتي تقولي اللي إنتي عيزاه.
إتسعت إبتسامتها و قالت:تعرف؟!أنا ساعات بحس إن أحمد مماتش!
نظر لها بصدمه و قال:تعرفي إن أنا كمان ساعات بحس زيك كده؟! ساعات بحس إن فرحه عايشه..بس للأسف..كل الدلايل بتقول إنهم ماتوا.
تنهيده حاره أطلقتها و قالت:إنت متعرفش أحمد ده كان بالنسبالي إيه..كان أبويا و أمي و أخويا و صاحبي و حبيبي و كل حاجه..هو اللي مربيني من و أنا عندي 10 سنين..بابا مات بالكانسر و ماما ماتت بعده بسنتين و فضلت أنا و أحمد.
وأدت دمعه في محجريها و أكملت:أحمد اللي كان بيسرح لي شعري و يعمللي ضفيرتين كمان.
إبتسم فإبتسمت و أكملت:كنت أقولله إنت بتعرف تعمل كل حاجه كده؟! يقوللي لازم الواحد يكون عنده فكرة عن كل حاجه لأن الظروف ممكن تحطك في وضع جديد عليكي فلو معندكيش خبره كفايه مش هتعرفي تعدي.
_الله يرحمه.
تمتم "رضوان"فسألته: إنت الكبير في إخواتك؟!
أومأ بإيجاب و قال:أيوة أنا الكبير و من بعدي كانت فرحه الله يرحمها و بعدها رامي و كرم و بدر..فرحه كانت أمنا مش أختنا بس..تعرفي..أبويا نفسه كان بيقوللها من يوم ما راحت أمك و إنتي أمنا كلنا حتي أنا..كانت حنينه و ضحوكه و بتحب الهزار جداً..مكنش يتشبع من قعدتها..الله يرحمها و يحسن إليها.
قال الأخيره و أشاح بوجهه إلي يساره يواسي قلبه المكلوم فجذبه صوتها العذب عندما قالت:رضوان..هو ممكن نكون صحاب؟!
نظر إليها بتعجب و سألها:صحاب إزاي يعني؟!
_يعني إحنا يعتبر ظروفنا واحده و أنا عن نفسي بقيت بثق فيك و دي حاجه محصلتش قبل كده إني أثق في حد و أتكلم معاه..فـ أنا مش عاوزه أخسر حد زيك..لو في مانع تمام يعني مش هتضايق.
=لا طبعاً مفيش مانع ده شرف ليا يا أستاذه رضوي..بس خدي بالك طالما هنكون صحاب يبقا لازم تتقبلي نصايحي حتي لو مش هتعملي بيها!
_أكيد طبعا ده شيء يسعدني إنك تكون مهتم لأمري و تنصحني.
=تمام..يلا بينا عشان متتأخريش.
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕
_That's whatever happened.
"هذا كل ما حدث"قالها"أحمد"عندما إنتهي من قص ما حدث معهما منذ وقوع الطائرة حتي لحظتهم هذه للطبيب الذي أومأ بتقدير و إعجاب قائلاً:
=You are heroes .. The head is still .
"أنتم أبطال.. زال البأس." قال الأخيرة رابتاً علي كتف'أحمد' و أكمل:
=She will start with his hopes shortly
.excuse me
"إنها سوف تبدأ في الإفاقه بعد قليل..عن إذنك.
همّ"أحمد" بإغلاق باب الغرفه فدخلت الممرضه ترتسم علي محياها إبتسامه مشرقه فقال لها:
_Please .. above all .. I want to cover the head .
"من فضلك..قبل كل شيء..أريد غطاء للرأس."
أومأت بموافقه فتابع:
_I want a phone too.
"و أريد هاتف أيضاّ."
أومأت الممرضه بكل سعة صدر و ذهبت ثم عادت بحجاب من نفس لون رداء المرضي و هاتف ثم ناولته إياهم فشكرها مبتسماً و قال:
_Thank you, dear. "شكراً عزيزتي."
إتسعت إبتسامها و لكن قطعتها عندما إستمعت إلي صوت تلك المنبعثه:
_ إنتوا فاسخين سنانكوا و بتضحكوا علي إيه وبتضحكو علي اية