نوفيلا رد سجون
بقلم شيماء رضوان
الفصل الرابع
انتهي تناولهم للطعام فنهضت غادة لتلملم الأطباق مع حماتها فلم ترفض حكمت والتزمت الصمت
جلسوا جميعا يحتسون الشاي في جو هادئ فبرغم ضيق حكمت من تواجد غادة الا أنها لم ترد مضايقتها حتي لا يحزن ولدها
قاطع جوهم الهادئ صوت طرقات عنيفه علي باب المنزل
فنهض ياسر عاقدا حاجبيه بتساؤل عن هوية الطارق
دلفت صفاء بسرعه قائلة
أين هي تلك..
قطعت حديثها عندما رأت حكمت تجلس برفقة غادة ونظرت لشقيقتها بغضب قائلة
لقد أخبرتني أنك ذاهبة لزيارة صديقه لك
ابتلعت حكمت ريقها بتوتر من انكشاف كذبتها وقالت ببسمة مصطنعه
لقد أجلت مشوارى اليوم تعالي حبيبتي ادخلي تعالي سحر لا تقفين علي الباب هكذا
دلفت سحر بوجه محتقن وحيت ياسر وخالتها فقط وتركت غادة بدون كلام فقط نظرات حارقة ترميها بها بين الحين والأخر
جلست سحر علي مضض بجوار ووالدتها وخالتها ترمق غادة الجالسة تتحدث وتتضاحك مع ياسر دون حرج تشعر بنيران مستعرة بداخلها تكاد تحرقها فرد السجون أحكمت حصارها جيدا علي ابن خالتها دون أن تترك له مجال للهرب
وأنت غادة ما هو تعليمك؟ اعذريني حبيبتي لقد سكنا هنا قريبا وأنت وقتها كنت بالسجن
جز ياسر علي أسنانه قائلا بضيق دون أن يترك لغادة فرصة للرد
غادة خريجة علوم خالتي
ردت ببرود
صدقا خريجة علوم ما شاء الله عليها
صمتت قليلا ثم قالت بحزن مصطنع
ولكن حظك قليل يا ابنتي ففترة سجنك أثىت علي مستقبلك ولن يقبل بك أحد في اى وظيفة
قال ياسر بهدوء يحسد عليه
لا تشغلي بالك خالتي سنقيم أنا وغادة مشروعا خاص بنا بعد الزواج
نظرت له غادة بامتنان وشردت به قليلا فياسر هو حقها في الحياة وحمدت ربها أنه عوضها به بعد ما عانته فالسعادة دوما تأتي بعد الشقاء والتعب فما أجمله من عوض..
فاقت من شرودها علي صوت سحر المتهكم
كم عمرك غادة أظن أنك علي مشارف التلاتين اربعة سنوات كلية وأيضا فترة سجنك
رد ياسر بابتسامة صفراء
غادة أصغر منك سحر تبلغ من العمر 25سنة انتي 28
لعنته سحر في سرها وغاصت في مقعدها من الضيق وردود ابن خالتها المستفزة
أما حكمت أدركت من ردود وحيدها أنه عاشقا لها وستكون امرأة ظالمة ان فرقته عنها لا يهم أنها علي خلاف معها سيأتي يوم وتتصافي فيه النفوس المهم هي سعادة فلذة كبدها ذلك الأساس والباقي لا أهمية له وغادة أيضا متعلمة وناضجة ومده سجنها لم تكن الا بسبب ضربها لخطيبها السابق عندما ضبطته في وضع مخل مع فتاة أخرى مسببة له عاهة مستديمة
غير ذلك هي فتاة رائعة
تنهدت قليلا فمن أجل ابنها وسعادته ستحاول التأقلم معها
اغتاظت صفاء من رده المستفز علي أبنتها وصمت تلك الحمقاء بجانبه تاركة له الدفة ليتولي الأمر بينما هي تأخذ دور المشاهد باستمتاع فابتسمت قائلة
كيف قضيتي مدتك في السجن حبيتي أعلم انه به ضرب واهانه صحيح
تلك المرة أجابت حكمت تنهرها بشدة قائلة
صفاء كفي عن أن أسئلتك الجارحة لها تتكلمين منذ فترة وأقول ستصمت ولكن تثرثرين بكلام لا يجب قوله وهي صامته لا ترد
ردت صفاء بضيق
أرى أنك أخذت صفها حكمت منذ مني تحزنين لأجلهة
ردت حكمت ببرود
حزينه لانك تسبين خطيبة ابني وفي بيتي أيضا
اغتاظت سحر من أخذ خالتها لجانب غادة وميلها لها فقالت
أمي لم تتفوه بشئ خاطئ خالتي كلنا نعلم أنها رد سجون وكانت تسألها عن أحوال بالسجن فما العيب بذلك
سحر لا تتخطي حدودك وتهيني خطيبة ابني كرامتها من كرامة ابني لن أمررها لك مرة أخرى
تأففت سحر من خالتها وقالت
بالتأكيد سحرت لك كما سحرت لابنك وأخذته منك
اقتربت غادة منها قائلة ببرود
أقسم بالله أنني ان لم أكن أحترم هذا البيت لكنت جذبتك من خصلاتك تلك تحت قدمي يا حرباء
لكزتها سحر في كتفها قائلة
تكلمي علي قدر حجمك فقط يا فتاة حتي لا تندمي فيما بعد
نظرت غادة لياسر بابتسامة قائلة
أرأيت ياسر ما فعلت لو ضربتها كما ضربت فوزية زوجة لطفي أمام الحارة سيكون جيدا أنت قلت أخبريني فقط
أمسكها ياسر من ذراعها وجذبها للخلف ثم اقترب من ابنه خالته قائلا بعنف
احترمي أصحاب البيت الذى تقفين فيه وغادة أحد أفراده شهر ونصف وتكون زوجتي ومن سيتطاول عليها مرة أخرى ساقتلع عيناه من محلهما وأضعهما في طوق حول رقبته
ابتلعت سحر ريقها بخوف قائلة
ماذا تقصد
أقصد أن تأتي هنا باحترامك ابنه خالتي والا فلتبقي ببيتك أفضل لك
أنهي كلامه قائلا لوالدته
سأخرج مع غادة لحجز صالون التجميل وفستان الزفاف امي وسيأتي من الغد عمال لتوضيب البيت
أومأت له أمه بالموافقة فخرج برفقة غادة تاركا خالته وابنتها يتأففان بضجر يرمقان والدته بضيق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مريم
التفتت له قائلة بهدوء
نعم شهاب
ابتسم لها بحب قائلا
اجلسي معي قليلا نشاهد التلفاز سويا كما كنا في السابق
ردت بخفوت
لم يعد شيئا كالسابق شهاب
أدار وجهه للتفاز مرة أخرى وقد غزا الضيق وجهه وعقد ملامحه بحزن فتألمت لأجله فهو بالنهاية حبيب القلب والروح
تنهدت بقلة حيلة ثم اقتربت منه جالسة بجواره قائلة
غير تلك المحطة فلا أحب مشاهدة البرامج السياسية شهاب
أمسك ريموت التلفاز قائلا
هل تريدين مشاهدة مسلسل أم فيلم
أمسكت الريموت من يده قائلة
بل أريد فيلما أجنبيا
استأذن منها قليلا ثم نهض الي غرفته وأحضر الهدية التي قام بشراءها مسبقا ثم جلس بجوارها مرة أخرى قائلا
تفضلي جلبتها من أجلك
أمسكت تلك اللفة المزينة بشرائط ملونه قامت بحلها ثم اتسعت عيناها بفرح عندما أبصرت هديته فلم تكن الا جميع اصدارات كاتبتها المفضلة وكانت روايات من نوع الفانتازيا
ضمت الروايات لصدرها قائلا
شكرا لك شهاب شكرا لك
أمسك يدها يرفعها الي فمه ثم قبل باطنها قائلا بحب
لا شكر بيننا حبيبتي أعلم بعشقك للفانتازيا وخاصة روايات تلك المؤلفة
اقشعر بدنها من قبلته فجذبت يدها سريعا ثم نظرت للروايات بيدها قائلة
لم تأتني هدية بحياتي أجمل من تلك الهدية شهاب
امتدت يده مزيحا احدى خصلاتها وراء اذنها قائلا بحب
لو أستطيع أن أهديك روحي لأهديتك اياها بنفس راضية فقط ظلي بجانبي وأحبيني كما أحبك
انتفضت جرتء لمسته لها وحاولت الفرار منه الا أنه أحكم حصاره حولها ليجذبها اليه محتضنا اياها بقوة هزت أعماقها فأغمضت عيناها لشعورها بالسلام وهي بقربه كأنها تطفو فوق السحاب
هدأت في أحضانه فضهما اليه أكثر مستشعرا دفئها بين ذراعيه ثم تركها بعد فترة يقبل جبينها ببطئ مذيب للأعصاب مهلك لمشاعرها
ابتعد عنها يراقب عيناها المغلقة بابتسامة ثم قال بمشاكسه
استيقظي حبيبتي مازلنا بالنهار
فتحت عيناها بسرعه ثم أمسكت هديته ونهضت سريعا تدلف لغرفتها وتغلق الباب وراءها تتنفس بسرعة وضربات قلبها يعلو صوتها كطبول الحرب لا تصدق أنها بجواره تكون خائرة القوى هكذا لا حول لها ولا قوة
أما هو جلس بابتسامة واسعه ظاهرة علي قسماته لا يصدق أنه يهدم الحوائط التي شيدتها بينهما حائطا تلو الأخر وقريبا سيزيلها جميعها ليتربع علي عرش قلبها مرة أخرى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد مغادرة ياسر وغادة التفتت صفاء لشقيقتها قائلة
هل أنت راضية بما حدث ابنك وخطيبته أهانا ابنتي وأنت واقفة تشاهدين ما يحدث دون تدخل
أنت وابنتك من بدأتما أولا كانت صامته وأنتما قمتما بالقاء التفاهات
شعرت سحر بالسخط من خالتها وقالت بتهكم
منذ متي خالتي تدافعين عنها باستماته هكذا لقد كنت لا تحبينها مالذى تغير
أجابت حكمت بهدوء
منذ أن رأيت عشق ابني لها ولمعه عيناه عندما يراه واستماتته في الدفاع عنها ولا يفعل هذا الا عاشقا متيما فمن أنا لأهدم سعادته فوق رأسه وأحطمه وأجرح قلبه تبا لكبريائي اللعين فبما سيفيدني ان تحطمت سعادة ابني بعد أن تتركه حبيبته هي روحه كيف سيحيا بدونها
صفقت لها صفاء بكفي يدها قائلة بسخرية
أين فكرتك عن رد السجون أرى أنها تبخرت بالهواء حكمت
ردت ببرود
دخلت السجن لانها أخذت حقها لم تدخل بشئ فاضح أو مخل
ما نهاية تلك المحاضرة خالتي
ردت بضيق
أن تتركا الفتاة وشأنها وتحترمانها فهي ستصبح زوجة ابني عما قريب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زفرت بضيق
يكفي ياسر قدماي تؤلمني بشدة لقد حجزنا صالون التجميل أما فستان الزفاف جميعها لا تعجبك
ابتسم بمشاكسه قائلا
أرى أن الأمر معكوس قليلا أنا من يجب أن يتأفف لاننا مرننا بمحال كثيرة لا أنت
قالت بغيظ
رأينا فساتين كثيرة ورائعه وأنت لم تترك واحدا الا وأطلقت عليه عيب
عبس بملامحه قليلا قائلا
انها لا تليق بك منها ما هو فاضح والباقي لا يعجبني هيا لنرى ذلك المحل
دلفت معه للمحل واقتربت منهما الفتاة ترحب بهما وتساعدهما علي اختيار فستان مناسب
وقف ياسر أمام فستان زفاف انبهر به وطلب من غادة تجربته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سارت سحر برفقة والدتها في الحي فقالت سحر بغيظ
تلك الحقيرة أخذت خالتي بصفها هي الأخرى بعد أن ظننا أن خالتي سترمي بها خارج حياة ياسر انقلب الأمر وصرنا غير مرغوب بنا
ردت صفاء بضيق
أرى أن تخرجيها من رأسك فزواجها بياسر بات وشيكا يجب أن تفكرى بنفسك العمر يجرى يا ابنتي وأريد أن أفرح بك وأن ترفضين كل من يتقدم لك
أمي مازالت في الثامنه والعشرين والعمر أمامي
قالت صفاء ببرود
أنت حرة الفتيات أصغر منك تزوجن وأنجبن وأنت لا تفعلين سوى الوقوف أمام المرأة وصبغ شعرك فقط
تأففت سحر قائلة
أمي لا تزيدينها علي أنا أكاد أنفجر مما حدث بشقة خالتي
حسنا سأصمت واشربي من البحر أنت حرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ألقت نفسها علي فراشها من التعب لقد دارت بكل المحال اليوم حتي وجدت فستان زفاف يعجب ذوق الأستاذ ياسر
أغمضت عيناها قليلا تفكر في سر انقلاب حماتها اليوم والوقوف بصفها ترى ما حدث وجعلها تدافع عنها هكذا
افاقت من شرودها علي صوت هاتفها يضئ باسم مريم فابتسمت وهي تلتقطه لتجيب قائلة
كنت أعلم أنك لن تنامي اليوم الا أن تعلمي خط سيري بعد أن تركتني اليوم
وصلها صوت ضحكات مريم قائلة
حسنا ابدأي بسرد ما حدث اليوم وكيف سار الغداء هل كان هادئا أم كارثيا
ابتسمت غادة وبدأت بسرد الأحداث كلها
شهقت مريم قائلة
تلك الحقيرة كيف استطاعت اهانتك بتلك الطريقة
أجابت غادة بحنق
لولا أنني كنت ببيت ياسر لنتفت شعرها كالبطة تلك الحرباء الملونه ولكنه قام بالواجب معها حفظه الله لي وأطال عمره
ضحكت مريم قائلة
انه الحب حبيبتي هو من كمم فمك وقيد يداك هناك حتي لا تسيئ لحبيبك ولكن مالا أفهمه هو موقف حماتك كيف تغيرت هكذا ودافعت عنك