رواية ملك_للقاسي
الفصل_الواحد_والعشرون_والأخير : ذهاب !!
في لحظة واحدة تغير كل شيء.... تلك النظرات الصافية الهادئة تحولت الى اخرى ملتهبة تلتهم ما حولها... انفاسه المنتظمة بدأت تتسارع شيئا فشيئا و دمه بدأ بالغليان !!
بدا ادم كبركان تدفقت حممه وهو على وشك الانفجار الآن ، هو يرى زوجته الآن مع رجل في سيارته و ليس أي رجل بل هو نفسه من تعرض لها امام عينيه !!
مرر يده على وجهه هامسا :
- كدب.... الصور ديه اكيد مش حقيقة في حد بيحاول يوقع بيننا مستحيل ديه تبقى الحقيقة لا مستحيل !!!
رفع رأسه لفوق و جاهد ليأخذ انفاسه وقد تحول كل شيء ينظر نحوه الى اللون الاحمر لكن يجب ان لا يتهور حسنا هو الآن على وشك احراق كل ما حوله بنيران صدمته و غضبه ، لكن عليه ان يتأكد.... ف يارا لا تفعل به شيئا كهذا !!
اغمض عيناه و استغفر عدة مرات ثم طلب رقم زوجته لكنها لم تجب عليه..... ضغط بيده على قلم حتى كسره ثم اخيرا تشجع و طلب رقم اخته رن رن ثم فتح الخط.
اندفع صوت رهف السعيد وهي ترد على مكالمته :
- ابيه ادم ازيك انا مش مصدقة انك بتتصل بيا حضرتك عامل ايه والله وحشتني اوي !
اجابها بدون اهتمام لكلامها الكثير فهو ليس في حال مناسب لتقبل الترحيب و مبادلة مشاعر الاخوة مع شقيقته :
- انا كويس.... انتي عاملة ايه.
ابتسمت و اردفت دون توقف كعادتها :
- انا الحمد لله تمام وحشتوني جدا قلت يمكن ازور ماما النهارده بقالي فترة مشوفتهاش و حتى يارا ديه مش بتكلمني خالص يمكن مصدقت تخلص مني ههههه.
ادم من بين اسنانه وعروق وجهه بدأت تظهر :
- يارا مش بتتواصل معاكي خالص ؟!!
- تؤ خاالص مش بقولك اا....
لم تكمل لان ادم اغلق الهاتف مباشرة و في لحظة كان يرمي بفازة على الحائط مزمجرا بأعلى صوت عنده :
- يااارااا !!!
شد على شعره بقوة وهو يحاول تمالك اعصابه ان لم تذهب لرهف فأين ذهبت ولماذا كذبت عليه هل ستكون تلك الصور حقيقية هل زوجته مع رجل اخر الآن.... هل هي تخونه !!
تذكر فجأة تصرفاتها الغريبة معه في اخر فترة كانت تبدو شاردة و احيانا تبتسم وهي تطالع الفراغ و عندما يقترب منها تنتفض كمن صعقته كهرباء ، حتى ذلك اليوم عندما كانت تكلم احدهم على الهاتف و اصفرت ملامحها عندما رأته يقف خلفها...
و اخر شيء تذكره هو كلام عمه احمد الذي اوصاه ب الابتعاد عن يارا و بقائه متذكرا ان زواجهما مجرد اتفاق مؤقت فهي اصغر منه بكثير و يستحيل ان تحبه ف في الاخير قلبها سينبض لرجل في عمرها وليس شخصا يكبرها ب 10 سنوات !!!
لم تمر سوى نصف دقيقة ليكون سطح مكتبه مقلوبا رأسا على عقب اثر رمي ادم لكل شي ء عليه لم تبقى ورقة في مكانها الا لو كانت ممزقة.... و اخيرا استوعب ما عليه فعله الآن ف اخذ هاتفه و طلب احد الارقام...
قطب حاجبيه ثانيتين يتذكر اسم ذلك الشاب :
- محمد مجدي كان طالب في كلية *** و اتحول لكلية تانية ف **** ، اقلبو الدنيا عليه انا عايزه عندي ف اسرع وقت.
فتح ادم باب المكتب ليجد الجميع ينظر له بترقب فصراخه و صوت الكسر كان مسموعا ، قابله مازن الذي سأله بقلق :
- ادم في ايه ايه اللي حصل ؟!
دفعه من كتفه و غادر غير مبال به للتساءل ريتاج التي كانت تراقب ما يحدث من بعيد :
- ايه اللي حصل خلاه يتنرفز كده.... اووف و انا مالي مش هخلص من طبيعة الحشرية اللي عندي ديه.
ابتسمت ببلاهة محدثة نفسها :
- انا لازم افكر بحبيبي مازن وبس مليش دعوة بحد تاني.
ضحكت بخفة ليقاطعها صوته الرجولي وهو يسألها مستغربا :
- انسة ريتاج انتي بتكلمي نفسك تؤتؤ انا عارف انك عقلك مش فمكانه بس مش للدرجة ديه يعني.
ضيقت عيناها بغيظ معلقة :
- هاها مستر مازن دمك بقى خفيف اوي.... ابقى قولي اضحك ف وقت تاني عشان مش فاضية دلوقتي.
رفع مازن حاجبه بجدية :
- امشي شوفي شغلك بلاش كلام كتير يلا.
- حاضر.
قالتها ريتاج بغرور و ذهبت ليضحك مازن بتعجب :
- البنت ديه مجنونة بس بتعجب... انا لازم اشكر امها على الخلفة الجميلة ديه.
_____________________
قبل ساعات.
اغلقت يارا الخط وهي تتنهد بارتياح ارتدت ملابسها بسرعة وخرجت متجهة الى العيادة ...
كانت هناك اعين تراقبها من بعيد دون ان تشعر ، نطق عمر وهو ينظر لوالده :
- خرچت يا بوي حنعمل ايه دلوجت.
ابتسم علي بخبث :
- اللي اتفجنا عليه.... ابعت رسالة ل محمد ينفذ الخطة.
ضحك الاخر و عيناه تلمعان بوميض من الشر :
- اوامرك يا حج هههههه.
بعث رسالة للأخير ثم حدث نفسه بحقد :
- اني مجدرتش اخلص منيك المرة الاولى لما دبرتلك الحادث اياه بس اللي حتشوفه اسوء من الموت مليون مرة.
*** توقفت يارا امام العيادة و نزلت من التاكسي ، كادت تدخل لكن فجأة شعرت بيد تسحبها.
شهقت يارا بقوة وكانت تصرخ لكنه وضع يده على فمها وادخلها لسيارته نظرت له و انصدمت عندما وجدته نفس الشاب الذي كان يدرس معها.
وضع محمد يده على وجهها بابتسامة :
- حبيبتي يارا وحشتيني اوي اسف لاني سحبتك كده بس مقدرتش اسيطر على اشتياقي ليكي.
طالعته غير مصدقة لما يحدث ثم ازاحت يده عن وجهها و خرجت من السيارة و هو خلفها ، اتجهت يارا اليه و صفعته بأعلى قوة لديها صارخة :
- اتأكد ان اللي عملته دلوقتي مش هيعدي ب الساهل شكلك نسيت انا مين و بقدر اعمل فيك ايه والله هندمك يا حقير... حيوان.
بصقت عليه و ابتعدت مسرعة اما هو فمسح وجهه و اتصل بأحد ما.
- انا عايز الصور اللي اتاخدت.... هههه طبعا مش هياخدهم مني بالساهل كده الصور ديه تمنها غالي ولو اتكشفت هروح فيها.
بعد فترة كان يقف امام علي بعدما بعث له الصور على الهاتف.... نظر له بتمعن :
- وشي مش هيبين مع يارا صح.... ادم الشافعي لو شافني المرة ديه مش هيكتفي ف انه يحولني لكلية تانية ده هيحولني من العالم كله.
ابتسم بمراوغة وهو يجيب بلهجة غير التي تعود عليها :
- متقلق وشك مش هيظهر انا عايز ادم و مراته يطلقو مش يرتكب جناية مليش مصلحة غير ف طلاقهم.
تنفس بارتياح و اردف :
- حلو اوي..... فين الفلوس ؟
اخرج عمر ظرفا مليئا بالمال و اعطاه اياه ليغادر الاخير فورا بعد اتمام مهمته.
نظر عمر الى والده متسائلا :
- واه يا بوي مش كنا اتفجنا ادم يطلج يارا و يجتل محمد ده و يتحبس.... كيف حيحصل لو مهنبينش وشه ؟؟
- ههههه هنبين وشه يا عمر معجول المجهود و الفلوس اللي صرفتها مشان الطلاج بس اتجننت اياك.
صمت عمر يتخيل تلك اللحظة التي يدخل فيها ادم السجن و يتزوج ابنة عمه و يحصل على كل اموالها ، انتعش قلبه و بدأت تظهر خيالات سخيفة في عقله عن امتلاكه لها ..... لطالما ارادها ان تكون ملكه في كل شيء اموالها و جسدها وحتى
حريتها ، و ماذا ان كان يكبرها ب 16 عاما حتى ادم يكبرها بكثير ستعيش تحت سيطرته ولن يجعلها تتنفس دون علمه حتى لكن فليحصل عليها اولا.
افاق من شروده و سأل الاخر بفضول :
- اني مستغرب من حاجة.... فين لجيت الواد ده يا بوي ؟
تذكر علي مراقبته الدائمة ل ادم و يارا بعد كشف قصة زواجهما و في ذلك اليوم اخبره جاسوسه ان هناك من تعرض ل يارا في الجامعة وهذا ما جعل ادم يغضب بشدة لدرجة انه
تسبب في فصل الشاب من كليته.... وقتها بحث عنه كثيرا وعندما وجده اقنعه بالانتقام مقابل اموال طائلة ستنزل عليه ان نجح في تفرقة الزوجين.
تنهد بانتشاء مجيبا ابنه بغموض :
- حكاية طويلة مخك مهيستوعبهاش.
- تصدج يا بوي اني كنت حصدج لثواني انك اسكندراني بسبب لهجة حديتك ويا الواد اني فخور بيك.
ضحك بخبث و بدأ ببعث الصور من رقم مجهول مرددا :- و لسه حتفتخر من ذكائي يا ولدي.
-
__________________
في المساء
عادت يارا للفيلا و دخلت مسرعة وهي متشوقة لرد فعله بعدما يعلم انها حامل.... بعد مغادرتها العيادة اتصلت بصديقاتها و ذهبت معهن للتسوق لم تستطع الوصول الى رهف فلم تذهب معهن ، اشترت مستلزمات كثيرة ولم تنتبه للوقت لذلك تتمنى ان لا يكون ادم قد عاد قبلها.
اغلقت الباب و استدارت لتتفاجأ بوجوده ، كان جالسا على الاريكة بهدوء شديد لكن نظراته تعكس حقدا و غضبا لم تراهما من قبل ، استغربت و تمتمت ب :
- ادم انت رجعت... في حاجة ؟
ابتسم بريبة مغمغما :
- لا انا كنت بستناكي..... خلصتي مشوارك ؟
قطبت يارا حاجبيها بتوجس فلماذا يطالعها هكذا و ما نبرة الصوت هذه هل يعقل انه غاضب من تأخرها كعادته عندما تدخل المنزل خلفه... منطقي اليس كذلك يبدو ان الوقت الذي قضته مع صديقاتها بعد خروجها من العيادة كان طويلا جدا.
حمحمت و اجابت بتقطع :
- اه خلصته.
وقف امامها و ملامحه كلها مظلمة يحاول قراءة افكارها.... لقد تأكد من صحة الصور التي وصلته ولم تكن مزيفة اذا بقي فقط خيار سؤالها للمرة الأخيرة....
اخذ نفسا طويلا و همس :
- انتي راجعة من فين ؟
عادت خطوة للخلف وقد تأكدت من ان شيئا ما حدث.... عضت على شفتها مجيبة :
- ااا... مانا قولتلك.
- معلش قوليها تاني.
لم تتكلم فصاح ادم بخشونة هزت جدران المنزل :
- انطقي انتي جاااية منيييين !!
ردت يارا بصراخ مماثل :
- قولتلك كنت مع صحابي و....
لم تكمل لانها تلقت صفعة عنيفة منه ادارت وجهها للناحية الثانية ، شهقت بألم و نظرت له :
- ادم انت بتضربني ؟!!
دفعها على الحائط و قبض على فكها مزمجرا :
- بقتتلللك فاااهمة بقتتلللك !!
نزلت دموعها برعب و تلقائيا وضعت يدها على بطنها خوفا على ابنها اما هو ف اخرج هاتفه و أراها الصور :
- الصور ديه حقيقة ولا لأ.... جاااوبييينيي دييه حقيقة ولا لأ !!
وقعت عيناها على صورها مع ذلك الحقير و انصدمت اكثر من صدمتها بتصرفه هذا.... حاولت ابعاد يديه عنها وهي تتمتم بصعوبة :
- انت... انت فاهم غلط اا...
- حقيييقة ولا لأ جاوبيني !!
كان يبدو في حالة هستيرية غير طبيعية البتة ، يضغط بقبضته على فكها محاولا قدر الامكان عدم امساك شيء و التهور عليها به و قتلها ، تلك الشرارات القاسية كانت واضحة لدرجة ظنت فيها يارا انها لن تنجو من يد هذا المجنون ، ورغم ذلك اومأت بصعوبة :
- حقيقة بس ااا....
في اللحظة التالية كان ادم يرفع طاولة زجاجية و يرميها على الارض مصدرة صوتا مرعبا جعل من في المنزل المقابل يسمعه و يهرع بسرعة اليهما.
صرخت يارا بأعلى صوتها ليتابع و عروق عنقه تكاد تنفجر :
- هما دول صحابك اللي رايحة معاهم راكبة مع الكلب اللي عاكسك قدام عينيا و بتكدبي وانتي بتبصيلي انا ازاي كنت مخدوع فيكي ها كنت فاكرك ملاك واني محظوظ عشان اتجوزتك بس انتي طلعتي خاينة و **** و كدابة انتب خاااينة !!
قرب وجهه منها حتى التصق بها و انفاسه الحارقة تلفح بشرتها المغطاة بالدموع :
- حبك و نظراتك كله كان كدب لما انتي مش بتحبيني ليه رفضتي الطلاق ليه اتمسكتي بيا ولا انا كنت تجربة جديدة من تجاربك ال*** اللي كنتي معاه احسن مني ف ايه ها اصغر
مني و في سنك بيفهم حبك و مشاعرك ياريت كنتي قولتيلي اني مش مكفيكي كنت هجيلك واحد جديد بنفسي.
شعرت بطعنات عنيفة تغرز قلبها من وقع كلماته التي كانت اسوء من سياط النار.... ازدادت كثافة دموعها وقد كانت اغرقت كف يده الممسك بها لتدفعه عنها و تصفعه صارخة :
- انت اتجننت سامع نفسك بتقول ايه !!
وضع ادم يده على وجهه مكان صفعتها ثم ابتسم بشيطانية و قبض على عنقها يخنقها مزمجرا :
- تعرفي حاجة انا مش هتحكم فنفسي ولا حاجة انا هقتلك دلوقتي و انظف اللي انتي وسختيه هموتتتك !!
و في لحظة مجنونة لم يكن يدري ما يفعل فيها ، ضغط على مجرى تنفسها بكل ما لديه فجحظت عيناها وهي تحاول ابعاد يديه لكن لم تستطع ، بدأ لون وجهها يتغير و تجاهد لتتنفس
لكن ادم كان غائبا عن الوعي تماما حتى هو لم يدرك ما يفعله الآن لا شيء يخطر على ذهنه سوى تلك الصور و خيانة زوجته له.
دخل ابراهيم مسرعا بعد سماع كل ذلك الصراخ و صوت الكسر و بمجرد ان رأى ابنه يخنق زوجته صرخ بصدمة :
- اااادم !!
انتفضت حنان غير مصدقة لما تراه و هرعا الاثنان يبعدانه عنها و استطاع ابراهيم انتشالها من يديه بصعوبة لتسقط يارا فاقدة وعيها.
صفعه ابراهيم لأول مرة في حياته و تابع غاضبا :
- انت كنت عايز تموت مراتك يا مجنون !!
وعى ادم لما يحدث جيدا لكن ظلت ملامح وجهه ثابتة وهو يعلق :
- ده بيني وبين مراتي ياريت محدش يدخل.
امسكه الاخير من ياقة قميصه معنفا اياه :
- مراتك كنت هتموتها دلوقتي لو ملحقنهاش ايه انت بقيت بتستقوى على الستات نسيت انها بنت عمك !!
كاد يرد لكن حنان اوقفته وهي تردد بهلع :
- يا جماعة يارا مبتتحركش ولا بتتنفس !!
نزلت دموع رهف مكملة ببكاء :
- يمكن جتلها ازمة ربو.
رغم غضبه الشديد منها لكن منظرها وهي ملقاة على الارض هكذا آلم قلبه ولم يستطع تركها هكذا ، اقترب منها و حملها مسرعا الى غرفتهما ثم اعطى بخاخ الربو الى امه مغمغما :
- لو مصحيتش اطلبو الدكتورة.
نزل الى غرفته مكتبه و صفع الباب خلفه هامسا :
- ليه عملتي فيا كده انا ل اخر لحظة كنت مصدقك وقلت يمكن انا فاهم غلط بس فضلتي بتكدبي عليا.... انا صدقت حبك ليا واني محظوظ فيكي مش مصدق ان كل اللي عشته معاكي كان كدب ليه يا يارا ليييه !!
ضم وجهه بين كفيه وهو يزفر حملا اثقله منذ رؤيته لتلك الصور التي حطمته.... ترى هل هناك احتمال لفهمه الامور على نحو خاطئ هل يكون ادم قد تسرع في حكمه ؟ لقد قالت يارا اثناء موجة غضبه انه مخطئ هل هو حقا كذلك ؟؟
افاق من شروده على صوت جده سليم وهو يدخل الى المكتب :
- اتهبلت اياك و بجيت ترفع يدك على حرمة يا ادم !!
استدار له معلقا بنبرته المستفزة :
- اها نفس الست اللي اتهموها ف شرفها ليلة فرحها و حضرتك فضلت ساكت و جايين دلوقتي تتكلمو على حقوقها صح ياريت دمكو كان حامي ساعتها.
امسكه جده من تلابيب قميصه وهو يغمغم بصوت خشن :
- لو ابوك معرفش يربيك و خلاك تمشي على هواك اني مش كيفه اتأكد اياك لو اتأكدت ان حفيدتي المظلومة اوعدك مهتفضلش اهنيه ثانية واحدة.
رفع حاجبه بهدوء يحسد عليه :
- يعني لو كانت الغلطانة هتعمل ايه مش هتحميها مني ؟ ولا هتقتلها عشان تنظف شرفك.
دفعه سليم عنه صارخا :
- جليل ادب و تربية.
غادر المكان فورا ليصل ليصل الى ادم اتصال :
- يا باشا احنا لقينا الشاب اللي حضرتك وصيتنا ندور عليه.
اظلمت عيناه وهو يهمهم بصوت قاتم :
- كويس خلوه عندكو وانا جاي.
_________________________
فرغت الغرفة الا من زوجة عمها التي جلست بجانبها محاولة تهوين الامر عليها ، و تصليح بعض ما افسده ابنها حتى ولو بالكلمات ، لكن ظلت الاخيرة صامتة ، مفصولة عما حولها ، تخوض حربا داخلية كانت هي الخاسرة فيها منذ البداية...
لا تعلم كم من الوقت مر عليها وهي بتلك الحال ، فهي منذ استيقاظها و تذكرها لما حدث و محاولته خنقها دون ادنى ذرة رحمة او شفقة ، تنزوي في مكان صغير في السرير تضم ركبتيها لصدرها وتضع يدها على عنقها مكان اثر اصابعه و
دموعها لا تتوقف عن النزول ، لكن رغم ذلك ظلت صامتة ، تحدق في الفراغ بشكل اثار ريبة حنان وقد عجزت عن ايجاد طريقة لجعلها تتكلم و تفرغ ما يعتريه قلبها.
قطع السكون صوت همس يارا التي تخلت عن جمودها :
- كل اللي عشته في حياتي لحد دلوقتي مكنش اختياري
... كل قرار خاص بيا مكنتش انا اللي باخده حتى الكلية مش انا اللي اخترتها.... كنت عايزة ادرس ف كلية غير ، بس قالولي لازم تدرسي فنفس جامعة بنت عمك و هتحبيها متخفيش... و حبيتها و اتعودت عليها ، اختارولي صحابي اللي لازم اصاحبهم
و حددولي مين المسموح اكلمه ومين لأ و قلت ماشي انتو عايزين مصلحتي ، بين يوم وليلة خليتو الراجل اللي معتبراه اخويا جوزي و فظرف اسبوعين اتحولت من بنت حلمها تدرس و تنجح لست متجوزة و قلت ماشي.
نظرت لها حنان بدموع فتابعت يارا :
- التعود و اتعودت عليه.... الحب و حبيته....حياتي اديتهاله من غير م افكر رغم انه مبادلنيش شعوري بس فضلت احبه و ف اليوم اللي كنت هعرفه انه هيبقى اب حط ايده على رقبتي و خنقني.... حاول يقتلني.
شهقت زوجة عمها بألم ولم تستطع قول شيء يمكن ان يبرئ ولدها لتكمل الاخرى بضحكة حملت الكثير :
-- اديته كل حاجة عندي قلبي و عقلي و جسمي و روحي وكل تفكيري بس ف الاخر اهمني ب الكدب و الخيانة.... شوية صور شككوه ف اخلاق بنت عمه و مراته و مستناش مني افسرله لا هو ضربني وكان هيقتلني !!
- لحظة غضب.... صدقيني يابنتي لحظة غضب اي واحد مكانه كان ه.....
قاطعتها يارا بانفعال شديد :
- لحظة غضب ؟ حضرتك بتسمي اللي عمله ده لحظة غضب ؟ انا كنت هموت و ابني كان هيموت ..... ابني اللي هو مبيستاهلوش اصلا !!
- يارا بنتي انتي ناوية تعملي ايه ؟
سألتها بتوجس لتتمتم الاخيرة ببضع كلمات مختصرة لم ترضي فضول المرأة الجالسة امامها :
- انا لأول مرة هقرر حاجة تخصني مش هسمح لحد يدخل.... انا اللي هاخد القرار ده.
لم تجد حنان تصرفا مناسبا سوى ان تحضنها الآن لعل الحضن يخفف عنها ولو قليلا.... اسندت يارا رأسها على كتف زوجة عمها و عبراتها لا تتوقف هي لن تنسى ما عاشته قبل قليل ذلك الخوف و الرعب الذي احست به و الجنون الذي شهدته من ادم لن تنساه ابدا ، و كيف تستطيع ذلك هل جروح القلب تشفى ؟؟
_____________________
بركبته القاسية ، زاد من ضغطه على عنق الشخص الذي يجثو اسفله قاصدا منع الهواء من العبور الى رئتيه ، جاهد محمد لدفعه عنه قبل ان تنقطع انفاسه كليا لكنه لم يستطع ، فجسد ادم الضخم كان حائلا بينه و بين الخلاص ، تخبط بذراعيه
عدة مرات وهو يترجاه بصوت ضعيف تركه الا ان ادم لم يكن ليتخلى عن نيته في قتل الحقير الذي تجرأ و نظر الى ما لا يخصه.
توحشت عيناه اكثر و قبض على فكه وهو يلكمه مزمجرا :
- مش انا كنت بعتلك تحذير تبعد عن مراتي و اكتفيت بفصلك من جامعتك انت عطشت على روحك عشان تفكرو تخدعوني يا **** !!
لكمه ثانية وهو يتابع دوزان ينهض عنه :
- انا ادم الشافعي بيتعمل فيا كده ! فاكرين اني مش هعرف ومش هوصلك ! من امتى والقصة ديه بتحصل هااا من امتى ؟!!
كانت انفاسه على وشك شعرة من الانقطاع ، لم يبدو غريمه وكأنه سيتنازل عن رغبته في القتل او التراجع عنه ، فنظراته المميتة انذرت بهلاكه لذلك لم يجد بدا من الاقرار ب الحقيقة لعل هذا يجعله يستفيق ولو قليلا.
رفع محمد يده في الهواء هامسا ووجهه يكاد ينفجر من شدة الضغط عليه :
- مفيش قصة... كل اللي... شوفته... كان... كان كدب.
ابتسم ادم متهكما و اخرج سلاحه ينوي قتله ، حتى لو كان هذا سيجعله يقضي حياته الباقية في السجن فهذا لن يهمه بعد الآن ، لن يهتم ب الحساب ولا بأكاذيب الحقير في محاول منه لتبرئة نفسه.
أكمل محمد وقد استشعر حتما بجنون من يقبع فوقه :
- والله... والله العظيم كله كدب... مراتك مقابلتنيش...اكتر من مرتين....
كلامه في هذا الموقف بالذات جعل ادم يستوعب قليلا ما يقوله محمد ف ابعد ركبته عنه ببطئ وهو يعقد حاجبيه بتعجب.
شهق محمد بعنف و تدحرج على بطنه يسعل و يسحب الهواء سحبا تعويضا لرئتيه عما افتقدته منذ دقيقتين.... وضع يده على عنقه غير مصدق انه لا يزال حيا لكن ادم لم يدعه يكمل امتنانه ف جذبه اليه صائحا :
- انت بتقصد ايه بكلامك ؟ اسمعني كويس بلاش اللعب ده معايا عشان انت واقع مع الشخص الغلط اقسم بالله بموتك حتى لو خدت فيها اعدام !!
رفع كف يده بخوف :
- طيب... لو سمحت سيبني عشان اعرف اتكلم والله هقول الحقيقة ومش هكدب في حرف واحد.
القى عليه نظرة مشمئزة ثم دفعه بعيدا عنه :
- سامعك.
اخذ محمد نفسا عميقا ثم بدأ بسرد ما حدث :
- لما عرفت انك انت السبب ف فصلي من الكلية واني اتحولت لكلية تانية اتعصبت كتير وحقدت عليك و على مراتك وكنت مستعد اعمل اي حاجة عشان تتضرر ، و فيوم جالي واحد و
قالي انه منافس ليك و بيكرهك قد كرهي ليك و عايز يدمر شغلك و حياتك الشخصية و اننا بنقدر نتعاون مع بعض.
مرر يده على وجهه غير مصدق لما سمعه و ما سيسمعه بعد حين.... طالعه مشيرا لأن يتابع فقال محمد بندم :
- حقدي عما عينيا ووافقت كنت مستني امتى مراتك تخرج من البيت و النهارده مشيت وراها لحد لما كانت هتدخل العيادة قمت.... سحبتها لعربيتي و خليت واحد يصورنا و....
لم يكمل لانه سرعان ما استقبل لكمة قوية على وجهه تبعتها اخرى اكثر عنف ليصرخ ادم بكامل صوته :
- ايه الحقارة اللي فيك ديه انت واحد *** و ***** مش عارف ايه اللي عملته انت مش عارف وساختك ديه عملت اييه !!
اطبق على عنقه يهدده بالخنق :
- مين اللي طلب منك تعمل كده انطق قوول اسمه !!
- صدقني انا مبعرفوش بس كانو اتنين مش واحد.
تصلبت ملامحه بدهشة :
- اتنين ؟ هما كانو بيتكلمو صعيدي ؟؟
- لا.... لأ الواضح انهم من هنا.... سامحني يا باشا ابوس ايدك الحقد و الطمع خلاني اعمل حاجات غلط ابوس رجلك متقتلنيش !!
لم يسمع ادم القسم الخاص بطلب المغفرة فعقله كان مشغولا بها ، شعر بضيق في صدره عند تذكره لما فعله بزوجته ، تلك الصور اخرجته عن طوره و كاد يفقد عقله بسببها لدرجة حاول
قتلها ، لقد كانت تبكي و تختنق اسفله لكنه لم يتوقف لم ترتجف يداه رغم ارتجاف قلبه.... قلبه !
تنهد بألم و رنين كلماته التي القاها عليها ترن في اذنيه ، وصفها ب الخائنة رغم معرفته مشاعرها نحوه ، تلك النظرات العاشقة لم تكن كذبة ، كانت صادقة و ادم بغضبه دمر كل شي !!
افاقه من شروده كلمات محمد المترقبة بخوف :
- هتسامحني و تسيبني امشي صح ؟
رمقه بنظرات تحمل الكثير ليهمس بعدما خارت قواه و عجزت حتى عن ضربه :
- تعرف حاجة انا بشفق عليك ، الناس اللي بتلعب بالعلاقات عشان الفلوس انا بشفق عليهم حتى النفس اللي انت بتاخده دلوقتي حرام..... اقترب منه حتى التصق بوجهه المغطى بالكدمات ليتابع بنبرة مهددة :
- هبقى افضالك... و هجيب ال***** اللي اتعاونت معاهم و هقتلكم واحد واحد ادعي ربنا يغفرلك ذنوبك من دلوقتي.
بصق عليه باشمئزاز ثم نهض و وجه كلامه الى رجاله :
- اوعى يغيب عن نظركو سيبوه مربوط لحد لما اقرر اعمل فيه ايه.
- أمرك يافندم.
خرج ادم بسرعة و استقل سيارته ، طوال الطريق كان ساكنا و شاردا حتى الظلام المحيط بالمكان لم يتغلب على الظلام الذي احتل روحه ، داخله كان مضطربا لم يكن يستطيع تفسير بعض الأمور ، اذا كانت يارا لم تركب سيارة الشاب ب إرادتها و لم
تكن تخونه اذا لماذا كذبت عليه و اخبرته بأنها ذاهبة مع صديقاتها.... هناك الكثير من الأسئلة تدور حوله و هي الوحيدة التي تستطيع الاجابة عنها.
_________________________
كانت جالسة على احدى المقاعد تقابل البحر و تطالع امواجه المتضاربة الشبيهة بتضارب مشاعرها الآن ، عودته الى البلد فتحت جروحها التي ظنت ان الزمن ضمدها لكن على عكس
ذلك لا شيء تصلح ، قلبها المكسور لم يرمم و ألمها لم يزل بعد ، لم ينتهي ولن ينتهي مدام هو في نفس المدينة معها.
تنهدت تقي بوجع و عادت ذاكرتها لما قبل سنوات عندما كانت تدرس في امريكا....
Flash back
( في نيويورك...
خرجت من جامعتها بعدما انهت محاضراتها و اتجهت الى الشقة التي تقطن فيها مع شريكتها في السكن ، قطعت الطريق و بينما هي تخرج الهاتف من حقيبتها سمعت صوت احتكاك عجلات سيارة قوي.
انتفضت بفزع و عادت للخلف خطوتان قبل ثانيتين من حتمية اصطدامها بالسيارة لم تكن ستخرج سالمة منها لو تأخرت ثانيتين فقط...
وضعت تقي يدها على قلبها وهي تتنفس بقوة ، خرج ااشاب و هرع اليها معتذرا :
- I'm So Sorry....
توقف عند رؤيته لفتاة محجبة وترتدي ملابس محتشمة و يبدو انها ليست امريكية ابدا.... عقد حاجباه متسائلا :
- انتي عربية ؟
هزت رأسها دون ان تنظر له ف ابتسم مكملا :
- مصرية صح ؟
رمقته تقي بابتسامة بسيطة :
- اه مصرية.
تهللت اساريره و اندفع اليها معرفا عن نفسه :
- انا آسر الألفي بشتغل مهندس وانا مصري بردو مبسوط لاني شوفت واحد من نفس بلدي.... حضرتك كويسة يا آنسة ؟ انا اسف بجد مخدتش بالي منك.
- حصل خير يا فندم انا كويسة الحمد لله ، عن اذنك.
- ااا طيب انتي عايشة هنا مع عيلتك ولا جاية سياحة ؟
ردت عليه بإيجاز :
- جاية ادرس.
تحركت لتذهب و قبل مغادرتها اوقفها آسر ثانية :
- ممكن اعرف اسمك يا آنسة ؟
استدارت لم هاتفة :
- تقي.... اسمي تقي )
Back
وضعت يديها على وجهها تكلم نفسها :
- انا غبية.... فعلا انا واحدة غبية لاني وثقت فيه و اتحديت اهلي علشانه و ف الاخر غدر بيا... حقير.
شعرت بحركة امامها لتنظر و تجده واقفا امامها ، اعتقدت ان تفكيرها به جعل عقلها يتخيل وجوده لكن همسه ب اسمها اجزم لها انه حقيقة.... ليس وهما !
نهضت تقي بسرعة و كادت تذهب لكنه منعها بجسده ، زفرت قائلة بضيق :
- ابعد من وشي يا آسر !
ابتسم اسر بخفة :
- عدى وقت طويل على اخر مرة سمعت فيها اسمي بصوتك..... عاملة ايه ؟
اجابته بقسوة وهي تطالع عيناه مباشرة :
- وان شاء الله هتسمعه ل اخر مرة و مشوفش وشك هنا تاني و اه طول ما انا بتنفس نفس الهوا اللي انت بتتنفسه مش هكون كويسة.
اسر بتهكم :
- ايه الكره ده كله ع اساس مش فاكراني و نسيتيني.
- انا مبنساش حد دمرلي حياتي و قضى على كل احلامي و بسببه سيبت دراستي و خسرت ابني انا مبنساش فاهم !!
قالتها بغضب و تابعت :
- ودلوقتي لو سمحت سيبني اعدي مروان ممكن يجي ف اي لحظة و لو شافك هتحصل مصيبة.
رفع اير حاجبه ببرود :
- خايفة عليا من اخوكي صح ؟
بتهكم ساخر اجابت :
- خايفة على نفسي منك..... انا خليتهم يسامحوني ب العافية بعد ما اتجوزتك غصب عنهم و ياريت طمر فيك حضرتك مخلتش حاجة معملتهاش فيا و ف الاخر سبتني مرمية في المشفى اليوم اياه بعد ما.....
قاطعها اسر باندفاع :
- القصة مش زي ما انتي فاكرة يا تقي بصي انا هفهمك هو.....
قطع كلامه صوت رنين هاتفه اخرجه و توتر عندمة رأى المتصل.... انها حبيبته رولا.
نظر الى تقي بتوتر فضحكت :
- خير مين اللي اتصل رولا حبيبتك ؟ هه طبعا انا مش هستغرب.
لعق شفته بارتباك و همس مترجيا :
- بصي انا كنت محتاجها ف موضوع ضروري هكلمها دقيقتين بس و ارجعلك متمشيش.
لم تجبه تقي و اكتفت ب الصمت ف اعتقد انها وافقته ، ابتعد عنها قليلا و فتح الخط :
- ايوة يا رولا قدرتي تحلي الموضوع ؟
ردت عليه بأسف :
- تؤتؤ مرضيوش يا حبيبي قالو لازم ترجع بنفسك عشان تحل الشغل والا المشروع اللي بقالك سنة بتخططله هيخرب سوري انا عملت كل اللي بقدر عليه.
زفر بيأس و اردف :
- متعتذريش انا الغلطان مكنش ينفع انزل البلد فجأة من غير ما اخلص اللي عليا و....
توقف عن الحديث عندما استدار ولم يجدها ، اغلق الخط بسرعة و ركض يبحث عنها :
- تقي.... تقي انتي روحتي فين.
لف رأسه يبحث عنها بقلق حتى لمحها من بعيد تمشي بخطوات شبه راكضة ، ابتسم بأمل و ركض خلفها حتى وصل اليها.
وقف امامها هاتفا :
- انتي مشيتي ليه ؟
تمتمت بجفاء وهي تحاول العبور :
- مبقتش في حاجة نتكلم فيها اللي بينا انتهى وكل واحد شاف حياته بعيد عن التاني ارجع لحبيبتك.... هي لسه حبيبتك ولا...
سألته بتوجس خائفة من اجابته ليتنفس آسر بصوت مسموع وهو يطرق رأسه :
- اتجوزنا... جواز عرفي.
نزلت دموعها المحتبسة منذ ان رأته قبل قليل ثم ابعدت عينيها عنه ف مالذي تتوقعه من شخص كهذا..... دفعته من صدره بعنف و مرت لكنه امسك ذراعها :
- تقي اسمعيني انا....
قطعت كلامه عندما التفت و رفعت يدها تصفعه بكل قوتها :
- اوعى يا قذر !!
صاحت تقي بعدما ضربته :
- ديه اخر مرة تمسك فيها ايدي فاهمني انا بقرف لما تقرب مني حتى وشك بيقرفني مش عايزة اشوفك تاني ولا اسمع صوتك اطلع من حياتي انت حرقتها و يارب تحترق فنفس النار اللي حرقتني فيها.
نظرت له بكل معاني الالم ثم مسحت دموعها و غادرت ، بقي آسر واقفا مكانه يتذكر كلماتها و صفعتها حتى تكلم بصوت عالي .
- انا قولتلك فاهمة الموضوع غلط ليه بقى مبتفهميش ! على كل انا راجع ومش هتشوفي وشي اللي بتقرفي منه تاني سامعااااني حتى انا مش عايز اشوفك !!
__________________________
اوقف سيارته امام الفيلا و ترجل منها ، دخل ليصعد الى غرفتهما بخطوات بطيئة وهو يخشى رؤيتها الان وكيف سيكون موقفها عندما تراه ، لأول مرة يكون ادم مترددا هكذا
حتى في اصعب مواقف حياته لم يكن بهذا الحال و الآن هو متوتر من ردة فعل يارا اذا قابلها هل ستغضب هل ستبكي هل ستهدأ اذا ارضاها ببعض الكلمات ك العادة عندما كان يجرحها ام ان هذه المرة ليست ككل مرة !!
اخذ نفسا عميقا ثم دفع الباب و دخل ، رآها نائمة على السرير و شعرها متناثر حولها بحرية و السكون يعم المكان الا من صوت انفاسه المختلط بصوت انفاسها.
جلس على طرف الفراش و تأملها قليلا كان اسفل عينيها احمر قليلا يدل على بكائها و اثار صفعة خفيفة على وجهها حتى عنقها كان يحمل اثار اصابعه.
تنهد ادم و تذكر عندما تمادى معها في الكلام و صفعته بشجاعة ، تلمس وجهها بيديه هامسا :
- حقك عليا يا يارا..... حقك عليا.
عند عورها بحركة امامها تململت في نومها و فتحت عيناها و سرعان ما صرخت حين رأته و انتفضت واقفة :
- انت بتعمل ايه هنا.... اطلع برا !!
تقدم منها بهدوء :
- انا اا.....
قاطعته بصرخة اقوى وهي تعود للخلف :
- قولتلك اطلع براا اووعى تقرب مني خطوة واحدة ! ماااماااا !!!!
نادت حنان بعدما اصبحت حالتها مزرية لم يصدق ادم ما يحدث فصاح بغضب :
- اهدي بقى انا مش هجي جنبك... عارف ان مكنش ينفع اللي عملته بس اي واحد مكاني كان هيعمل كده بس بقدر اصلح اللي...
ضحكت بجنون ثم رمت كأسا امامها و صاحت بعدها :
- اللي اتكسر مبيتصلحش يا بشمهندس اطلع برا انا مش عايزة اشوفك قدامي برااااا !!!
دخلت حنان بهلع بعد سماع صوتهما المرتفع :
- في ايه ؟ ادم انت بتعمل ايه هنا ؟
ركضت لأحضانها برعب :
- قوليله يمشي انا بكرهه مش طايقة اسمع صوته قوليله يمشي !!
نظرت له والدته دون ان تتكلم فضرب بقبضته الباب غاضبا و قبل خرجه سمعها تتكلم بشهقات :
- ليه عمل فيا كده.... انا قدمتله كل حاجة بملكها و حبيته من قلبي بس هو وجعني.... ضربني وكان هيقتلني من غير تردد كسرني يا ماما ابنك كسرني...
اغمض عيناه شاعرا بغصة مؤلمة في صدره لم يدري سببها ، خرج من الفيلا و في طريقه الى ركوب سيارته مر على منزل والده و كان الباب مفتوحا فسمع ما يجري بالداخل.
سليم مستغربا :
- غريب لسه امبارح جلت اني رايد اجعد في بيت خيي سبوع او اتنين ليه عايز تنزل البلد دلوجت ؟
اجابه علي بابتسامة مصطنعة :
- واه يا بوي عندي شغل لازمن اخلصه بسرعة في البلد.
- طيب يا ولدي و احنا حنمشي معاكو كفاية جعدتنا اهنيه.
اعترض ابراهيم بعتاب :
- ليه يا حج كده حضرتك صاحب البيت تقدر تقعد فيه قد ما انت عايز و اذا على خناقة حضرتك مع ادم فهو هيعتذر منك لو لسه زعلان منه.
رمقه بنظرات صارمة :
- اني مش عايز غير يصلح تصرفاته ويا مرته و يتعدل يا ولدي كل همي مصلحة احفادي ، اني فاجد ولدين حسن و احمد على الاقل حسن ساب ولده ادهم ياخد باله من عيلته بس ولدي احمد ساب بت وحيدة ملهاش غيرنا ومهسمحش ل ادم يستجوى عليها.
ابتسم ابراهيم مطمئنا :
- متقلقش يا حج ابني عرف غلطه و هيصلحه.
نطق عمر كطرف زائد في نقاش لا شأن له فيه :
- لو ناخد بت عمي ويانا يا حج اني مش متأكد لو ادم اتعرضلها تاني واه مرت عمي بتحبها كيف بنتها بس مهتجدرش تحبها اكتر من ولدها... لو ادم أذى مرته تاني هتجفو معاه !!
غضب ادم الذي كان يستمع للحديث و كاد يدخل و يضربه لكنه توقف عند سماع كلام والده الحازم :
- يارا معزتها من معزة بنتي رهف يا عمر وانا مش راجل بيقف مع الظلم حتى لو الظالم كان ابنه ، و الخناقة اللي حصلت بتخص ابني و مراته ياريت انت متدخلش فيها سامعني يا عمر !!
عبث ادم بشعره وهو يغمغم بتهديد :
- لو بس اعرف مين الاتنين دول اللي عايزين يفرقو بيني وبين مراتي هشرب من دمهم.
ركب سيارته و انطلق بها وفي طريقه اتصل به احد الرجال :
- الولد اللي حضرتك سبته معانا موجود في المستشفى دلوقتي يا باشا.
فتح عيناه باتساع و صرخ :
- في المستشفى ليه انا قولت محدش يلمسه على ما ارجع انتو عملتو ايه هتودونا فداهية !!
اسرع الاخر يفسر له :
- لا يا باشا احنا معملناش حاجة الولد قدر يهرب مننا و عمل حادث في الطريق احنا ملناش علاقة.
- طيب وهو عامل ايه دلوقتي مات ولا لسه.
- لسه عايش دخلوه اوضة العمليات حالته خطيرة جدا.
- طيب ماشي عرفوني بكل جديد.
اغلق ادم الهاتف و ابتسم :
- هربت من قدرك لقدرك لو انا معاقبتكش ربنا هيعاقبك.... اللهم لا شماتة يعني بس انت بتستاهل.
********
في مساء اليوم الموالي.
عاد ادم من الشركة و اعتزم على ان يكلمها هذه المرة فلقد ابتعد يوما كاملا لتهدأ و يستطيع التحدث معها بوضوح.
دخل و صعد الى الاعلى متعجبا من السكون المريب ، فتح الباب ببطئ واضاء المصابيح ثم لف بصره لكن لم يجد يارا ابدا.
مسح على وجهه ببطئ ونزل للاسفل يبحث عنها لم يجدها ايضا.
صر اسنانه بغضب وحدث نفسه :
- ماهو اكيد مش اللي ف بالي اكيد هي مع ماما دلوقتي.
كان سيخرج لكن توقغ و صعد للاعلى مجددا ، اتجه للدولاب و فتحه وانصدم عندما وجده فارغا....لقد فعلتها اذا مثلما توقع....لقد غادرت !
النهاية